ملاحظة : أجزاء هذا الموضوع تعتبر بحث تحليلي ومحاولة فهم
السياسة القديمة والحالية والمستقبلية وانعكاسها على المواطن والشعب بشكل عام في
الوطن العربي ومنطقة الخليج مع بدأ تغير خريطة منطقة الشرق الأوسط وتغيير قواعد
تحالفاتها السياسية والسقوط القادم لأنظمة حكم وانتهاء وجود الدول العربية الكبيرى
.
الموضــــــوع
عندما تولى الشيخ الراحل عبدالله السالم الصباح مقاليد الحكم في
الكويت في 25-2-1950م تغيرت الكويت تغيرا صادما لكل دول الجوار وصاعقا للمجتمع
الكويتي ... فالمجتمع الكويتي كان يعيش في الماضي على مبدأ العبد والسيد والمشيخة
المطلقة ومركزية القرار واستفراد الحكم في كل قرارات الدولة والشعب ... نتيجة لذلك
وقعت عمليات سرقات للأراضي من "بعض" الشيوخ وتحديدا من بعد اكتشاف النفط
في 1938م على أمل أن الإستيلاء على الأراضي كما أطلق عليها "وضع اليد"
بمصطلح الفاسدين لكن الحقيقة هي كانت سرقة حقيقية بنسبة مليار% ... وأن سرقة أراضي
الدولة كان ظنا وأمل أن يكتشف نفط في الأماكن المسروقة فيحصل مالك الأرض الرسمي
"السارق" لها على تعويض مقابل ترك الأرض للدولة والبعض كان يستولي على
الأراضي بهدف بيعها بأسعار مضاعفة مستقبلا ... فاستبيحت أراضي الدولة بسرقات مرعبة
مهولة لا مثيل لها في التاريخ الكويتي على الإطلاق فالأرض أرض الدولة سرقها شيخ
مجانا وسجلوها بإسمه مجانا ثم يصبح مليونيرا من ورائها مجانا وسط غياب دولة
القانون وضعف السلطة وتواطؤ "بعض" تجار الكويت آنذاك فالتقت المصالح ولو
كان الوطن هو الضحية ... ولما حكم الشيخ عبدالله السالم بدأ بحربه ضد
"سرّاق" تلك الأراضي من "بعض" أبناء الأسرة الحاكمة وأعادها
منهم واسترجعها إلى الدولة ومن الطبيعي أن يكرهونه سواء من بعض الشيوخ وبعض التجار
لأنهم قطع أرزاقهم التي لا شأن لها في الحلال شيئا ... والثابت والمعروف أن 99% من
أبناء الأسرة الحاكمة في الكويت وفي دول الخليج الدول الثرية هم فاشلون في عمل
التجارة وأي نجاح لأحد منهم تدور حوله شبهات الفساد لاستناده أو استغلاله وضعه
الإجتماعي كأحد أفراد الأسرة الحاكمة ... ولذلك ما أقدم عليه الشيخ الراحل عبدالله
السالم يعتبر من أجرأ وأقوى القرارات التاريخية المصيرية في تاريخ الكويت لكنها
أيضا كانت لها سلبيات وهذه النقطة سأتحدث عنها في الجزء الثاني بإذن الله ... أقول
ما سبق في هذه الفقرة تمهيدا لشرح وتحليل صورة أكبر وأعمق لمعرفة حقيقة ما يجري من
تناقضات صارخة وفاضحة ومعيبة في حق الأوطان العربية والتي "ربما" نزعت
ثوب الحياء وأصبحت عارية تماما ولا تجد أي عيب في ذلك ؟
إدارة البلاد في أي دولة عربية تحديدا وحصريا هي بمثابة لعبة سياسية
لها قواعدها الدولية وفق مرجعية تاريخية شديدة الألم والحزن وقاتمة المنظر لسوء
التاريخ العربي الحديث ... وأتفق ونتفق جميعا أن إدارة البلاد تختلف عن إدارة
وزارة أو شركة أو أسرة فالإدارة فن واحتراف وحكمة وبصيرة واقتدار ومخافة الله في
السر والعلن لأنه لا أحدا مخلدا في الأرض ... وبالتالي من الحماقة أن يأتي رب أسرة
أي حاكم منزله وأسرته ويسقط قناعاته بفرض أن تتبع الدولة قناعاته وسياسة إدارته في
منزله على لدولة فعلا إنها الحماقة ... ومن سفاهة العقل أن يظن ويعتقد أي صاحب
شركة صغيرة أو عملاقة أن بنجاح إدارته لشركته أو مؤسسته بأن وصل وبلغ من دهاء
الإدارة ما لم يصل إليه أحدا من قبل دون أن يكلف نفسه حتى أن يرى من هي أعظم شركات
العالم التي سبقته براعة ونجاح وتقدم ... ولذلك يبقى حكم البلاد هي من أخطر تجارب
الحياة التي يخوضها أي إنسان على وجه الأرض على الإطلاق فعلا إنها مغامرة محفوفة
بالمخاطر بنسبة 100% ربما تنجح وربما تفشل ربما تستمر ربما تسقط ربما يحبك شعبك
ربما يكرهك ربما يتم اغتيالك وربما يتوفاك الله ... لكن من وجهة الكثيرين أنها
مغامرة تستحق الخوض والدخول فيها لعظائم المكاسب التي لا يملكها سوى بضعة أفراد
على كوكب الأرض "الحكام" هذا بالإضافة إلى ما سيملكونه من ثروات البلاد والمليارات
مرعبة الأرقام ... وهنا تكمن لعبة البلاد جملة وتفصيلا ففي حكم البلاد هلاك للخصوم
وانتصارا على الأعداء وإعدام لكل من أعاق الطريق للحكم أو للفائز في سباق صراع
العروش ... وتلك تعتبر لعبة بكل المقاييس نعم لعبة أن تكون مصائر البشر لعبة تتقاذفها
أهواء الحاكم ومزاجيته بنسبة 100% ولا أبعد مما أقول دليلا أكثر من التاريخ العربي
... فما فعلوه الأمويين وهم قوم سيدنا عثمان ابن عفان الذين ارتكبوا الجرائم
والفظائع بحق أمتهم آنذاك وتفننوا بشتى أنواع الإنتقام ... ثم انقلب عليهم
العباسيين وأخذوا بثأرهم بطريقة وحشية وحتى قبور الأمويين نبشت ولم يبقى أمويا إلا
وأذاقوه الذل والهوان ... ثم استولى العثمانيين على حكم العباسيين وأسقطوهم ومارس
العثمانيين أبشع ممارسات التعذيب لدرجة لم يسبقهم إليها بشرا لا قبلهم ولا بعدهم
... كل ذلك حدث ويحدث وسيحدث بسبب حكم الفرد الواحد والسلطة المطلقة والقرار
الفردي في ظل غياب كامل ومطلق من أي سلطة معارضة أو سلطة رقابية تراقب وتحاسب ...
وعلى هذا الأساس تكمن لعبة إدارة البلاد التي تبدأ من اللهو واللعب والتسلية
والغرق في ملذات أجساد أجمل النساء العاريات الراقصات ونكاح ما تشاء منهن وصرف
أموال الرعية بسفاهة وبذخ وجنون بلا حسيب ولا رقيب ولا حتى ناصح أمين وانتهاء
بالسجن والتعذيب والقتل والدفن المجهول ؟
في تسعينات القرن الماضي روى لي أحد الأصدقاء الراحلين المتوفين وكان
يعمل في مركز دولي رفيع وحساس هذه الرواية الحقيقية فيقول : ذهب رئيس مخابرات
باكستان "المقال" إلى رئيس دولة عربية متمنيا على رئيس الدول الدولة
العربية أن يتوسط له لدى رئيسة الوزراء الباكستانية "بنظير بوتو" أن
يعيده إلى منصبه السابق كرئيس للمخابرات العامة فوعده الرئيس العربي بالخير وتلبية
طلبه ... فاتصل رئيس الدولة العربية برئيسة حكومة دولته وطلب منها أن تعيد الرجل
إلى منصبه السابق ... فقالت له : هل أنت متأكد أنك تريد أن أعيده إلى منصبه السابق
؟ فأجاب : نعم وأرجو ذلك ... فقالت له : حسنا سأرسل لك شريط فيديو اليوم بمبعوث
خاص مني شاهده وبعدها سأسألك مرة أخرى عن طلبك ... فقال : حسنا بانتظار رسولك ...
فأرسلت له شريط فيديو فقال المرسول للرئيس العربي : سيدي رسالتي لك أن تشاهد هذا
الفيديو وأنت لوحدك ولا تجعل حتى أقرب المقربين لك يشاهدونه وبعد أن تشاهده لك
الحق أن تبقي الفيديو أو تحرقه أو تدمره ... فشاهد الرئيس العربي الفيديو لوحده وإذا
به وهو نفسه في إحدى زياراته الخارجية للسياحة وهو جالس في حوض حمام السباحة عاريا
تماما ومعه أكثر من 10 عاريات معه في نفس الوضع وهم في ضحك وسرور فصعق وصدم الرئيس
العربي من هول ما شاهد وأين حرسه وحمايته وكيف تم تصويره وأسئلة كثيرة عصفت بعقل
الرئيس الراحل ... فاتصلت به رئيسة الوزراء الراحلة : هل لا زلت تريدني أن أعيده
إلى منصبه السابق بعدما هو من صورك بهذا الوضع ؟ فقال : لا تعيديه لعنة الله عليه
... وهذه الرواية أنقلها فقط من باب معرفة أن ما يحدث في زماننا هو نفس ما حدث في
أزمان سالفة وربما أكثر فجورا وفظاعة وأكثر من اشتهر بتلك الممارسات هم العباسيين
والعثمانيين تحديدا ؟
يتبع الجزء الثاني
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم