في عالمنا العربي الشهير بالجهل
والتفاخر السفيه والعناد المضحك يخرج من بيننا سياسيين ... بداياتهم فقراء محتاجين
ونهايتهم أغنياء أثرياء شبعانين ... فكيف يحدث ذلك ؟
تختلف المسألة من دولة فقيرة إلى
دولة غنية لكن الأساليب والتفنن فيها واحدة ... فيكون المبدأ منذ البداية متفق
عليه وهو : أمام المال ممنوع أن تقول كلا وضع مبادئك في أقرب سلة مهملات وكلما
أتقنت أدوار القرة الثلاثة لا أرى لا أسمع لا أتكلم كلما زاد رضانا وقبولك عندنا
وكلما زاد رصيدك في البنك ؟
يبدأ الفقير بنعم وحاضر وينفذ أوامر
سيده من يملك أكثر مالا ونفوذا ... ثم بعد ذلك يكبر الفقير حسب حجم رصيده في البنك
ويختار واحد مثل حالته في السابق فقير فيبدأ هو بالأمر والنهي عليه وكأنها سلسلة
معقدين ... والأمر للتو قد بدأ فيكون مطيعا لسيده وهو يكون سيد من وضعه مؤخرا ...
ثم بعد سنوات من العمل الدؤوب المخلص في السرقات والشبهات وجلسات الليالي الحمراء
التي توثق فيها أقوى الروابط بشكل لا مثيل له ... يكتشف فقير الأمس أنه وصل رصيده
إلى رقم المليون ... فيفكر في أمرين إما أن يستغني عن سيده وإما أن يكمل مشواره
كتابع له لكن الطمع ينصحه بأن يكمل كتابع ... وبعد فترة يكافئه سيده الذي يصنع من العبيد
ما يشاء فيمنحه صاعقة لا يحلم فيها فقير الأمس وهي بأن ينصبه على مركز مهم في
الدولة أو يصنع منه سياسي في مكان أيضا مهم للغاية فيحركه باتصال واحد كيفما يشاء
... وبذلك يضمن السيد بأن الخادم سينفذ كل طلباته ويكون من أحد قطعان الحماية
الذين يسهلون له السرقات والإلتفاف على القانون وجني الأرباح بأريحية لا توصف ...
ثم يبدأ اللعب على مستوى أكبر وهو أن السيد يفاوض رئيس الحكومة أو أي وزير في أمور
البزنس عن طريق فقير الأمس وخادمه الذي صنعه بإتقان ... فإما أن يوافق ويدخل شريك
وإما أن يتحمل عاصفة سياسية قد تطيح به وبمنصبه فيفقد بريقه ويفقد مميزات وسلطات
كرسيه ... وكحال أغلب المسؤلين العرب يوافقون بأن يكونوا شركاء في أعمال الأسياد
فيتحول المسؤول أيضا إلى تابع للسيد لكن بلغة المال التي لا تعرف دين ولا مذهب إلا
وأخضعته لقوانينها ؟
فقير الأمس أصبح اليوم من المسؤلين
ويمكن أن يحدث عواصف سياسية ويتفاخر بحجم أتباعه أيضا الذين صنعهم ... ويتفاخر
بسلسلة أكاذيبه أمام أبنائه بأنه رجل عصامي بنا نفسه بنفسه ويسطر أمامهم نوادر
الشرف والأمانة والمساكين يصدقونه من لب قلوبهم ... وفي أثناء ذلك يكون فقير الأمس
قد كوّن ثروة من سرقاته بعد أن أصبح محترفا لدرجة أن القضاء يقف أمامه عاجزا بحكم
أن أمواله 90% منها تودع في بنوك خارجية وأوراق سرقاته لا أحد يجرؤ على إظهارها
وكيف ذلك وكبار مسؤلين الحكومة شركاء معه بعدما خانوا الأمانات ... وأيضا في
البنوك الخارجية يتم اللعب على مستوى أكبر فيدخل في صفقات غسيل الأموال لتتضاعف
الأرقان في أشهر قليلة ؟
ما هو مصير سيده ؟
السيد يبقى سيد ويبقى فقير الأمس
مسؤول وثري اليوم خاضعا لسيده يحركه وقتما يشاء وكيفما يشاء ... لكن السيد ومستواه
أكبر من أن ينظر إلى لعب الأطفال الذي يلعبه تابعه وكيف لا والسيد تدر عليه مئات
الملايين سنويا وأرصدته جعلت من البنوك خدما وعبيدا له ... بعدما أمنوا أمواله وهم
يستنفعون منه من خلال تمويلاتهم المليونية بسبب مناقصات الدولة التي لا تعرف
التوقف للسيد الكبير ... فهو يدفع من أمواله لأي مناقصة ما يعادل 20% فقط والبنوك
تمول باقي مبلغ كل المناقصة مهما كان سعرها والأموال مضمونة بنسبة 100% لأن
الحكومة هي التي تدفع ... وأحيانا كثيرة لا يدفع فيكفي بأن يرمي في وجوههم أوراق
المناقصة فيبدأ البنك على الفور بالتمويل وحسب شروط السيد وليست حسب شروط المناقصة
أو الحكومة فهم أيضا خاضعين له ... فإن كان أحد أتباعه شريكا لرئيس الحكومة أو أحد
الوزراء فكيف بالسيد الكبير ؟
كيف نعرف ونميز هذا من ذلك ؟
إن رأيت من يمتدح ويستنفر للدفاع عن
الوزراء ورئيسهم فاعلم أنه أحد صعاليكهم وأحد خدمهم وتابعيهم
الأصل هو الحكومات لا يجب شكرها لأنها تؤدي في الأساس أعمالها وهذا فرض عليها ومن خلاله
تتقاضى مرتبات ومميزات لا يتقاضاها رواد الفضاء العالميين من الأموال العامة أي من أموال الشعب التي تسرق في كل يوم جهارا نهارا دون أي حياء ؟
نقول شكرا لو رأينا أمان إسكاني ؟
نقول شكرا لو رأينا مستشفيات جديدة
متطورة ؟
نقول شكرا لو رأينا نسبة البطالة =
0% ؟
نقول شكرا إن لم نجد بيننا فقراء
ومحتاجين ؟
نقول شكرا لو رأينا احترام حقوق
الإنسان ؟
نقول شكرا لو رأينا القانون يطبق على
الكبار قبل الصغار ؟
نقول شكرا لو رأينا الوزراء ورئيسهم
يتفقدون أعمالهم والناس ؟
نقول شكرا عندما نجد التعليم ينافس
أرقى الدول المتقدمة ؟
فعلى ماذا نقول شكرا وكيف لا نعذر من
استنفر للدفاع عن الوزراء ورئيسهم وهو خادمهم وتابعهم ؟
هناك دول من يملك المال يستطيع أن
يقود الحكومة رغما عن أنفها أو يوجهها وفق ما يناسب مصالحه التجارية ... فأمام
المال تسقط الكرامات وتنتهك الأعراض وكل وله سعره وثمنه إلا من رحم ربي من العقلاء
والحكماء والزاهدين ؟
الحقيقة التي الكل متفق عليها هي
القوانين في الدول العربية تطبق على
الفقراء فقط لا غير
أمة غبية لا تعرف كيف تسير فإما عبد تابع
وإما معارض فاجر ومرحبــــــــا قانون
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم