السؤال القديم منذ الأزل وهو ليس سؤال حديث والذي اختلفت عليه البشرية
كافة ولم تتفق عليه في يوما واحدا قط ... أيهما أهم وأولى الحب أو المال ؟ ولو عرض
عليك الحب الحقيقي أو المال لدرجة الثراء أيهما تختار ؟ ... تلقائيا سيخرج عليك
المتذاكين وسيقولون لك المال فبالمال سأكون لامعا وستكون لي القدرة على أن أكون في
موضع المتدلل الذي يختار من نساء الأرض ما أشاء ... وبالمال سأقتل الفقر والحاجة
وبالمال سيحترمني الناس وبالمال قوة وسلطة ونفوذ وبالمال سأضمن مستقبل أبنائي
وبالمال ستضحك لي الأيام ... وبالمال سأنام على الفرش المنعمة وسأركب السيارات
الفارهة والطائرات الفخمة والسفن الحديثة وبالمال سأسكن في أفخر المنازل وسأنزل في
أرقى الفنادق العالمية وفي أعرق أجنحتها ... يا هذا بالمال سأصل لدرجة أني أشتري
الناس وأذل حتى من انتقدني أو سخر مني حتى من أهلي وبالمال سأجعل إسم عائلتي أو
أسرتي مثل أقوى عملة ... بل سأجلس على موائد الملوك والسلاطين وأثرى أثرياء العالم
ليس هذا فحسب بل يمكنني أن أفرط في الشرب والجنس واللهو وأستطيع أن أشطب عقارب
الساعة من قاموسي فلا أعرف كم الوقت من هول الملذات ... يا هذا ألا ترى بأم عينيك
كم باهرات الجمال يركعن أمام من يملك المال ويخضعن له خضوعا مطلقا !!! هل أصابك
العمى أم شطح عقلك وتريد أن تنسف الواقع الذي عليه ألف دليل ودليل ؟ ... ألم ترى
أم لا تعلم أن رجال السلطة وكبار المسؤلين يحترمون القوي والثري ويصرفون النظر
ويصدون عن البسطاء من رعاع القوم ؟ ... متى تتعلمون أن المال هي لغة العالم
الحقيقية منذ آلاف السنين ومتى تعرفون أن كل حروب الأرض وبأكثر من 90% كانت بسبب
الموارد الطبيعية والتي تلقائيا من يملكها يملك المال ولما تملك المال يعني أنك
ملكت قوة السلطة والنفوذ الإقليمي ... فماذا هذا الحب التافه الذي تتحدث عنه وما
قيمته حتى أدفعه لك بقهقهة أثناء إشعال سيجاره فاخرة صنعت على ظهر الأبكار ؟ ...
هل تريد أن أثبت لك أن بالمال أستطيع أن أجعل باهرات الجمال يبكين تحت أقدامك أنت
ويتمنون رضاك لتفعل أنت بهن ما تشاء دون أن يعلموا من أنت ودون سابق معرفة أصلا ؟
فأي هراء هذا الحب الذي تتحدثون عنه ومتى تفيقون من خزعبلاتكم وتعون واقع أمما مضت
قبلكم ومتى تتركون ترهات الحِكْمَ والفلاسفة
التي لا توفر كسرة خبز لفقير مرمي على قارعة الطريق ... المال ثم المال والذي أصنع
ما يعجز عنه السحرة والكهنة أم تراك تظن أن فرعون اجتمع حوله السحرة حبا فيه أو
بسلطانه وهيلمانه بل لثرائه الفاحش وعطاياه التي تخرس الألسنة وتملأ الأعين تلألئا
... وجرب أن ترى باهرة الحسن والجمال ولو كانت متزوجه وقل لها تطلقي من زوجك ولك
مليون دينار ومليون أخر مهرا ومليون ثالثا هدية بعد الزواج ثم اجلس وانظر لعجائب
المال ماذا سيصنع ستتطلق من زوجها رغما عن أنفه وتركله بأقدامها هو وحبها وتأتيك مطيعة
خاضعة ... فهل تريد أكثر من كل هذه الحقائق أم أن هناك مســـا أصاب عقلك أو جهلا
لامس روحك أم هذيان أطلق للسانك العنان ؟
المتذاكين أو أحد المتذاكين صال وجال فيما قال وصدح قولا وحقائق ظن
أنها البرهان واليقين وصدّق بقناعة مطلقة حقيقة ما ذهب إليه من شرح وتفصيل ثم
إسهاب وتطويل ... ولو سالته أين كل هؤلاء الذين تتحدث عنهم ؟ هل هم مخلدون في
الدنيا أم تحت التراب ؟ وكيف حال الأحياء منهم من كبار السن هل ثرواتهم استطاعت أن
تشفي أمراضهم أو توقف عداد أعمارهم ؟ ... وكم من ثري يذهب إلى تجارته وهو لابسا
حفاظات دون أن يعلم به أحدا من العامة ؟ وكم من شاب ثريا يملك كل شيء لكن زوجته
تخونه وهو يعلم وخرس إنقاذا لصورته وسمعته ؟ وكم من ثري ابتلي ابنه في المخدرات ؟
وكم من ثري هربت ابنته مع الغريب إلى الخارج ؟ وكم من رجال ونساء أثرياء تم
تزويجهم رغما عنهم وعاشوا تعساء ؟ ... فهل تحسب أن هذا كل ما لدي كلا وأبدا بل
دعني أخبركم بحقيقة أيها المتذاكون الغافلون فإن كان هناك رجلا غنيا وثريا فهل
تعلم كم سيستمر ثرائه ؟ بمعنى أدق التاريخ يخبرك أن كل رجل ثري في كل التاريخ
البشري ثرائه لا يدوم إلا لـ 3 أو 5 كحد أقصى من نسله ... بمعنى ثرائه قد يصل إلى
الحفيد وحفيد الحفيد لا أكثر ثم يختفي المال وبتفصيل أدق لو كان متوسط العمر 70
عاما فإننا نتحدث ما بين 100 إلى 200 سنة كأقصى حد لتلاشي الإسم والثروة فيتلاشى
ويختفي بريق قوة المال وغرور النفس ... والتاريخ البشري يثبت بكل أدلته أنه لا
توجد أسرة واحدة على وجه الأرض تمتلك نسبا ونسلا ثريا على الإطلاق بمعنى كل من
تراهم من أثرياء الأرض في أيامك وزمانك هؤلاء مجرد مرحلة وقتية وسيختفون كليا وسيأتي
غيرهم من أسر وعائلات أخرى ... ثم إن كان كل هذا الذي فعله ويفعله المال فهل
يستطيع أحد من المتذاكين يقول لنا بجرأة كما كان يتحدث قبلا أنه عندما سيقف بين
يدي الخالق عز وجل يوم القيامة ماذا سيطلب من الله وما هي حجته على الله سبحانه ؟
... واسأل المتذاكين أين ملوك الأرض وثرواتهم وقصورهم وترفهم التي لا يتصورها عقل أين
ذهبهم وفضتهم ومئات ملياراتهم ؟ ... ألا يعلم المتذاكين أن هناك من حمد الله وأثنى
عليه سبحانه أن والده قد مات حتى ينعم الإبن بثروة والده ويتمنى الأخر موت أمه حتى
يرثها ؟ ألا يعلم المتذاكين أن أكثر من 90% من أثرياء الأرض قديما وحديثا ما هم إلا
سراق ولصوص وأقذر من أنجبت الأرض على الإطلاق فعاش أبنائهم بكذبة وبوهم أن أباءهم
وأجدادهم كانوا من أهل الذمة والشرف ؟ ... متى يفهم الإنسان أن عملية المال في
الأرض هي لا تنتمي لا إلى الذكاء ولا إلى للقدرات بل إلى كتاب أرزاق ربكم وخلقكم
ولو كنت في فراشك نائما سيأتيك رزقك ... ومتى يفهم الغافلون أن المال فتنة وابتلاء
واختبار شديد القسوة وليس رزقا فحسب وما قول ربكم سبحانه في سورة الأنعام إلا
دليلا دامغا على ما أقول { فلما نسوا ما ذكّروا به فتحنا عليهم أبواب
كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون } ...
ومتى يفهم المتذاكون أن الأرض لم يخرج على ظهرها العظماء إلا وكانوا فقراء ولم يكن
من بينهم غني واحد ولا ثري واحد على الإطلاق أي أن الفقراء يا هذا هم أسياد الأرض
وليس الأثرياء هذا لو كان في رأسك قليلا من العقل ... وانظر للتاريخ كم ذكر
الفقراء من العظماء وخلدهم حتى قيام الساعة وانظر كم جلد الأثرياء وجعلهم سبة
وعارا على البشرية من فرط جرائمهم وخستهم وكم كانوا لصوصا لا يستحون لا هم ولا من
جاء من بعدهم من نسلهم الوضيع ... ويحكم ما لكم لا تتعظون ممن في القبور ألا يوجد
من بين النائمين من كان أشد منهم ومنكم مالا وثراء وسلطانا { فاعتبروا يا أولي الأبصار } الحشر { فاعتبروا يا أولي الألباب } البقرة ... العبرة يا سادة ليس بمن يبقى
معك بحب وإخلاص في البدايات بل العبرة في النهايات وعينيك ستغمض لأخر مرة في حياتك عند موتك على من ؟
وماذا عن الحب ؟
الحب هي لغة ضمائر السماء أصبحت في زماننا ما ندر وفي زمان من سبقنا
ما كثر والحب مبادئ وقيم أسمى من عقول البشر إلا من فهم واستجب ثم فطن وارتقب ثم
جلس وانتظر ثم وهب عشقا فصنع خير ما صنع ... وفي زمانكم ضاعت قيمته بسبب أرذل
البشر بحماقة وشر منتظر ثم ندما لا يغتفر ولم يرتجف القلب إلا على كل كذابا أشر
ولعانة خبيثة كذابة بضمير قذر ... فلا تتباكوا على خبث نوياكم ولا كذب طموحاتكم
ولا عن تذاكيكم فللنوايا ملائكة تذيق الخبيث من كأس خبثه وتمحي سيئات من ظَّلْمُ ومن لا يصبر على الحب والحبيب فلا ينتظر حسن ما صنع ... ومن كاد
لحبيبه فسيكيدون به بل سيفتكون به ولو بعد حين فما أنت أيها المعتوه سوى متذاكي
أرعن وما أنتي سوى حمقاء رعناء دخلتم في عالم الأبرياء الأتقياء وما للملعونين إلا
ألا لعنة الله على الظالمين ؟
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم