الثورات الإجتماعية بطبيعتها لا تأتي
بتخطيط خارجي لقلب أنظمة الحكم على الإطلاق ... بل تأتي لأسباب قاهرة موجعة تكون
الأمور قد وصلت إلى حد النهاية على قدرة الصبر والتحمل تجاه أي حكومة كانت وأي
نظام كان ... وأسباب الثورات الإجتماعية غالبا ما تكون لأسباب اجتماعية صرفه مثل
الفقر والبطالة وقهر الرعية والبطش بهم وتعزيز أشكال وأنواع الفساد ونقص الخدمات
بشكل خطير ... وأول تلك المؤشرات أو أو بداية علامات تلك الثورات الإجتماعية غالبا
ما تكون في سقوط احترام مسؤلين الدولة والإستخفاف بهم ثم التطاول على الحكومات
بوزرائها ورئيسها ثم وثم وثم حتى ينتظر الكل شرارة الإنفجار ... فتنفجر الرعية
بشكل عفوي غير مدروس ووقتها تكون ترضيتهم بعد هذه الثورة الإجتماعية يكاد يكون
صعبا للغاية فكالما لبيت لهم مطالب خرجوا لك بمطلب أخر فتصبح مطالب وتتطور ثم تصبح
شروط ... وما كان هذا ليحدث لولا وجود خطط الفساد الممنهجة والإستخفاف بالشعوب
وتحقيرها وتهميشها ؟
البوعزيزي التونسي الذي أحرق نفسه
فأصبح هو شرارة الإنتفاضة الشعبية التونسية والتي أسقطت نظام زين العابدين بن علي
... تعتبر مثال حقيقي واقعي على الثورات الإجتماعية التي قامت دون تدخل خارجي
وأشعلها موقف مستبد بين شرطية ورجل فقير فهب الناس لنصرته فأصبحت ثورة ... أما ما
حدث في مصر واليمن وسوريا فهي مخططات خارجية عبثية ولا يمكن أن نقارنها بالثورة
الإجتماعية في تونس على الإطلاق ... بدليل أن تونس هي الدولة الوحيدة المستقرة من ضمن الدول التي حدثت فيها ثورات ؟
في الدول الأوروبية والتي تعتبر
الأكثر على الإطلاق من ناحية احترامها للقوانين ولحرية الرأي والفكر ولآدمية
الإنسان ... في هذه الدول بالرغم مما هم فيه فهذا لا يبرر للحكومات وللأجهزة
الأمنية بأن ينتهكوا حرمات المواطنين حتى وإن كانوا مقيمين وحتى لو كانوا لاجئين
... وقد يقول قائل منكم نعم كلامك صحيح لأنهم شركاء في الدولة وفق ما يدفعونه من
ضرائب لحكوماتهم ... وأوافق على ذلك لكن هل تستطيع أن تبني أجيالا عربية بحكومات
وأنظمة تحترم رعيتها وتوفر وتقدم لهم كل سبل الرعاية والإهتمام والتقدم والتنمية
والتطور وحماية حقوقهم وآدميتهم وأن يكون الكل متساوية أمام مسطرة القانون ؟
بالتأكيد كلا ومن سابع وعاشر المستحيلات بعدما أصبحنا أضحوكة الأمم ؟
في الكويت وتحديدا في 2/8/1990 عندما
وقعت كارثة الغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت ... وقتها سقطت كل سلطات البلاد
حاكم وحكومة ووزراء وقضاة وقيادات أمنية بأجهزتها وصولا إلى عامة الناس من أقذرهم
إلى أشرفهم الكل دون أي استثناء سقطت كل اعتباراتهم كصفات أو كأشخاص ... ففر من فر
وصمد من صمد وهذا أصابه ذل اللجوء وذاك عاصر ذل وقهر الإحتلال ... وهذا يعتبر ثورة
دولة على دولة بشكل خارج القانون وتصرف منبوذ تحرمه الكتب السماوية والقوانين
البشرية ... وفي التاريخ قرأنا أن دولا ما أن تخرج من حرب طاحنة أو كوارث دامية أو
سموها ما شئتم فإن الشعوب والحكام تلقائيا يلتفون حول وطنهم فيبدؤون بإعادة إعماره
وتطويره وعلاج المصابين من تلك الكارثة جسديا ونفسيا باهتمام بالغ ... لكن لدينا
حدث العكس تماما فكل ما فعلوه هو أنهم رمموا المباني وأثناء الترميم زرعوا الفساد
وكرسوه فأصبح اليوم منهجا وعرفا عجز أن يثبته القضاء منذ أكثر من 23 عام أو أن
القضاء لا يريد أن يثبته والله أعلم ... ففلت السارق وتضخمت ثروة الفاسد وأصبح من
يتحدث وينصح في شأن العامة الأرعن والسفيه والعصابة تسوق الشرف باسم الوطن والوطن
منهم ومن أفعالهم براء ؟
تم إلقاء القبض على سارق كويتي تم
إلقاء القبض على قاتل كويتي على متعاطي مخدرات على على على المهم كويتي ... ابحث
خلفه ؟ الأم والأب مطلقين أو في علاقة شبه أخوية ... ابحث خلف أسباب الطلاق نجد
عدم وجود الأمان الوظيفي أو أمان السكن أو كارثة من كوارث الديون الإجتماعية
والغلاء المعيشي ... إذا الجريمة مرتبطة بالطلاق مرتبطة بعصابات السكن مرتبط
بالأمان الوظيفي مرتبط مرتبط مرتبط ... أين الحكومة عن كل الدراسات ؟ أين الحكومات
عن كل التوصيات ؟ أين الحكومات عن آلاف صرخات القهر ؟ لا يوجد صدى لأن الحكومات في
العالم العربي لا تسمع بل وتتعمد أنها لا تسمع لأن الهدف هو البقاء على كراسي
السلطة والنفوذ بأطول وقت ممكن والإستمتاع بمزايا المناصب ونفوذها وتكويت الثروات
الشخصية بطرق غير مشروعة ... وحتى في الدول الغنية الثرية هناك من يبخل متعمد
وهناك من يعطي أيضا متعمد والإثنين البخيل والسخي يتمتعون بثروات لم يحظى بها
فرعون في زمانه ؟
إن من حق الشعوب العربية بأن تشعر
بالأمان وهذا حقها المشروع المطلق الذي لا جدال فيه ... ومن حقها أن تجد وظائف
وتشعر بالأمان الوظيفي ومن حقها بأن تعامل بآدمية وباحترام وكف يد البطش الأمني
وانتهكه لحقوق الإنسان بشكل فاضح وسافر ... من حق الشعوب بأن يتم الإستثمار فيها
ويتم بناءها وإعادة تأهيلها ... فكافكم عقود طويلة وأنتم تتكسبون على رؤوس البسطاء
عقليا والفقراء ماديا ... فتارة تجعلونهم ضحايا لبعض مشايخ الدين السفهاء المجرمين
وتارة تجعلونهم ضحايا لشعارات الصهيونية والإمبرليالية وكلمات ما أنزل الله بها من
سلطان ... وتارة تجعلونهم ضحيا لجشع التجار الذي أنتم شركاء معهم في المال وفي
المخططات الشيطانية لنهب أموال البلاد والعباد ... فتمزقت الشعوب وزاد فقرها
وأصبحت النتيجة أن هناك أعراض ولحوم نساء عرضة للبيع والشراء ولمن يدفع أكثر يحصل
على المتعة الوقتية ... فكفر الناس بأوطانهم وكفر الناس بمبادئهم وكفر الناس
بمشايخهم وكفر الناس بحكوماتهم ... وبات الليل في كل ليلة ينقل ملايين الدعاوي
والحسبان على من ظلمهم ومن أهانهم ومن أخذ حقهم ومن أوصلهم لبيع أعراضهم ومن لا
يعرف عنهم شيئا ؟
سقط نظام بن علي في تونس
سقط نظام مبارك في مصر
سقط نظام القذافي في ليبيا
سقط نظام صالح في اليمن
وسيسقط نظام بشار سوريا
كلهم كانوا يتمنون بأن تصفح عنهم
شعوبهم وجميعهم تمنوا بأن تنتهي ثورة شعوبهم بأسرع ما يمكن وكلهم تمنوا ولو فرصة
أخيرة حتى يصلحوا ما أفسدوه ... لكن سبق السيف العدل والوقت قد فات بعدما تجاهلوا
وحقرّوا واستهانوا بشعوبهم لعقود طويلة ... وقبل أن ينتهوا تركوا كراسيهم مرغمين بعدما
خلفوا من ورائهم أكبر نسبة فقر وجهل وأكبر عدد من الخارجين على القانون من المجرمين
والشبيحة والبلطجية وحثالة الشوارع ممن يفعلوا أي شيء يطلب منهم مهما كان في مقابل
من يدفع أكثر ... فمن يأتي من بعدهم لا يملك عصا موسى بقدر ما يحتاج إلى عقود
وعقود ليصلح ما أفسده الدهر ولن يستطيع الإصلاح فالأمر أكبر منه ومن قدراته ؟
شاهدوا فجوة الثراء بين من هم فوق
وبين من هم تحت ستتأكدون من صدق حديثي هذا
الشعوب العربية للإيجار أوللبيع فلا
تكابروا فكلنا ضحايا بإرادتنا بسبب جهلنا وجبننا
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم