إن تعظيم المواطن لنفسه هي نرجسية لا شك فيها والسيكولوجية التي تحلل سلوك الفرد لا تتحدث إلا أن هناك فرق كبير وشاسع ما بين الطموح وما بين النرجسية التي قد ترمي بصاحبها إلى متلازمة "جنون العظمة" ... فالطموح هو حق مشروع لأي فرد على وجه الأرض لكن الطموح الطبيعي المنطقي المشروع مثل شخص طموحه أن يصبح طبيا مهندسا أو صاحب مشروع أو متخصص في مهنة وحرفية أو أو ... لكن النرجسية أن يرى نفسه فوق عائلته وأسرته وأصحابه والجنون أنه يفكر أن يصبح وزيرا أو حاكما والجهالة أن ينظر لنفسه نظرة وكأن الله سبحانه ما خلق له مثيلا ... ومن هنا تأخذنا المقارنة التاريخية الحديثة أن من يقفز للأعلى في سلم الحكومات العربية ما هم إلا أكثر الأفراد فسادا واحتيالا بعكس الدول المتقدمة والمحترمة لا يصل للأعلى إلا أصحاب الكفاءات من المتخصصين ومن ذوي الخبرات والكفاءات الموثوق فيها ... والطبيعي أن كل وأي مواطن يجب أن يحصل في وطنه على العوامل الطبيعية مثل "التعليم - السكن - الغذاء - الدواء" والطبيعي أيضا أن يحصل على آدميته وحقه بعدم انتهاك حقوقه كمواطن وأن لا يتعرض لاستغلال الأجهزة الأمنية وفساد الوزارات والهيئات الحكومية وحقه بالتفكير وانتقاد أي سلبية من سلبيات وطنه وصولا حتى إلى انتقاد سياسة حكومته بوزرائها برئيسها بقيادات الدولة المدنية والعسكرية ... فإن كان الأنبياء والرسل يخطؤون في "حياتهم الشخصية" فهل الحكومات والبرلمانات معصومة من الخطأ أو الزلل أو حتى الفساد !!! ... لكن هناك حدودا وتلك الحدود بطبيعة الحال لا تكاد أن تُرى بالعين المجردة ولا حتى في عقول الأمم والشعوب لأن مكينة الوعي معطلة والأسرة فاسدة والتعليم فاشل ومؤسسات المجتمع المدني تغط في سباتها السخيف فبالتالي المواطن تلقائيا سيكون هو الضحية ... وهذا الضحية إن أراد أن يجتهد ويفهم حقيقة ما يحدث لا يجد جهة رسمية واحدة أو اجتماعية محايدة عقلانية ثم لا يبحث ولا يقرأ مع أنه في زمن ثورة التكنولوجيا والمعلومة كلا وأبدا بل جهله وبيئته الفاسدة كلاهما يدفعانه ليسلم عقله ومداركه لأي شخص يمتلك بلاغة اللسان وعذب منطوق الحديث ولو كان شيطانا ... وهنا يقع المواطن الجاهل ضحية للسمع فيصدق ويقتنع بل ويؤمن بما سمع من حديث دون أن يتحقق ولا أن يتبين ودون تحليل وتفكير عميق ... وبالتالي لا يوجد أكثر من مكسب وغنيمة لهذا الجاهل والساذج ليكون تحت تصرف المحتال السياسي ؟
المواطن فرد وأنا محدثكم فرد لا أملك أنصارا ولا أتباعا ولا شِيعا ولا حزبا ولا جيشا ولا أسلحة لا أملك سوى عقل وفكر وأدوات الكتابة والنشر والخبرة التي أراها محترمة في القراءة والبحث والتحليل فقط لا أكثر ولا أقل ... فهل يمكن أن أصل إلى درجة تحدي السلطة التشريعية أو القضائية أو التنفيذية ؟ الإجابة بالتأكيد كلا بل من سابع المستحيلات ... وهل يمكن أن أنفذ انقلابا مدنيا ضد أمير وحاكم البلاد فأستولي على السلطة فينتهي حكم سلالته ويبدأ حكم سلالتي ؟ الإجابة المنطقية أيضا كلا بل هنا يكمن فكر وحديث "جنون العظمة" ... وإن عبرت عن رأيي هنا أو على حسابي في تويتر هل يعني أني أرعبت الحكومة ومن ثم مجلس القضاء الأعلى سيعقد اجتماعا خاصا من أجلي ويعقد مجلس الأمة جلسة استثنائية بسبب أرائي !!! لا يحدث ولن يحدث ... وهذا المثال أسوقه إليكم لأخذكم لحالة الجميع رصدها وشاهدها عندما يتحدث المواطن السطحي والنائب السفيه وكأنه حاكم البلاد والعباد ويتحدى القانون دون فهم ويتحدى السلطة دون شعور ويهدد السياسي هذا ويتوعد السياسي ذاك دون إدراك لعواقب الأمور ... يحدث هذا في الدول التي تمتلك مساحة من حرية الرأي والفكر من الدول العربية وعلى الجانب الأخر وفي الدول القمعية لا تسمع صوت شعوبهم ليس لأنهم لا يملكون عقلا ولا فهما لكن لسانهم عليها حارس وعقولهم لا تتجاوز أبصارهم ... ومما زاد الطين بلة هو جنون ثورة التكنولوجيا والإتصالات وعالم الإنترنت وتنوع مصادر الكتابة والنشر ومواقع التواصل الإجتماعي أدت إلى ظهور جيل ولد مع ثورة التكنولوجيا والإتصالات فأصبح يظن ويعتقد بأنه سيد العقل والفكر وفطحل من فطاحلة الثقافة والمستقبل ... لذلك تحدث ملايين الصدمات إن لم تكن مليارات عندما يتحدث أحدهم فيجد جوابا لا يتوقعه ثم يبحث ويراجع فيكتشف أنه أحمقا فيتعلم بصمت ... لأن المدرسة متخلفة والجامعة فاسدة فمن البديهي جدا أن يكون لديك جيلا وأجيالا من الفشلة ومساكين العقول "إلا من رحم ربي منهم" ... وهؤلاء في حقيقة الأمر هم ضحايا لتعليم فاشل وأسرة متخلفة وحكومة فاسدة ومجتمع لا يملك أي وعي حقيقي ... ولذلك فسدت مواقع التواصل الإجتماعية وصار أغلبها هرطقات وسباب وشتائم وتحدي لمكاسب نفسية وشخصية لا بل يمكنك استئجار بشرا فتحولهم إلى أبواق للدفاع عنك ولو كنت فاسدا أو لصا أو مجرما الأمر سيان لا فرق طالما أنك تدفع ... تلك الوحشية وعدم نزاهة النفس وسهولة شراء الذمم وتحويل بعض الرجال إلى ذكور بلا ضمير وشراء أجساد بعض النساء بسبب المال كلها أسباب كانت دائما تصب في مصلحة "الإحتيال السياسي" الذي يتم توظيفه دائما في زماننا لمصلحة السياسي ... فأصبحت الإنتخابات البرلمانية والبلدية ليس عرسا وطنيا ولا ديمقراطيا كما زعموا بقدر ما هو سوق تباع وتشترى فيه الضمائر في سيرك الشعارات الوطنية الكاذبة باستغلال كارثي لعقول المغفلين والسذج في موسم فضح عورات العقول ومستوى الوعي المجتمعي ؟
عضو مجلس الأمة
إن السياسة تتصارع ما بين الربح والخسارة وهي عرضة ما بين تحقيق مكاسب سياسية عظيمة أو متوسطة أو خسائر سياسية كارثية أو متوسطة الضرر ... تلك السياسة إن كانت في الداخل فسنطلق على أتابعها "سياسيين" وإن كانت في الخارج فسنطلق عليهم "دبلوماسيين" ... لأن العالم لا يتعامل مع السياسيين لكنه يتعامل مع الدبلوماسيين مع أن الدبلوماسي هو سياسي بطبيعة الحال لكن البروتوكول الدولي فرض تلك الدبلوماسية ليكون الحديث بكل رصانة وأدب وكياسة واحترام ... لكن لو كان الأمر بلغة السياسيين في الداخل أي المحليين لكان الخطاب سوقي وفي أسوأ المفردات التي تؤدي بطبيعة الحال إلى نتائج دائما ما تصيب أصحابها بأضرار بالغة ... ولذلك لو جلست مع الدبلوماسيين وبنسبة 99% ستجد مفرداتهم الطبيعية كلها أدب واحترام لأن وظيفتهم وبيئة العمل وقائمة الأسماء بهواتهم كلها عوامل روّضت أخلاقهم فصنعت شخصية هادئة متزنة صبورة تسمع كثيرا وتتحدث قليلا وتقرأ كثيرا ... على العكس تماما وكليا بإسقاط دبلوماسيين الخارج على وزراء الداخل فالوزير ونوابه من الوكلاء هم في حقيقتهم ليسوا سياسيين بدليل أنهم تم اختيارهم من خلال آلية ضيقة جدا وسطحية جدا جدا بعكس الدبلوماسيين الذين تم اختيارهم وفق طرق وآليات دقيقة جدا وبروتوكولات معقدة جدا ولجان واختبارات وتقارير أمنية واستخباراتية مختلفة ومتنوعة ... وبالتالي الوزراء هم أبواق رئيس الحكومة وهم الأدوات الرئيسية لنظام الحكم الذي يتفرع منه منصب الحاكم أو منصب أمير البلاد والذي هو أعلى سلطة في البلاد ... وسلطة أمير البلاد تعمل من خلال نظام متعدد للحكم أي مكينة متشعبة متعددة لكن قائدها واحد ... مثل السيارة أو المركبة لا تعمل إلا من خلال أدوات كثيرة ومتعددة ومعقدة وكثيرة جدا لكن شخص واحد هو من يقودها ويوجهها فإن كان محترفا سلمت المركبة وبما فيها ومن عليها وإن كان غير ذلك تحطمت المركبة وستزيد أعطالها ليكون مصيرها محلات الخردة أو المخافر من كثرة قضايا التصادم ... أما في أعضاء مجالس الأمة في الكويت بلا شك هم ليسوا أهل سياسة ولا أهل دهاء سياسة ولا هم أصلا أهل فكر سياسة بل منذ أكثر من 50 عام من إقرار الدستور الكويتي لو حللت نوعية كل أعضاء مجالس الأمة فستكون محظوظا جدا إن خرجت بـ 10 من أعضاءه ممن يستحقون لقب أو مصطلح سياسي أو محنك وداهية سياسة ... وأسباب ذلك هي القصور الدستوري وعجز الدستور الكويتي ولما بات عاجزا عن مواكبة فكر الأجيال وتطور الزمان والحياة اتخذت الحكومة ومجلس الأمة كلاهما مجتمعين أساليب التحايل والإلتفاف الأخلاقي والقانوني والدستوري ... وبالتالي أصبح مشهدا بديهيا عاديا جدا أن تنتهك الحكومة الدستور وينتهك مجلس الأمة الدستور وطالما الجمهور يصفق فلن يستطيع أحدا أن يوقف ويحاسب تلك المهازل ... مما يأخذنا علم السياسة أو فهم السياسة أن هذه ديمقراطية ناقصة وممارسة فاسدة وأمة متخاذلة وإعلام متواطئ وجبهة شعبية متخلفة وتظليل واسع للرأي العام ... ومصدر هذه الفوضى وهذا التجاوز هو تقديم مصلحة الأفراد "نواب" على مصلحة الدولة والشعب وفساد الوزراء وإفسادهم وتقديم أكبر قدر ممكن من التضحيات من أجل أكبر قدر ممكن من البقاء على كرسي الوزارة للإستفادة من الإمتيازات المالية المهولة ومن الوجاهة الإجتماعية الفاسدة والمريضة ... وفي خضم كل تلك الفوضى فمن الطبيعي أن يحدث تصادم وصف بأنه تصادم سياسي لكن في حقيقته هو تصادم من فاسدين الحكومة والمجلس كلاهما لا يفقهون شيئا في العمل السياسي وكلاهما يتصارعون من أجل أمجادهم الشخصية فغلفوا صراعهم "الصبياني" على أنه صراع من أجل الكويت ومصلحة الدولة العليا وكلاهما كاذبين محتالين أفاقين مدلسين وأهل العقول النيرة من أبناء الشعب يعرفون ذلك أكثر من جيد ... ولذلك لم يلتفت أحدا من الحكومة والمجلس لفهم أسابا عزوف ثلث أصوات الناخبين عن التصويت أي أنهم فقدوا الثقة بالحكومة والمجلس ... والحقيقة أن كلاهما لا يستحقون الثقة لا بل ولا يستحقون حتى الإحترام لأن المحترم لا يتلاعب بالأمة ولا يظلل الشعب ولا يضيع وقت الدولة بصراعات صبيانية وبقوانين تافهة وأزمات سياسية لا ترقى إلا كونها مسرحيات جدا سخيفة ... وما سبق يضطرنا للإسقاط السياسي بالذهاب للمقارنة التي كنت ولا أزال وسوف أبقى أؤكد عليها بفوارق الأمم والشعوب بطبيعتها المجتمعية والسياسية ... مثل "الدانمارك والسويد وسويسرا" وغيرهم التي لا يوجد فيها تسلسل هرمي في أنظمة الحكم وفي السياسية وحتى في المجتمع بمعنى يستطيع المواطن أن يسأل ويحاسب رئيس الدولة وأي وزير وأي مسؤل جهارا نهارا علانية وأيضا المسؤل والحاكم يستطيعون أن يحاسبوا أي مواطن دون النظر لسمعته أو مكانته الاجتماعية ... التي أصلا لا توجد مكانة اجتماعية لديهم لأنهم تعاطوا بالمطلق مع ثقافة "المجتمع واحد" أي لا فرق بين مواطن وتاجر ومسؤل وحاكم الكل سواسية أمام المجتمع وأمام القانون وأمام القضاء والمحاكم ... وهذا بالتأكيد غير موجود لدينا ولا يحدث عندنا لأن المسؤل شبه مقدس والنائب هو رمز وطني ورمز سياسي في نظام "دولة المشيخة" وفي المجتمعات القبلية والطائفية التي تلقائيا ستتولد وستتعاظم فيها العنصرية ؟
على الجانب الأخر نفوذ أعضاء مجالس الأمة في الكويت أشبعته حديثا وتحليلا واقتراحا ... لكن الأمور وصلت إلى تقديس السفيه وتعظيم الجاهل وضخ مزيدا من الهواء الفاسد في بالونة "جنون العظمة" ... فوصلت الأمور بأن أصبح عضو مجلس الأمة أو السياسي البارز يظنون ويعتقدون أنهم أكثر حرصا من الحاكم وأكثر شرفا ونزاهة من أمير البلاد وأكثر بصيرة ورؤية ممن يحكمون العباد ... هذه السيكولوجية المريضة مصدرها الأتباع والأنصار ممن يتبعون هذا المعتوه فوضعوه بمقام التعظيم الأعمى ... فسيدهم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا يكذب وقوله أنغاما وحديثه طربا ولقاءه نعمة وطريقه بركة وإن أخطأ معاذ الله فلا شيء في الأمر يستحق فرصة ثانية وعاشرة ولو كانت الفا ... يتطاول على حاكم البلاد فهذا وطني ... يحقّر من رئيس الحكومة فهذا جريئا بقول الحق ... يتهم دون أدلة ودون بينة نعم هذا هو الواقع وما يفعله لصوص البلاد ... يسقط وزيرا يبتز وزيرا يستغل وزيرا نعم هذا هو العمل السياسي الحقيقي ... يسخر من القضاء ومن القضاة ويتهم السلطة القضائية بأسرها على أنها سلطة فاسدة برافوووو يا وطني يا بطل !!! وخذ وقس على ذلك الكثير من السفاهات والحماقات ... هذه الحالة المرضية أدت إلى ظهور نزعات وصراعات قبلية وطائفية وعنصرية باتت واضحة وضوح الشمس للجميع لكن الغالبية ضربه الخوف والجبن من أن يتحدث عنها وفيها وارتعب من حتى الإشارة إليها خوفا من الإرهاب الفكري الذي أصبح سائدا وربما هذا ما أرعب أساتذة علم الاجتماع ... وأسباب تلك الحالة ليست بحاجة إلى عبقرية حتى نكشفها فهي مصدرها أن السياسي قد فشل ولما فشل أقحم أتباعه وأوعز الأسباب والتهم ورمى كل فساد الأرض على الحكومة برئيسها بوزرائها ... ولأن الحكومات جبانة التزمت الصمت أمام خطف المزيد من أنصارها وأمام أنظارها فتحول حليف اليوم إلى عدو الغد وهذا ثمن طبيعي لأي حكومة جبانة ترتعد فرائصها من أقل صرخة ... ليس هذا فحسب بل الفاشل سياسيا عندما فشل لم يكتفي بتحريض أنصاره بل أجج القبلية واستنصرها لصالحه ولما فزعت معه "بعض" مجاميع قبيلته مما أثار ذلك وبشدة القبائل الأخرى المنافسة ... وسبب هذه الإثارة مفهوم بطبيعة الحال وهي حتى لا تستأثر هذه القبيلة على حساب القبيلة الأخرى لأنهم ينظرون إلى تحقيق مكاسب مستقبلية إما شعبيا أو سياسيا بوصول أتباعها الشعبية والقبلية إلى التغلغل أكثر بمفاصل الدولة بل إلى أهم مراكز الدولة الحساسة ... أدى ذلك بطبيعة الحال إلى تنافس شرسا فيما بين القبائل بالوصول إلى من الأكثر شعبية ومن الأكثر حشدا ومن الأكثر تأثيرا ... مع أن الأمر كله لا توجد له ضرورة ولا مبررات إلا أن هناك فاشل سياسي لما فشل أقحم عديمي الفهم والعقل معه في الأمر وتماما مثلما حدث في الأزمة الخليجية عندما فشلوا أقحموا شعوبهم في الصراع فوقع السقوط الأخلاقي إلى قاع الوضاعة ... وكل مكون في الكويت وفي كل دولة لا يمكن الإستغناء عنه ليس ضعفا أو خوفا منه بالمناسبة لكنه مكون أساسي وأصيل في المجتمع لا يمكن أن تسمح بالمساس به على الإطلاق بل بالعكس يجب الدفاع عنه جهارا نهارا إذا تمت محاولات إقصاءه ... وبالتالي المجتمعات العنصرية والقبلية والطائفية لا يمكن أن تكون ذات بصيرة بقدر ما هي جاهلة حمقاء رعناء أقل نسمة هواء لنزعاتها يمكن أن تحركها كيفما شئت بأسلوب شيطاني استبدادي بمصالح ضيقة وأفق محدود ؟
إن كل انفلات من فرد هو نتيجة جهل وقصر نظر وعدم وعي ... وكل مزاجية بتطبيق القانون هو فساد وظيفي وحكومي وفقدان مزيد من الثقة بمؤسسات الدولة ... وفي الدول المحترمة وفي ظل الحكومات الواعية الفرد يجب أن ينتمي إلى الأسرة والأسرة يجب أن تنتمي مباشرة وقفزا إلى المجتمع والمجتمع يجب أن ينتمي إلى وطنه ومصالحه لا إلى حاكم ولا إلى حزب لأن الحاكم سيموت والحزب سيتغير ومؤسسيه سيتغيرون لكن الوطن باق والشعب بمختلف مكوناته باق إلى أن يرث الأرض ومن عليها ... ومتى ما تحول انتماء الفرد إلى الجماعات والجماعات إلى أحزاب تلقائيا وبسرعة البرق تتخوف القبيلة فتنكمش على نفسها فتعود إلى التوحد الذي فيه قوتها بطبيعة الحال ... ومتى ما توحدت القبيلة تلقائيا على الجانب الأخر تتوحد المذهبية لأنها ترتعب من تراجع دورها سواء في المجتمع أو في مؤسسات الدولة أو كتأثير سياسي ... ومتى ما توحدت القبلية والمذهبية تلقائيا سترتفع وتيرة العنصرية للحط من قدر القبائل والمذاهب والجماعات وتسفيه الأحزاب التي ستكون نتيجة كل ذلك خسائر فادحة وكارثية في الوطن نفسه ... كلها أدوات هي من أفضل وأجمل أدوات "السياسي المحترف" الذي يتلاعب بالجميع والسياسي هنا نقصد به الحكومة ونظام الحكم ... الذي يرى من صالح النظام ومصلحته أن يكون المجتمع في خلاف وصراع دائم ولو كان صراع وخلاف فكري وعقائدي لأن وحدة المجتمع ستؤدي إلى مواجهة مجتمعية مع نظام الحكم في نهاية المطاف وبشكل مباشر ... تماما مثل المذاهب الإسلامية التي لو تركتموها وعدتم لكتاب الله فقط لسقط العديد من أنظمة الحكم ولخسر تجار الدين خسائر فادحة ... ولذلك بطبيعة الحال يجب الفهم أن وصول أستاذة جامعة وتعليم إلى سلطة التعليم من أصحاب المذهبية والقبلية والأحزاب والعنصرية والفئوية يخدم نظام الحكم سواء في الكويت أو غيرها بل حتى في أمريكا نفسها ... لأن هذا التوجه وهذا الخط يعزز تقسيم المجتمع وتمزيقه لكن عصـــا السلطة بيديها لأنها تريدكم منقسمين متخالفين لكن العصا لمن يتجاوز على الأخر لأن التكلفة وقتها ستكون جدا باهظة ومكلفة على أي نظام حكم ... ولذلك تظهر لنا أدلة فاسدة بوجود أساتذة جامعة من المنتمين لأحزاب وتكتلات سياسية استغلوا التعليم ووظائفهم لتعزيز شعبيتهم وتنامي نفوذهم ولو على حساب الدولة والمكونات الإجتماعية الأخرى ... بل لدينا أستاذة جامعة كانت عليهم قضايا أمن دولة وعادوا إلى التدريس الجامعي وكأن شيئا لم يكن وهذا ضربا فاضحا بقيم وأسس التعليم ودمارا للطلبة وكان الصحيح أن لا يعودوا إلى التعليم للأبد مع سحب رخصة التعليم للأبد لأنه حزبي أو متطرف سياسي أو متطرف ديني لكن هذا هو الحال في الدول الفاسدة ... والحكومة تعلم ذلك وهي مستمتعة جدا بهذا الخط السياسي المنحرف فأصبح أمرا معتادا أن دكتور جامعة بعدما استغل وظيفته أصبح مسؤلا أو نائبا وبديهيا ضابط في وزارة الداخلية بسبب المعاملات الغير قانونية والمشبوهة صنع شعبية فأصبح نائبا في البرلمان ... وهاتف واحد من رجل دين من أي مذهب يمكن أن يحول الفقير إلى غني ويمكن أن يحل مشاكلك كلها في يوم واحد ... وهكذا وبفضل هؤلاء فسد التعليم وفسدت المناهج ومن ثم فسد مجتمع اليوم والذي يدفع ثمن صمته بوصول أعضاء مجلس أمة من أكثر الكذابين والفاسدين والمحتالين والفاشلين سياسيا والمتسلقين اجتماعيا وجميعهم دون استثناء لو سألتهم أسئلة سياسية عامة أو حتى وطنية فلن يجبك أحدا شيئا وأفضلهم سيجيب على 3 أسئلة من أصل 10 ؟
يتبع الجزء الثالث والأخير
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم