كل من يولد له ساعة تقريبا يكون حرا بنسبة مليون% ثم بعدها يأتي
والداه فيبدؤون بصناعته وتحويله من مخلوق حــر إلى كائن عبد Slave ... فيجعلانه تابع لدينهم ودين آبائهم وكلما
كبر زادت جرعة الضخ للمعتقد الديني ثم يتحول المعتقد الديني إلى صناعة المذهب حسب
الدين ثم تتم عملية بالتمام والكمال والأمر كذلك إجتماعيا بنفس الصناعة والمنهج
... ولمن لا يعرف فإن العالم منذ القدم وإلى يومنا هذا عاشت الأمم بمئات الآلهة
التي صنعها الإنسان بنفسه لنفسه وآلاف المذاهب والمعتقدات ... وعودة لموضوعنا يكبر
الطفل فيصبح صبيا ثم يصبح شابا ثم مراهقا ثم رجلا وقد اكتملت عملية غسل العقل
وأصبح جاهزا تماما حتى يكون مدافعا عن دينه ومذهبه أيا كان وبدفاع شرس وكأنه عاش
ألف عام وكأنه جلس مع الأنبياء والرسل وكل كتبة ومؤرخين التاريخ ... وهذا ما هو
حاصل مع مليارات البشر منذ القدم وإلى يومنا هذا وإلى قيام الساعة ... مما أنتج
فئة بشرية يقدر عددها بأكثر من 500 مليون نسمة حول العالم ضجرت بخلافات وصراع
الأديان فقررت أن لا تؤمن بأي دين ولا بأي دليل ومنطق ولا تعرف بأي إله وأنا أرى
هؤلاء ضحايا لاختلاف الأديان وتضارب الأيدلوجيات ؟
إن صناعة الفكر جاهلا من يعتقد أنها مسألة هينة وسهلة بأن تغير
قناعاتك وتنفض غبار الجهل عن عقلك كلا وأبدا ليست بالسهولة التي يتخيلها السواد
الأعظم ... خصوصا في العالم العربي العالم الذي لديه العادات والتقاليد أهم من
الدين والشرع نفسه ... لكن العقل يجب أن يتحرر من تلك القيود البالية والعادات
المتخلفة لأن قدرات العقل تفوق ما لا تتخيلون وما لا تتوقعون ... فأنت في اللحظة
لتي تفكر فيها لتغيير نفسك ستضع "تلقائيا" والديك وما علموك إياه
والمدارس ما لقنوه لك وبيئتك من إخوانك وأخواتك واختلاف شخصيات بعضكم بعضا ... ثم
الأصدقاء المقربين جدا منك ثم الأهل من أسرة الخال والعم كلهم يشكلون عامل ضغط
رهيب وجبهة عنيفة فهل ستصمد أمام كل هؤلاء ؟ أم ستصنع التغيير بصمت كالجواسيس ؟
وهذا ما لا يمكن أن يحصل لأن التغيير الحقيقي تلقائيا سيظهر على شخصيتك من خلال
طريقة التفكير والتحليل والإستنتاج والحديث وبالتالي سيتغير لديك أسلوب وطريقة
الحوار والنقاش ... وقبل كل وأي شيء يجب أن تتعود على القرائة والبحث لأنه لا يوجد
تغيير من دون قرائة ومن غير قاعدة ثقافية واسعة التي على أقل تقدير يجب أن لا تقل
عن 10 سنوات من البحث والقرائة في كل وأي شيء ... أي بمعنى يجب أن تقرأ في الدين
والشرع في الموسيقى في الجنس في العلوم والتاريخ السياسي والإجتماعي والجغرافيا وأحيانا
ستصاب بجنون "وقتي - لحظي" أي الهروب من عالم الحقيقة إلى عالمك الذي تعيش فيه فترتكب حماقة ثم تعود إلى عالم الحقائق إنه هروب مبرر لأن كم الضغط الذي وقع عليك
ليس بالهين والحماقة هنا كالإستراحة تمارسها ثم تعود إلى صفك المدرسي ... وبعدها
ودون أن تشعر ستجد نفسك ملما في كل شيء لكن لست متخصص في كل شيء ... أي يمكن أن
تقرأ وتعرف الكثير من الأمور الطبية لكنك يستحيل أن تجري عملية جراحية ويمكنك فهم
كل شيء في الكمبيوتر لكنك لا تستطيع أن تكون محترفا في الإختراق والتجسس
الإلكتروني وهكذا من الأمثلة الواسعة ؟
هكذا غيرت نفسي ؟
كنت جاهلا سفيها أرعنا متمردا لا شيء يعجبني مغرورا متكبرا وإذا أصريت
على رأي فإن الكرة الأرضية بأكملها لن تستطيع أن تثنيني وتنزلني عن رأيي وهذه هي
الحماقة بعينها ... إلى أن وقعت لي أحداث في حياتي الشخصية كانت مزلزلة لدرجة
قاهرة يصعب على أي أحد أن يستوعب ألمها ووجعها لا يتمناها لا الغني ولا الفقير
وظلمت ظلما عظيمــــــا شديدا وإلى يومنا هذا لم يعرف أحدا حجم ومقدار ما عانيته
ولن يعرف أحدا ... لأن أول درس تعلمته أن ألمك ومشكلتك وهمك لن تجد من سيقف معك فيهما
وربما إن بحت بسرك سيكون صديقك هو عدوك مستقبلا وبذلك أعطيته سلاحا مجانيا ليقتلك
به ... ثم انكببت على كل شيء في عالم الإنترنت وعندما أقول انكببت أي أني كنت
مدمنا على لإنترنت لأيام وأشهر وسنوات ... ومرت أشهر كنت متواصل الجلوس على
الكمبيوتر لأكثر من 16 ساعة متواصلة يوميا لا أعرف التوقف مطلقا إلا لقضاء الحاجة
أو الأكل ... فقرأت الإنجيل وتفسيراته والتوراة وتفسيراته والتاريخ الإسلامي
والمذاهب وكتب الحديث والفقه ... وكل التاريخ الكويتي من الألف إلى الياء ومعظم
تاريخ الدول العربية بأدق تفاصيلهم السياسية والإقتصادية والإجتماعية والعلوم والمواقع الإباحية حتى وصلت إلى معلومة
وحقيقة أن "بعض" الأثرياء العرب هم أكبر المستثمرين في أشهر المواقع
والقنوات الإباحية ... وتعمقت في الكمبيوتر واحترفته فدرسته فحصلت على شهادة
مرموقة به وحتى الفكر التجاري لم أتركه فدرسته من باب فضولي كيف يفكر التاجر وكيف
يحسب وكيف تنشأ المشاريع وكيف وما أكثر كيف ولست تاجرا لكن هذا الأمر استفزني من
باب كيف يعبثون باقتصاديات الدول فعرفت حقائق صادمة ... وحتى الطب والجغرافيا
وعظماء الفلاسفة لم أتركهم وحتى الفن والفنانين لم أستثنيهم وحتى الشعر الجاهلي
خضت في بحوره وحتى السحر وكتبه وحتى العشق وأسراره والصناعات والشركات وكيف حتى
يدار هذا العالم ... بل حتى الأبراج وعلم تحليل الشخصية درسته وتعمقت به وأجريت
تجارب على أشخاص دون أن يعرفوا بذلك ... باختصار لم أترك شيئا إلا وطرقت بابه فكان
ثمن كل ما سبق أني أصبحت وحيـــــدا لأن الناس تفر من الذي يفهم أكثر من المعتاد وأكبر
من المطلوب ... أي أنك ستتوجس من شخص سهل عليه أن يكتشف حقيقتك ويعرف ما تفكر به
وحتى دون أن تتحدث إن هاتفك أو جالسك مباشرة ... ولم أندم في حياتي على شيء إلا
أمرين لا ثالث لهما : حماقتي وجهلي في الماضي + وقتي من عمري وحياتي الذي ذهب ومضى
لحفنة حثالة أضاعوه دون فائدة ... لذلك أنا اليوم لا أرى أحد في عيني ليس غرورا
وليس تكبرا بل لأني رأيت هذه الحياة أنها لا تساوي شيئا ولا شيء يستحق أن ترمي نفسك
من أجله إلى التهلكة ... بمعنى من أنت وماذا تملك ومهما كنت فإنك فترة من الزمن
ويطويك زمانك كما تطوى الصحف والأوراق فلم يعد يغريني شيئا على الإطلاق وأبدا ولن
يكون ذلك ما تبقى من عمري ... والكل سيمضي والدنيا قطار ناس تولد وناس تدفن والعلاقات
البشرية هي محطات تسجل وتوضع في أرشيف الذاكرة ؟
لذلك صناعة الفكر الحقيقي ليس بالأمر الهين على الإطلاق وهي كمن يغير
جلده بألم وقسوة وحتما سيكون له ثمن باهظ "اجتماعيا" لأنك ستجني علما
وخبرة "استثنائية" ستمكنك من إسقاط عشرات الأقنعة التي حوليك وبسهولة وسيتخلى
عنك الكثيرين ... لكنك ستحصد معرفة لا تساويها كنوز الأرض بل ستصل إلى مرحلة أنك
ستتوقع ما سيحدث وبالفعل سيحدث لأن قرائنك للحدث أو للشخص أو للموضوع كانت قرائة
صحيحة ولن تخيب ظنونك إلا في حدود 10% في أسوأ الأحوال وهذا ليس سحرا ولا تنجيما
بل رؤية ثاقبة لقرائة صحيحة لخبرة موثوق فيها ... وكل دورات تغيير الشخصية التي
جرت وتجرى ما هي إلا حلقات بإدارة حفنة دجالين نصابين استغلوا جهل من جاؤا إليهم
بأرجلهم ودفعوا من مالهم لشيء هو أصلا متوفر وبالمجان على الإنترنت ؟
لا تصدق قناعاتك فابحث جيدا فيها وخلفها حتما ستكتشف أنها قناعات
خاطئة وشعورا مزيفا والحقيقة ستصنع منك إنسانا جديدا مختلفا
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم