في الإحتلال والغزو الإيطالي في ليبيا من سنة 1912 إلى سنة 1943 تعاون
الكثير من الليبيين مع المحتل الغازي ووفروا له كل سبل التمكين ... وقدموا للغزاة
خدمات عظيمة ما كان ليحلم فيها لولا أن من قلب ليبيا كان هناك خونة وعملاء باعوا وطنهم
بثمن بخس ... ولا عجب أن يصدح رجال الدين بالدعاء وحناجرهم تلهث بالدعاء إلى عنان
السماء بأن يحفظ الله رئيس الإحتلال الفاشي آنذاك "بينيتو موسوليني" ... فصنع عبيد الدنيا من رجال الدين والسياسيين الليبيين غمامة
من الرعب والخوف في قلوب الليبيين بل واعتبروا شيخ المجاهدين البطل الراحل
"عمر المختار" أنه من الخوارج والعصاة الذي أساء إلى الإسلام وتعاليمه
السمحة ... وأن رفاق "عمر المختار" أيضا خوارج وإرهابيين سعوا في الأرض
فسادا كل هذا حدث فعليا بل وقدس وسبح جبناء ومرتزقة وخونة ليبيا بحمد الزعيم
الفاشي "موسوليني" ... المنطق والواقع يرفض كل الصورة التي رسمها الغزاة
وإن كانت دولة الظلم ساعة فإن دولة العدل إلى قيام الساعة ... فذهب الخونة
والمرتزقة والطغاة إلى مزبلة التاريخ ولا ذكر لهم في التاريخ وخّـلد عظماء
ومجاهدين ليبيا إلى يومنا هذا ؟
في الغزو والإحتلال البريطاني لمصر والذي بدأ من سنة 1882 إلى سنة
1956 أي 74 سنة قامت بريطانيا بأفعال تشيب لها الولدان في الشعب المصري ...
يعاونهم في الغزو المصريين أنفسهم لدرجة أن الغزاة البريطانيين طوعوا الشرطة
المصرية فأصبحت تعمل تحت أمرهم وخدمتهم ولا أحد يعصي لهم أمرا حتى وإن كان هناك
خطأ أو ظلما ... فقد كانت الشرطة المصرية مجرد خدم وعبيد لدى سلطة الإحتلال ...
وعمل آلاف آلاف المصريين جواسيس وخونة وعملاء لدى المحتل البريطاني وقدموا له
خدمات عظيمة لفرض مزيد من تمكين سلطة الإحتلال على مصر ... ناهيكم أن الدعارة
الجنسية في مصر تم تنظيمها وتطويع الكثير من العاهرات للعمل كجواسيس لدى المحتل
البريطاني بل وكان الكثير من كبار السياسيين المصريين عملاء لدى المحتل الأجنبي ؟
قيل أن المحتل العراقي الغازي للكويت
في 1990 لم يجد كويتي واحد يتعاون معه وهذا الكلام عار عن الصحة بل وجد العديد
من الكويتيين من خانوا وطنهم وتعاونوا مع الغزاة ... بعضهم قتل وفطس بعد تحرير
الكويت ودفن تحت إسم "مجهول الهوية" وغالبية خونة الكويت قدموا للمحاكمة
وحوكموا وصدرت ضدهم أحكام تراوحت ما بين 15 و 25 سنة والإعدام ثم خفف حكم الإعدام
لبعضهم إلى المؤبد ... وشتان من تلألأت سماء الكويت بشهدائها الأبرار وبين أنجاس
وخونة تلعنهم ملائكة الدنيا والآخرة ؟
تقرأ تاريخ الدول ولا تعرف كيف تنهمر دموعك وأنت تقرأ آهات وألام
ومعاناة أبطال حق لك أن تفاخر بهم على رؤوس كل الأمم من رجال ملكوا الرجولة والقيم
والمبادئ والوطنية ... مشكلتهم الوحيدة أنهم رجالا وفرسانا في زمانهم رفضوا الذل
والهوان على وطنهم وعلى شعبهم وفارت الدماء في عروقهم وهم يرون نساء أوطانهم تمتهن
كراماتهن ويدنس شرفهن ... والتاريخ دائما ما يخبرنا أن في كل الأوطان وفي كل
الشعوب هناك من يعيش من بينها من هو مستعد أن يبيع وطنه حتى للشيطان نفسه وليس
للمحتل ... وما قصص الجواسيس وصراع أجهزة المخابرات الدولية وعملائها إلا إسقاط
صغير جدا على صورة أكبر وأوسع وأشمل ... وقد تسأل نفسك هل الأمر يستحق أن تدافع عن
شعب جبان ؟ هل بطولتك ورجولتك تستحق أن تضحي بهم من أجل من لا يأبه بتضحياتك ؟ ...
وهنا تكمن نقطة موضوعنا وأهميته بوجع يعتصر القلوب وأنت ترى شواهد تاريخية تم
تخليدها في دول عديدة لأبطالهم العظام ... ففي اليابان في محافظة
"كيوتو" تم تخليد أبطال حروب عام 1868 وأبطال تمرد "ساتسوما" في عام ١٨٧٧
واليابان مليئة جدا بتكريم وتقديس عظمائهم ويعتزون بهم على شكل عقيدة لم تستطع
التكنولوجيا الحديثة من طمسها على الإطلاق ... مثل هذا التكريم هو أمر شائع ومنتشر
في أوروبا وأمريكا والصين بأسماء الأبطال وتاريخ رحيلهم وعظمة أفعالهم ... أما في
الكيان الصهيوني المحتل "إسرائيل" ففي كل يوم 27 يناير من كل عام تطلق في الساعة العاشرة صباحا صفارات الإنذار في مختلف إسرائيل لإحياء ذكرى
ضحايا المحرقة النازية في الحرب العالمية الثانية والتي راح ضحيتها ما يقارب 6 ملايين يهودي من أصل
11 مليون تم حرقهم في ألمانيا النازية ... وفي هذا اليوم من كل سنة تتوقف الحافلات والمركبات في الطرق والشوارع السريعة ويخرج الإسرائيليون
من مركباتهم ويقفوا منحني الرؤوس احتراما للراحلين ... بعكس
الدول العربية التي تكتفي بصناعة "نصب الشهيد" لا أكثر ولا أقل وكأن
بطولات رجالنا ذهبت بلا أي قيمة ولا تخليد ... ولا يسعني في هذه الفقرة إلا أن
أذكر جهود الكويت الأكثر من رائعة بتعظيم دور شهدائها التي خلدت أسمائهم في حديثة
الشهيد وإنشاء لجنة الشهداء والأسرى خصيصا لهم والخدمات العظيمة التي تقدم لذوي
الشهداء كما أن هناك جمعيات تعاونية خلدت أسماء شهداء مناطقها كجمعية الخالدية
ومشرف والرميثية وغيرها تقديرا وعرفانا بعظماء الكويت الأبرار ؟
محزن ثم محزن أن ترى من يتنعم اليوم بسبب عظماء أبطال رحلوا وهم أبوا
أن يتركوا هذه الحياة إلا بأفعال ترتفع لها الهامات فخرا واعزازا وتنحني لهم
الرؤوس تقديرا وشكرا وعرفانا ... مؤسف حقا أنك تعيش اليوم وفي سنة 2019 وأكثر من
نصف الوطن العربي لا يعرف تاريخه بل وعجبت كل العجب أني وجدت شعوبا خليجية وعربية
لا يعرفون تاريخ دولهم بشكل فاضح وسافر !!! فليرقد الأبطال بسلام ولترفرف أجنحة
ملائكة السماء على أرواح شهداء الوطن العربي الأبرار ولا حيلة لنا وسط عجزنا عن
محاربة ومكافحة خونة الأوطان الذين بسببهم أصبحنا مطية الزمان والسلام في الختام
على من في روحه شجاعة الأبطال ؟
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم