العرب منذ جاهليتهم هم قوم غرور وأمة تفاخر نادرا ما يستوعبون وما
يفقهون أمة تتلذذ بنرجسية جعلت الأمم تضحك على جهلهم ... وإن ظهر من بينهم عالم أو
فيلسوف أو صاحب فكر فإن قيامته قد قامت ... يناله التعنيف والتهكم والأذى والتشكيك
في عقله ودينه وعقيدته وحتى أهله سينالهم جزءا من النقمة والأذى مثل ابن المقفع
وابن سينا والخوارزمي ... وكمثال وكدليل آخر لديكم سيدنا إبراهيم الخليل مع قومه {
قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين قلنا
يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم } الأنبياء ... وسيدنا
محمد - عليهما الصلاة والسلام – فقد أوذي كثيرا من قومه واتهموه بالسحر والجنون {
وما صاحبكم بمجنون } التكوير ... ومنذ الجاهلية إلى الإسلام ومن الإسلام القديم
إلى الإسلام الحديث ومن دولة الخلافة الباسطة نفوذها وكرامة الإسلام والمسلمين وفتها
إلى دويلات وإسلام ومسلمين تابعين للغرب أوروبا وروسيا وأمريكا ... الفكر العربي
فكر غريب عجيب فكر يجبرك أن تقف أمامه لشدة الغرابة فمثلا تجد فقير ومعدم لكنه
يتفاخر بكرامته ... وعندما تبحث في الأمر تجد أن لا كرامة له فهو فقير ومعدم ووطنه
تابع للنفوذ العالمي وحكومته نكلت به تنكيلا مهينا حتى أصبح ذليلا ومع ذلك يتحدث
عن الكرامة حتما إنه الجنون وإنه مس العقول ... والمضحك أن أمة العرب إلى يومنا
هذا يحاربون كل عالم وكل فيلسوف وكل صاحب فكر والكل يستهزأ به وقليلا من يعلمون
ونادرا من يشكرون ... وكأنها جينات التخلف فإن جائهم رجل ثري تكالبوا عليه وإن
جائهم حاكم ظالم خضعوا له ... أما إن جائهم حكيم استهزؤا وإن جائهم فقيه استكبروا
وإن جائهم فيلسوف قهقهوا ... أمة لا تتعلم ولن تتعلم ولا ولن تتعظ إلا من رحم ربي
؟
منذ سنوات طويلة وقد سبقنا المخلصين من يحذرون الأمة بالأخطار ولم
ينصت لهم أحد وصدقوا فيما حذروا منه ... والعجيب في الأمر وكأن العقول عليها أحمال
ثقيلة لا تستطيع أن ترى ولا تفكر ولا تحلل ولا تستبصر ... ففي الماضي كانت
المخططات والمؤامرات تتم بسرية مطلقة حتى يضمنوا مباغتة العدو فيؤخذ على حين غرة
فيكون هلاكه أمرا محتما محسوما ... لكن اليوم وصلنا إلى مرحلة تعطينا صورة لا تقبل
الشك ولا اللبس بأننا أمة أقل من تافهة وضعيفة ضعفا مهينا مذلا ... فتجد العدو
يحذر من ضربك فتقول : أروني رجولتكم ... ثم يأتون بحشودهم على مدى أسابيع وأشهر أمام
عينك فتقول : ما لكم هل كل هذا وأنتم تجهزون ( مع ضحكة استهزاء ها ها ها ) ... ثم
يستعد العدو بعدما اكتملت تجهيزاته فيطلقون النداءات والتحذيرات الأخيرة حتى لا يكون
عليهم حجة فتقول : هل من منازل !!! ألا يوجد بينكم رجل شجاع ؟ ... ثم بعد عدة
أسابيع يسقط من كان يتحداهم ويستهزئ وتسقط دولته وينهار ويسقط نظامه ... هكذا هم
العرب لا يريدون أن يسمعوا ولا يريدوا أن يفهموا لأن العقول قد أغلقها جنون العظمة
والقلوب أغلقت على قصور وجلسات الرقص والملذات وعشق النساء ؟
الغرب حكمنا حكما فعليا ولو أنه بشكل غير مباشر لكنه حكما نافذا ...
لا تحب ناظر المدرسة شأنك لكن حب وتعايش مع المدرس الذي يحبك ويفهمك لكن الناظر هو
سلطان المدرس والتلميذ معا ... هو نفس الأمر ينطبق علينا فنحن نستورد كل شيء من
الغرب كل شيء ولم يبقى إلا أن نستورد منهم النساء والأبناء ... سياراتنا طائراتنا
أدويتنا علاجنا أجهزتنا الطبية قطاراتنا محطاتنا الكهربائية والمائية والمضخات قطع
الغيار كل شيء كل شيء نحن نستورده ... إذا ما هو دورنا وماذا صنعنا ؟ لا يصيبكم
الإحباط فنحن أمة عظيمة صنعنا كراسي وطاولات البلاستيك وأكياس التغليف على كم
صندوق طماط وخيار وشوية خضروات ... تريد أن تحارب ؟ تحارب بأمرنا وبعلمنا وإلا بعد
أن تنفذ ذخيرتك من أين ستطلبها وتجلبها ؟ مئات الأمثلة لو سطرتها لن أنتهي وأكبر
دليل على ما أقول هو القدس الشريف أي دولة عربية تجرؤ أو تفكر أنها تحرره ... لا
أحد ولن يكون هناك أحد لأن العربي لا يثق بأخيه العربي هو التاريخ من يقول ولست
أنا من كثرة وهو الخيانات فيما بينهم تاريخ أقسم بالله غارق بالخيانات والغدر
قديما وحديثا وحتى مستقبلا ؟
الغرب انتصر علينا ولا يزال يسجل ويحقق انتصارات رائعة باهرة عظيمة
علينا ونحن لا نزال نسأل : متى موعد النسخة الجديدة من السيارة الفلانية والهاتف
الفلاني وكذا وكذا وكأننا فقدنا كل المشاعر والأحاسيس المعذرة المشاعر والأحاسيس
خصصناها للنساء والرومانسيات وأكاذيب العشق ... لذلك لا أحد يعلم حقيقة ما يصنعه
الغرب فينا لأن لا أحد يريد أن يعلم ... فقسم الغرب نفسه إلى عدة دوائر وجبهات من
أجل المزيد من إضعافنا وتهميشنا ... ففريق غربي يعمل ليل نهار على التشكيك بديننا
وبرسولنا ويسخّف من إسلامنا حتى أصبحنا أمة الإرهاب بلا منافس ... وفريق غربي يعمل
ليل نهار على إنتاج الأفلام الإباحية بصرف الملايين والمليارات عليها وبثها مجانا
للأمة العربية والإسلامية حتى وصلت إلى يد أبنائنا وعلى أجهزتهم ومن سابع
المستحيلات أن تمنع أو تحجب أو تحاربهم ... وفريق غربي يعمل ليل نهار من أجل
استمرار الخلاف العقائدي الديني بين السنة والشيعة والشيعة والصوفية والأشاعرة مع
الأباظية والأغبياء السذج يعاونون المخطط الغربي بالشحن والفتن ولو أحرقوا أوطانهم
... وفريق غربي يعمل ليل نهار فيجلس مع الإيرانيين ويحرضهم على السعودية وفريق
يجلس مع السعودية ويحرضهم على الإيرانيين في لعبة حرق الأقوياء كما حدث في الحرب
العراقية الإيرانية مولوا الدولتين بالأسلحة ثم أنهكوهم وبعد أن أضعفوهم أوقفوهم
فخرجت الدولتين خزائنهم خاوية وديونهم قاصمة ... والأمثلة كثيرة جدا جدا ولبنان
ومصر والمغرب ... يمزقونا بنفس السياسة العثمانية التي تقوم على مبدأ : فرق تسد ...
ونحن ليل نهار كأمة العرب والمسلمين نعمل ليل نهار على الإستمتاع بكل ما تيسر لنا
تلفزيون سينما مباريات ألعاب سيارات سفرات نساء مطاعم مقاهي وحرص على الجنس ولهثة
وراء المال ؟
خرج تنظيم داعش الكافر فبدلا من أن يحاربوه فكريا ويعيدوا مراجعة
كتبهم ومناهجهم اتحد العرب على محاربة الإرهاب !!! يا لا جهلهم ويا لا عارنا كيف
تدار السياسات والأمور ... انتهى داعش فهل تضمن ولو 1% أن لا يظهر تنظيم أخر
مستقبلا ؟ لا لا توجد أي ضمانات لأن الفكر الفاسد الذي يبيض لنا ويفرخ لنا
الإرهابيين موجود ومتوفر في بيوتنا ومدارسنا ومساجدنا إنها التيارات الإسلامية
التي ظاهرها التسامح وباطنها الإرهاب والإجرام ومحاربة الفكر المضاد لهم ... هذا
بالإضافة إلى أن سياسة التابعين لا تزال قائمة فشلّ الغرب يدك بالسلاح وشل عقلك
بالتغيير وأنهك قواك بالتحريض الداخلي فماذا بقي لديك ... بالأمس كل مصيبة نقول أن ورائها إسرائيل واليوم كل مصيبة نقول خلفها إيران أمة تريد أن ترمي فشلها وعجزها ... لا أحد يريد أن يستخدم عقله وحتى العقول استوردناها من الخارج يا لا طامتنا وعارنا !!!
لا أحد يتحدث عن التغيير والأمل والمستقبل كلها ترّهات وخزعبلات فنحن
أمة نعشق الجهل ونحارب كل فكر وكل عقل رائع وجميل بدليل كم العقول العربية المرعبة
التي هاجرت بعدما أنكرتهم أوطانهم بل استحقرتهم ... حكمكم الغرب واستعبدكم
بصناعاته وإنجازاته وأنتم ماذا صنعتم إلا حديثا وبيع أشعارا وعادات مضحكة وتقاليد
جاهلة وتفاخرا بماضيكم ويا ليته كان مشرفا ... فهل عرفتم قضية الناظر والتلميذ
والمدرس أي السيد والتابع أم إلى أن تموتوا وأنوفكم تتنافس من يصل منها إلى عنان
السماء !!!
يقول الشاعر أبو الطيب المتنبي
لا تشتري العبد إلا والعصا معه إن العبيد
لأنجاس مناكيد
ويقول كافور الأخشدي أبو المسك
جوعان يأكل من زادي ويمسكني
لكي يقال عظيم القدر مقصود
أكلما اغتال عبد السوء سيده
أو خانه فله في مصر تمهيد
صار الخصي إمام الأبقين بها
فالحر مستعبد والعبد معبود
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم