لأدخلكم في هذا الخيــــال ... تولدون كما يولد غيركم ثم تموتون بسبب
مرض بسبب حادث لأي سبب تموتون ثم بعد موتكم بـ 24 ساعة تعودون إلى الحياة بنفس
أعماركم التي متم عليها أول مرة ... بمعنى توفيتي بعمر 30 تعودين بعد 24 ساعة من
جديد بعمر جديد وفي نفس السن 30 سنة وأنت توفيت عمرك 50 تعود وعمرك 50 سنة وهكذا
وبصحة وعافية 100% ولا يوجد بكم مرض واحد ؟ ... أي متم ثم رجعت إليكم الروح وفوق
هذا كل مرض أو عيب بكم يختفي منكم تماما ... ما سبق هو بالتأكيد خيال وإن حدث فلا
عقل ولا منطق سيصدقه لأنه خارج المألوف وخارق للطبيعة البشرية والمعقول لكن سبب
هذا السيناريو سيكون بسبب الأسئلة التالية
1- هل الفاسد سيعود صالحا ؟
2- هل المقتول سينتقم من القاتل ؟
3- هل من قتل في حرب سيشترك في حرب أخرى ؟
4- هل الفقير العاصي سيعود فقير تائب ؟
5- هل الفني الفاجر سيعود ثري زاهد ؟
6- هل الحاكم الظالم سيفتك برعيته أم يتقي الله بهم ؟
7- هل من زرع وصنع الأحقاد في صدره سيتوب أم ستزداد ؟
8- هل من يغش في البضاعة والميزان سيتوب أم سيزيد ؟
9- هل من لديه مرقص وخمور سيطور تجارته أم سيتوب ؟
هل وهل ثم هل وهل والنتيجة أصلا معروفة ولا تحتاج إلى كم كبير من
الذكاء والتحليل فأغلبهم لن يتعظوا ولن يتوانوا عن فعل ضعف ما كانوا يفعلون ... بل
من نعمة رب العالمين علينا أن جعل الموت نعمة وقليل جدا من يدرك حقيقتها وقصر
العمر هي أكبر نعمة من الموت نفسه نعم قصر العمر وليس طول العمر ... ووفق المقاييس
البشرية الحالية فإن متوسط العمر البشري هو 70 عام أي أغلب من يموتون هم في هذا
العمر أو ما بين 65 - 75 عام بعكس الأولين من كانت أعمارهم 300 و 500 و 800 عام
... وتخيلوا أيضا لو كان في زماننا هذا متوسط العمر البشري 300 سنة فكيف سيكون
أمركم وحالكم وكم عدد الذنوب التي ستذنبونها في حياتكم ؟ ... وأيضا بلا أدنى شك
ولا حتى تفكير ستنفجر الأرض بتعداد سكاني فيصبح من 7.6 مليار نسمة حاليا إلى 15 أو
20 مليار نسمة ... وبالتالي يستحيل أن تأكل الثلاث وجبات الرئيسية "فطور -
غداء - عشاء" مستحيل لأن البشرية أي غيرك سيحتاج إلى الطعام والشراب أيضا
والملابس وطرق المواصلات والتعليم والعلاج ووو إلخ ... وبالتالي مسألة الحروب أمر
لا نقاش ولا جدال فيه ستكون مؤكدة ودموية لدرجة استحقار البشرية وستنهار كل
المبادئ والقيم لتصبح الحياة بشعار " الصراع من أجل البقاء" ؟
بالعودة إلى ما سبق بخيال العودة مرة أخرى من الموت إلى الحياة مرة
أخرى فتخيلوا أن جنكيز خان وهولاكو ولينين وستالين وهتلر وموغابي وكيم يونغ وعيدي
أمين وإسماعيل إنفر باشا وصدام والخميني والقذافي وجحش سوريا والكثيرين من طغاة
الأرض ... تخيلوا أن مثل هؤلاء طغاة الأرض يعودون إلى الحياة مرة أخرى فماذا سيكون
حال وأحوال شعوبهم والبشرية كافة ؟ ... وخونة الأوطان وسراق البلاد وتجار الفساد وتجار
الأديان والمنافقين والدجالين وكل ما هو سيء تخيلوا أنهم يعودون إلى الحياة مرة
أخرى ؟ ... لا شك أنه كابوس ليس مزعج بل مرعب لدرجة أن الناس ستفجر وستكفر ولن
تؤمن بعدالة السماء ولن تكون هناك أي قيمة للنفس البشرية ؟
من عجائب القرآن الكريم ومن معجزات رب العالمين التي أعطانا إياها
بالدليل واليقين أن رب العالمين يعطي عباده المؤمنين سيناريو ومشهد حقيقي سيحدث في
الآخرة ... أي رب العالمين يخبركم ويطلعنا على علم الغيب وأحداث المجهول التي لم
تراها العيون ولم تدركها العقول بمشاهد عديدة وأقوال أهل الجنة وحمدهم وشكرهم
وأقوال أهل النار وتوسلهم وندمهم وكذبهم ... لذلك هي معجزة خارقة للعادة أن تعلم
عن حدث ولم تشهده ولم يحدث بعد متطابق تماما مع وعيد رب العالمين للكافرين
والمشركين في يوم القيامة ... ولذلك ربنا خلقنا سبحانه هو أعلم من أنفسنا وأدرى
بنا وبخلقه عندما لا يمنح أهل النار الخالدين فيها أي فرصة للنجاة مرة أخرى ولا أي
حياة كريمة أخرى بقوله سبحانه { وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ
منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار
} البقرة ... وفي سورة آل عمران { لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم
مأواهم جهنم وبئس المهاد } ... وفي سورة الأنعام { ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا
يا ليتنـــــا نـــرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين } ... والآيات كثيرة
التي يصف بها رب العالمين حال أهل النار وتوعدهم بالدنيا واستهزاؤهم بالآخرة
وجرأتهم على الله ... وكدلالة على ما أقول أن رب العالمين أعلم منا بأنفسنا وأخبر
منا بعباده بقوله سبحانه في سورة الأنعام { ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا
نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولــــو
ردوا لعــــادوا لما نهـــوا عنه وإنهـــــم لكاذبـــــون وقالوا إن هي إلا حياتنا
الدنيا وما نحن بمبعوثين ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا
قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون } ... إذن حياتنا نعيشها مرة واحدة هي نعمة
وهي رحمة بأن جعلها رب العالمين راحة البعض من البعض وفرج البعض للبعض ... إن الإنسان
عاش وسيعيش مرة واحدة وقد ملأ الأرض ظلما وجورا وطغيانا ودماء وغرورا فماذا لو عاش
مرتين !!! بالتأكيد لفنيت البشرية ولضاقت الأرض على أهلها ولما وجد أحدكم حتى قبرا
يستر جيفته وعظامه ... وكل مشاهد الحياة وتاريخ الأمم وكتب التاريخ تعطينا مليون
دليل ويقين وحقيقة مؤكدة لا تقبل الشك ولا اللبس أن الإنسان والبشرية بشكل عام لا
تستحق هذه الحياة ... فالحمدلله أن جعل في الموت نعمة ورحمة { لكن أكثرهم يجهلون }
{ لكن أكثرهم لا يعقلون } { لكن أكثرهم لا يعلمون } { لكن أكثرهم لا يشكرون } { لكن
أكثركم للحق كارهون } .
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم