وفق التاريخ البشري وسيرة كل الأمم والشعوب في البحوث طيلة 10 آلاف سنة فقد آمنت البشرية وبنسبة لا تقل عن 95% بالأوثان والسحر والشعوذة وقراءة الطالع وعبادة الإنسان أي تحويل الإنسان إلى إلــــه مقدس ... ومسألة المؤمنين بالكتب السماوية فهذه لم تكن سوى فترة لا تتجاوز 2.000 سنة لا أكثر وحتى طيلة هذه الفترة وصولا حتى لأيامنا هذه كان القلة من المؤمنين حقا والكثير ممن أمنوا بالكتب السماوية لكن أرجلهم لم تطأ لا مسجدا ولا معبدا ولا كنيسة ... ولا غرابة إذا ما علمتم أن اليوم وفي زمانكم هناك مسلمين لا يفقهون شيئا في دينهم ولا في صلاتهم ولا يعرفون عدد الركعات بين صلاة العصر والمغرب ولا يحفظون شيئا من كتاب الله بل علمت على لسان عرب كثر أن في بيوتهم لا يوجد مصحف أصلا ... وحتى تتيقن مما أقول انظر لملايين الأسئلة التي يسألها الناس لرجال الدين تلك الأسئلة تكشف لك فرط جهل الأمة ومساحة الفراغ الهائلة التي تعيش فيها المجتمعات لدرجة أن الحمقى يسألون رجال الدين ماذا يفعلون مع زوجاتهم سواء في المعاملة أو حتى الفراش !!! ... تلك الحالة أعرضها لكم لأبين لكم واقع اليوم المؤسف وحاضركم فما بالكم فيمن سبقتكم من أمم وشعوب ... ففي الماضي عندما كانت سطوة المسيحيين طاغية كان من المستحيل أن تجد حربا يخوضونها إلا وفيها رجال الدين حتى يباركوا الحرب وينصحوا باسم الرب ... وبكل تأكيد لن أترك "محاكم التفتيش المسيحية" التي تنتشرت كالنار في الهشيم في "أسبانيا والبرتغال وإيطاليا وفرنسا" بزعم محاربة البدع والهرطفات أبيد مئات الآلاف بمحاكمات صورية شكلية باسم الرب لم تفرق بين جاهل وعالم ولا بين طفل وإمرأة في حالة من استغلال الدين وصناعة سطوة قهرية في إرهاب فكري صرف ... وما قبل المسيحية كان من المستحيل أن يخوضوا حروبا إلا بعد أن يأخذوا إذن السحرة والعرافين لتبيان طالعهم ومستقبلهم في الحروب والمعارك ... والمفارقة التاريخية أن جميعهم ماتوا ولم يأخذ أحد معه شيئا مطلقا دون أن يتعظ من جاء بعدهم من أي ملة أو أمة أو ديانة أو شعب وحتى يومنا هذا وحتى قيام الساعة ... ومن المهم أن تعلموا أن رجال الكنيسة قديما كانوا شهودا على مذابح ومجازر ارتكبت بحق البشرية لكنهم التزموا الصمت من أجل حصتهم من الأموال التي صنعت منهم أثرى الأثرياء حتى أنهم كانوا أثرى من ملوك أوروبا حتى ... وهذه الحالة من الجهل في الدين والشرائع السماوية ليس مصدرها جهل الإنسان بل لأنه وجد أنها لا تنتج أموالا وتتضارب مع مصالحه مع علاقاته مع سلوكه ولذلك المنافع الدنيوية أهم من منافع الأخرة ؟
عندما ضعفت "الخلافة العباسية" ضعفت معها "الخلافة الإسلامية في الأندلس" ثم قامت "الدولة السلجوقية" وعندما ضعف السلاجقة قامت "الخلافة العثمانية" لتستعيد أمجاد ما ضاع من حقوق الأمة العربية والأمة الإسلامية ... ثلاث قوى إسلامية ضاعت بسبب "الكرامة الزائفة" ناهيك عن البعد الكلي بين "الخلافة العباسية والأندلسية" رغم أن صراعهم يجمع بأنهم "عرب أقحاح" ومن أصول قريشية لكن العداء المتوحش ما بين الأمويين والعباسيين ظل حتى فنائهم ... وبكل تأكيد العدالة والشفافية في كل حكم سقناه كان محل هراء لا أساس له من الصحة ... بدليل يوم قامت "امبراطورية المغول" الجميع خضع لهم بل وصل بالأمور كثيرا ما كان المغول هم من يتحكمون بمن يصبح واليا ومن يكون حاكما والتخلف عن دفع الجزية تعني القتل ... ولا أستطيع ولا أحد يستطيع أن يحصي عمليات القتل بالسم وكيف كان للنساء الدور الأول والرئيسي بأشهر عمليات الإغتيالات التي طالت الخلفاء والرؤساء والملوك في كل التاريخ البشري وبين كل الأمم والشعوب ... هذا ناهيك عن آلاف "القوى الصغيرة" التي نشأت على حسب الديانة أو العقيدة أو الدين والغالبية كان لا دين لهم لم يكونوا سوى عباد أوثان وأتباع هرطقات ظاهرهم الحق وباطنهم الشر والسوء والكذب ديدنهم ... تلك "القوى الصغيرة" شكلت وجودا في التاريخ البشري شديد الأهمية وعظيم التأثير وحتى أضع الواقع بين أيديكم فليس هناك مثال أكثر من "القرامطة" الذي سرقوا الحجر الأسود من الكعبة المشرفة ولم يجرؤ ابن أبيه أن يسترده أو يقاتلهم إلا بعد مرور ما يناهز الـ 22 سنة ... ولن ننتهي من الأرقام والإحصائيات إذا ما علمتم أن أكثر من 70 مليون نسمة قتلوا في الحرب العالمية الأولى والثانية وجرح أكثر من 100 مليون وهجر أكثر من 40 مليون نسمة ... وأوضاع العراق وسوريا التي بسببها هاجر وتركوا أوطانهم أكثر 15 مليون نسمة وأكثر من 30 مليون نسمة هاجروا من بلدانهم بسبب الأوضاع الإقتصادية القاهرة في دولهم ... تلك النظرة السريعة على التاريخ القريب ليس مصدرها الأرض ولا مواردها الطبيعية بل جشع الإنسان والأمراض العقلية والنفسية لمن يحكم دولا وشعوبا وأمما ... مُختلين عقليا فتنتهم السلطة وكرسي الحكم وصنعوا أزمات وأفقروا شعوبهم ودولا نقرأ على أنها دولا فقيرة وما هي بفقيرة بل من حكمها كانوا لصوص أوغاد ولا يزالون ؟
إن الجاهل دائما ما يخاف من المتعلم والمتعلم كثيرا ما يخاف من المثقف والمثقف كثيرا ما يخاف من الحاكم ... تلك السلسة من هذا الإسقاط ترجمه لنا الفيلسوف "ابن خلدون" عندما نظّر لنا نظرياته في تحليل المجتمعات العربية والشعوب التي بطبيعتها لا تزال وحتى يومنا هذا تعيش في كنف الجهل ... وتستر بجهلها خلف حضارة الإنترنت والعمارات الشاهقة وآلاف المقاهي والمطاعم والسيارات والملابس الفارهة ... جهل لم يصنع عقولا ولا أيدي عاملة حقيقية وأفضل أيدي عاملة لديك أحسنهم من يصنع مطبخ أو يحسن الصباغة أو يصلح لك سباكة المنزل ... لأنك وببساطة لو رأيت بدقة الأمور ستكتشف أن ألوان الصبغ قد استوردت من الخارج وأدوات السباكة صنعت في الخارج وأدوات المطبخ وكل شيء في منزلك صنع في الخارج ... بل وحتى أثاثك من الخارج وإن صنع في الداخل فإن المواد الأولية الرئيسية صنعت في الخارج ... ناهيك عن سيارتك وموبايلك وأجهزتك الطبية والعلاجات والطائرات وسفن الشحن إلخ ... تلك العبودية وقوة السيطرة لم تكن وليدة الصدفة أو اللحظة إلا أنك من يحكمك قرر أن تكون أنت العبد وأنت الجاهل ومحظور عليك حتى التفكير ... فصنعوا وهم فجعلوا الحزب أو الحاكم هو الوطن مع أن أصولك ونسلك وسلالتك هم أقدم من وجود دولتك ... تلك الحقائق ترسخ في وجداننا أن الإنسان ما كان على الأرض سوى لعنــــة ولعنة قاتلة أينما حط قدمه حل الخراب والدمار وفضلاته ومخلفاته وراءه ... بل وحتى في الفضاء الخارجي هناك آلاف الأقمار الصناعية التي انتهت صلاحياتها لم يتخلصوا منها بل تركوها تسبح في الفضاء دون أدنى اهتمام ... وانظر لتلوث المياه البحار والأنهار وانظر لتقلص مساحات الغابات الطبيعية على سطح الأرض ... حتى أني وجدت تركيا تقطع أشجار شمال العراق لتصنع من الأخشاب منافع تجارية لها مثل "الأبواب والكراسي وغرف النوم وطاولات الطعام" وغيرها أي دمروا طبيعة العراق حتى يحافظوا على طبيعتهم هم ... وتلك حالة واحدة من الكثير من عبث وفساد الإنسان وجشع الإنسان والإفراط في الإستغلال ؟
إن القانون الذي صنعه الإنسان لينظم حياته فيه ويضبط حركة البشرية ويمنع أي انفلات ويحارب الجريمة هو ذاته نفس القانون الذي أصبح أداة للكذابين والمجرمين والفاسدين ... وفي مقارنة ونظرة سريعة على السجون في العالم فإنك مخطئ ومخطئ جدا إن ظننت أن السجون تحتضن القتلة والمجرمين ومرضى اغتصاب الأطفال وغيرهم ... فانظر بتمعن وتفحص جيدا من هم الأخطر هل من هم داخل السجون أم خارجها ؟ ... هو ذات القانون الذي صنع قضاة ليسوا فاسدين فحسب بل ومجرمين قولا وفعلا فتجول في الدول وانظر كم قاضيا أصدر حكما بالإعدام على المئات والعشرات ظلما ... والقانون هو ذاته الذي يمنعك من أن تسكن في أي مكان وعلى أي أرض في دولتك بزعم الأمن أو أراضي نفطية أو أي حجة كانت ... ويمنع بالمطلق أي كثافة سكانية تتجاوز الـ 100 في الدول الصغيرة وتتجاوز الـ 5.000 في الدول الكبيرة ... حتى يسهل السيطرة على الجميع أمنيا وحتى يضمنوا تماسك أسعار العقارات والبيع والشراء والإيجار ... والتاريخ كله وتحديدا منذ أكثر من 2.000 سنة يثبت بما لا يدع شك أن الإنسان وظّف القانون لخدمة المصالح الخاصة من منفعة عُلية القوم أو خاصتهم ... ولذلك هناك عقيدة راسخة في أذهان الكثيرين أنه من البديهي أن تكون هناك طبقات وأدوار في تصنيف البشر السلطة ثم التجار ثم العوام من الطبقة المتوسطة ثم الفقراء ثم العبيد ... تلك القواعد بكل أسف لم تستطع الأديان السماوية أن تسقطها أو حتى أن تمنعها لأن القوة البشرية كانت وما تزال وسوف تبقى أكبر من القوة الدينية ... والقوة الدينية ذات بأس شديد لكن متى ما نهضت السياسة من مكانها خرست القوة الدينية لأنها وجدت لعوام من الطبقة المتوسطة والفقراء والعبيد لا لعُلية القوم الذين أصلا ينفقون على القوة الدينية التي بدورها تجمع أموال الفقراء وتقدمها قرابين للحكام الذي يسرقونها بطبيعة الحال منذ آلاف السنين ... ولذلك من الكوميديا السوداء أن يبنوا لك مسجدا بمواصفات فخمة للتفاخر ويتركوا الآلاف والملايين بلا طعام بلا تعليم فالتقرب إلى الله سبحانه أصبح ببناء المساجد فقط !!! ... وتجارة الأديان تصنف على أنها ثاني أكثر وأكبر تجارة عرفها الإنسان في كل تاريخه وتأتي الدعارة وتجارة العبيد في المركز الأول بطبيعة الحال ... كل هذا حدث باسم القانون قانون الدولة أكان أم قانون الكنيسة أو قانون الأوقاف والشؤون الإسلامية أو قوانين المعابد اليهودية التي هذه لو قتحنا ملفاتها لشابت رؤوسكم مما فيها ... الأمر الذي يضعك أن كل وأي قانون في أي مكان في العلم وفي أي زمن كان لا يمكن الوثوق فيه بالطلق لأنه من صنع الإنسان ... وكل قانون صنعه الإنسان أولا هو قانون قابل للخطأ أو الفساد ثم قابل للتغيير أو التعديل أو الإلغاء حسبما تقتضيه المصلحة أو الظرف ومن أجل ذلك ولدت الصفقات السياسية لتمرير قوانين وإسقاط قوانين في الدول الدستورية التي تسبح فوق بحر من القوانين ظاهرها العدالة وباطنها الصراع السياسي الفاسد ... وفي الجزء القادم سوف نخوض في وجه أخر من الحقيقة البشعة للإنسان وكيف ينشر سموم أفكاره المريضة بين ثنايا مجتمعه بزعم الوطنية الكاذبة ؟
دمتم بود ...