قد يظن الكثير منكم أن قضية إسقاط أو سحب الجنسية الكويتية مسألة هينة وجدا عادية ... وربما كانت حتى أقل من العادية لدى أخبث الناس ممن ربهم الدينار وولاؤهم لمن يقدم خدمات أكثر ... لكن هناك فئة كانوا كويتيين وبين ليلة وضحاها أصبحوا غير كويتيين سحبت منهم الجنسية والبطاقات المدنية ورخص القيادة وشطبت أسمائهم كاملة من سجلات الدولة الرسمية كمواطنين ... والموظف يفصل من عمله والمتقاعد يوقف صرف راتبه والمنزل الحكومي يتم سحبه وبطبيعة الحال قروض بنك التسليف والبنوك المحلية ملزمين بسدادها ... هكذا تغير الحال بجرة قلم فلا تستطيع أن تذهب لطبيب ولا مدارس لأبنائك ولا علاج للأمراض الكبيرة أو الخطيرة لا شيء بالمطلق لا شيء بمعنى الكلمة فتفقد إنسانيتك ويتحطم الولاء الوطني ... فما هي الحكاية وأسبابها وتداعياتها وما هي الحلول ؟
إنهم فئة نستطيع أن نطلق عليهم "فاقدي الجنسية الكويتية" ... هؤلاء قامت الدولة بشكل أو بأخر باكتشاف أن جدهم أو والدهم أو أو أو قد حصل على الجنسية الكويتية بالتحايل والكذب والتزوير ... فقامت الدولة بإجراءاتها الطبيعية والبديهية والتي بالمطلق لا بد أن تتخذ فيهم إجراء أمام جريمة نكراء قام بها إنسان منعدم الشرف والضمير ومجرم دفع ثمن إجرامه أبناءه وأحفاده ... جريمة تزوير مكتملة الأركان إذن هذه نقطة انتهينا منها وتمت إحالة المزور للقضاء ليقول فيه كلمته والشكر والتقدير مؤكد لمثل هذه الجهود الوطنية التي تبذلها الجهات المختصة وهو إجراء متبع في كل دول العالم ... لكن هل الأمر انتهى إلى هذا الحد ؟ كلا فالأمر أكبر بكثير وغائب عن الجميع وقد ولدت كرة ثلج جديدة والتي ستتكون لديك أزمة اجتماعية بعد سنوات ... فما لا تعرفونه أن أسرة الكذاب المجرم المزور قد تصاهرت مع أسر كويتية كريمة هذه أنجبت من هذا وهذا أنجب من هذه وسجل الأبناء بطبيعة الحال "كويتيين" ... وبعد اكتشاف التزوير اكتشفت الكويتية أن والد زوجها مزور وزوجها الكويتي لم يعد كويتيا وأبنائها ليسوا كويتيين ولا أي جنسية أخرى ... والكويتي من أسرة كريمة تزوج من أسرة كويتية وبعد أن فضح تزويرهم وجد زوجته الكويتية أصبحت غير كويتية وأبنائه من أم غير كويتية ... والإجابة أو الرد البديهي في مثل هذه الحالة فليذهبوا إلى وطنهم الأصلي ليستخرجوا هوايتهم الجديدة ويعودوا ليصححوا أوضاعهم أيس كذلك ؟ ... كلا يا عزيزي فالأمر أيضا أكبر بكثير وكثير جدا ... فأول ما يخطر على بالك ويجب أن تفكر بنفس عقلياتهم أن من سيذهب إلى موطن والده فإن نسبة تصحيح وضعه هناك في أفضل الأحوال لن يتجاوز 5% وثانيا نسبة عودته للكويت لن تتجاوز 10% ... وثم كيف سيسافر بأي هوية بأي جواز سفر وحتى لو استخرجت له وثيقة سفر يجب أن تأخذ موافقة سفارة الدولة لديك المعنية وأيضا جواز مادة 17 يستحيل أن تمنحه لجنة المقيمين بصورة غير قانونية ... إذن المسألة أصبحت معقدة ومتشابكة ودخلت فيها أطراف دولية أو إقليمية والخوف من مجرد الذهاب لتلك الدول لتصحيح أوضاع "فاقدي الجنسية" هو السائد وبنسبة 100% ؟
أنا هنا لا أدعوا بالتساهل مع قضية تزوير الجنسية بأي شكل من الأشكال والدولة هنا مارست حقها وكشفت المزورين ... بل ويجب تكثيف الجهود لكشف المزورين الذين عاثوا بالكويت فسادا ... لكن أيضا على الجانب الأخر هناك قد بدأت مأساة إنسانية حقيقية وهناك مواطنة كويتية وجدت نفسها بين ليلة وضحاها أن أبنائها وزوجها الكويتيين أصبحوا "غير كويتيين - فاقدي الجنسية" ... ولا يمكنهم السفر وحتى لو لو لو مكنوا من السفر فالخوف من وحشية الأجهزة الأمنية هناك تمنع حتى الشيطان أن يذهب لتلك الدول ... إذن ما العمل وما هو الحل ؟ إن الصمت والسكوت عن هذه الشريحة ستكبر وستتكاثر وأنت اليوم تعاني من "قضية البدون" والتي كانت بداياتها مثل هذه الحالات تماما استهترت أهملت تناسيت ثم أصبحت قضية وأزمة اجتماعية وذات تأثير خارجي ... وإني هنا أقرع مبكرا أجراس الخطر للحكومة والبرلمان ومؤسسات المجتمع المدني لتلتفت إلى هذه القضية والشريحة ووأدها وحسمها بشكل عملي حتى لا نواجه غدا قضية يخوض فيها ألف رأي وألف موافق ومعارض ... هل الدولة تستقر على تجنيس الأبناء أم تنجح باتصالاتها مع دولهم وتوفر لهم وثائقهم الرسمية أم ترحلهم إجبارا أم تحولهم بشكل تلقائي إلى مقيمين ... هل هم يشترون جنسيات وجوازات سفر رسمية دولية معترف 100% بها مثل : دول البحر الكاريبي - أسبانيا - إيطاليا - اليونان - وغيرها من الدول التي يسهل شراء جناسيهم عبر الإستثمار المعقول ؟ وهل الدولة توافق على مثل هذه الحلول ؟ ... لا أعرف لكن ما أعرفه أنه يجب الإسراع بإيجاد الحلول الحاسمة لغلق هذا الملف وبشكل نهائي حتى تقطع الطريق على أي احتمالات مستقبلية كقضية البدون التي استهترت بها وأهملتها في بدايتها واليوم تعاني منها ... ولا تثق بالمطلق لا تأمن عبث وفساد الحكومات ومجالس الأمة الحالية والقادمة التي يمكن أن تعيد جناسي المزورين لهم مرة أخرى ... فهل أنتم فاعلون ؟
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم