في عهد الأمير الراحل الشيخ احمد
الجابر الصباح ... طيب الله ثراه ... رأى وجهاء البلاد ضرورة تشكيل أول مجلس
للشورى ليكون سنداً للأمير ... ومن أجل ذلك اجتمع عدد من رجالات الكويت في ديوان
ناصر البدر بالحي القبلي من العاصمة ... لاختيار 12 عضواً لتعيينهم أعضاء في أول
مجلس للشورى عام 1921م ... وتحقق لهم ما أرادوا ... وقد كانت فترة هذا المجلس
شهرين ( ابريل إلى يونيو 1921 ) وكان المجلس برئاسة المرحوم حمد الصقر ... وفي أواخر
يونيو 1938م شهدت البلاد تشكيل أول مجلس منتخب للشورى ... وقد أجريت الانتخابات
التي شارك فيها 320 ناخباً ( ناخب وليس مرشحا ) في ديوان الصقر بالحي القبلي ...
وقد كان عدد أعضاء هذا المجلس 14 عضواً ... وترأسه الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم
في عهد الشيخ احمد الجابر ... واصدر المجلس أول دستور للكويت تضمن جوانب القضاء - الأمن
- المال - الاقتصاد – التعليم ... لكن هذا المجلس لم يستمر طويلاً حيث انتهى بالحل
في 21 ديسمبر 1938م ... وبعد أسبوع من الحل وبتاريخ 27 ديسمبر 1938م ... جاء
المجلس التشريعي الثاني بالانتخاب الذي جرى في ديوان شملان بن علي بالحي الشرقي
... وقد فاز بعضوية هذا المجلس 12 عضوا وترأسه الشيخ عبدالله السالم وانتهى دور
المجلس في مارس 1939م .
ما سبق هي دلالة على أن الكويت لم
تخض التجربة الديمقراطية حديثا بل هي ممتدة لأكثر من 80 عام ... وبما أن في تلك
الحقبة من الزمن لا يوجد إحصاء رسمي لعدد سكان وقاطني الكويت ولأن أول إحصاء رسمي
لسكان الكويت كان في عام 1957م ... فقد اختلف الكثيرون حول العدد والمنطق يقول أن
العدد في تلك الأيام لا يتجاوز الـ100 ألف نسمة على أبعد تقدير ... بعد هجرات
متعددة كانت تصب في الكويت من زبير وأهلهم من نجد وسدير والعراق وإيران والبدو
الرحل آنذاك ؟
ماذا تريد أن تقول ؟؟؟
أريد القول أن هناك خللا كبيرا حدث
لم ينتبه إليه الكثيرون وللأسف هذا الخلل مستمر منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا ؟
أي خلل هذا كي يستمر لأكثر من 80 عام
؟
جميعنا نعلم أن التجربة الديمقراطية
في السابق من قادها وتزعمها هم رؤوس الكويت من عالية القوم وتحديدا التجار
وأبنائهم وبعض المثقفين ... كانوا على حق وهذا لا شك فيه مطلقا لأن نظرتهم كانت
أبعد من نظرة الحاكم وإن شابها بعض القصور ... وقد فهم الحاكم فيما بعد تلك النظرة
ووجهة النظر ومنطقيتها فحولها إلى مكسب سياسي صرف لصالحه متطلعا لمستقبل الكويت
الصغيرة ... وأن الديمقراطية الغربية أو المتشبهة بها ستحميها من أطماع الجيران
سواء أكان من ابن سعود أو من ملكيات إيران والعراق آنذاك .
لكن الخطأ الجسيم أن الطبخة كانت
تؤكل على عجل حتى أصاب الجميع عسر الهضم من سوئها ومن كثرة المشتركين في طبخها ...
فالأمر كان شبه اتفاق بين حفنة صغيرة بين عالية القوم لا تتعدى الـ20 شخص ... ومن
ثم بسطوتهم وبنفوذهم تم إقناع المقربين منهم ليصبح العدد العشرات والمئات ...
معتمدين ومتكلين على أن الوقت كفيل بأن يعلم وينضج الباقي من أفراد الشعب الكويتي
؟
بمعنى تعال وهذي انتخابات ونازل فيها
فلان وعلان وتفضل اختار وانتخب !!! دون أن يفهم الناخب آنذاك ماذا يعني أن ينتخب ؟
وما هي الديمقراطية ؟ وما هي حقوقه ؟ وما هي واجباته ؟ وما هو دور هذا الرجل الذي
سوف أنتخبه ؟ وماذا سيقدم لي ؟ وما هي صلاحياته وسلطاته ؟ وما هو دور الحكومة في
ذلك ؟ وما هو دور حاكم البلاد ؟ ومن يفصل في الخلافات ؟ وماذا ستستفيد الكويت من
هذا كله ؟ وأسئلة كثيرة ومتعددة ليس لها حصرا تركوها للشعب كل يطرب على ليلاه وكل
حسب فهمه وقناعاته ... ولم يجدوا من يعلمهم ومن ينوّر جهلهم ... ولم يكتفوا بذلك
كلا وأبدا بل شوهوا الديمقراطية بأساليب العرب المعروفة كالرشوة والإبتزاز وتبادل
المصالح ولعبة شيلني وأشيلك ... خاصة عندما نعلم أن القوة المسيطرة آنذاك هم من
يملكون المال والمال كان ولا يزال وسوف يبقى سيدا لأي قرار ؟
انظر اليوم وما أشبه اليوم بالبارحة
... كلنا نعلم كيف تسير الإنتخابات ... قانونية نعم و100% ونزيهة 100% وتتم تحت
إشراف ومراقبة ومحاسبة القضاء الكويتي بنسبة 100% وهذا الأمر يسجل لصالح الكويت
وقضائها في هذا الشأن ؟
لكن كيف وصل فلان وعلان لكرسي
البرلمان هنا تكمن اللعبة الوضيعة ... ونحمد الله سبحانه أن سمو الأمير صباح
الأحمد الصباح - حفظه الله ورعاه - قد قطع
دابر فساد الإنتخابات بقراره السامي بجعل الإنتخابات بصوت واحد وليس كما كان في
السابق لكل ناخب 4 أصوات ... حيث كان في السابق الفن والإبداع بابتزاز الناخبين
والأمر لم يخلوا قط من الرشوة سواء أكانت بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر ؟
المهم فيما سبق أنه وإلى اليوم لا
يزال الجهل الديمقراطي ملتصقا كالظل مع الكثيرون من الكويتيين + أن أكثر من نصف
الشعب الكويتي محروم من حقه في الإدلاء بصوته بسبب عنصرية الجنسية الكويتية والتي
تمنع أي كويتي لا يمتلك الجنسية بصفة أصلية بأن يدلي بصوته أو يرشح نفسه ؟
في الإنتخابات الماضية في أواخر
2012م وأنا أدلي بصوتي في إحدى لجان الإنتخابات أمشي وأسأل نفسي : بأي حق يحرم
الكثيرون من الإدلاء بصوتهم ؟ هذا كويتي وهذا كويتي لماذا هذا يمتلك كل الحقوق
وذاك منقوص الحقوق ... يعني أنت تقر قانون يشمل كل الكويتيين ونصفهم لا يحق لهم أن
يختاروا من يمثلهم !!!
ديمقراطيتنا ناقصة وتجربتنا فشلت هذه
الحقيقة التي يرتعب منها الكثيرون ولا يريدون أن يتقبلوها ... وتذكروا أن
الإستمرار بالدستور الكويتي ليس لسواد عيونكم بل هي ضمانة لا تزال لمستقبل الكويت
من مخاطر التقسيم القادم للمنطقة ... لأن المستقبل القريب لن يكون للدول الدكتاتورية
أي وجود على الخريطة ... ولن أتحدث عن من دخل فقيرا إلى مجلس الأمة وخرج مليونيرا
لأن هذا بحد ذاته يحتاج لمواضيع من شدة تخمة ملفاتهم العفنة ... ووصولهم ما كان ليتم لولا وجود الجهل السحيق لفهم الديمقراطية الحقيقية ؟
للأسف لا يزال الوضع إلى اليوم على
ما هو عليه ... مصالح وابتزاز واستغلال حاجات الناس وتمرد وتطاول وقح وفرض رأي ولو
كان بالقوة واعتراض على القضاء وتجاوزا للقانون والخروج على المبادئ الكويتية
الأصيلة وتفكيك الأسرة الكويتية والتي هي نواة المجتمع وشخصنه بالخلافات السياسية
وفجور بالخصومة حتى وصلت إلى ماضي الخصوم وأعراضهم مع الأسف الشديد ... وكأنهم
ملائكة الله في الأرض والعياذ ؟
كان بالإمكان تثقيف أجيالنا منذ
1963م بوضع مادة الديمقراطية بالمناهج وتكون من المواد الأساسية المهمة ... فتخيل
لو كان ما أقول ؟ لكان لدينا أجيال وأجيال اليوم تحترم وتعي وتقدر حق الاختلاف
وتعرف متى تتحدث وتعرف متى تصمت وتعرف معنى احترام وتوقير ولي الأمر والكبار
وكيفية احترام القانون والمحافظة عليه ؟
ديمقراطيتنا قضية ناجحة لكن كَثر
محاموها ففشلت
ديمقراطيتنا مسرحية هزلية الكل صفّق
للممثلين
ديمقراطيتنا جعلت من الحثالة شرفاء وأبطال
ديمقراطيتنا أفرحتنا ثم أبكتنا ثم
دمرتنا ثم فرقتنا
دمتم بود ....
وسعوا صدوركم