2022-03-12

حســرةَ ربّكُـــم عليكُـــم ؟

 

بالأمس طلبت من أحد المطاعم وجبة رز مع السمك "مطبق زبيدي" ثم قام خادمي "روبي" بتجهيز الأطباق ووضعت أمامي وجبة الغداء ... فتوقفت بعد اللقمة الثانية فحضرت لدي "ملكة البصيرة والتفكر" فجأة فانهالت فوق رأسي الأسئلة : من بين مليارات لا أحد يعرف عددها من الأسماك لماذا هذه السمكة تحديدا وحصريا وصلت إلي ؟ وكم من مرحلة مرت فيها هذه السمكة حتى تصل أمامي ببضعة دنانير ؟ ... وفي أي أرض ومزارع خارج الكويت زرعت حبات الأرز ؟ وكم من مرحلة مرت فيها هذه الحبات من الأرز حتى تصل أمامي ؟ ... وطبق السلطة من زرعها ومن سقاها ومن رعاها ومن قطفها ومن باعها ومن اشتراها ومن غسلها ونظفها وقطعها ثم وصلت إلى مائدتي بهذا الجمال وجودة المذاق ؟ ... ناهيكم عن المُنكهات مثل "المعبوچ - الأچار - العمبه - الخضرة" ثم أدرك أني لا أزال عاجزا وأيقنت مليار% أني سأضل عاجزا عن قدرة ربي اللطيف الذي يرزق من في السموات والأرض بعملية من سابع المستحيلات أن يتصورها عقل بشري وحتى قيام الساعة ... ومن خلقك خلق لك الطعام وسبب لك الأسباب ولا شيء عند ربك بمحض الصدفة إنما الصدف هذه لدى الإنسان ليجد له التفسير ... والغرض من هذه الفقرة هي أن علينا جميعا أن نتبصر ونتفكر بفضل الله علينا وحجم نعمه التي لا تعد ولا تحصى التي تبدأ بخلقنا وصولا إلى حياتنا بكل تفاصيلها ؟

أيها الناس إن ربكم عظيم عظمة تصل إلى أنه ضربا من الخيال أن يدركها عقل بشر أو مخلوق في السماء والأرض ... هو ربكم جل جلاله الذي لا تسقط ورقة من شجرة إلا بعلمه وبتوقيته في الزمان والدهر والمكان ببديع الخلق والجمال والقدرة والكم والحجم والوزن ... هو ربكم الذي رزقكم ويرزقكم والإعجاز السماوي أن لا أحد بالمطلق يعرف كم أن خالقه سبحانه منع عنه ضرا وشرا كان مصيبه حتما لولا لطف الخالق بعبده الغافل ... هو نفس العبد الغافل الذي يتحدى الله جل جلاله في السيرة البشرية التاريخية على مر العصور ... المخلوق يتحدى الخالق ويرفض الخالق ويسخر من الخالق ويسخر حتى ممن يعبدوا الخالق سبحانه ... لدرجة وصلت أن الخالق جل جلاله يتحسر على عباده تخيل تصور الخالق يتحسر على المخلوق ... { يا حســـــرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون } يس ... حسرة على العباد على ما فعلوا بأنفسهم وحجم جحودهم ونكرانهم وتكبرهم وطغيانهم دون التفكر والتفكير دون أي اعتبارات سوى اعتبارات دنيوية لا تعدوا كونها ترهات وخزعبلات بعدما تربع الشيطان فوق رؤوس الجبابرة والمتكبرين ... { ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين } المُلك ... تلك هي حماقة الإنسان وماذا يفعل الجهل به من مهالك تذله في الدنيا وتخزيه في الأخرة ؟

لو تحققت من حقيقة كتابك الكريم الذي هو مُنزّل من ربكم ومن فوق سبع سموات لأدركتم بسهولة أن من خلقكم لا يريد بكم إلا الخير ... بدليل أن منحنا جميعا الدنيا وما فيها لكن حرم علينا بضعة محرمات أساسية لا تتجاوز الـ 10 "آمن بالله ولا تشرك به شيئا - لا تسرق - لا تزني - لا تكذب - لا تشهد شهادة زور - بر الوالدين - قتل النفس - لا تأكل مال اليتيم - لا تخون العهود والمواثيق - لا تغش في المعاملات وفي ميزان البيع والشراء" ... ثم زاد عليها ربنا بضعة محرمات في أمتنا الإسلامية وهي "الربا - زنا المحارم - التقوّل على الله والإفتراء عليه - أكل الميتة لحم الخنزير - الكهنة والسحرة" ... تلك محرمات لا نقاش ولا جدال فيها وقانونها السماوي باقيا حتى قيام الساعة ... ثم أطلق خالقنا جل جلاله بعض النهي والنهي ليس مثل التحريم إنما النهي هو منع لسبب ما لوقت ما لظرف ما لوقت ما وليس كالتحريم بالمطلق ... والنهي يرقى إلى النصيحة ونصيحة الإنسان للإنسان بالتأكيد ليست كنصيحة الخالق للمخلوق بالتأكيد لأن الخالق لا ينصح إلا لمنفعة مطلقة بعكس الإنسان ... وجزاء من يعمل بالنهي جاء في سورة النساء { إن تجتنبوا كبائر ما تُنْهَوْنَ عنه نكفر عنكم سيئاتكم } ... وإذا ما انتصحت بما نهاك ربك عنه وامتنعت بالمطلق عن المحرمات فعش الدنيا بما فيها حلالا زلالا هنيئا لك وفوق هذا كله لك حسن الجزاء والثواب يوم القيامة ... لكن هل الإنسان اقتنع أو يقتنع ؟

إنهم يسخرون من الخالق عز وجل وحتى ممن لديهم أديان سماوية أيضا سخروا من خالقهم وكثر منهم استهزؤا بعظمته سبحانه ... قالوا على الله ما يُزلزل السموات والأرض وافتروا على الله الكذب وقول الزور والبهتان "قالوا إن لله ولدا - قالوا ادعوا الله يُنزّل علينا مائدة طعام من السماء - قالوا اسأل ربك يا موسى أي بقرة نذبح فالبقر كثيرة ومتشابهة - قالوا ائتنا بالعذاب أيها الرسول إن كنت من الصادقين - سخروا من خاصة الله في الأرض "نوح وصالح وموسى وعيسى ومحمد" عليهم صلوات ربي وأفضل التسليم - قالوا عن محمد ساحر ومجنون - قالوا عن نوح جن جنونه من الجِّن" ... وحتى بعد نزول الكتب السماوية وموت الأنبياء والرسل خرج اليهود والنصارى والمسلمين بالكذب على الله والإفتراء على رسله وكتبوا بأيديهم صحائف التدليس والتزوير والتقوّل على الله وعلى رسله ... وصولا حتى أيامنا هذه بوجود ملايين المسلمين وهم يشتمون الله في كل يوم ويسرقون ويفسدون ويقتلون في كل يوم وكأن الظلم أصبح فضيلة في حياة الكثير من "المتأسلمين" ... ولذلك صدق الحق جل جلاله عندما عاتب عباده بقوله سبحانه في سورة نوح الآية 13 { ما لكُم لا  تَرْجُــونَ لله وَقَــــــارًا } !!! 😡 ؟؟؟ 😡 !!! ... أي ما لكم أيها الناس لا تحترمون ربكم وتوقرونه ولا تنظرون إلى عظمته وعظمة تراها أعينكم من عظمة خلق الأرض وما فيها والسماء وما فيها والشمس والقمر !!! ... إن إلهكم واحد وربكم سبحانه وتعالى قد بين لكم أن لو كان هناك إله أخر أو أكثر لاختلفت الآلـــة فيما تملك كل منها ولضربت الفوضى السموات والأراضي السبع { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون } الأنبياء ... وهنا الخالق عز وجل يضرب لكم ماذا سيكون واقع الحال لو كان هناك إله غيره في سورة المؤمنون { ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون } ... وهنا تتجلى حسرة ربنا على عباده أرسل إليهم الأنبياء والرسل فتم تحقيرهم والسخرية منهم ... { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا } ... وبعدما سبق فيوم القيامة لن يكون هناك عبدا واحدا له حجة على الله وكل فردا على وجه الأرض علم بوجود الله وعلم بوجود كتب سماوية هذا في الماضي البعيد فما بالكم اليوم في زمانكم زمن الخبر والمعلومة وجنون التكنولوجيا { فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب } الرعد ... واعلموا أن لو جاءك صديق أو رجلا غريب أو صديقة أو امرأة غريبة ناصحين لكم في أمور الله وشريعته فإنه يتم تصنيفهم من "المنذريــــن" أي جائتك رسالة من الناصح والنذير فسقط عنك أي عذر الجهل وعدم المعرفة ؟

اللهم أُشهِدُك وأُشهِدُ ملائكتك وحمَلةَ عرشك العِظام أني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضٍ فيَّ حكمك عدلٌ فيَّ قضاؤك أني من الحامدين الشاكرين لك وحدك لا شريك لك حتى ألقى وجهك الكريم ... واللهم أنت ربي لا إله إلا أنت سبحانك خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بكل نِعمَك عليَّ وأبوء بكل ذنُوبي كبيرها وصغيرها فاغفر لي يا حبيبي فإنه لا أحد يغفر الذنوب إلا أنت سبحانك ... اللهم آميــــــــــن يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين يا رب السموات ورب الأرض وما بينهما .




دمتم بود ... 


2022-03-07

العرب والحرب النووية ومصير روسيا ؟

قبل أن نبدأ بموضوعنا هذا يجب أن نسجل مبدأ : أن غزو دولة لدولة أخرى هو أمر مرفوض كليا مهما كانت الأسباب والمبررات ... وروسيا ارتكبت حماقة الغزو وغزت أوكرانيا في عملية ظاهرها القوة الروسية لكن باطنها لها حقيقة أخرى غائبة عن الجميع باستثناء العسكريين بالتأكيد ... فعندما أراد العراق غزو الكويت في 1990 حشد ضدها أكثر من 100 ألف عسكري وخلال أول أسبوع من الغزو العراقي زج بأكثر من 300 ألف عسكري وهذه الكويت التي هي أصغر من أوكرانيا بثلاث مرات ... أما أوكرانيا فقد تم حشد عسكري ضدها وغزوها بـ 200 ألف جندي وتم استخدام 150 ألف حتى اليوم ... والمغزى من هذه الحسابات أن أوكرانيا التي هي أكبر من الكويت بثلاث مرات كانت تحتاج من 500 ألف جندي إلى مليون جندي حتى تستطيع روسيا أن تغطي كامل مساحة أوكرانيا وتحبط إنشاء أي جيوب مقاومة مسلحة ... مما يعني أن حركات المقاومة الأوكرانية مع جيشها النظامي + الدعم العسكري الأوروبي المتطور سيكونان كافيان جدا على أن نسمع صراخ روسيا بعد أقل من 3 أشهر وهي تُمنى بخسائر عسكرية وبشرية فادحة ؟

على الجانب الأخر فإن العقوبات الإقتصادية التي فرضت على روسيا وهي عقوبات لا تستند إلى قرارات دولية أو أممية بل هي عقوبات دولية فرضتها دول على دول خارج الإطار القانوني ... تلك العقوبات كافية جدا أن تدمر الإقتصاد الروسي تدميرا موجعا لدرجة لن تستطيع روسيا النهوض الإقتصادي مرة أخرى إلا بعد 20 سنة قادمة ... حتى أن شركات البطاقات الإئتمانية العالمية مثل "فيزا - ماستر كارد - أمريكان إكسبريس - داينرز كلوب" قد أوقفوا التعامل مع روسيا وجعلوها خارج الإئتمان العالمي ... أضف إلى ذلك هيئات التصنيف الإئتماني العالمية مثل "موديز - ستاندرد آند بورز - فيتش" بتخفيضهم للتصنيف الإئتماني الدولي لروسيا فإنهم بذلك أصابوها بمقتل اقتصادي حقيقي ... ناهيك عن منع وحضر الخطوط الجوية للشركات الروسية من عبور الأجواء لأكثر من 35 دولة تعتبر ضربة قاتلة للشركات الروسية مما يضطرها للإلتفافات الجوية الطويلة والتي ستستهلك وقود أكثر وستحتاج إلى محطات توقف عديدة أي خسائر مؤكدة تفوق الـ 300% ... وكان الأبرز هو حضر التحويلات البنكية للشركات والأفراد إلى روسيا وخروج روسيا بأكثر من 80% من نظام "سويفت العالمي" الذي يربط أكثر من 11 ألف بنك في 200 دولة حول العالم والمسؤل الرئيسي عن تحويلات حكومات العالم وشركاتها المساهمة فيها ... ثم هستيريا العقوبات وصلت إلى منع دخول أعضاء البرلمان الروسي من دخول أكثر من 30 دولة ووضع اليد على أملاك أثرياء روسيا من قصور ويخوت وممتلكات وأرصدة بنكية والذين أصلا لا دخل لهم في المسألة لا من قريب ولا من بعيد ... وصولا إلى خسائر فادحة للبورصة الروسية والمستثمرين الروس حول العالم بخسائر في أول أسبوع من الغزو الروسي تجاوزت أكثر من 40 مليار دولار ... وبالتالي من سابع المستحيلات أن يصمد الإقتصاد الروسي أمام تسونامي هستيريا العقوبات الأمريكية والأوروبية واليابانية والأسترالية والكندية مهما كانت احتياطات روسيا من تبعات غزوها لأوكرانيا ؟

نظريا من الناحية السياسية فقد نجح الغرب باستدراج روسيا للفخ الأوكراني بعملية سياسية نوعية حقا ... والخطأ الذي وقعت فيه روسيا هو غزوها العسكري وكان هذا غباء سياسيا لا يمكن غفرانه ... وكان من الأجدر أن تتحرك روسيا وتلعب في ملفات حلفائها في "إيران التي تجر خلفها اليمن - سوريا التي تجر خلفها لبنان - ليبيا التي تجر خلفها الجزائر - كوبا - فنزويلا" ... تلك الربكة لو أحسنت روسيا استغلالها لأربكت أمريكا بنسبة 90% لسبب بسيط وهو أن أمريكا لا تستطيع أن تتحرك سياسيا وعسكريا مجتمعين في جبهة جنوب أمريكا وجبهة الشرق الأوسط وجبهة الكاريبي في خليج المكسيك هذا لو أضفنا فوقهم الجبهة الرابعة في أوروبا والجبهة الخامسة في بحر الصين في ملف تايوان ... كل تلك الملفات أو الكروت السياسية كانت بيد روسيا وحليفتها الصين لو تم استغلال تلك الملفات لتاهت أمريكا وأوروبا في متاهات لا أحد يعرف لها نهاية ... بل كان بإمكان روسيا أن تجعل حليفتها "بيلاروسيا" هي من تشتبك مع أوكرانيا وليس هي التي تتلقى الضربات والصفعات ... لكن وحيث أن روسيا قد غزت أوكرانيا فإنها اليوم منفردة تواجه تحالف دولي كان ينتظر تلك اللحظة منذ أكثر من 8 سنوات ... بل وحتى لو عادت روسيا وانسحبت من أوكرانيا فلن ترفع العقوبات الإقتصادية إلا بعد سحقها اقتصاديا وإذلالها سياسيا لأقصى درجة ممكنة ... وعلى الجانب الأخر العملاق الصيني يراقب ويرصد كل التحركات السياسية والعسكرية والإقتصادية عن كثب ويسقطها على نفسه بخيال السياسي ليعرف حجم الأضرار التي قد تلحق به لو قام بغزو تايوان ؟

الحرب النووية 

لا شك أن روسيا تعرف أكثر من جيد أنها حتى لو انسحبت من أوكرانيا فإن الغرب سيمزق اقتصادها ... فهي أي روسيا في ورطة سياسية حقيقية ونسبة انعكاسها على الداخل الروسي كبير لدرجة لا نبالغ إن قلنا قد تصل إلى 90% ... وسبب الإنعكاس الداخلي هو ارتفاع أعداد القتلى الروس والذي وصل خلال أسبوع واحد لأكثر من 7.000 قتيل أي هناك 7.000 أسرة روسية فقدت ابنا أو أبا لها وفي مدة قصيرة جدا جدا بضعة أيام فقط ... ومع إنشاء حركات المقاومة الأوكرانية واستدعاء المرتزقة من الخارج + الجيش الأوكراني + حجم الدعم العسكري والتسليح المتطور الأوروبي لأوكرانيا ... فإننا سنشهد لأول مرة في تاريخ النزاعات العسكرية المسلحة تحالفا بين جيش نظامي وبين ميليشيات موالية له في أوكرانيا ... مما يأخذنا التحليل إلى أن هزيمة روسيا العسكرية مؤكدة ليس 100% بل مليار % ... وكل ما هو مطلوب سنة واحدة كأبعد تقدير حتى تجد روسيا نفسها أن اقتصادها قد سحقوه والبطالة منتشرة في كبرى المدن الروسية والجنائز الروسية باتت من الطبيعة اليومية وتحقيق الأوكرانيين مكاسب عسكرية وميدانية على الأرض وتراجع روسي دراماتيكي على مساحة الأرض الأوكرانية ... بالإضافة إلى واقع شعور الدبلوماسية الروسية بأنها منبوذة عالميا بخسائر سياسية جراء حرب طرد السفراء والدبلوماسيين والتي ستبدأ عما قريب ... كل تلك المعطيات قد تدفع الرئيس الروسي "فلادمير بوتين" للتفكير باستخدام السلاح النووي كأخر كرت لديه أمام هزائم "بوتين" السياسية والعسكرية والإقتصادية ... وهنا تنهار الأسئلة أمامنا : هل الصين ستسمح بالحرب النووية وتخسر كل اقتصادها وكل ملفاتها الدولية ؟ هل أوروبا فعلا تريد خنق روسيا إلى درجة تدفع الرئيس الروسي لجنون استخدام القوة النووية بمقياس ضرر دولة واحدة أي روسيا أمام ضرر أكثر من 20 دولة أوروبية ؟ هل أمريكا غير مستوعبة أن 80% من شعبها سيكون في حكم القتلى بسبب الحرب النووية وفوق هذا تخسر كامل نفوذها وسيطرتها العالمية ؟ هل أصحاب الهيمنة الإقتصادية العالمية سيسمحون بانهيار الإقتصاد العالمي ونفوذهم الماسوني الذي بنوه طيلة 250 سنة ؟ هل أصحاب النفوذ ودهاة أسرار الأبواب الخلفية سيسمحون لـ "بوتين" باستخدام السلاح النووي أم سيغتالونه قبل "الدقيقة الصفر" ؟ ... عقلا ومنطقا وسياسيا : كلا لن يسمحوا ... ولذلك على الجميع أن ينتبه بشدة أن في تلك الظروف تجري مخططات ترقي إلى أفلام الفانتازيا بعظمة تحركاتها بوجود أفراد مهمتهم قتل أو اغتيال كل من يهدد الجنس البشري بالأسلحة النووية ... لكن طالما نحن غير مطلعين عن حقيقة ما يجري خلف الأبواب المغلقة فلا يمكننا أن نرهن مصائرنا بتكهنات وفرضيات وبديهيات وعلينا أن نعمل بالأسباب ؟

العرب والحرب النووية ؟

الحرب النووية سواء انطلقت أو لم تنطلق أو حتى لن تنطلق على الجميع الإستعداد لها وبشكل دراماتيكي يسابق الوقت ... وسباقك مع الوقت يحقق لك أدنى درجات الخسائر المادية والبشرية والتي لو الأن واليوم تهاونت فيها فلن تتخلص حتى الموت من عقدة الذنب كحاكم كمسؤل كحكومة ... والحرب النووية إن بدأت فهي ستبدأ بنسبة 90% ما بين "أمريكا - روسيا - أوروبا" حصريا ... وحتى الصين ستحاول ضبط النفس بأقصى درجاتها من باب قارة تموت قارتين تسحقان لكن ليس كل العالم ... والصاروخ النووي يدمر منطقة كاملة لكن لا يدمر دولة بأسرها وهنا تأتي فرضية هل تبدأ حرب نووية محدودة أم تكون واسعة النطاق ؟ ... أي هل يتم ضرب بعض المناطق في العاصمة الروسية موسكو فتسحق تلك المناطق لكن الحياة باقية في باقي المناطق في العاصمة الروسية والعكس صحيح ومشابه تماما في بريطانيا وفرنسا وأمريكا وغيرها ... أم يشتعل الجنون فتتقاذف القارات بمئات الصواريخ النووية ويموت خلال أسبوع واحد أكثر من مليار نسمة !!! ... أما بالنسبة للشرق الأوسط فلا توجد أسلحة نووية إلا لدى الكيان الصهيوني إسرائيل والتي تعرف أكثر من جيد أن استخدامها للأسلحة النووية يعني فنائها عن بكرة أبيها ... لكن كمنطقة "دول الخليج - إيران - العراق" فهي منطقة آمنة لأنها خالية من الأسلحة النووية وحتى بوجود القواعد الأجنبية فيها فهي أيضا خالية من أي سلاح نووي ... وهنا يأتي العقل بين دولنا هل يتكاتف الجميع أمام الجنون العالمي ويتوحدون حماية للدين الإسلامي وللإنسان المسلم أم سيدخلون في جنون الفوضى ؟ ... هنا أنا أرجح العقل والحكمة وأدفعها للأمام من باب أن الجميع سيرى بأم عينيه ماذا سيفعل الجنون بالأخرين ليتعقل من بيدهم القرار في منطقتنا ... ناهيكم أن هناك تسونامي عاصف من كُتل بشرية بالملايين هاربا من روسيا وأوروبا باتجاه "إيران والهند وأفغانستان وسوريا ومصر والمغرب وتونس والجزائر" ... وتسونامي بشري أمريكي هربا من أمريكا باتجاه "المكسيك - دول أمريكا الجنوبية - دول البحر الكاريبي" ... وتبقى قناعتي ثابتة وهي : يجب قتل أي رئيس دولة يهدد البشرية بالأسلحة النووية أيا كان هذا الرئيس وأيا كانت دولته ... وعلى الجميع أن يستعد منذ هذه اللحظة بوضع الخطط للحرب العالمية الثالثة لأنها باتت على الأبواب وليس لها عد تنازلي ... استعدادات للماء والغذاء والدواء والكهرباء والطوارئ وحفظ الأمن والتراجع والإنسحاب كاملا عن أي صراعات ونزاعات إقليمية ... لأن هذا الوقت تحديدا وقت ترك الخلافات جانيا والإلتفات لمصالح الدولة القومية ومستقبلها وتوقع الغير متوقع والحفاظ على حكم الدولة والحكام قبل أن تفلت الأمور وقتها ينفلت الغوغاء واللصوص وتجار الحروب فيمزقون دولكم وشعوبكم بلا رحمة ولا أدنى شفقة ... نسأل الله السلامة والنجاة من شرور قادم الأيام ؟



دمتم بود ...


وسعوا صدوركم   






2022-03-04

الغزاة والدول النووية دول إرهابية بثوب الإنسانية ؟

 

من البديهي جدا وأنا أشاهد أحداث أوكرانيا أن تعود بي الذاكرة للوراء ليعود شريط الغزو العراقي بمشاهد الفوضى والإرتباك وفقدان الحكمة والبصيرة ... خصوصا في أول الأيام والأسابيع ولذلك أنا أشعر بحال أهل أوكرانيا اليوم ... وحتى نكون منصفين وعادلين في تقييمنا للأمور فلا بد أن نضع ميزان الحق ونطلق أحكامنا التي تفرضها الإنسانية والأديان السماوية والأخلاق ... ولذلك نضع تلك المبادئ في أعلى المبادئ التي لا بد وأن تتفق عليها كل البشرية وهي 

1- كل دولة تمتلك الأسلحة النووية فهذه دولة إرهابية .

2- كل دولة تغزو دولة أخرى فهذه دولة إرهابية يحكمها طغاة .

3- كل دولة تشعل الفتن والحروب في دولة أخرى فهذه دولة شياطين .

تلك الخطوط العريضة الرئيسية التي لا يختلف عليها إلا من تربع الشيطان في رأسه ... ولو ذهبنا إلى أقصى الأمور فلا يمكن إلا أن أقولها وعلنا : كل رئيس دولة تمتلك الأسلحة النووية ويريد استخدمها فهذا الرئيس يجب أن يعتقل أو يتم اغتياله بلا تردد وبلا أدنى درجة من التفكير أو الرحمة ... لأن تلك الأسلحة التي صنعها شياطين البشر كافية بأن تقتل وتفني 100 مليون نسمة في خلال أقل من 24 ساعة وأكثر من مليار نسمة خلال أقل من أسبوع واحد ... ناهيك أن تلك الأسلحة بكل أريحية وبساطة يمكنها أن تعيد أي دولة على وجه الأرض 50 سنة إلى الوراء كأقل تقدير ... فهل نضع حدود الأدب والكياسة لشرذمة يطلق عليهم "رؤساء دول" أصبحوا اليوم يهددون حياة البشرية لا بل يهددون كوكب الأرض بأسره !!! ... وبطبيعة الحال كل رئيس دولة أو مسؤل حكومي يغزو دولة أخرى فالتبريرات والحجج الكاذبة جاهزة ليطلقها على الإعلام وغالبية شعبه المغفل ... والأهم أنه يجب الفهم أن الدولة التي تستخدم القوة العسكرية لغزو دولة أخرى فهذا يعني أن سياسييها فاشلون في السياسة بل سفهاء في فن وعلم السياسة ... والغزو العسكري لا أحد يكذب عليكم فجميع الدول التي نفذت الغزو العسكري على دول أخرى جميعهم كاذبون لا شأن لهم لا في أخلاقيات ولا في أديان سماوية ولا حتى ذرة إنسانية ... إنما هم قتلة مجرمون كـــــــــافرون كفرا صريحا بواحا ومهما تخفوا خلف أكاذيبهم التي يطلقونها ففي النهاية جميعهم طغاة غزاة محتلين حثالة سياسة ؟

إن التبرير الكاذب لتدمير دولة أخرى أو لغزوها مثل "الأمن القومي - أمن البعد الإستراتيجي - ضروريات المرحلة - الضربة الوقائية أو الهجوم الوقائي" إلخ ... كلها أعذار وحجج سفيهة لا تضعك إلا في نتيجة واحدة وهي أن تلك الدولة فشلت سياسيا وأصبحت عاجزة سياسيا والفاشل السياسي عليه أن يتنحى جانبا لا أن يأخذ الأمم والشعب بفشله وجنونه ... ومسألة أن كل فاشل وضعيف سياسيا أصبح يطلق علينا مصطلح "السيـــادة" فهذا المصطلح الماسوني الوضيع لم يكن إلا كتبرير لضعف وفشل سياسي كبير ... ولو استخدمت الأسلحة النووية والطرف الأخر رد عليك أيضا بالسلاح النووي وفنيت شعوبكم ففي أي مدرسة سياسية توجد سيـــادة دول وهي بلا شعب أو سحق منها 80% من شعبها ؟!!؟ ... سيادة الدول يُعبّر عنها سلوك حكامها وحكوماتها ومستوى أخلاقياتهم السياسية ومدى احترامهم لسمعتهم الدولية ودبلوماسيتهم الرصينة ... السيادة لا تعني أن تذهب لدولة أخرى وتغزوها غزوا مجرما قبيحا ثم تبرر فشلك وعجزك بالأمن القومي الكاذب أو السيادة الورقية ... سيادة الدول وأمنها القومي لا يعني أن تهدد حياة الملايين من البشر لا ناقة لهم ولا جمل بجرائم حكام قتلة طغاة فاسدون ... حكام منذ عقود وهم يُنظّرون علينا بالقيم والمبادئ والأخلاق والإنسانية ونحن نعرف مسبقا بأنهم كاذبين وهم يعرفون أننا نعرف بأنهم كاذبين ... وغزو الدول لا يمكن أن تفرق دولة عن أخرى فالغزو واحد والمبدأ واحد ومتى ما فرقت أو بررت لأي أحد فأنت شريك معهم في الجريمة ولو بكلمة ؟

اليوم ونحن في 2022 أيقنا أن المنظمة الدولية "هيئة الأمم المتحدة" لم يعد لها حاجة فوجودها من عدمه واحد ... وأكبر فساد تعيش فيه المنظمة الدولية هو "حق النقض الفيتو" والذي بسببه انتهكت القوانين الدولية وانتهكت حقوق الشعوب والأمم وانتهكت الإنسانية بسبب سيطرة 5 دول فقط على "الفيتو" ... فالولايات المتحدة الأمريكية هي دولة قتلة ومجرمين وفاسدين وروسيا دولة قتلة ومجرمين وفاسدين وبريطانيا والصين وفرنسا جميعهم فاسدين ولصوص ومجرمين لكن بثياب أنيقة ... وعلى هذا الأساس يجب أن تتوحد البشرية في مواجهة هؤلاء القتلة المجرمين الذين أصبحوا اليوم يهددون الجنس البشري بمخزونهم من الأسلحة النووية والذرية والجرثومية ... فما ذنب الطفل والشاب والبنت والولد والعاجز والعجوز والمريض بأن يتم فنائهم فقط لأن رجل واحد معتوه مجنون إسمه "رئيس دولة" قرر أن يموت الجميع ؟؟؟ وأي منطق وعقل يستوعب أن مصير البشرية في شنطة يحملها القتلة من رؤساء الدول أثناء تجولهم !!! ... ولذلك يجب أن يتم نزع جميع الأسلحة النووية العسكرية من جميع الدول تمتلكها وذلك أفضل من السفهاء الذين يقومون بحملات من أجل "حماية البيئة - حقوق الحيوان - حقوق المثلية الجنسية - حقوق المرأة - حقوق الأقليات" إلخ ... لأن صاروخ نووي واحد يسحق كل هؤلاء دون تفرقة وبلا رحمة ولا بأي تمييز فأين عقولكم !!! ... فهل يتوحد الجنس البشري أمام هؤلاء القتلة المجرمين من الحكام الطغاة أم أنه فعلا قد فات الأوان ؟




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم 





2022-03-01

بحث : فصل الحجاز عن السعودية وعودة الحكم التركي ؟

 

في هذا البحث السياسي والذي بطبيعة الحال يجب أن يكون متجردا من العواطف ليكون العقل والرؤية الثاقبة هما المتحدثان في موضعنا هذا ... فإن وقع ما أتحدث عنه فاللهم قد بلغت وإن لم يحدث فلله الحمد الذي بيده سبحانه كل الأمور ... لذا اقتضى التنويه . 

الموضــــــــوع 

في موضوعنا وبحثنا هذا ليس المقصود فيه السعودية حصريا لأنها لا تملك الحرمين الشريفين لا ملكية سياسية ولا ملكية شرعية إنما المملكة هي راعية للحرمين الشريفين ... وقبل الخوض في عمق بحثنا هذا لا بد أن نسجل أمانة وحقيقة تاريخية وهي أنه لا توجد خلافة إسلامية على الإطلاق رعت وطورت واهتمت بالحرمين الشريفين مثلما فعلت المملكة العربية السعودية ... وهذه الأمانة والحقيقة نسجلها سواء الحرمين تحت حكم السعودية أو خارج حكمها لكن التاريخ يجب أن يسجل ويوثق الحقائق كما هي ... أما في تاريخنا الحديث فكانت هناك مخططات إقليمية تندرج في دائرة المؤامرة ... مخططات للإستيلاء على جزء من أراضي ومخطط لغزو أراضي ومخطط لإسقاط أنظمة عربية ومخطط لتقسيم الوطن العربي بمزيد من التقسيمات ... وفي موضوعنا هذا أتحدث معكم حول المخطط التركي لتقسيم السعودية وفصل الحجاز عنها والحكم التركي لها ... وهذا المخطط ظهر للوجود منذ وصول الإسلاميين للسلطة في تركيا العلمانية في 2002 أي قبل 20 سنة عندما وصلت حكومة "عبدالله غُل" للسلطة ... ومن المهم قبل أن نخوض في المخطط التركي أن نذكر الجميع بـ "صفقة القرن" وهي المؤامرة التي قادتها "السعودية وإسرائيل وأمريكا ومصر" لطرد فلسطيني قطاع غزة وإنشاء لهم وطن وكيان مستقل في شمال سيناء بديلا عن الأراضي الفلسطينية ... وهذا المخطط كان ظاهره إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني واستعادة نهضته لكن في حقيقته كان مخططا أُعّد لخدمة الكيان الصهيوني حصريا ... وعلى الجانب الأخر كان المخطط يشمل إضعاف الأردن وإشعاله بحرب أهلية وصولا لإسقاط نظامه ... وأظن وأعتقد أن مخطط "صفقة القرن" كان مخطط مضاد لمخطط "فصل الحجاز عن السعودية" وعودة الهاشميين في الأردن لموطنهم الأصلي في مكة المكرمة والمدينة المنورة والذي أطلق عليه وقتها مشروع مخطط "إسرائيل الكبرى" ... هو المخطط الذي أول من كشف عنه "مجلة كيفونيم" التي تصدرها "المنظمة الصهيونية العالمية" في عددها بتاريخ 14-2-1982 والتي عرفت بـ "خطة يِنون - Yinon Plan" ... والتي كشفت عن الإستراتيجية الصهيونية في الشرق الأوسط وفيها وضع مخطط تدمير الدول العربية الكبرى ذات التأثير "العراق - سوريا - مصر - السعودية" وتفكيك "الأردن - لبنان - الضفة الغربية" في فلسطين... أما دعوات فصل الحجاز عن السعودية فأول من طالب بهذا الأمر كانت إيران في عهد الخميني بما أطلقت عليه "تدويل الحجاز" أي يكون برعاية أممية أو دولية والذي بالتأكيد رفضته الدول العربية آنذاك ... والخميني مؤسس الثورة الإيرانية لديه تصريحات كثيرة شديدة العداء للسعودية وأحد تلك التصريحات خطاب ذي الحجة 1408هـ 1987م والذي قال فيه : سندخل المسجدَ الحرامَ مع الإحتفال بانتصار الحق على جنود الكفر والنفاق وتحرير الكعبة من أيدي من ليسوا أهلا ومن ليسوا من محارمها وخاصتها ... وقضية "تدويل الحرمين" خرجت من عدة جهات في 1987 - 1988 - 1991 - 2015 - 2017 - 2018 وتحديدا من إيران والعراق وقطر سواء بشكل رسمي أو عبر مطالبات شعبية ومنظمات مجتمع مدني بغطاء سياسي بالتأكيد ... ناهيك عن تجمعات طلابية وسياسية بالتأكيد مأجورة أو تحت التطويع السياسي في أندونيسيا والجزائر ... والأخطر كان مخطط الصهيوني "برنارد لويس" الذي تبنته إسرائيل الصهيونية والإدارة الأمريكية وتم إدراجه في ملفات السياسة الأمريكية الإستراتيجية لسنوات مقبلة بعد أن وافق عليه الكونجرس الأمريكي واعتمده في 1983 وهو مخطط تقسيم الشرق الأوسط و "تفتيت المُفَتت" ... هو نفس المخطط الذي الإدارة الأمريكية في عهد "جورج بوش الإبن" وأطلقته وزيرة خارجيته "كونداليزا رايس" في 2005 والذي أسمته بـ "الفوضى الخلاّقة" و "الشرق الأوسط الجديد" ... إذن مسألة إسقاط أنظمة الحكم وضم أراضي وإعادة توزيعها وتقسيم الشرق الأوسط ليست بالمسألة الجديدة ... والحجاز جميعنا نعلم أنه موضوع على طاولة الأهداف الإستراتيجية والتي سنتحدث عنها باستفاضة وبوضوح وبشفافية لاحقا وبالتالي مسألة فصل الحجاز عن السعودية هي قضية كثير من يقاتلون من أجلها ... مع عدم إغفال أن الكيان الصهيوني يرى بإسقاط أو إضعاف أو تقسيم السعودية هدفا استراتيجيا يستحيل التخلي عنه ... لأنهم يريدون هدفين أولا : عودة إرث اليهود في المدينة المنورة من أسلاف "بنو النظير - بنو قريظة - بنو قينقاع" ... ثانيا : كسر وإنهاء أهم ثقل اقتصادي تستند عليه الأمة العربية والإسلامية ألا وهي السعودية ... والحجاز هو تحت الأطماع "الإيرانية - التركية - المصرية" كل وله مبرراته لكن السعودية وقفت للجميع بالمرصاد طيلة تأسيسها نشأتها الأولى والحقيقية والتاريخية في سنة 1932 أي منذ 90 عام ؟

من يملك الحجاز فقد ملك المسلمين 

تلك عقيدة المسلمين أن من يحكم "مكة المكرمة والمدينة المنورة" تلقائيا يحصل على دعم وتعاطف أمة الإسلام بأسرها ... لكن للسياسة حديث أخر مختلف كليا فإن السياسة كان دائما ما توظف الدين لصالحها وتتكسب من خلاله أي أننا نتحدث عن "الإسلام السياسي" ... منذ الخلافة الراشدة إلى الخلافة الأموية إلى الخلافة العباسية إلى الدولة السلجوقية إلى الخلافة العثمانية ثم الهيمنة المصرية ثم الدولة السعودية حاليا ... جميعهم كان لهم شرف رعاية وحماية الحرمين الشريفين مع ملاحظة وتذكير أن تلك الحماية لم تكن مطلقة وكاملة 100% ... فكثيرا ما تعرضت مكة والمدينة إلى غزوات وضربات وسرقات في ظل حكم تلك الخلافات والدول على مدار أكثر من 1.300 عام ... ولا يعتقد الكثير منكم أن الحرمين كانوا في أمن وأمان كلا وأبدا بل ومطلقا بدليل وجود أسوار حول الحرمين لحمايتهم من الغزوات والحروب وإن لم تخني ذاكرتي فإن أخر سور تم هدمه كان في خمسينات القرن الماضي أي منذ وقت قريب ... لكن يبقى الواقع كما تحدثنا أن من يحكم الحرمين يملك تعاطف المسلمين كافة بسبب عاطفتهم الدينية الرائعة بطبيعتها ... لكن الإرث يبقى إرثا وهذا سبب الخلافات الدائمة بين مشايخ الدين في السعودية وبين الأزهر في مصر ... فهم مروا بعواصف كثيرة جدا بين الخلافات والصراعات التي ظهرت كثيرا إلى العلن والطعن فيما بينهما فهذا يتهم ذاك بالظلال والبدع وهذا يتهم ذاك بالتطرف والإرهاب ... لكن الأتراك ظلوا في حسرة عظيمة بسبب سقوط خلافتهم الإسلامية وفقدانهم لأهم مقدسات المسلمين ... بل أن أهم الأثار الإسلامية وأعظمها أهمية لا توجد في مصر ولا في السعودية بل في تركيا وأهمها "متحف الأثار الإسلامية" في إسطنبول ... أي نحن نتحدث عن إرث وأثر الرسول عليه الصلاة والسلام وآل بيته والصحابة والخلفاء وهو ما ورثته الخلافة العثمانية عن الخلافة العباسية بحكم عثماني دام لأكثر من 620 عاما ... على الجانب الأخر كان واقع السقوط العثماني والذي تحول إلى حلم تركي باستعادة الحرمين أو الحجاز ظل هاجسا طويلا لدى الأتراك ... وفي حالة من التناقض فإن الشخصية التركية الإجتماعية معظمها لا يكن أي ود أو احترام أو تقدير للعرب وتحديدا عرب الجزيرة العربية لأنهم يعتقدون أنهم كانوا سبب سقوط الخلافة العثمانية ... مع أن الحقيقة والواقع وفوقهم تاريخهم يؤكدون جميعهم أن العرب لم يقوموا بغزو واحتلال "العاصمة العثمانية إسطنبول" كما فعلت القوات البريطانية والفرنسية والروسية في 1918 ولم يسقطوا السلطان "عبدالحميد الثاني" مثلما فعل الشعب العثماني وبرلمانهم آنذاك ... والشعب العربي أو عرب الجزيرة العربية وقبائلها لم يخونوا السلطة العثمانية مثلما قام الأتراك أنفسهم بخيانة سلطانهم ومهاجمة قصره وشتمه في الشوارع علنا ... وبالعودة إلى محورنا فإن من يملك الحجاز ملك المسلمين ليس هذا فحسب بل اليوم وقد توسع الحرمين الشريفين توسعات لم يسبق لها مثيلا وهذا بفضل من الله سبحانه ثم لأسرة الحكم في السعودية "آل سعود" ... وبالتالي نحن نتحدث عن أكثر من 15 مليار دولار مصدرها إيرادات الحج والعمرة في كل سنة ويمكن الإستثمار والتطوير أن يحقق أكثر من 30 مليار دولار سنويا ... مما تشكل أطماعا لـ "الدين السياسي" أي لدول عديدة تتمحور أطماعها بأن تكسب تعاطف المسلمين بالإضافة أنها تملك دخلا لا ينضب أبدا ؟

السعودية اليوم في ضعف 

بالتأكيد لا يسعدنا أن تكون السعودية في ضعف ويسعدنا حقا أن تكون قوية لكن فعليا المملكة العربية السعودية اليوم في ضعف لم تشهد له مثيلا في تاريخنا المعاصر ... والضعف الذي نتحدث عنه هو ضعف سياسي لا يمكن وصفه إلا بالكارثي والذي أصبح يشكل خطرا كبيرا جدا ليس على السعودية ككيان وحدودا فحسب بل وحتى على نظام الحكم نفسه ... فمقتل المعارض السعودي "جمال خاشقجي" ضرب سمعتها الدولية والعالمية بمقتل بالإضافة إلى خسارتها السياسية في لبنان وهزيمتها في اليمن وفشلها في سوريا والعراق والضعف القاتل أمام إيران وانكماشها وضعفها أمام تركيا وهزيمتها السياسية أمام قطر وخلافاتها مع أميركا وأزماتها السياسية مع "ألمانيا - كندا - السويد" ... ناهيكم عن ما تنشره الصحافة العالمية عن المملكة منذ 5 سنوات والتي بالفعل حملات إعلامية قد أتت أُكلها وخطوات التقارب "السعودية الإسرائيلية" والتي وصلت إلى "تعاون وثيق غير رسمي" بين البلدين باعتراف الكيان الصهيوني + مظاهر الترحيب باليهود ودخولهم مكة المكرمة والمدينة المنورة "المحرمة شرعا" والسماح بعبور الطائرات الإسرائيلية المدنية والعسكرية فوق أجواء المملكة واعتراف رئيس الكيان الصهيوني السابق "نتياهو" بعلاقات حقيقية جرت بين السعودية والكيان الصهيوني ... فباتت السمعة الخارجية للملكة بأسوأ حالاتها ونقمة عربية واسعة النطاق ضد المملكة بشكل لم نشهد له مثيلا ... أما السعودية داخليا فحرب الأمراء قائمة والصراع داخل الأسرة الحاكمة في حال توقيت الإنفجار والبطالة تمزق المجتمع والتي وصلت لأكثر من مليون عاطل والتضخم الإقتصادي وتراجع نسبة الإستثمار الأجنبي ورفع أسعار الماء والكهرباء والبنزين وفرض "ضريبة القيمة المضافة" التي تم تطبيقها في 2018 بواقع 5% وتم رفعها إلى 15% وإيقاف "بدل غلاء المعيشة" في 2021 ... كلها أزمات فشل "موسم الرياض" أن يسترها + غالبية الشعب السعودي هو بطبيعته شعب محافظ وما يظهر على السطح ما هم سوى نسبة لا تزيد بأفضل أحوالها عن 20% ... مع عدم إغفال أن الإقتصاد السعودي يعاني من العجز والدين العام وحالة من نزيف الإقتراض المستمر بحرق حصص ملكية شركة النفط السعودية "أرامكو" ... ناهيكم أن في 2015 بلغ حجم الصندوق السيادي السعودي أكثر من 757 مليار دولار أما في 2021 فقد انخفض إلى 430 مليار دولار أي خسارة 320 مليار دولار خلال 6 سنوات فقط ؟

إن كل هذه الحيثيات من الطبيعي أن تجعل السعودية اليوم في ضعف سياسي واقتصادي كبير جدا وهو ما يحفّز الطامعين بها إلى بدأ التحرك ضدها وأهمهم "تركيا - إيران" فتركيا وهي محور موضوعنا لديها إرث تريد استرجاعه وهي منطقة الحجاز فإن لم تحصل على الحجاز كاملا فليس أقل من محافظة "مكة المكرمة" ومحافظة "المدينة النورة" ... أما إيران فلديها صراع عقائدي متوحش بينها وبين السعودية مشتعلا منذ 40 عاما وهو في حقيقته صراع سياسي صرف لكن تم توظيف الدين الإسلامي وزج عقيدة "السنة - الشيعة" في هذا الخلاف ... مع عدم إغفال أن هناك أطماع مصرية قديمة وهي تريد أن تكون الدولة الأولى بالمرجعية الإسلامية لكن دون الحصول على مكة والمدينة فتبقى مجرد هرطقات ... حتى مع افتتاح مصر قاعدتها العسكرية "برنيس" في 2020 والتي تم تحديد موقعها مقابل مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة لكن تبقى مصر أبعد ما يكون من أن تقحم نفسها في ملف أكبر منها عسكريا مقارنة مع تركيا وإيران ... ناهيك أن نفس دول مجلس التعاون من مصلحتها إضعاف السعودية ولا أبالغ إن قلت أن من أهدافها الإستراتيجية هو تهميش وإضعاف السعودية لأقصى درجة ممكنة ولو سقط الحجاز من المملكة ولو تم إسقاط نظام حكمها لأن تلك الدول تشعر بخطر وجودها وبقائها ما دامت السعودية ونظامها باقيان وتلك الدول بالتأكيد هي "قطر - الإمارات" ... فالإمارات قامت بمهمتها على أكمل وجه فورطت السعودية بمستنقع اليمن وهي أعلنت انسحابها رسميا من اليمن لكنها تدير مرتزقتها هناك في حالة لا يمكن وصفها سوى بـ "ضرب الحليف للحليف" أو الخيانة بأبشع صورها وسط عجز سعودي ليس له تفسير سوى أنه موافقة علنية على الضعف ... وفي الجهة الأخرى قطر التي أصبحت تقوم بدور أكبر من حجمها لكن قوة سياستها وتنوع نفوذها ونجاحها في ملفات كثيرة مكنها بجدارة بأن تسحب البساط من تحت أقدام السعودية بل المملكة اليوم أصبحت تطلب وساطة قطر وتدخل قطر في ملفات مثل "أفغانستان - العراق - إيران" ... ناهيك عن انتصار قطر السياسي في أزمتها الأخيرة وإحباط تغيير نظام الحكم القطري في 1996 والذي كان مخططا "سعوديا إماراتيا بحرينيا مصريا" ... ونتيجة لما سبق فقد خسرت السعودية قيادتها السياسية لصالح قطر والتجارية لصالح الإمارات والإسلامية لصالح تركيا والهيمنة الإقليمية لصالح إيران ... فماذا بقي للمملكة سوى موسم الرياض والحفلات الغنائية والجيش المهزوم في اليمن وفقدان الحلفاء في "لبنان والعراق وسوريا وليبيا وتونس" وتوترات وعلاقات غير موثوق فيها مع "باكستان وماليزيا وأندونيسيا وأفغانستان وتركيا" وغيرهم ؟

تركيا من الدولة العلمانية إلى الإسلامية

منذ أكثر من 10 سنوات و "حزب العدالة التنمية" الإسلامي وهو يغير قناعات الشعب التركي ويهيأ الشعب التركي ... أكثر من 10 سنوات والضخ وشحن الشعب التركي لم يتوقف سنة واحدة لإحياء الإرث التركي بالفتوحات الإسلامية ... تلك المنهجية أدت إلى أن التيار الإسلامي في تركيا أصبح طاغيا مؤثرا محوريا صلبا في المجتمع التركي العلماني ... صحيح توجد دعارة بل ومرخصة وبارات وخمور ومراقص ومثليين ومحلات رسمية مرخصة لبيع الأدوات الجنسية علنا ومحلات رسم "الوشم - التاتو" والقوانين التركية توفر عمليات الإجهاض المجانية في المستشفيات الحكومية وبمقابل في المستشفيات الخاصة دون مسائلة وبحرية مطلقة ... أي أننا نتحدث عن دولة قوانينها أوروبية ومجتمعها منفتح وخليط من "العلمانية الليبرالية الإسلامية" وهذا كان هدف التيار الإسلامي التركي الذي يريد أن تعود الهوية الإسلامية من جديد كسابق عهدها ... ففي الخلافة العثمانية أيضا كانت الدعارة والخمّارات موجودة ولا يستطيع أحد أن ينكرها لا حاليا ولا كائن من يكون ... وبعدما نجحت المسلسلات التركية بتحويل الروح المعنوية التركية من القومية العلمانية إلى القومية الإسلامية لتتضح الصورة أن المسألة لم تكن وليدة الصدفة بل مخطط أعد له بإتقان ... والحقيقة أن الأعمال الدرامية التركية لا أحد يستطيع منافستها بل سحقت الدراما "الكويتية والمصرية والسورية" ووصلت إلى العالمية عن جدارة ... لكن في أثناء إنتاج وعرض المسلسلات التاريخية ذات الطابع الإسلامي والفتوحات الإسلامية التركية مثل المسلسلات "أرطغل - المؤسس عثمان - نهضة السلاجقة - كوت العمارة - القرن العظيم" وغيرها ... وفي نفس الوقت وفي المقابل كانت هناك فعاليات إسلامية واسعة النطاق تجري مثل : حفل تخرج حفظة القرآن - سفينة الحرية لمساعدة غزة - تصريحات سياسية لنصرة أقليات مسلمة في بورما والصين والهند - إعادة الصلاة في مسجد "آيا صوفيا" - رئيس الحكومة يؤم المصلين - رئيس الدولة يقرأ القرآن - مهرجان لنصرة فقراء سوريا - تصريحات سياسية ضد إسرائيل لكسب تعاطف الشارع ... وغيرها الكثير كلها ظاهرها نعم إحياء روح الإسلام في نفوس المسلمين لكن الحقيقة تقول لنا أن ما يحدث أمر غير طبيعي وغير منطقي ... لقد نجحوا فعليا بتغيير الرأي العام التركي وتغيير التوجه التركي العام نجاحا باهرا وهذا النجاح يستحيل أن يكون وليد الصدفة أو بفعل صدف الأعمال الدرامية بل هناك مخطط ممنهج وضع بشكل دقيق وقد أتى ثماره فعلا ... وهذا التوجه التركي لا يمكن تفسيره بالتحول العلماني إلى الإسلامي إلا أن هناك غاية وهدف كان بعيدا جدا واليوم بات قريبا كثيرا وهو ما أعتقده أنه سيكون حكم الحجاز من جديد ... يدفع هذا الرأي هو الإنتشار العسكري التركي في قواعده المتواجدة كشبه مثلث حول مكة المكرمة والمدينة المنورة وتحديدا في "قطر - السودان - الصومال" ... تلك القواعد لو تم تهيئتها بشكل عالي المستوى فإنها بكل أريحية يمكنها أن تصل تشكيلاتها إلى الحرمين الشريفين في أقل من 8 ساعات وتلك المسالة مستبعدة لكن لا يجب أن لا تغيب عن بالنا كفرضية منطقية ذات واقع وتأثير حقيقي ؟  

على الوجه الأخر في لعبة الديمقراطية وصناديقها فالمسألة تفسرها لنا الديمقراطية التركية وصناديق الإقتراع التي يمكن أن تحدد تغيير المادة الثانية من الدستور التركي والتي تنص "الجمهورية التركية جمهورية ديمقراطية علمانية اجتماعية تقوم على سيادة القانون في حدود مفاهيم السلم والعلم والتضامن الوطني والعدالة مع احترام حقوق الإنسان والولاء لقومية أتاتورك" ... وإذا ما اتفقت الأحزاب والأصوات المطلوبة وعُرضت المادة الثانية للإستفتاء الشعبي العام فإن الغالبية العظمى ستوفر الأصوات المطلوبة لتعديل الدستور التركي فتتحول "الدولة العلمانية إلى دولة إسلامية" ... وفي هذه الحالة أي تحرك من قبل "تركيا الإسلامية" فسيصبح تحرك مشروع بذريعة حماية المقدسات الإسلامية استنادا إلى مرجعية الخلافة العثمانية ... لا بل بكل سهولة يمكن أن تعرض تركيا أثار الرسول عليه الصلاة والسلام وتستغل تلك الأثار لتغيير الرأي العام العربي "الساذج بطبيعته" وتذكر الأمة الإسلامية بتاريخها وإرثها وتضحياتها العثمانية حتى تستقطب بكل أريحية حجم تعاطف إسلامي واسع النطاق ... وأراهن على ذلك أن إيران فورا وبقوة ستدعم تركيا "حليفتها" في هذا الشأن دعما مطلقا لأنها بذلك ستتخلص من عدوها اللدود "آل سعود" حسبما زعمت طيلة عقود ... ناهيك أن السعودية إن فقدت الحجاز أو الحرمين الشريفين فقدت ثقلها وأهميتها بنسبة 80% والحقيقة أن أهمية السعودية وثقلها ليس بسبب ثروتها النفطية فأمريكا وروسيا أكثر المنافسين للسعودية من ناحية إنتاج النفط لكن ثقل السعودية الإسلامي بحكم رعايتها للحرمين الشريفين أكبر بكثير جدا جدا من كونها كأكبر منتج ومصدر للنفط في العالم ... يدفع الطموح التركي هو كم حلفائها وأفرعهم الذين بسهولة وتلقائيا نستطيع أن نحصرهم بدعمها وهم : إيران - العراق - اليمن - سوريا - الجزائر - لبنان - أندونيسيا - ماليزيا - أوزباكستان" + الأقليات الشيعية في دول الخليج وأفريقيا ... كلها عوامل سياسية يمكنها بسهولة أن توفر زخم إعلامي يتمثل بموجة تسونامي عملاقة تسحق أمامها أي حملات إعلامية خليجية متواضعة ... ونحن على موعد مع الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية كلاهما في السنة القادمة 2023 فإن اكتسح حزب العدالة والتنمية الساحة والرئاسة فسيكون ذلك بمثابة ضوء أخضر لبدء التحرك تجاه المخطط  ... وأظن وأعتقد أن الأمر سيبدأ بتصريح من سياسي رفيع أو برلماني مؤثر لتبدأ بعدها العاصفة ثم يتم تقييمها سياسيا ثم تكتيك دولي ثم مطالبة حكومية رسمية ... والذرائع أصبحت متوفرة مثل : حماية المقدسات من اليهود - حرية الحجاج والمعتمرين من الإعتقال - حماية المقدسات من الإنفتاح السعودي ... وغيرها من الحجج والأعذار التي أغفلت عنها السعودية فعليا والتي أعطت للغير أو لأعدائها حق التدخل في شؤنها والتي ستتحول الأمور مستقبلا من الشؤون الداخلية للدولة السعودية إلى حق التدخل في شؤون المقدسات الإسلامية التي هي ملك لكافة المسلمين ... وهي ذريعة منطقية لها أسانيد شرعية ليتلقفها السياسيين ويوظفوها لصالحهم كعادتهم في كل زمان ومكان ؟

أكتب ما سبق وأنا أرى ضعفا سياسيا سعوديا جميعنا نأسف عليه بأن دولة بحجم السعودية ترمي بثقلها لتذهب إلى دولة خليجية وعربية لتقاضي مغردا هنا وكاتبا هناك ... في نفس الوقت لا تجرؤ الحكومة السعودية أن تقاضي أحدا في أوروبا وأمريكا على الرغم من وحشية ما يكتب وينشر ضدها هناك ... وأكتب ما سبق لأكون ناصحا أمينا للسعودية حكومة وشعبا أن ينتبهوا كثيرا لما يحاك ضدهم وما خُطّط وما يُخَطط ضدهم ... وأنهم اليوم باتوا مستهدفين بل هدفا استراتيجيا لدول وحكومات عديدة والحذر ثم الحذر من الكيان الصهيوني فإنهم ألد الخصام أخبث الخبائث وألعن الملاعين ... وإن اعتاد الإعلام السعودي على النفاق فما أنا من المنافقين ولست مواليا لأحد ولن أكون سوى لوطني الكويت وحكامها فقط ... لكن أرى سُحبا سوداء قادمة باتجاه السعودية ومخططات دولية بدأ من "سايس بيكو" وصولا إلى "الربيع العربي" وما بينهما من حروب وصراعات ونزاعات حتى أصبحنا نعيش في وقت نرى أعلام الكيان الصهيوني اللقيط ترفرف فوق العواصم الخليجية ... وطالما ما كان محرما أصبح مباحا فلا تستبعد المحال أن يكون ممكنا ... الحرمين الشريفين ليسا ملكا للسعودية ولا لشعبها بل ملكا لجميع المسلمين مثلما القدس الشريف ليس ملكا للشعب الفلسطيني ولا لرئيسهم بل ملكا لجميع المسلمين ... وأن موضة تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني اللقيط ليس سوى فشلا وعجزا سياسيا للدول والأنظمة ... وتلك الحقيقة التي فشلت كل الدول العربية التي طبّعت مع إسرائيل أن تخفيها ... ومهما فعلت أنظمة الحكم فإنها لن تغلب الله جل جلاله { والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون } يوسف ... ولا أكثر من أخر وصايا أعظم سلاطين الخلافة العثمانية وهو عاشر السلاطين العثمانيين السلطان "سليماني القانوني" المتوفي في سنة 1566 والذي قال في وصيته : حين ترفعوني على النعش أخرجوا يداي من الكفن وأبقوهما معلقتان للخارج وهما مفتوحتان ... وتلك دلالة وحِكمة للعامة بأن حتى أمير المؤمنين وخليفة المسلمين لم يأخذ معه شيئا وهو سائرا إلى قبره ... وختاما لا أملك من أمري شيئا سوى الدعاء بأن يحفظ الله جل جلاله الحرمين الشريفين وأن يطهرهما من اليهود وخبث ومكائد ومخططات اليهود وأن يحفظ الشعب السعودي الشرفاء والمخلصين منهم وأن يعين القيادة السعودية وأن يلهمها البصيرة وطريق الحق ويبعد البطانة الفاسدة والمنافقين عنهم ... ولا تستنكر ولا تستهزئ فقبلك كان يضحكون كثيرا ثم بكوا طويلا ... فكم بكى بنو أمية وكم بكى العباسيين وكم بكى سلاطين الأندلس وكم بكى وتشرد العثمانيين وكيف هلك "القذافي وصدام وعلي صالح" وكيف فر وهرب "زين العابدين بن علي" بما سرق وكيف تحول "حسني مبارك ومحمد مرسي" بين ليلة وضحاها من حُكام إلى مساجين فسبحان من له الدوام ... { قل اللهم مالك المُلك تُؤتي الملك من تشاء وتَنزِع المُلك مِمّن تشاء وتُعزّ من تشاء وتذِلّ من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير } آل عمران 



مراجع

فكــر وتاريـخ المدرسة الخمينيـة ؟

https://q8-2009.blogspot.com/2016/12/blog-post_15.html


هذه حقيقة مؤامرة .. صفقة القرن ؟

https://q8-2009.blogspot.com/2017/12/blog-post_8.html


الثمن الذي دفعوه في حربهم على الإسلام ؟

https://q8-2009.blogspot.com/2021/08/blog-post_28.html


مخطط التقسيم الجديد للشرق الأوسط ... باي باي دول مجلس التعاون ؟

https://q8-2009.blogspot.com/2012/09/blog-post_17.html




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم 






2022-02-22

عقدة رحلة الإسراء والمعراج وسفاهة العقول ؟

 

ربنا جل جلاله ليس بحاجة حتى تقتنع أم لم تقتنع بما ورد في كتبه السماوية لأن العقل البشري بطبيعته هو ذوو حجم ضعيف ... بدليل هناك آيات كثيرة وردت في القرآن الكريم ومن أحاديث رسولنا عليه الصلاة والسلام "الصحيحة والمنطقية" تلك الآيات والأحاديث نزل خالقنا جل جلاله إلى مستوى العقل البشري الضعيف ... وخاطبه بتجلي سماوي مغلفا برحمة لا مثيل لها وساق إلى البشرية أملا وآمالا لا حدود لها ... وقد مَنّ الله على الإنسان ملايين النعم ونعم لا تعد ولا تحصى بمقابل بضعة قيم ومبادئ أولها الإيمان بالله وعدم الشرك به وأخرها الصدق وحسن المعاملة بين البشر ... لكن كيف يكون هذا وهناك ملايين ومليارات من البشر تأبى إلا أن يتربع الشيطان فوق رؤوسها فسارت منذ آلاف السنين وحتى يومنا هذا بغرور وتكبر ونرجسية لا حدود لها ... والمنطقية أن البشر لا يجادلون ولا يخالفون ولا يتحدون ولا يتصارعون ولا يرفضون ولا يمنعون ولا يعادون إلا مع بشرا مثلهم ... أما الخالق عز وجل فلا يمكن أن يجادله أو يخالفه أو يتحداه إلا إلــــه مثله مساوي بالحكم والحجم والقدرة والحمدلله خالق كل شيء أنه لا يوجد سوى ربا وخالقا إلا واحدا هو الله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له "لم يَلد ولم يُولد ولم يكن له كفوا أحد" ... والخبير العليم سبحانه ساق لنا تلك الآية في سورة المؤمنون "الآية 91" ليضرب الله لعباده ماذا لو كان هناك إله أخر غيره { ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون } فسبحان ربنا المنزه عن أي خطأ أو زلل وحده لا شريك له ... أما في رحلة الإسراء والمعراج فمن العيب حقا أن نستعرض أدلة حقيقتها لشرذمة من توافه العقول لكن سنخاطب من هم أكبر منهم علما ومعرفة ودهاء كما يدعون ألا وهم علماء الفيزياء ومن دهاة عقول مفكري "التنويريين" ... الفيزياء التي وضعت قوانين كل شيء بما يخص إنسان اليوم من علوم وحسابات وأرقام وصناعات واكتشافات ونظريات علمية ؟

أول سؤال قاتل أرميه للجميع : هل تؤمن أن بعد موتك ستنهض من جديد وتُبعث حيا بكامل هيئتك وقواك العقلية والبدنية في يوم القيامة ؟ ... إن كانت الإجابة بنعم تؤمن بهذا فلا حاجة للجدال في مسألة الإسراء والمعراج لأن كل علوم البشر وكل قوانين الفيزياء ليس لهم أي تفسير علمي في هذه المسألة ولن يكون لهم أي تفسير ... أما لو كانت الإجابة بكلا لا تؤمن بيوم البعث فهذا يعني أنك كافر وملحدا بالله وفي هذه الحالة النقاش معك كمن يتحدث مع حائط أو جماد فتُعتبر المسألة مضيعة وقت ومن خلقك حتما سيحاسبك { إن الذين يُلحِدون في آياتنا لا يَخفون علينا أفمن يُلقى في النار خيرُ أم من يأتي آمِنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير } فصّلت ؟

ثاني سؤال : لماذا التركيز فقط على معجزة الإسراء والمعراج مع أن هناك في القرآن الكريم آيات ومعجزات كثيرة غير الإسراء والمعراج لم يتناولها الملحدين والكفار والزنادقة وليس من يتفكّرون لأن من يتفكرون يتأدبون مع الله كثيرا ويؤمنون به إيمانا راسخا مطلقا ... فلم لم نسمع عمن ينتقد أو يشكك بنمل نبي الله سليمان { حتى إذا أتوا على وادي النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون } النمل ... فمنذ متى سمعتم أو عرف كل علماء الدنيا صوت النمل أو عرف لغته أو فهم مقصده !!! وكيف لنبي الله سليمان والأرض تهتز بخيله وبجنوده وصل إليه صوت النملة واضحا ليعرف ماذا قالت وعلى أثر ذلك قال سليمان { فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين } النمل ... فمن أخبرك بقصة النمل مع سليمان ومن أخبرك بردة فعله "المبتهجة" ثم أخبرك نصا بدعاء نبي الله سليمان ؟ هل كتب التاريخ أخبرتنا بذلك أم أحد الشهود المؤرخين أم نملة هي من ذهبت إلى أحد الحكماء فقصت عليه ما جرى فكتب قصتها فوصلت إلينا !!! ... أليس كتاب ربكم هو من سرد تلك الحادثة ليرينا ربنا جل جلاله قدرته التي لا قدرة تساويها ولا قدرة فوقها { نحن نقُصّ عليك أحسن القَصَصَ بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كُنت من قبله لمن الغافلين } يوسف ؟

ثالث سؤال : كيف عصاَ خشبية كانت بيد سيدنا موسى عليه السلام شقّت البحر "خليج العقبة" والذي يحتوي على عمق أكثر من 1.850 متر !!! ... ثم يُفتح طريق بطول 24 كم فيتحول قاع البحر إلى "أرض ناشفة" ليعبر سيدنا موسى وبني إسرائيل بمتاعهم وعرباتهم ومتاعهم ودوابهم وهم يرون من كل جانب حجم البحر بطول أكثر من 1.850 متر ... لأن الأرض لو كانت مبتلة لغرست أرجل القوم في الأرض الطينية ولاستحال عبور الدواب والمتاع والعربات على الأرض الطينية بطول 24 كم ... فهيا يا علماء الكيمياء ويا جهابذة الفيزياء ويا أدهى عقول الهندسة في كل الأرض أخبرونا أي عقل وأي علم يصدق ما حدث ؟

رابع سؤال : لا يوجد أكثر ثراء وأكثر نفوذا من ملوك وسلاطين الأرض وأثرى أثرياء العالم فلم لم يستطع فردا واحدا منهم أن يمنع الموت ؟ ... ولِم لَم يستطع كل أطباء الدنيا أن يقدموا ساعة من عمر أحدهم ؟ ... هل ستقولون إنها طبيعة الحياة !!! إن كان هذا قولكم فأنتم في جهل لأن مقولة "طبيعة الحياة" هي نظرية "الإنفجار الكوني" الذي يستند عليه ملاحدة علم الفيزياء في أمريكا وأوروبا وروسيا والصين وأشهرهم الراحل "ستيفن هوكينج" الذي ظلل الملايين من المساكين ... الطبيعة خُلقت لنا ولسنا حتى بجزء منها بدليل يوم القيامة هل الطبيعة لها حساب وكتاب ؟ هل كوكب الأرض بيابسته وببحاره وبجباله وجمال وروعة طبيعته لديهم حساب وكتاب وقصاص وجنة ونار ؟

خامس سؤال : لماذا كل علماء الفيزياء يخرسون تماما ولا تنطق شفاههم بحرف واحد أمام حقيقة الأطباق الطائرة ؟ ... لا حاجة للتعمق في هذا السؤال لأنه علم ليس له أي فهم أو تفسير علمي ولا تفسير منطقي وخارج كليا عن كل علوم الفيزياء والكيمياء مع أنه واقع والجميع شاهدهم في آلاف الفيديوهات المنتشرة لكن تعالوا يا علماء الفيزياء أخبرونا فلا يخبرونا أفهمونا فلا يفهمون ... طيب يا جهابذة التنزير أليس فيكم رجلا واحدا فيفسر لنا حقيقة هؤلاء القوم ؟ ... كلا لا يوجد بل هدفنا قرآنكم ودينكم فقط ؟

المعجزة : هو حدث مادي ليس له أي تفسير علمي وخارج عن الطبيعة والمألوف وفوق كل قدرات البشر وفوق قوة وعظمة الطبيعة وأكبر من كل علوم البشرية ولن يستطيع مخلوق أن يفهم حيثيات أسبابها العلمية ولا حتى النظرية حتى قيام الساعة ... إن شرذمة الشياطين الذين يطعنون بكتاب الله ومعجزاته هم فئة ضالة والكثير منهم مأجورين لضرب الإسلام كدين وعقيدة ... ويتوزعون ما بين أفراد مساكين تم تظليلهم وما بين فرق ذات تنسيق في مواقع التواصل الإجتماعي وصولا إلى أدوات السلطة في حكومات خليجية وعربية لديهم "مستثقفين" مأجورين ساقطين يُصدّروهم للمشهد الإجتماعي ... فأفيقوا من سباتكم إن دينكم مستهدف وعقيدتكم مستهدفة فأصبحنا كأفراد ومؤمنين ما بين نيران الإسلام السياسي ونيران الفكر المتطرف الإسلامي وما بين نيران دكتاتورية الليبرالية الكل يختطف المجتمعات ليوظفها لصالحه ولنصرة قضيته ... إن أكبر مسرحية كوميدية أن مشككا بدين الله يريد أن يهدي أمة الإسلام وملحدا يريد أن ينير طريق البشرية !!! يا عزيزي اترك أمة الإسلام والمسلمين وعش حياتك فلماذا تضيعها علينا إلا لو أن لك مهمة ووظيفة تم توظيفك فيها وتوجيهك علينا !!! ... الإنسان لم يصل من العلم إلا القليل وبل وفتات العلم بدليل أنه حتى يومنا هذا يقف عاجزا أمام أمراضه الشخصية ... ويقف عاجزا أمام الموت والحوادث وجرائم القتل والحروب والهجرات ومصائبه الشخصية ... ويقف عاجزا أمام غدر وخيانات الناس له ويقف عاجزا أمام أزماته المالية ثم هذا التافه يخبرنا أنه أعلم ممن خلقه ويعرف أسرار الكون !!! ... يا سادة يا كرام نحن أمام شرذمة تملك الجرأة والوقاحة على الله جل جلاله علنا لكن لا يجرؤ ابن أبيه وأمه أن يتطاول ويتواقح على حاكمه ووزراء حكومته ... فسبحان من خلقنا الصابر على قُبح وجرائم وكذب ووقاحة الكثير من عباده ؟  




دمتم بود ...


 


2022-02-17

التاريخ عندما يكشف عورات الشعوب ؟

 

في مدونتي هذه سلطت الأضواء كثيرا على طغيان وفساد الحكام عبر التاريخ ومن خلال واقعنا وزماننا ... ودون أدنى شك أن الحكام يتحملون النسبة الأعلى كأسباب بجهل وسطحية الشعوب والحال المتردي الذي وصلت إليه الأمة والحقيقة هي أن جميع الحكام العرب فشلوا بصناعة شعوب متحضرة والجميع فشل بتغيير الثقافة المجتمعية والجميع فشل بالإصلاح ... لكن في موضوعي هذا يجب أن نسلط الأضواء على الوجه الأخر من الحقيقة ألا وهي  الشعوب نفسها بفكرها بأيديولوجيتها بمعتقداتها بغوغائيتها المعهودة ... إن الشعوب بطبيعتها وأصل خلقها وفطرتها تعيش في اختلاف دائم منذ آلاف السنين وقد دلتنا الكتب السماوية والكتب التاريخية عن مدى تمرد الشعوب تمردا وصل إلى أن تعاند نفسها وتشعل النار بثيابها من شدة جهلها وليس أقرب من جهلها وعنادها ومكابرتها مع الأنبياء والمرسلين ... وإن كان علم النفس وقوانين الفلسفة دائما تركز على الحكام وأنظمة الحكم إلا أن الشعوب لم تأخذ حقها من التحليل في تناقضاتها التي لا يمكن تفسيرها إلا كونها الطبيعة البشرية تتحدث عن أنانيتها وتقديم المصلحة الشخصية على المصلحة العامة ومصلحة المجموعة على مصلحة الأمة ... وتلك الأنانية دائما ما كانت تختبئ خلف القبيلة أو العُصبَة أو المجموعة وليس خلف الشعب بأسره ... ناهيك أن سيكولوجية الشعوب قديما لم تكن تعرف الوحدة فيما بينها إلا من خلال المجموعات والقبائل والأعراق ... إلا أن خرج بعض الطغاة وقاموا بمجازر بشرية عظيمة فأخضعوا المجموعات نزولا صاغرين لحكمهم فتحولت المجموعات إلى شعب متعدد التوجهات والأعراق ؟

يخبرنا التاريخ الإسلامي أن الأمة العربية "حصريا" هي أمة جدال وكثيرة الثرثرة بدليل خروج فرق إسلامية كثيرة حاربت الإسلام والإسلام حاربها ... فرق كانت ترى أنها فقط هي فقط على الحق وأن باقي الأمة هي على ضلال أمثل : الباطنية - الحشاشين - الجهمية - المعتزلة - الصوفية - الأشاعرة - النصيرية - الإسماعيلية - القدرية وغيرها الكثير ... لكن من الغريب حقا أن لا أحد من علماء علم الإجتماع ولا من الباحثين ولا من مؤرخين التاريخ الإسلامي تطرق إلى أسباب تلك الفرقة وقد صالوا وجالوا كثيرا بكُتبهم وأبحاثهم ومقالاتهم وجميعهم تناسوا حقيقة ثابتة وهي الأخــــلاق ... وقد دَلّنا وقَصّ علينا ربنا جل جلاله في كتابه الكريم وفي آيات كثيرة جدا ليثبت لنا أن أمة الإسلام لا تملك الأخلاق الكافية ... وهناك فرق كبير وشاسع جدا ما بين العادات والتقاليد وبين الأخلاق فالأخلاق تلزم الفرد والعادات والتقاليد تلزم الجماعات ... لدرجة أن هناك آيات قرآنية نزلت من سابع سماء لتعلم المسلمين الأخلاق والذوق في الحديث في المعاملات في الأصول وسوف أضع لكم بعض من الأيات الكريمة التي نزلت لتعلم المسلمين شيئا من حسن الخلق ... { يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق } الأحزاب ... { يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض } الحجرات ... { واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير } لقمان ... { إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم } الحجرات ... { ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهواءهم } محمد ... { إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون } المنافقون ... { إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا } النساء ... { ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون } التوبة ؟

كلها أيات "ظرفية" أي نزلت مسببة لأسباب لتكشف حقيقة أن العرب في ذاك الزمان كانت تنقصهم حسن الخلق ... وهذا لا يعني أن العرب كافة في زمانهم ذاك أنهم جميعا لا يملكون أخلاقا لكن هناك فئة منهم من العرب والكثير من الأعراب وآيات الأعراب كثيرة في القول فيهم كما ورد في كتاب ربكم الكريم ... ولذلك الطبيعة العربية "الجافة" هي من أورثت في كثير منهم "سوء الخلق - الطمع - الغدر - الضعف" ... وتلك من أسباب الصراع على السلطة والحكم وعشق السيادة في حكم المجموعات كما كانت جاهلية العرب في جنونها من صراعات مجنونة وحروب دامية حرقت أجيالا مثل حرب "بني وائل - البسوس" وحرب "الأوس والخزرج" وحرب "المناذرة الغساسنة" وحرب "داحس والغبراء" والكثير الكثير ... وبعد الإسلام لا حاجة لفتح كوارث ومجازر العرب والفتن ونقص الأخلاق فعمر قتل وعثمان قتل وعلي قتل وحكم الأمويين دام ما بين استقرار وقتل وانقلاب ثم حكم العباسيين الذي بدأ بمجازر ودام حكمهم ما بين انقلاب وقتل وخلع واستقرار وصولا إلى الحكم العثماني الذي أخضع أمة العرب وساقها لحكمهم بالحديد والنار ... تلك هي طبيعة أمة العرب قدما كانت الشعوب لا تحكم إلا بالشدة والقهر والإذلال لأن طبيعتها لا تخضع إلا لحكم العصـــا ولا تستقيم إلا بالشدة والحزم ... ومتى ما لاَنَ لهم الحاكم أو تماشى مع رغباتهم وقتها يستضعفه شعبه ويتطاول عليه الأوغاد فينالون من هيبة الحاكم ورمزيته ؟

أما في زماننا هذا وأمام أعينكم جميعا فهناك أدلة تؤكد صحة ما نقول وعلى سبيل المثال الواقعي انظر للمهجرين السوريين في الخارج ماذا فعلوا في ألمانيا ولبنان وتركيا لقد نقلوا فسادهم من أوطانهم إلى أوطان الأخرين بل وأنشؤوا لهم مافيا حقيقية في ألمانيا ... وفي مصر عندما حكم الرئيس المصري الراحل "محمد مرسي" كيف استضعفوه غالبية المصريين وكيف مزقوه تمزيقا في إعلامهم وكان مثار السخرية والإستهزاء ولما حكم الرئيس "عبدالفتاح السيسي" خرس الجميع إعلام وشعب الكل خضع لحكم القوة والقهر والإذلال ... وعودوا للأرشيف المرئي المتوفر عل اليوتيوب كيف تحول الشعب المصري من شعب كان يصفق للرئيس المصري الراحل "حسني مبارك" ويهتف بحياته ويدعوا له بطول البقاء إلى شعب يمزقه في الإعلام والصحافة وكيف أقرب المقربين منه خرج ليفضح أسراره الخاصة وأسرار عائلته ويأكل من لحمه وهو كان وقتها حي يرزق قبل أن يموت ... وفي العراق عندما كان يحكمهم طاغيتهم "صدام حسين" كان الجميع بلا كرامة بلا حرية ولا يحق لك حتى أن تفكر وابن أبيه من يجرؤ على انتقاد الحاكم ولما سقط النظام المجرم عادت جاهلية العراق ودبت الفوضى والخراب والفساد والسرقات وحتى الولاء قد تم بيعه في سوق النخاسة ... وفي ليبيا أرادوا أن يتخلصوا من مجرم وطاغية فإذا الشعب يتضح أنه هو من كان المجرم والطاغية فقَـتّـلوا بعضهم بعضا وسرقوا بعضهم بعضا وتآمروا على وطنهم وأرضهم وسلموها لكل شياطين الأرض ... والتفتوا إلى لبنان البلد الصغير الجميل كيف شعبه ممزق وكلُ يتخندق خلف حزبه ومذهبه وطائفته وتلك أرضية خصبة لا مثيل لها للفساد والسرقات ... وانظر للثورات العربية إنهم يريدون ثورة وإسقاط نظام حكم دون أن يعرفوا من هو البديل !! وما هي ضمانات الإستقرار !! وكم ستكون حجم التضحيات البشرية !! وحجم الضرر على الإقتصاد وأرزاق وممتلكات الناس !! فمرحبا بالثورات ومرحبا بالفوضى !!!   

يا سادة يا كرام نحن أمة لا تزال الجاهلية فينا نحن أمة لا مثيل لها بالأكاذيب وفي التمثيل لا أحد يقارعنا نبكي من فساد الحكام ونحن فاسدين ونبكي من جور ظلمهم ونحن ظالمين ... نصفق للحاكم على أنه هو الوطن مع أن الوطن أكبر وأبقى من الحاكم ولذلك الشعوب هي من صنعت الطغاة ... وضع نفسك أنت شخصيا مكان أي حاكم عربي يفتح التلفاز يرى تمجيد الشعب يفتح الراديو يسمع تعظيم الشعب يذهب إلى مكان يجد تصفيقا لا يرى ولا يسمع إلا "حقك - حاضر - نعم - لبيك - تمام" والويل لمن يعارضه فأنت خائن عميل تريد تدمير الوطن وهدم المجتمع ملايين من الجهلة والمنافقين ... إنهم يمجدون الحاكم أكثر من رسولهم ويقدسونه أكثر من ربهم !!! ... فبربكم فهل بعد ذلك تسألون كيف يخرج من بينكم المجانين والطواغيت !!! ... الشعوب هي السبب لأنها ورثت جهلها من جيل إلى جيل عبر آلاف السنين وليس من 10 أو 50 أو حتى 100 سنة ... وتروى قصة واقعية لأول رئيس في تاريخ "البوسنة والهرسك" الراحل "علي عزت بيغوفيتش" المتوفي في سنة 2003 : وصل ذات مرة إلى صلاة الجمعة متأخرا وكان قد اعتاد الصلاة في الصفوف الأمامية ففتح له الناس الطريق إلى أن وصل إلى الصف الأول فاستدار للمصلين وبغضبٍ قال لهم مقولته الشهيرة "هكذا تصنعون طواغيتكم" انتهت القصة ... ومن عجائب الشعوب العربية التي كانت ولا تزال وسوف تبقى جاهلة أن العربي ولد في أسرة دكتاتورية وفي بيئة طغاة ولما كبر أطلق لعقله وصوته العنان ليصرخ ليس على أسرته ولا بيئته بل ذهب مباشرة إلى الحاكم والحكومة والدولة ليطالب بالحرية والكرامة !!! ... وهو في حقيقة الأمر لم يتذوق طعمها ولم يعرف قيمتها ولا يعرف شكلها أصلا ولم ينجح قيد أنملة بإصلاح دكتاتورية أسرته ولا بطغيان بيئته بل هو نفسه صنع أسرة جديدة له تتطابق مع نفس الأسرة التي خرج منها ليعيش الجميع في مصنع العِلب ملايين العِلب بنفس المقاس ونفس الحجم ونفس الإستخدام ... وسبحان الصابر علينا جميعا ورحم الله من أدرك نفسه وفهم الواقع وعرف حقيقة الناس والمجتمعات ؟




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم