في سنة 1850 - 1900 لم تكن هناك طائفية قبلية عنصرية في الوطن العربي بشكل عام وكانت الطبيعة الاجتماعية تسير كما سار الأسلاف منذ مئات وآلاف السنين ... أي مجتمع عربي مسلم كل يدور في دائرة حياته ومعاناته خليفة للمسلمين وأمير المؤمنين ومساحة خلافة إسلامية واسعة ومترامية الأطراف ... ومجتمعات وأعراق ولهجات وأسواق وتجارة وبطالة وأسواق من كافة الأشكال والأنواع وفساد ولصوص وشرفاء وأتقياء وخمّارات ومساجد ومشاجرات بين الجيران وعداوات بين الأصدقاء وخلافات في الأسرة وهجرات ... حياة طبيعية جدا لا شيء غريب فيها مجتمع مثل مجتمعكم تماما يدور في فلك الحياة اليومية حتى يضرب هذا مرضا أو ذاك وفاة ومماتا ... لم يكن هناك سنة وشيعة بالشكل المتوحش في زمانكم ولم تكن هناك عنصرية وفوقية لأن العبد "أبيضا أو أسودا" يعرف حدوده جيدا ولم تكن هناك قبلية كما يحدث في زمانكم من تفاخر الجاهلية ... أمة بسيطة في تفكيرها وبسيطة في حياتها تدب الحياة في كل أرجاء المعمورة بعد صلاة الفجر ويخلد الغالبية إلى النوم بعد صلاة العشاء بقليل ... لم تكن لديهم كهرباء ولا إذاعة ولا تلفزيون ولا تكنولوجيا ولا مواقع تواصل اجتماعي ولا صحف ولا مجلات وحتى في زمانكم لو فقدتم نعمة الكهرباء فستعودون مجبرين لـ 100 سنة إلى الوراء ... ولو أردت أن تقارن بين عقلية من سبقوكم في ذلك الزمان وبين عقليتكم بالتأكيد سيكون هناك فرقا شاسعا يرقى إلى درجة الخرافية ... فأغبى عقل في زمانكم يقارع أذكى عقل في زمانهم والسبب لا يحتاج إلى عبقرية التفكير بقدر ما يكون السبب هو جنون التكنولوجيا وركوع وسجود المعلومات تحت أقدامكم ... بعكس ممن سبقوكم الذين لم يملكوا 10% مما تملكون من ترف الحياة من مباني ومجمعات وأسواق ومولات وسيارات وطائرات وهواتف ذكية وقنوات فضائية إلخ ... تلك الترفيات التي تعيشون في رغدها هي من كانت السبب بغسيل عقول الكثير منكم فنجح الغرب نجاحا باهرا بتمزيقكم وصدق غالبيتكم خزعبلات يظن الكثير منكم أنها حقائق بل ويقينا وما هي بذلك على الإطلاق ؟
اليوم وفي 2020 هناك فريقا يتصور أن إيران عدو حقيقي وأنها خط الدفاع عن أمة الشيعة في العالم وأنها تريد أن تحتل أو تسيطر على العالم الإسلامي ... ويتصور الفريق الآخر أن السعودية هي سيف السنة وأنها الملجأ والملاذ للمسلمين وأنها تدافع فعليا عن قضايا الأمة الإسلامية ... وكلا الفريقين بكل تصوراتهم ليس على حق ولا يعرفون الحق بل خيّـل إليهم أنهم على الحق بل كلا الفريقين على الباطل ويتحدثون بلسان الشياطين ويمشون وفق المخطط الذي أعد لهم مسبقا ... وأول دليل على خطأ هذا الإعتقاد وهذا الجهل هو وجود حالة من الكره الشديد بين الفريقين أي أنك تكره شخصا لا تعرفه نهائيا ولم تراه مطلقا بل وتكره أمة بأسرها دون سابق علم أو معاشرة أو حتى اطلاع على ثقافتهم ... مع الإنتباه أن في كلا الفريقين "السنة - الشيعة" أو "السعودية - إيران" كلاهما يحتضنان متطرفين مجانين في القول والفعل لا أحد منهم بريئا ولا أحد منهم شريفا والسواد الأعظم منهم لا حول له ولا قوة مجرد تابع ويرتعب من الخروج عن القطيع خوفا من إنكاره بل وحتى قتله ... إن تحريم التفكير وتحريم الفهم وحرمة الرأي المستقل هي صفة تتمتع بها المجتمعات العربية قاطبة التي تعودت إما أن تكون معي أو تكون ضدي ... وتلك الديكتاتورية في مركزية القرار والتفكير هي من أفرزت التطرف الثقافي والجهل المجتمعي حتى بات الكثير منهم يتحدث وكأنه "وكيل الله في الأرض" ... فظهر أئمة الظلال ومشايخ الإجرام كلهم يتاجرون بدين الله بوقاحة وجرأة لا يتصورها عقل مؤمن حقيقي ... ولا تعجب إذا ما رأيت كم الإفتراءات على الله ورسوله وروايات مضحكة للأطفال ومبكية للكبار الجهلة إنهم فاقوا فنانين التمثيل مهارة وإتقان !!!
إن المضحك في روايات وحجج هذا وذاك أن كل منهم يتهم الآخر بالإرهاب والحقيقة هي أن كلا الفريقين إرهابيين ولو أردنا أن تستعرض التاريخ الحديث لكليهما فمن السهل إثبات حقيقة أن الفريقين هما أرهابيين مجرمين اتخذوا من دين الله تجارة خسيسة ... ففي 24-12-1979 أي تقريبا في أول 1980 احتل الإتحاد السوفييتي أفغانستان فلم تشأ أمريكا أن تدخل في مواجهة مع الإتحاد السوفييتي فأنشأت الجهاد الإسلامي "السني" في 1982 على يد الراحل الفلسطيني "عبدالله عزام" الذي ترك الجهاد لتحرير بيت المقدس في وطنه ورماه وراء ظهره وذهب لأقصى العالم ليجاهد "السوفييت الكفار" هناك !!! ثم انظم إليه "أسامة ابن لادن" والمجاهدين من كل أغلب الدول العربية ... وبعد أن تعاظمت قوة وخبرة المجاهدين العرب هناك بدعم "سياسي عسكري" مطلق من أمريكا باعتراف وزيرة خارجية أمريكا "هيلاري كلينتون" ورمت السعودية كل ثقلها لدعم الجهاد الأفغاني بالإضافة إلى الكويت ومصر والمغرب وتونس والأردن وغيرهم ... أيقنت إيران وهي في عز حربها "العراقية الإيرانية" أنها تواجه قوة أخرى غير العراق فأطلقت العنان فأنشأت تنظيم "حزب الله" اللبناني في 1985 فصنعت جبهة أخرى لمواجهة "الكيان الصهيوني المحتل" لتشتيت الإنتباه فاستخف وقتها كل صناع القرار السياسي في العالم ... ولما هزم الإتحاد السوفيتي في أفغانستان وقرر الانسحاب في 1989عاد المجاهدون العرب والخليجيين فوجدوا حكوماتهم بانتظارهم لتعلن الحرب على ما أطلق عليه آنذاك "الأفغان العرب" نسبة إلى المجاهدين العرب ... وما كادت الأوضاع تهدأ حتى وقع الغزو العراقي على الكويت في 1990 وتم تحريرها بعد 7 أشهر وتعتبر هذه من أغرب وأندر الحالات التي يتم فيها غزو دولة وتحريرها في هذه المدة القصيرة جدا ... وبعدها بـ 10 سنوات تم افتعال هجمات 11-9-2001 عندما ضرب البرجين في نيويورك ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" لتكون ذريعة قاصمة لقمع وحسم كل أطراف الجهاد في أفغانستان بسبب قوتهم التي تعاظمت بشكل واسع النطاق والأهم هو بسبب بدأ تهديدهم للكيان الصهيوني وتهديد أمريكا وتهديد السعودية بما كان يعرف بـ "تنظيم القاعدة" الذي كان يتزعمه السعودي من أصل يمني "أسامة بن لادن" ... وبالفعل وفي نفس السنة التي تعرضت أمريكا لهجمات إرهابية في 2001 تم الغزو الأمريكي لأفغانستان حتى يومنا هذا وبعدها بسنتين وتحديدا في 2003 تم غزو العراق والإطاحة بطاغية العصر "صدام حسين" ... وفي 2004 أعلن الرئيس الأمريكي "جورج بوش الإبن" مصطلح "الشرق الأوسط الكبير" بهدف دمج الكيان الصهيوني مع الدول العربية وفشلت تلك المحاولة ... وبعدها بعامين أي في 2006 خرجت وزيرة خارجية أمريكا "كونداليزا رايس" بمصطلح "الشرق الأوسط الجديد" وكان العرب آنذاك يضحكون عليها وسخروا منها سخرية واسعة النطاق ... فإذ العراق يشتعل قتلا وحربا قادها تنظيم القاعدة بقيادة الأردني "أبو مصعب الزرقاوي" الذي ظهر علنا 2004 وقتل في 2006 وكان يهدف لتحرير العراق من الإيرانيين والأمريكان ... وما هي إلا 4 سنوات لتشتعل مؤامرة "الربيع العربي" التي بدأت من تونس في 2010 فضربت "تونس والعراق وسوريا ومصر وليبيا واليمن" ومحاولات لضرب "البحرين والكويت والسعودية والمغرب والأردن" ... وقاد هذه المؤامرة كل من "بريطانيا وفرنسا وأمريكا وتركيا وقطر" ... وفي 2013 أعلن عن ولادة "تنظيم داعش" في سوريا وتوشح بالسواد وانتشرت سمعته بسرعة البرق بسبب هول وفظائع الجرائم التي كان يرتكبها مكتسحا مساحات جغرافية خرافية من سوريا والعراق ... فأدركت إيران ذلك الخطر فأنشأت سريعا في 2014 حركة وتنظيم "الحشد الشعبي" والتي لو لم تخضع الحكومة العراقية وتتحرك سريعا لوجد العراق أكثر من 120 ألف جندي إيراني داخل العراق بعدما حشدتهم إيران على الحدود مع العراق معلنة تهديدها "إن لم تتوحدوا لمواجهة داعش دخلنا العراق رغما عن أنوفكم لحماية مقدساتنا في النجف وكربلاء" ... وبعد إعلان انتهاء القضاء على "تنظيم داعش" رسميا في 2019 بدأت الحرب على الإسلام في 2020 وسقوط الأقنعة المزيفة لخونة الإسلام والمسلمين بمزيد ممن خانوا الله ورسوله وطبّعوا مع الكيان الصهيوني المحتل ... فبالأمس كانت الخيانة متأصلة في "مصر والأردن" واليوم لحق بركب القطعان "الإمارات والبحرين والسودان" بدعم مطلق من "السعودية" لهذا المسلك المخزي ... ناهيكم عن الغزو "السعودي الإماراتي" لليمن في 2015 ؟
راجعوا من ورائي ولاحظوا بعناية وبدقة كلها تواريخ متقاربة جدا جدا لا تبين لكم إلا حجم المخطط الخرافي والمؤامرة الواسعة النطاق التي تستهدفكم شخصيا وتستهدف دينكم وشريعتكم ومجتمعاتكم ونسائكم وأعراضكم وأموالكم وثروات أوطانكم ... فصنع لكم الإعلام والدين السياسي "العدو الإيراني" والعدو "تنظيم الإخوان المسلمين" مع القليل بهارات مثل "العدو التركي - العدو القطري" فقط ليستغلوا المغفلين منكم ليوجهوا الإعلام الساقط الوضيع إلى أن القضية قضية خيانة وطن وخيانة دين وعقيدة ... لتتضح الصورة فيما بعد أن المخطط هو دعم وحماية الكيان الصهيوني اللقيط وأن كثير من الدول العربية ليست إلا شرذمة خونة لدينها وربها ولأمتها وأن شعوبها مغلوب على أمرها بسبب القبضة الأمنية المتوحشة ... فحولوا أوروبا إلى أنها بقعة السلام الإنساني والكيان الصهيوني دار السلام الدولي فأزالوا من كتبكم الدراسية كل ما يسيء أو يضر أو يجرح مشاعر "اليهود والنصارى" وطــــز في مشاعركم أنتم وأسلافكم ... لنكتشف أن الدول التي حرضتكم على إيران هي الدول التي خضعت وطبعت مع الكيان الصهيوني والحقيقة واليقين أن كل من يطبع مع الكيان الصهيوني ينسف مصداقيته ويصبح حديثه مجرد أكاذيب في أكاذيب ... فأدركوا واقعكم وحقيقتكم فلا عدو لكم اليوم إلا "الكيان الصهيوني اللقيط" وراجعوا تاريخكم الحديث وارصدوا تقارب الأحداث وتسارعها لتكتشفوا أن ما يحدث لكم وفي أوطانكم ليست محض الصدفة بل مخطط أعد بإتقان وينفذ بإتقان وسبب نجاحه هو جهلكم ... فمن زرع الطائفية أراد تمزيقكم ونجح بتمزيقكم ومن أراد تفرقة أبناء الوطن الواحد فرقكم بسبب أيضا جهلكم فلا ترفعوا أيدكم إلى ربكم وتطلبون منه كشف الغمة وأنتم عبيدا خاضعون جاهلون تافهون لأن ربكم قالها لكم صراحة ... { إن الله لا يغيّـر الله ما بقـوم حتى يغيّـروا ما بأنفسـهم } الرعد ... ليست إيران المجرمة الوحيدة فارفع الغطاء عن بصرك وامسح الغبار عن عقلك ولا تخضع لإعلامك الكذاب الأفاق ولا تصدق كل ما تقرؤه وما تسمعه فاليوم لست أنت المستهدف كلا وأبدا بل أنت وهم قد انتهوا منك ومنكم منذ وقت طويل وعقولكم غُسِلت وانتهت ... لكن اليوم دين ربكم ورسالة رسولكم هم الهدف والمستهدف من قبل صهاينة العرب الأنجاس المناكيد وكلاء الماسونية والصهيونية العالمية ؟
ألا هل بلغت اللهم فاشهد
دمتم بود ...