سُجل رسميا تاريخ اندلاع الثورة السورية بتاريخ 15-3-2011 في موجة اندلاع "الربيع العربي" التي اجتاحت عدة بلدان عربية بتخطيط وتنفيذ من قبل "إسرائيل - أمريكا - قطر - تركيا - بريطانيا - فرنسا" ... وبشكل تلقائي شاركت "بعض" دول الخليج بشكل متسارع لحماية نفسها وفي نفس الوقت تتخلص من بعض القادة "الغير مطيعين" ... فدخلت "السعودية - الإمارات" في حالة من "تصحيح مسار الربيع العربي" ودخل الأردن أيضا في الأمر ... ولأن موضوعنا هو سوريا فبالتأكيد بعد 12 سنة خرجت تسجيلات ووثائقيات وتسريبات وشهادات وفضائح الحرب التي امتدت لـ 12 عاما وصولا إلى انتصار طاغية سوريا وانتصارا ساحقا مهينا مذلا للجميع ... وللتاريخ من حق الجميع أن يعلم ما حدث وما جرى وكيف انقلب هذا على ذاك وكيف خاضت المخابرات العربية والدولية أعنف المعارك وكيف فشل هذا وكيف نجح ذاك ؟
على مدى 6 أشهر وتحديدا من 15-3-2011 إلى شهر 9 أو 10 من 2011 ظهر وجه النظام السوري بشكل علني هذه المرة فطحن الثورة السورية في بدايتها من المدنيين بنسبة 100% ... وتوحش ضدهم بأبشع الأساليب القمعية لدرجة أنه أصبح زبانيته يطلقون الرصاص الحي جهارا نهارا ضد المتظاهرين دون أي تفرقة ما بين رجل وإمرأة ... واستبد بعمليات الإعتقال والتعذيب بأبشع صورها وأطلق يد الجيش والمخابرات وللأمن ومنحهم حق الإعتقال وممارسة كافة أنواع التعذيب ومنحهم رخصة القتل مع ضمانة عدم المحاسبة مطلقا ... فانطلقت الأنفس الخبيثة والمريضة لتفريغ أمراضها كلها على الأبرياء فامتلأت السجون والمعتقلات بالمعتقلين وانتشرت المقابر الجماعية ... وأثناء تلك الأشهر تم اغتصاب آلاف السوريات والكثير منهن قتلن بعد الإغتصاب ليخفوا معالم الجريمة والشهود والضحية ... ومن الطبيعي أن تخرج نداءات استغاثة من الأبرياء للعالم لحمايتهم والدفاع عن المظاهرات السلمية المدنية ... ومن هنا وجدت الذريعة التي كانت دول إقليمية تنتظرها فتحركت "تركيا - الأردن - قطر - السعودية - الإمارات - أمريكا - بريطانيا - فرنسا" لنصرة الشعب السوري تجاه جرائم الإبادة الجماعية التي كانت تحدث بحق المدنيين ... ومن هنا بدأت اللعبة الكبرى التي سنأتي على تفاصيلها الكبرى وخطوطها العريضة ؟
ما بين شهر ديسمبر ويناير من عام 2011 بدأ التحرك بدعم سياسي واتفاق مشترك من الدول سالفة الذكر التي وضعت ميزانية مبدئية بقيمة 300 مليار دولار دفعتها "قطر والسعودية والإمارات" ... وشكلت غرفة عمليات عسكرية ومخابراتية في "تركيا والأردن" مهمة تلك الغرف هي جمع المعلومات وإيصال المال والسلاح والمقاتلين إلى الأراضي السورية لمناصرة الثورة وحماية المدنيين وإسقاط النظام السوري ... وفي نفس الوقت وذات التوقيت بدأ النظام السوري تصله تقارير الجيش بنقص حاد للأسلحة والذخيرة وتقارير أخرى تؤكد تدخل دول إقليمية وخليجية في الشأن السوري تدخلا مؤكدا وبأدق التفاصيل ... وردا على هذا التدخل الإقليمي والخليجي وبسبب نقص الأسلحة والذخيرة اتخذ النظام السوري قرار طلب مساعدة وتدخل إيران فيما يحدث في سوريا ... فلبّت إيران النداء وبأوامر مباشرة من المرشد الأعلى "علي خامنئي" وبتوصية من قائد "فيلق القدس" الراحل "قاسم سليماني" فتم إرسال العميد "حسين همداني" إلى سوريا في يناير 2012 والذي قتل فيما بعد في 2015 في حلب سوريا ... وسبب إرسال "همداني" تحديدا إلى سوريا دون غيره هو أن "حسين همداني" لديه الخبرة في قمع الثورات وهو نفسه من قمع الثورة الإيرانية في 2009 - 2010 بسبب تزوير الإنتخابات الرئاسية والتي أطلق عليها بـ "الثورة الخضراء" ... وكان همداني وقتها هو من أمّن العاصمة الإيرانية طهران وسحق الثورة عن بكرة أبيها وقتل المئات واعتقل الآلاف ... وعندما وصل "حسين همداني" إلى العاصمة السورية دمشق وتحديدا في 3-1-2012 جلس مع قادة الأجهزة الأمنية والجيش واستمع منهم على تفاصيل ما حدث وما هي نواقصهم التي يحتاجون إليها كل على حسب السرعة القصوى والمتوسطة ... ثم بعد ذلك جال في أماكن الإحتجاجات وعاين وشاهد كل شيء فأرسل تقريره إلى القيادة الإيرانية في طهران ... وقال نصا حسب مذكراته في كتابه "رسائل الأسماك" : إن الجيش السوري قد مارس قمعا عنيفا ومبالغا به وغير ضروري ضد الإحتجاجات الشعبية "انتهى الإقتباس" ... تقرير همداني ألحق بتقرير أخر "سوري إيراني" إلى القيادة السياسية في طهران مرفقا معه التقارير الإستخباراتية والصور والتسجيلات التي تؤكد وجود مؤامرة إقليمية لإسقاط النظام السوري وإسقاط حزب البعث السوري في وقت كان "الربيع العربي مشتعلا لأقصى درجة ... وبالتأكيد الرأي العام الشعبي العربي كان مختطفا موجها تحركه أضخم آلة إعلامية أديرت بشكل متناسق وفي وقت واحد في دول الخليج وأوروبا وأمريكا تُشيطن كل من يقف في طريقها ؟
بدأت إيران بالتخطيط والتحرك هذه المرة ليس لجعل سوريا حليفا سياسيا وثيقا لها كعادة العقود الماضية ... كلا وأبدا فهذه المرة ستحتل إيران سوريا وتجعلها دولة تابعة لها كليا وإخضاع القرار السياسي والعسكري السوري ليكون خاضعا تماما لإيران وبيد المرشد الأعلى في طهران ... وأول ما بدأت به إيران التحرك هو شحن آلاف الأطنان من الذخائر والأسلحة لسد نواقص الجيش السوري ثم استدعاء الأمين العام لحزب الله اللبناني "حسن نصر الله" إلى طهران لتلقي أوامر القيادة السياسية هناك وقد قيل نصا لـ "حسن نصرالله" : في البداية يجب أن ننقذ بشار وسلطات النظام من المستنقع وبعد ذلك ننشغل بنظافتهم ونخيّط لهم البدلة والإزار ونجهّز لهم أفضل الطعام وهم يدرسون ويتعبّدون ولكن مهمتكم الأولوية والضرورية في خريطة الطريق هي إنقاذهم من المستنقع "انتهى الإقتباس" ... فبدأ العمل لإنقاذ النظام السوري أول ما بدأ العمل به هو تأسيس وإنشاء "حزب الله السوري" ومن ثم جلب المقاتلين الشيعة من "لبنان - إيران - أفغانستان - باكستان - العراق" ... ولأن إيران تؤسس على المدى الطويل لإحكام قبضتها مستقبلا على النظام السوري وتجعله برمته في قبضتها فإنه من الطبيعي أن المخطط الإيراني سيحتاج ما بين سنة إلى 3 سنوات حتى يكون قادرات وبوزن من أمامه من قوى دولية ... في أثناء ذلك وتحديدا في 2012 دب الخلاف العميق بين أسس النظام السوري وسبب الخلاف أن الغالبية كانت متفقة على أن إيران يجب أن لا تتدخل فعليا على الأراضي السورية وإن وضعت قدمها يعني أنها لن تخرج من سوريا للأبد ... وعلل أركان النظام أسباب ذلك مستشهدين بالعراق وما حل به وما فعلته إيران بهم وأن إيران يمكن أن تثبت أنها حليف موثوق فقط من خلال الدعم المادي والعسكري ... ومن هنا بدأ الخلاف يتصاعد ما بين اركان النظام وهم "شقيق الرئيس ماهر الأسد - نسيب الرئيس أصف شوكت - وزير الدفاع داوود راجحة - رئيس مكتب الأمن القومي هشام بختيار - نائب رئيس الجمهورية للشؤون السياسية حسن تركماني" ... وبين رئيس النظام السوري "بشار الأسد" الذي شعر أن "خلية الأزمة" التي تُشكل أهم أسس وأركان النظام يمكن أن يتم اختراقهم وشرائهم ويتم اغتياله أو ينفذون انقلابا دمويا ضده ... بالإضافة أنه وجد أنه من خلال أشهر قاربت على السنة من الفشل الذريع والفاضح لخلية الأزمة والتي فشلت بقمع الثورة السورية ورأى أن الأزمة أكبر من معاونيه ومن خلية الأزمة وأن المؤامرة دولية ولأنها دولية فهذا يعني يجب إقحام دول مضادة لدول المؤامرة ؟
لا شك أن الخلاف الذي دب بين رئيس النظام وأركانه علمت به إيران وتسربت كافة التفاصيل لطهران التي رأت أن خلية الأزمة السورية من أهم أركان النظام السياسي والعسكري يمكن أن يُفشل مشروعها ويبيد أحلامها بقبضة سوريا في اليد الإيرانية ... بالإضافة إلى أن أغلب قادة خلية الأزمة السورية كانوا غير ودودين مع إيران لاختلاف الأيدلوجيات والعقائد والأفكار والتوجهات ... ولأن إيران تعتبر دولة عقائدية إسلامية متطرفة وقادة خلية الأزمة علمانيين متطرفين الخط والنهج والسلوك ويكنون كل العداء لكل ما هو إسلامي فالتقى التطرف بالتطرف من أجل هدف طارئ ... وحتى يخلو الجو كليا لإيران قررت طهران التخلص من خلية الأزمة من خلال جهاز المخابرات الإيرانية الذي تغلغل لأشهر في الأراضي السورية ومن خلال مخابرات حزب الله اللبناني ... وفي عملية نوعية تم تسريب مكان وموعد اجتماع لقادة خلية الأزمة السورية من كبار القادة لتنظيم "الجيش السوري الحر" وتم تسريب تلك المعلومة وتمريرها إلى عدة أجهزة مخابرات خليجية وإسرائيلية وأمريكية التي أكدت للجيش السوري الحر دقة المعلومة ... وليس هذا فحسب بل إيران بنفسها هي من صنعت سيناريو "ما بعد التفجير" فبعد التفجير المؤثر أطلق الجيش السوري الحر مسؤليته عن العملية النوعية ومن ثم الإعلام السوري أعلن الكشف عن هوية ومنفذ العملية وهو "محمد زهير غنوم" ... وبكل تأكيد هذا كله محض كذب وتدليس وسيناريو إعلامي لضبط الجبهة الداخلية السورية ... ومع كافة التحليلات الدقيقة لموقع مكان التفجير فمن سابع المستحيلات أن يتمكن الجيش السوري الحر من الوصول ليس للمكان فحسب بل وحتى للمنطقة ذاتها ... الأمر الذي يأخذنا إلى أن من قام بالإعداد والتخطيط والتنفيذ هي إيران وحزب الله اللبناني بنسبة 100% لا شك في ذلك لأنهم في ذاك الوقت هم فقط من يملكون هويات عبور تخولهم المرور دون تفتيش لأي موقع في كل سوريا ... بل وكل الفيديوهات التي نشرها الجيش السوري الحر عن عملية التفجير لم تكن هي ذات العملية بل لموقع أخر مختلف تماما فكان التظليل أكبر من الحقيقة التي حجبت عن الجميع ... وتمت عملية التفجير بتاريخ 18-7-2012 في حي الروضة بدمشق وقتل جميعهم باستثناء "ماهر الأسد" الذي تتحدث الأخبار على أنه قطعت رجليه أو إحداهما وشوه وجهه بسبب التفجير وأصبح مقعدا على كرسي متحرك "حسبما قيل ونشر" لكنه أدار مع أخيه الرئيس الأمور إدارة فعالة بل ومؤثرة ... وهذا الأمر لا يحدث في الدول المحترمة وحتى الغير محترمة لكنه يحدث في الكيانات التي تدير دولة بنظام العصابات والمافيا المطلقة ؟
وما بعد تفجير خلية الأزمة السورية تراجع الجيش السوري وأصبحت الهزائم لا تفارقه يوميا فسقط أكثر من 70% من مساحة سوريا بيد الثوار والأحزاب الإقليمية بقيادة الجيش السوري الحر المدعوم كليا "آنذاك" من قبل "قطر والسعودية والإمارات وأمريكا" ... وفي عام 2013 وصل الثوار إلى القصر الجمهوري وهروب رئيس النظام إلى مكان أمن غير القصر الجمهوري وتم تغيير مقر سكنه ... وقتها وضع أمن الرئيس في عهدة إيران كل حياته هو وأسرته أصبح أمنهم بيد إيران "أكله شربه اتصالاته تحركاته مستلزمات أسرته أمنهم" كل شيء خاضع للتدقيق والتحقق الأمني "السوري الإيراني" ... وهذه الإجراءات طبيعية بعدما وصل الثوار والمسلحين من العرب والسوريين إلى سقوط عدة أحياء من العاصمة السورية دمشق وبدأ كبار السياسيين يهربون عائلاتهم ومسروقاتهم إلى خارج سوريا وتحديدا إلى "الأردن - تركيا - لبنان - دبي - موسكو" ... وتلك الدول التي معظمها عدوة للنظام السوري وجدت لا بأس بأن تستقبل العائلات لكن ما هو أهم منهم هي مسروقاتهم والتي هربت بأكثر من 20 مليار دولار في أول سنتين فقط ... وبدأ الخطاب السياسي "بشكل عام" آنذاك يتحدث عن خروج أمن لرئيس النظام السوري الذي أصبح وحيدا بعد اغتيال أهم أركان نظامه في "تفجير خلية الأزمة" ... ليس هذا فحسب بل منح "بشار الأسد" حصانة قانونية بعدم الملاحقة الجنائية والحصانة الدبلوماسية له ولأسرته ولمن يشاء مدى الحياة ... تلك الضمانة منحتها "قطر - السعودية - الإمارات - أمريكا - بريطانيا - فرنسا" ... لكن إيران كانت أقوى من الجميع آنذاك ومنعت الرئيس السوري مجرد التفكير بمثل هذا الأمر وإلا سيتم اغتياله هو وأسرته فردا فردا من أعداء لا يعرف لهم عددا وكان هذا "تهديد مبطن" ورسالة سياسية كما حدث مع رئيس وزراء لبنان الراحل "رفيق الحريري" الذي اغتالته المخابرات السورية بأوامر مباشرة من الرئيس السوري المجرم "بشار الأسد" ... والضمانات التي منحت لطاغية سوريا هي ذاتها ونفس الضمانات التي منحت لطاغية بغداد قبل سقوط حكمه ونظامه المجرم في 2003 ... والعرب لا يجيدون إلا توفير الضمانات للقتلة والطغاة والصوص كعادتهم ؟
يتبع الجزء الثاني
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم