أعزائي القراء في هذا الموضوع أبحر معكم لكشف حقيقة حالة الوعي والمزاج الشعبي العربي والذي كثير منكم لم يفهموا طبيعته ... فالشخصية العربية بطبيعتها هي عاطفية تماما مثل جماهير كرة القدم ما أن تضيع هدف حتى تمزقك الجماهير وما أن تسجل هدف حتى تشيد بك وكأنك أسطورة ... هذه المزاجية العربية مصدرها الجهل نعم الجهل الذي هو حطب الحكام العرب يتدفؤون عليه منذ مئات السنين وأي حاكم يحكم شعبا جاهلا في أي مكان على وجه الأرض يعني أن هذا الحاكم محظوظ وخدمته الظروف ... فالجاهل تستطيع أن تقوده بكل أريحية وتسوقه سوق النعاج وكل شعب وله ثمنه فإن كان شعبا قارئا مثقفا فإن القبضة الأمنية المتوحشة ستكون له بالمرصاد وهي رادعة فعلا ... أما إن كان شعبا جاهلا تكثر فيه القبلية والعشارية هذا يعني أن الدين تجارة مزدهرة جدا فيه وبالتالي إخضاعه سيكون أسهل بكثير جدا ومختصر جدا من الشعب القارئ ... وفي كلا المثالين إما تخضع هذا الشعب بالمال والنهضة وتطور الخدمات بمقابل أن يخرس لا يسأل ولا يحاسب ولا حتى يفكر أو شعب قيمة الإنسان فيه لا تتجاوز ثمن طلقة أو ثمن حذاء لأصغر عسكري ؟
في أمواج الشعوب ولعبة كراسي الحكام هي لعبة كبيرة جدا جدا وعميقة جدا جدا أكبر بكثير جدا جدا من أن يدركها الجميع لكن من النادر جدا من رصدها بعناية أو حتى حاول أن يرصدها ويخضعها للتحليل ... فالخلافة العثمانية بدأ ضعفها الحقيقي في سنة 1900 ثم في 1910 بدأ تمزقها حتى انقض عليها غزو مجموعة دول حلفاء "بريطانيا - فرنسا - اليونان – إيطاليا - روسيا" في 1918 يوم تم احتلال عاصمة الخلافة العثمانية "إسطنبول" وقتلوا عشرات الآلاف وارتكبوا مجازر هناك ... بعدها بدأت الأمة العربية بأسرها تترقب وتمني نفسها بقيام دولة خلافة إسلامية جديدة لأن الأمة العربية والإسلامية لا يمكن أن تستمر إلا بخليفة وكيان ودولة واحدة موحدة ... ظلت تلك الأمني تدور في خلد ولسان الأمة ما يقارب 10 سنوات ولذلك كان هناك صراع سياسية إقليمي محتدم ما بين إقامة "الخلافة الهاشمية" بقيادة حاكم الحجاز "الشريف حسين" وبين مؤسس الدولة السعودية "عبدالعزيز آل سعود" والذي لقب نفسه في البداية بـ "السلطان" تمهيدا ليكون هو خليفة للمسلمين فهزم الشريف حسين وتم تحجيم وإيقاف "عبدالعزيز آل سعود" عن أطماعه التوسعية ... ثم معاهدة "سايكس بيكو" التي ضربت "حسين وعبدالعزيز" بمقتل وأنهت أحلامهما في 1916 ثم الإعلان الرسمي عن نهاية "الخلافة العثمانية" في 1922 ... والشعوب وهم في نفس الوقت يشاهدون لا بل وهم يعيشون في كل هذه الفوضى وكل تلك المتغيرات والترسيم الجيد للعالم العربي ولا يريدون أن يفهموا واقعهم وما هو قادم إليهم ... فكان الولاء أولا لدولة الخلافة التي تمثل صلب الأمة الإسلامية ثم تحول الولاء من دولة الخلافة العربية الإسلامية الموحدة إلى دويلات صغيرة ومتوسطة كل منها يحكمها حاكم أو أسرة حكم ... ومن هناك نستطيع أن نقول قد بدأ اللعب والعبث في صميم الأمة العربية والإسلامية ... فمن الدفاع عن الأمة العربية والخلافة الإسلامية إلى ابتداع "القومية الوطنية - العرقية - المذهبية" ثم "القومية العربية" ؟
ظهور القوميات لم يكن مسألة صدفة بل هو مخطط كبير تم التحالف فيه في بداياته بين "الماسونية - الشيوعية - الديمقراطية - الصهيونية" جميعهم ولدوا في فترات متقاربة فيما بينهم في أواخر القرن التاسع عشر أي قبل عام 1900 ... ولأن هذا التحالف جاء أولا بهدف إسقاط الخلافة العثمانية وتمزيقها والإستيلاء على جزء كبير جدا من أراضيها وبالتالي من خيرات أراضيها وممراتها الإستراتيجية ثم احتلال فلسطين إنشاء وطن لليهود شكليا وسياسي صهيوني فعليا في 1947 ... في تلك الحقبة الزمنية التي أعقبت سقوط الخلافة العثمانية كانت الدول "مصر - سوريا - العراق - ليبيا - الجزائر - اليمن - الصومال - تونس - لبنان - الكويت - السعودية - البحرين - عُمان" كلها تحت الاحتلال أو غزو مباشر "بريطاني - فرنسي - إيطالي" ... ومن هنا تكون السلسلة في اللعب على الأمة العربية من الدفاع عن دولة الخلافة الإسلامية إلى الدفاع عن القومية الوطنية إلى الدفاع عن ثورة الشعوب العربية وتحرير بلادها من الغزو الأجنبي في 3 أمواج شعبية صُنعت خصيصا لنا كأمة عربية ... وحتى تقتنع تلك الأمة بأن الغرب أو المحتل جاء ليخرجنا من الظلمات إلى النور فلا يوجد أكثر من أوروبا وأمريكا في الإنحطاط الجنسي فجوعوا الأمة العربية حتى تبيع الكثير من العربيات الجنس مقابل المال ... من خلال الدعارة والمراقص والبارات والمخدرات بمقابل تعليم أبناء الأمة العربية في الجامعات الأوروبية ونيل الشهادات العلمية الرفيعة ... فصنعوا من العربي الجاهل نرجسي يتنمر على أبناء وطنه بد نيله العلم والشهادات في دول الغزاة والمحتلين لصناعة حالة من إشعال النيران في قلب الأوطان العربية على يد أبنائهم أنفسهم ؟
الدين الإسلامي لا يمكن أن نتركه هكذا دون المرور عليه فقد وظفه السياسيين العرب والغزاة أحسن توظيف بأبشع الصور ... ففي الخمسينات وضع ملف الإسلام كأولوية لدى كل من "الماسونية - الصهيونية - أمريكا - بريطانيا - فرنسا" فمن المجاهد الليبي "عمر المختار" الذي أعدم في 1931 إلى مقتل مؤسس حركة الإخوان المسلمين "حسن البنا" في 1949 إلى إعدام مفكر الإخوان "سيد قطب" في 1966 ... إلى حركات التحرر القومية والشيوعية والإخوانية والسلفية والليبرالية وصولا إلى اللقاء الذي دق ناقوس الخطر في دوائر السياسة بين الأمريكي المسلم "مالكوم إكس" وبين الملك "فيصل بن عبدالعزيز" في جدة 1964 ثم لقاء "مالكوم إكس" مع الكوبي "تشي جيفارا" في مصر في 1964 ... تلك اللقاءات أستطيع أن أصفها أنها كانت البداية للحرب على الإسلام أو مشروع الدوائر الصهيونية المسيحية للحرب على الإسلام والتي أصبحنا نعيشها في أيامنا هذه لأن أمريكا ارتعبت من فكرة إنشاء أمة إسلامية في قلبها وارتعبت من إمكانية تغلغل الشيوعية بين شعبها ... والنتيجة "مالكوم إكس" قتل في 1965 - "تشي جيفارا" قتل في 1967 أي خلال سنتين فقط والملك "فيصل بن عبدالعزيز" قتل في 1975 ... ناهيك أن الثروة النفطية قد ساهمت بشكل كبير جدا في لعبة كراسي الحكام فتم إسقاط حكام وتغيير أنظمة واغتيال رؤساء ... فسقطت الملكية في "العراق وليبيا ومصر واليمن" وتم اغتيـــال الرؤساء في السعودية الملك "فيصل بن عبدالعزيز" وفي الجزائر الرئيس "محمد بوضياف" وفي مصر الرئيس "محمد أنور السادات" وفي لبنان الرئيس "بشير الجميّل" وفي الأردن الملك "عبدالله الأول" وفي العراق الملك "قيصل الثاني" ... ولا تنظر للأسباب الظرفية لكل حادثة بل انظر للمخطط الكبير جدا جدا كما أسلفت في بداية الموضوع ... وحتى "الربيع العربي" هو مخطط وإجهاضه أيضا مخطط وإحياء الطائفية في 1981 بين "العراق وإيران" مخطط أعد في 1973 و "غزو الكويت وتحريرها" في 1990 - 1991 مخطط وتسليم العراق لإيران وتحويلها لدولة مذهبية ودولة ميليشيات بحته هو مخطط مثل تنظيم القاعدة وداعش هو مخطط وتدمير العراق وسوريا مخطط ... والدور الأن على "مصر والسعودية" كما هو مخطط له ؟
لا شيء حدث بمحض الصدف كل شيء حدث في أمتنا وعلى إرثنا التاريخي كان مخطط وأغلب تلك المخططات صنعت بأيدينا نحن كأمة عربية وإسلامية ... وهل تسأل بعد كل ما سبق لماذا نحن أمة الجهل وأسهل أمة يسهل اقتيادها والتحكم بها !!! ... نحن أغبى أمة في الصناعة السياسية ونحن أكثر أمة تكره الحق وما الفخر والعزة والكرامة سوى شعارات تطربك في المناسبات الوطنية ... فقط انظر إلى نسبة كم تستورد من طعام وشراب وأدوية وسيارات وسفن وطائرات وملابس ومساعدات وأسلحة وترف وتوافه لتكتشف بكل أريحية بأنك مجرد أداة بيد الخارج ... وما أنت سوى نملة مسكينة ظهر لها أنياب فظنت أنها عظيمة وفي حقيقتها بأقل حركة هواء تبحث باكية عن ملجأ يقيها من الموت ... أمة تعيش في عالم الأوهام وعشقت عالم الأكاذيب ولا يطربها إلا مخدر "شيفونية الوطنية" وعظمة تاريخها وكل تاريخها السياسي ما هو سوى خزي وعار وبلا حياء ؟
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم