يعتقد الكثيرين بأن هجرة العقول هي
هجرة الأيدي العاملة وهذا فيه من اللغط واللبس الشيء الكثير ...فالأيدي العاملة
عندما تفعل المستحيل للهروب من أوطانها وحكوماتها الفاسدة يكون السبب هو بسبب
المعيشة وضيق اليد وقلة الحيلة ... ولا توجد أي مشكلة فيذهب للعمل في أي دولة موظف
استقبال أو حارس أمن أو خادم أو حتى عامل نفايات مع احترامي لأي عمل نزيه شريف ...
ومن أجل ذلك وجدنا ممن دفعوا حياتهم ثمنا للهروب من جحيم أوطانهم من أجل لقمة
العيش ... وهم بذلك قد تم بيعهم بسبب حكوماتهم الفاسدة وحجتها واسطوانتها ارتفاع
عدد السكان وقلة الموارد وكثرة الديون ولا تزال المسرحيات مستمرة على الشعوب
المسكينة ؟
إلا أن الفرق والكنوز التي لا تقدر
بثمن تكمن في العقول العربية التي تهاجر أو التي يتم اقتناصها ممن يعرف قيمتهم ...
نعم العقول العربية التي تختلف عن عقول مئات الملايين من العرب ... عقول تفكر
بطريقة مختلفة وتبتكر بشكل مختلف ولها نظرة تفوق الحكومات العربية تطورا بعشرات
السنين ... فهذه العقول ترى ما تعجز عنه كل الحكومات العربية مجتمعة ... ونفس تلك
العقول ترى نفسها أنها عقليات نادرة يجب أن تعامل بطريقة مختلفة وأن تحترم وأن تقدّر
... لكن واقع الحال أن تلك العقول تجد تجاهل وتسفيه من قبل المحيطين بهم من الأهل
والأقارب والأصدقاء وتجد تسفيه وتحقير من قبل الحكومات ... وبين هذا وذاك يزداد
لدى تلك العقول الموهوبة قناعة شديدة بأن مجتمعهم ودولهم لا يستحقون إلا أن يعيشوا
بجهلهم وثقافتهم المتواضعة ... فيبدؤون بالبحث خارج أوطانهم عن من يقدّر ذكائهم
وقدراتهم ويتبني أفكارهم ... وبما أن أفكارهم غير عاديه فإن بحثهم في الغالب أيضا
يكون غير عادي ... فيراسلون الإتحاد الأوروبي والبيت الأبيض الأمريكي ووكالة
الفضاء NASA وأكبر شركات الإستثمار
والتمويل وأضخم بنوك العالم والشركات المتخصصة في التكنولوجيا وغيرها من المجالات
الضخمة ... هؤلاء العباقرة في الغالب يكونون حريصين لأقصى درجة خوفا ومنعا من سرقة
أفكارهم الغير عادية وربما تفوتهم فرص كثيرة وربما ينتظرون لسنوات طويلة ... لكن
هدفهم موجود وواضح يعملون بالأسباب للوصول لأهدافهم حتى تتحقق ؟
الحكومات العربية كلها ودون أي
استثناء لديها تخلّف وجهل في فن الإدارة معتقدين بأن بالأبراج العالية قد وصلوا
للتقدم والنهضة ... فهم أي الحكومات العربية لديها مرض نفسي وهو عشق الأجانب فكل
استشارة تجدهم يطلبونها من شركات أجنبية أو منظمات أجنبية لا من عربية ... وكأن
شعبهم بأكمله لا يوجد بينهم من هو الذكي والعبقري والنابغة فيتم تسفيه الشعب
وتقديم الأجنبي على الشعب أو بتقديم المقيم على أبناء البلد ... فلو جاء أحد ما
وقال لهم الدراسة المطلوبة ستكلفكم على سبيل المثال 100 ألف دولار لركلوه وجاؤوا
بمن يطلب على نفس تلك الدراسة بأكثر من 5 ملايين دولار ... وكأن الرأي والخبرة في
الدراسات والإستشارات تكون الثقة لمن يطلب أكبر مبلغ !!!
مع الأسف الشديد أننا نملك مئات
الحلول لأكبر وأخطر وأعصى مشاكلنا ونملك القدرات حتى بمنافسة أكبر دول العالم
المتقدمة في أهم المجالات الأساسية في الحياة ... ونستطيع بأن نؤسس أجيال قادمة
بأيادي عاملة شديدة المهارة وعقول خطيرة ... بل نستطيع أن نوفر أفضل رعاية صحية
وأفضل لخدمات والطرق والتعليم والأمن والإكتفاء الذاتي من الماء والغذاء والمواد
الأساسية ومن العلاج والكثير الكثير ... لكن يتضح بأن الحكومات العربية خاضعة
للغرب وتتعمد بأن تصنع من شعوبها شعب بليدة جاهلة خاضعين للغرب وصناعاته ... حتى
وجدنا دول عربية وخليجية وصل استيرادها من الغذاء والماء ومستلزماتهم وغيرهم بأكثر
من 95% وهذه نسبة تمثل وصمة عــــــــار وكارثة ... بدليل أن الدول العربية يصرفون
على البحث العلمي وصناعة العقول ما يساوي بنصيب الفرد العام من الميزانية بما لا
يتجاوز 3 دولار فقط لا غير أكرر ثلاثة دولار فقط ... بينما النقيض والعكس في
أمريكا تصل إلى 680 دولارا في و601 دولارات في اليابان و410 دولارات في ألمانيا
!!! وإسرائيل تخصص 4.7% من ميزانياتها للبحث العلمي مقابل 0.02% في الدول العربية !!!
؟؟؟ !!!
فهمنا دور ولعبة الحكومات لكن ما هو
دور الأثرياء طواويس الشركات العملاقة ؟
الأثرياء العرب تعودوا أن يكونوا
مقتبسين مقلدّين لأدوار الحكام ... فلا أحد يعارضهم وممنوع أن تجادلهم وإلا كان
مصيرك الطرد من جناتهم المزعومة ... فهم يعتقدون بأنهم عباقرة وعقليات لا مثيل لها
وفي حقيقة الأمر بأن الكثيرين منهم تضخمت أرصدتهم بسبب فسادهم في مناقصات دولهم
وعمليات غسيل الأموال والتهرب الضريبي والإستيلاء على الأراضي أو الطفل المدلل ولد
ووجود مئات الملايين بانتظار عبثه وما إلى ذلك ؟
إذن لا لوم على العقول العربية لو
اتجهت للخارج لأنهم يعرفون قيمة عقولهم ويعرفون كيف يستثمرونها ويعرفون كيف
يقدّرون تلك العقول ولا يترددون بمنحهم الملايين والمزايا العالية المستوى والقيمة
... وأيضا من حق تلك العقول بأن تركز على مصلحتها ومستقبلها بعد أن تم تهميشهم
وتسفيههم وتحقيرهم من قبل حكوماتهم ومجتمعاتهم ... فلا تتحدثوا بعد ذلك عن الوفاء
والولاء للأوطان إن كانت الأوطان هي بالأساس طاردة وخانقة ومذلة ومهينة لأبنائها ؟
نصيحة للمواهب وللعقول الخطيرة
إياكم ثم إياكم أن تثقوا بأثريائكم
وبحكوماتكم فأثريائكم يريدون ما في عقولكم بالمجان وهم بذلك جهلة مساكين ... وحكوماتكم لا يثقون إلا بالأجانب لأنهم يعشقون من يسرقهم وهم يعشقون العمولات ويكرهون الشحاذتين ... ولو تم تقديرك فإن تقديرك سيكون بدرع تافه سخيف مع شيك 300 دينار أو ألف دولار إن لم يكن أقل وتضيع أفكارك التي لا تقدر بثمن ؟
مرحبـــا ولاء مرحبـــا ضمير
مرحبـــا وطن !!!
شوف مصلحتك ومستقبلك محد درى عنك وجماعتك
مو كفو ولا لهم أمان
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم