يظن السواد الأعظم من الناس أنهم يعرفون ما يكفيهم والبعض يعتقد الكثيرون
أنهم يعرفون كل شيء وهذه مغالطة كبيرة ترقى إلى السقوط الفاضح في الجهل ...
والحقيقة أن الإنسان مهما بلغ من العلم والحكمة فلن يعرف إلا الشيء اليسير وبشرط
وفق ما هو متاح له من ظروف وبيئة ... فلو وضعنا مقارنة بين علماء اليوم وعلماء
الأمس الذين خلدهم التاريخ القديم لا نلغيهم ولا نقلل من أهميتهم وفضلهم على الناس
لكن كأعداد علماء الأمس واليوم فإن علماء اليوم هم الأكثر عددا وعلما وتطورا ...
بمعنى لو جمعت علماء العالم في التاريخ فلن يتجاوز عددهم الألف شخص ممن تركوا بصمة
وتأثيرا عظيما بعكس أيامنا هذه والذين يتجاوز أعداد العلماء بأكثر من 4.000 مسجلين
في قوائم أشهر الجامعات العالمية ومعتمدين في هيئة الأمم المتحدة ومراكز الأبحاث
العالمية ... ولذلك الإنسان العربي تحديدا يظن أن عقله محدود وما هو بذلك بل عقل
الإنسان واحد منذ أن خلق أبونا آدم إلى قيام الساعة فالجمجمة واحدة والتكوين
الخلقي للعقل واحد ... لكن الفرق بين البشرية هو من يستخدم عقله وبكم نسبة
الإستخدام وبين من لا يستخدم عقله ولا يريد أن يستخدمه ... ولذلك خرجت مقولة أتفق
معها 100% بأن الفكر الذي يصدر رأيا يجب أن لا يستخدم ضده الأذى الجسدي بمعنى شخص
أطلق رأيا لم يعجبك فلا يجب أن ترد عليه بالأذى الجسدي ... فالفكر لا يواجه إلا
بفكر والفعل لا يواجه إلا بفعل هذا هو المنطق الصحيح في فهم الأشياء وتحديد شكل
ونوع ردة الفعل ... ولذلك نجد الحكومات العربية حصريا هي الأكثر جهلا وفشلا فاضحا
في فهم الفكر فإن أعجب به مال إليه كل الميل وإن خالف الفكر توجه نظام الحكم أو
سياسية الحكومة بطشت بالفكر وبصاحبه أشد البطش ؟
أكبر مشكلة يعاني منها العقل العربي أن كل من يخالفه يعتبر عدوا أو
يتسلل الشك في نفوس الأخرين لاختيار التهمة المناسبة لصاحب الفكر ... فإن خضت في
الدين كانت التهم جاهزة "ملحد قرآني نوراني معتزلة" وإن خضت في السياسة
"شيعي سني عميل مأجور" وإن خضت في المجتمع "شاذ باحث عن النساء
فاسق" ... التهم جاهزة لا تقلق من ذلك ولذلك اتخذت أسلوبا غاب عن كبار
العلماء والباحثين أنهم صمتوا عن التهم التي نزلت فوق رؤوسهم واتخذت طريق المواجهة
... لأننا باختصار في زمن شديدة الخطورة في المعلومة وشديد الفجور في الخصومة فلو
أطلقت معلومة وصمت عنها من باب الترفع عن السفهاء والجهلة ستصبح بعد سنوات قليلة
معلومة حقيقية ... ولذلك الجيل الحالي من الشباب هم ضحايا بسبب أنفسهم هم فلا أحد
يقرأ ولا أحد يبحث بالرغم من أن هذا زمانهم ووقتهم والمعلومة تركع وتسجد تحت
أقدامهم ... والأمر كذلك بالمواجهة فلا تصمت على اتهامك بالباطل فما استمرأ
السفهاء إلا بصمت العقلاء وأهل الحق وصدق قائل هذه العبارة "حين سكت أهل الحق عن الباطل توهم أهل الباطل أنهم على حق"
وهي عبارة لا تمت لسيدنا علي كرم الله وجه بأي صلة إنما مجرد ادعاء في جملة ضربت
صميم الحق ... وما أقرب دليل إلا من يترحمون ومن يشيدون بعفن اللحود "صدام
حسين" فلا أقرب من السفهاء إلا هم بجهلهم فلا أحد يبحث خلف طاغية عصره بالرغم
من شهادة العشرات من المقربين منه وبالرغم من مئات وآلاف الفيديوهات التي تدين
جرائمه ... وبالرغم من وجود آلاف الوثائق والمستندات التي تؤكد كم هذا الشخص كان
كذابا وجبانا لكن سبحان الله الجهل في الأمة إلى قيام الساعة ... وحتى الكثير من الكويتيين
سقطوا في قاع الجهل فهم فئة لا تتعلم ولن تتعلم من تاريخها يأكلون من خير الكويت
وقلوبهم معلقة مع دول أخرى يدافعون عن دول أخرى ويجلدون وطنهم يطبلون ويهللون لكل
إنجاز في الخارج ولو كانت لفة من شارع ويحطون من قدر أي مشروع في وطنهم ... ولم
يتعلم معظم الكويتيين من أنهم مالوا كل الميل قديما لمصر والعراق واليوم يميلون
إلى السعودية ولا تعرف متى يميلون إلى قلب وطنهم !!! ... الوعي الفكري هو بأن تبطل
كل مخطط خبيث تجاه وطنك وأن تحمل أمانة تصحيح الفكر أو المعتقد الخاطئ ؟
الوعي الفكري يا سادة هي حالة شذوذ فكري كالذي يخرج على الإجماع
وينفرد ويسلك في طريق لا أحد يسلكه معه إلا القلة ... الوعي هو أن تسلم عقلك لكائن
من يكون والأهم أن تفهم الحقيقة والمنطق المدعوم بالواقع فإن وجدت من يتطابق معك
في الرأي كان أمرا حسنا وإن وجدت من يخالفك الرأي فهذا حقه كحقك أنت بإبداء الآراء
... الوعي أن تفهم رجل الدين ورجل السياسة إلى أين يأخذونك وتفهم وتحلل وتعقل
الأمر فإن كان أمرا حسنا مشينا وإن كان الطريق مشكوكا فيه أو مبالعا فيه تركتهم
ونفضتهم من يدي ... لا أحد يستطيع أن يقودك كدواب الأرض إلا أنت من سمحت له بذلك
وبموافقتك وأنت من سلمته نفسك وإرادتك فلم الغضب إن وجدت نفسك بأنك أصبحت عبدا أو
لعبة ومطية للآخرين ؟ ... وذلك دائما أسأل وأتسائل : لما الناس لا تعرف كيف تتحاور
وتتناقش ولا تعرف حتى كيف تختلف ؟ وإن اختلفنا فلم كل هذه الأحقاد وإن خلقتم الأحقاد
فلم السعي خلف الأذى لمن خالفكم بمجرد رأيا !!! ... وهنا تكمن مشكلة الإنسان بأنه
عندما يفشل في النقاش لا يحاول أن يصحح أو يطور المعلومة كلا وأبدا بل يسلم نفسه
لردة الفعل فيتحول الفشل الفكري إلى أذى نفسي أو جسدي ... مثلا يفشل أمامك فتجده
في النهاية يشتمك وإن كان صاحب سلطة وناقشته وأحرجته حاك ضدك المؤامرات حتى يلقيك
في السجن تحت أي تهمة ... ولذلك لا تجزع ممن يحاربون فكرك "المستحق"
الفكر الذي يخدم الناس وينفع الأمة فقد سبقك الأنبياء والمرسلين والعلماء والحكماء
في تاريخ الأديان وتاريخ العرب والمسلمين الكثيرون ... ولا تأس على أمتك التي لا
تقرأ ولا تعي وتعشق من يكذب عليها ويستغفلها فهل تأس على أمة يسرقونها جهارا نهارا
والمسروق يدعوا للسارق بكل خير فشر البلية ما يضحك ... وعندما نكتب وننصح فإننا
نترك بعدها الأيام لتكون هي الحكم على من كان واعيا ومن كان جاهلا فلا يندم أهل
الوعي إلا ما ندر بعكس الجهلة فهم الأكثر فشلا وندما في حياتهم ... وعل وعسى فقط
أن نسلم من ألسنتهم وحماقتهم فتحدثه في أمر فيحدثك عن شخصك تناقشه في مسألة فيجلب
لك ماضيك وكأنه ذوو أجنحة ملائكة السماء المنزه المعصوم ... فدع الجهلة في جهلهم
سائرون وامضي في طريقك عل وعسى أن تصلح ما أمكن فيكون لك أجر الآخرة وتجد من يدعوا
لك في ظهر الغيب ولا تبخل على غيرك بما تعرف فالعلم والثقافة رزق من ربك فكن سببا
حتى لا تسأل عنه يوم القيامة ... والإختلاف بين البشر قائم منذ بداية خلق البشر
وحتى قيام الساعة فارتقوا بخلافاتكم وتجنبوا إثم الظنون ؟
إن اختلفتم لا تحقــــدوا
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم