تأليف : مدونة الكويت ثم الكويت
تتواتر الأخبار وتتناقل الأنباء في سابق الأزمان في إحدى الغابات ... يحكى أنه بينما ثعلب مكار ضرب الشيب وجهه ورأسه من تجارب الحياة ومكر الأعداء وبينما هو مار في إحدى طرق الغابات ، لمح حمامة تقف على غصن جميل ذات شكل بديع تسر الناظرين وذات قوام مهيب وخطوات الخاضع المجيب ، فألقى السلام على أهل من يعتقد بأنهم أهل الأمان ، فردت بخضوع جميل وردت التحية بلطف كهمس النسيم فقال الثعلب :
تتواتر الأخبار وتتناقل الأنباء في سابق الأزمان في إحدى الغابات ... يحكى أنه بينما ثعلب مكار ضرب الشيب وجهه ورأسه من تجارب الحياة ومكر الأعداء وبينما هو مار في إحدى طرق الغابات ، لمح حمامة تقف على غصن جميل ذات شكل بديع تسر الناظرين وذات قوام مهيب وخطوات الخاضع المجيب ، فألقى السلام على أهل من يعتقد بأنهم أهل الأمان ، فردت بخضوع جميل وردت التحية بلطف كهمس النسيم فقال الثعلب :
عجبا لجمال مثلك كيف تأمنين لغدر الغابات وأنت تتحركين دون خوف ؟
قالت : وما ضير الشاة بعد موتها إن تم سلخها !
قال : موتها !!! ولكنك حية ترزقين وبصحة جيدة ؟
قالت : كثير من غرته النظرات وما أكثر الطعنات !
قال : فهاتي ما هي الطعنات ؟
قالت : كيف أعلمك وأنت الثعلب المكار ولا يأمن لغدرك أحد ؟
قال : قد كان هذا في زمان الصبا واليوم أكل الشيب جسدي وهدأ العقل بعد جنوني وتعلمت ما لم يتعلمه أحد من قبلي واليوم فلا أبالي من غدر الليالي !
قالت : اختصر فلا أمان لمثلك ولبني جنسك ربما كانت هي حيلة تسطرها من نسيجك كي تنال مرادك بعدها ؟
قال : لا وربي فلك الأمان وأقسم لا أمان من بعدك !
قالت : وما هو المراد والمطلوب ؟
قال : صدر حنون وقلب لا يخون ونفس تحفظ العهود !
قالت : بعد قسمك فلك كل الأمان وأزيد لك بنفس لا تغضب وروح لا تعصف وعقل لا ينضب منك وفيك ؟
قال : الحمد لله الذي سخر لي من لدنه سلطان مبين .
فأغدق عليها من علمه وخبرته ما لم يعلمه غيره فوفى وأخلص فأكرمته بسخاء كبير وعطاء جزيل وكرم منقطع النظير ، ومع مرور الوقت وفي لحظات غفلة وطمأنينة الأمان اكتشف الثعلب المكار بأن الحمامة تحولت إلى روح شرسة ومخالب لا ترحم وأنياب تقطع عروق القلوب ، فدهش وصدم !!!
قال : ألم أعطيك الأمان بعد قسم مغلظ عظيم ؟
قالت : بلى ... ولكن ... أولم أسطر لك عطائي وسخائي ؟
قال : بلى ولا أنكر هذا ... ولكن ... أجعلتيه بمقابل ؟
قالت : كلا ... ولكن ... انتبه لكلامك ولمعناه ... فأنا اليوم أعرفك أكثر من نفسك أنت ؟
قال : وما الجرم الذي اقترفته وما الذنب العظيم الذي وقعت فيه ؟
قالت : وأنا ما الذي فعلته حتى توجه لي اللوم ؟
قال : لم أعد أملك نفسي فصار همي إرضاؤك والتوجس من إغضابك حتى وجدت ظلم الوسواس فيك وسوء الظن فيني فقلبت الوضع وعكستي الآية ؟
قالت : وهذا أمر طبيعي جدا ! فأنتم يا معشر الثعالب لا أمان لكم كما أني أتجنب أخطاء ماضيي الأليم بعد صراع مرير و وقت حزين !
قال : وما ذنبي أنا بماضيك ؟
قالت : وما ذنبي أنا بمستقبلك ؟
قال : وأين إذن الأمان والنفس التي لا تغضب والروح التي لا تعصف حتى ضننت أنك ملاك أولم يكن هذا عهدك ووعدك ؟
قالت : كفاك استخفافا في عقلي ولعب في مشاعري فلن تستطيع أن تؤثر فيه كما أثرت بمن قبلي أيها المكار !
قال : إن كان القسم المغلظ والأفعال الواضحة البريئة والمواقف الصعبة الحازمة لك لم تأخذيها بعين الاعتبار فما حيلتي بعد ذلك بعد طول الانتظار ؟
قالت : هو حديث في مخيلتك وأوهام تتوهمها وحجج تلقي بها علي ظلما وجورا ... قل أنك وجدت بديلي !
قال : بديلك !!! لله الأمر من قبل ومن بعد ولا أملك من أمر نفسي شيئا فليس بالأمر الجديد ولا الغريب من سوء حالي وردائه حظي العاثر رغم كما تصفين أني الماكر ؟
حسنا أيتها الحمامة الوديعة
إليك ما سوف أفعله أيتها المجروحة من زمانها المتشككة في إخلاصي ووفائي :
سوف نعود كما في بدايتنا فلا أعترض طريقك ولا تنهلين علي بمنهلك ، ولكني سأبقى حافظا للعهود وفيا لأيام الخلود ستجديني وقتما تشائين تأمرين ولا تطلبين طيبا ومعروفا وجميلا بعطائك وسخائك فإن نفسي أغلى من الكنوز وأندر من الأحجار والصخور ولا أطيق مربطا يقيدني ولا ركنا يحبسني ولا كائنا يهينني ولا كيان يسقطني ولا حبا يدمرني ولا ولها يقطعني ولا عطاء يعايرني هي ذلك نفوس وأخلاق الأحرار وعطائي ذو قيمة ومعاني ستكتشفين لاحقا صدق مقالي .
لله در الأيام الجميلة والخوالي كنا نلهو ونلعب كالصغار ولا سامح الله غدر الليالي والنفوس التي لا تبالي وظن السوء بالأفعال رغم كشف الحقائق و البرهان .
حفظ الله الكويت أميرا وشعبا من كل مكروه
دمتم بود ............
وسعوا صدوركم بس