قبل أن أدخل في عميق وصلب الموضوع الذي غاب عن أصحاب القرار في السعودية ويجهلونها تماما ... أود أن أسجل اعتراف وحقيقة وواقع وهو : اليوم لا توجد دولة عربية واحد من المشرق إلى المغرب تستطيع أن تنافس السعودية بالمهرجانات الغنائية والطربية من حيث الديكورات والتجهيزات ومستوى الفرق ودقة الأعمال وفخامة الشكل العام ... وأيضا لا توجد دولة تستطيع توفير أكثر من 100 طائرة جابت نصف العالم لجب العازفين والمهندسين وأصحاب الإختصاص والمغنيين والمطربين وأطقم الفرق الموسيقية وآلاتهم ... أضف إلى ذلك مستوى المسارح والقاعات وديكوراتها ومستوى إضاءاتها وغيرها من الملاحظات الفنية المميزة ... كل هذا من الواضح أنه قد رصدت له ميزانية مفتوحة يستحيل أن تقل عن 3 مليار دولار على مدى 5 سنوات لحفلات طربية محترمة ... وبالمناسبة أي دولة من دول الفن والإبداع الموسيقي تمنحها ميزانية مفتوحة كهذه فإنها ستصنع كل ما هو مدهش ومذهل ... بمعنى أن السعودية لم تصنع معجزة لكن معجزتها أنها صرفت ببذخ ودون حساب والعالم تلقائيا يتجه للمال في أي مجال كان ؟
لكن الحقيقة التي غابت عن أصحاب القرار أنهم صرفوا المليارات وحتى اليوم هبـــاء وهم يظنون ويعتقدون وهما بأنهم صنعوا كل هذه الأموال الطائلة لسطوع نجم السعودية في العالم العربي وهذا بالتأكيد غير صحيح في واقع الأمر لأن الظاهر يخفي الحقائق جملة وتفصيلا ... وفعليا هم لم يحققوا حتى الأن أي شيء يوثق باسم السعودية يسجل في سجلاتها الرسمية ... فكل ما حدث أنهم صرفوا المليارات وضاعت تلك السنوات لتلميع نجوم الفن والتمثيل والصرف على الأعمال المصرية والكويتية واللبنانية ودعاية عملاقة مجانية لـ "مجموعة أم بي سي" و "شركة روتانا" أما كتوثيق للسعودية فيجب هنا أن يدرك الجميع أن السعودية بذاتها قد خدعت أو تم تظليلها بنسبة مليار% ... يا سادة هناك فرق مهول ما بين الشركات الخاصة وما بين جهاز الإعلام الرسمي للدولة ... بمعنى أكثر دقة كان من المفترض أن يقود تلفزيون السعودية والإذاعة السعودية مباشرة إنتاج كل هذه المهرجانات والإذاعة تقوم بالتسجيل والتلفزيون يقوم بالمقابلات ... وحتى يكون الأمر أكثر وضوحا وأكثر دقة انظر اليوم لأي حفلة من حفلات أيا من مطربين الوطن العربي القدماء هل هناك حديث عن مسرح تلك الدولة أو حفلة تلك الدولة أو استقبال وحفاوة تلك الدولة وكيف جهزت واستعدت تلك الدولة لهذه لحفلة وهذا المطربة وتلك المطربة ؟ ... كلا وأبدا بل التوثيق سجل وانتهى باسم الفنان فقط وحصريا بدليل أنه حتى اليوم يتم ذكر "حفلة الفنان الفلاني في الكويت - حفلة الفنانة الفلانية في لبنان - حفة الفنان الفلاني في كندا - في أمريكا في لندن في في في" ... واسأل اليوم كم هي حقوق "مجموعة أم بي سي + روتانا" مقارنة مع حقوق التلفزيون والإذاعة السعودية ؟ ... الإجابة لا مقارنة وبالمطلق وإن كان الحديث عن كياسة ورسمية التلفزيون والإذاعة الرسمية فهذا هراء لا أساس له من الصحة لأن للتوثيق رأيا أخر وشكلا مختلفا لأن كل الحقوق ذهبت لتلك الشركات وليس للإعلام الرسمي السعودي ... بدليل انظر لأرشيف الضخم والعملاق لتلفزيون وإذاعة دولة الكويت ومصر والمغرب ولبنان وسوريا والعراق ... فهل السعودية بتلفزيونها وإذاعتها الرسميين تملك 20% فقط من ضخامة أرشيف تلك الدول ... بالتأكيد كلا ... يا رجل شاهد العازفين في الحفلات كم عازف سعودي وسعودية من بينهم اصحى للعب اللي قاعد يصير من تحتك وأنتم تبتسمون وتصفقون ؟
المحصلة والنتيجة أن الشركات الخاصة السعودية هي من سرقت الأضواء وهي من رفعت من قيمتها السوقية على حسابكم وهي من صنعت أرشيفها من أموالكم ورصيدها الفني لا الدولة حتى ولو كانت داعمة أو ممولة لتلك الشركات ... أما كدولة وأرشيفها الرسمي والحقوق الرسمية فلا أحد يضحك عليكم فرصيدها فقير وأرشيفها شحيح ... ولأنه من البديهي أصلا أن من يحقق الأرباح والمكاسب من سابع المستحيلات أن يخبرك بالحقائق وأنك كنت مجرد جسر ممهد لتحقيق الثراء والدعم المالي واللوجستي لشركته ... ولأني أتحدث عن السعودية الثرية وميزانيتها المفتوحة فانظر كم كان من المفترض أن يكون اليوم في كل سنة ما لا يقل عن 20 مسلسل درامي سعودي و 5 أفلام سعودية وألبومات لأكثر من 20 مطرب سعودي وسعودية ... ولأن الرؤية ضبابية بل وعمياء فذهبت الشركات الخاصة السعودية لتلميع المسلسلات الكويتية والمصرية واللبنانية والسورية وذهبت لتشتري مسلسلات هندية وتركية وكأن تلك الأعمال كانت تحتاج لتسويق أو توثيق ... وفي المقابل أعمال سعودية ركيكة ومتواضعة وشحيحة العدد وكأن هناك تعمد بأن يتم إخراج الأعمال الفنية السعودية على أنها ليست ذات جودة ... وهي كذلك ليست ذات جودة لأن من صنعها صنعها بمؤامرة حتى لا يأخذ الفن السعودي حقه وفرصته بالظهور والمنافسة الجدية والحقيقية ... يا سادة أفيقوا من غفلتكم "ما يمدح السوق إلا من ربح فيه" ... لقد استغلوكم واستغفلوكم يوم صنعتم مزيدا من أمجادهم ونسيتم كيف تصنعوا مجدكم وتؤسسوا قواعد الفن الصحيح والتوثيق الصحيح والحقيقي باسم دولتكم ... الأساس والتوثيق الذي يسجله التاريخ يبدأ أولا ثم أولا من التلفزيون والإذاعة السعودية وليس من الشركات الخاصة السعودية لأنك هنا تسجل باسم الدولة السعودية وتوثق باسم الدولة السعودية ... اصحى يا نايم احلبوك لحسابهم مو لحساب دولتك ولا باسم دولتك والتوثيق سجل وانتهى لحساب الشركة هذه وتلك وليس باسم الدولة ... والطبيعي أنهم يشكرونك ويقبلون رأسك ويديك ولو أردت يقبلوا قدمك لا مانع مقابل مئات الملايين التي حصدوها من الحكومة السعودية التي تمثلها "هيئة الترفيه" والتي حتى اليوم السعودية أرشيفها الحكومي أرشيف فقير رغم ثراء الدولة ورغم انفتاحها الفني الواسع ... اقبل بهذه الحقيقة القاسية وثق بأن كل المستفيدين لن يعجبهم هذا الحديث الذي طبيعي أن يصيبهم بمقتل الخسائر المليونية والمليارية ... امنحوا الإذاعة والتلفزيون السعودية الفرصة الكاملة وشاهدوا بأم عينكم كم شركاتكم الخاصة أقزام لأي مستوى ... ونقطة أخيرة أسجلها وهي : مهرجان أو حفل "مدل بيست" الذي يقام في مدينة الرياض وغيرها فهذا ليس بفن وليس له شأن مطلقا بالفن بل قلة أدب وتلوث سمعي وبصري وانتهاك صارخ للأخلاق وانحطاط لقيم الفن الاديب ؟
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم