2020-12-13

إما أن تعدلوا هذه المواد الدستورية وإلا الفوضى 1

 

منذ 58 سنة والدستور الكويتي لم يتم تطويره أو تعديله بالرغم من ولادة ما يقارب الجيلين من الأمة الكويتية ... بالإضافة إلى أنه قد مر على الكويت منذ ولادة الدستور وحتى يومنا هذا 6 حكام + 36 حكومة + 20 مجلس أمة بـ 16 فصل تشريعي بعدد تقديري يناهز 1.500 وزيرا وعضوا ... بدأت بـ 205 مرشح بنظام 10 دوائر انتخابية لـ 16.899 ألف ناخب فقط في 1963 في يوم كان عدد سكان الكويت 467,339 ألف نسمة الكويتيين = 168,793 ألف نسمة والوافدين = 298.546 ألف نسمة ... وصولا إلى انتخابات 2020 بنظام 5 دوائر انتخابية لـ 326 مرشحا لـ 567.694 ألف ناخب وفق تعداد الكويتيين اليوم بـ 1.4 مليون كويتي وكويتية ... لا شك أنها قفزة مهولة وصادمة أن يتحول عدد الناخبين من 16 ألف فقط إلى 560 ألف ودون أدنى شك أن هذا القفز الدراماتيكي في العدد ليس إلا نتاج "التجنيس السياسي" الذي الكل يدفع ثمنه اليوم ... لكنها تبقى ممارسة ديمقراطية جميلة شكلا حتى وإن لم ترضي تطلعاتنا وطوحنا وفي نفس الوقت مزعجة مضمونا وتجربة لا مثيل لها في دول الخليج لكن لفظ التجربة قد انتهى منذ وقت طويل فتسيّد الفساد السياسي وانتشرت الرشوة السياسية ... كلها ممارسات فاسدة حتى تضمن الحكومة لها أغلبية برلمانية تمكنها في مواجهة أي معارضة سياسية ... وفي الجانب الأخر لدينا معارضة سياسية حمقاء رعناء لا تفقه شيئا في علم وفنون السياسة حتى وصلنا إلى 2020 لنرى كل من "هب ودب" أصبح عضوا دون أي خلفية سياسية مرموقة ... فالحكومات السابقة بدافع السيطرة على تملك أغلبية برلمانية صنعت الرشوة السياسية وليس هذا فحسب بل ضربت نسيج المجتمع الكويتي في صميمه ... فتشيّع كل فريق حول جماعته فولدت القبلية والعنصرية والطائفية واستمتعت الحكومات بهذا المشهد الذي كان بالفعل يحقق لها مكاسب وانتصارات سياسية ... حتى أدركت الحكومة اليوم أنها في ورطة سياسية فأصبحت في مواجهة الشعب بأسره شعب متضارب الأيدلوجيات والأفكار والتوجهات بل وحتى الولاء لدى "البعض" ... فأصبحنا نرى كويتيين يأكلون ويشربون ويعملون في الكويت ويتنعمون بخير الكويت لكن قلوبهم معلقة في الخارج في دول أقرب ما يطلق عليها "شبه دول" ... ودون أدنى شك هناك الكويتيين المخلصين لوطنهم الذين يتوجعون كل يوم على ما آلت إليه أحوال وطنهم من مهازل سياسية وحماقات برلمانية فوصلت الأمور إلى الفجور السياسي والشخصي دون أي وعي ولا إدراك حتى لو احترقت الكويت كلها عن بكرة أبيها ... والتاريخ السياسي الكويتي لا يخبرنا إلا بحقيقة واحدة قطعية الثبوت وهي أن أي حركة سياسية في الكويت تواجه نظام الحكم بشكل مباشر فمصيرها الفشل والشتات ... لكن يبقى السؤال : إلى متى تستمر هذه الحالة من عدم الإستقرار السياسي ولمصلحة من وما هي تبعاتها وماذا خلفت من أضرار سياسية واجتماعية وحتى اقتصادية ؟

لو بحثت خلف كل الأسباب ولو وضعوا لك آلاف المبررات فستكون كلها مجرد ترهات وحديث لا قيمة له لأن الكل لا يريد أن يواجه الحقيقة وكل طرف لديه أسبابه ومبرراته التي يراها وفق مصلحته الشخصية أو مكتسباته السطحية ... وسبب عدم مواجهة الحقيقة لأنه سيتضرر ضررا بالغا إن واجهها وهذا الضرر سيؤثر على مصالحه السياسية والإقتصادية على حساب الدولة والكيان وحتى الشعب نفسه ... أي المصلحة الشخصية غلبت على المصلحة العامة وأصبحت فوق الكويت نفسها لا مشكلة المهم لا هذا التافه ولا هذا القزم يحقق انتصارا علي فتحول الصراع السياسي إلى صراع شخصي ... والمثير للدهشة أن لا أحد اتعظ مما حدث في 2-8-1990 ففي هذا اليوم المشؤوم لم يفرق الغزو بين شيخا وحاكما ولا تاجرا ومواطنا ولا عضوا ولا مفكرا ولا سياسي الكل طحن وانكوى لأن الكل يحمل إسم كـــــويتي ... والأمراض والأوبئة والأزمات الإقتصادية لا تفرق بين هذا وذاك كما هو الحال في المقابر لا تفرق بين حاكما ومحكوما ... فلم في السياسة والمال تظهر الأحقاد ويتنازعكم الجشع وتتحولوا إلى كائنات متوحشة لا قلب ولا ضمير ولا دين لها !!! ... ومن المؤسف حقا أن الشارع الكويتي أصبح منقلبا على نفسه فساد الجهل في الكثيرين والعنصرية في هذا والطائفية في ذاك والقبلية في هذا وقليل من هم الصالحون والوطنيون والمدركون ... ليس الأمر إلا أنه نتيجة ألاعيب الحكومات القديمة أحدثت ترسبات فتحولت الترسبات إلى أحقاد لم تكن لتحدث لولا قصر النظر الحكومة وعجزها عن مواجهة مشاكل الكويت أو بالأحرى صناعة المشاكل وافتعال الأزمات ... فتارة تضع الفاسد في منصب قيادي وهي تعلم بأنه فاسد وتارة أخرى تحمي اللص وتوفر له الغطاء وهي تعلم يقينا بأنه لص وتارة تهرّب السارق وكأنها لا تعلم ... وتارة ترمي قضايا الفساد في عهدة القضاء حتى تأخذ القضايا أشهرا طويلة وسنوات وتارة تنقذ التاجر الفاسد هذا والتاجر اللص ذاك على حساب المال العام من باب "المناقصات" ... نتج عن كل ما سبق كم مهول من القوانين واللوائح والتشريعات تجاوزت أكثر من مليون مادة في مختلف أقسام قوانين البلاد حتى يسهل إيجاد المخارج والمنافذ للفاسدين وحتى تكتمل عملية التحايل والإلتفاف على الحق تماما كما يحدث في مصر التي استوردنا منها الفساد الإداري ... ناهيك عن سماح الحكومة للنائب باختراق أجهزتها التنفيذية فأصبح اليوم الكثير من موظفين وقياديين الدولة لا ولاء لهم لا للكويت ولا للحكومة ولا للوزير بل لعضو مجلس الأمة الذي سمحت له الحكومة بأن يكون هو الوزير وهو العضو في نفس الوقت ... ولأن الوزير جاء بالواسطة كالعادة وليس بالكفاءة فمن الطبيعي أن يتحول إلى أضحية بين ذئاب المجلس من الأعضاء حتى يضمن بقاؤه وشيئا من الأغلبية البرلمانية مع أنه وزيرا وسيده رئيس الحكومة لا المجلس ولا رئيسه ولا الأعضاء ... كلها أسباب كانت كافية بأن تدخل الكويت في صراعات سياسية عززت وكرست الفساد الذي بدوره عزز القبلية والطائفية والعنصرية عندما ارتأى هؤلاء أن الدولة غير قادرة على حماية مصالحهم وأن الشرف كذبة وأن الوعود كاذبة وأن المواطنة حسب العلاقات والواسطة ... بدليل أن الفساد الحكومي أدى إلى الجرأة بوقاحة وبإجرام أن تصل الأمور إلى "رشوة الجنسية الكويتية" كما كان يحدث في السبعينات والثمانينات والتسعينات ؟

يا قوم إن الكويت لا تستحق منكم ما تفعلونه بحقها ومن استهزأ بالله فليستعد لحساب من الجبار المنتقم ومن حنث بقسمه فقد اشترى دنياه القصيرة بالآخرة الخالدة ... والمشهد السياسي آن له بأن يتوقف إلى هذا الحد بل ويجب أن يوضع له حدا فالأنانينة والشخصانية وعشق المصالح قد قتلكم وحول الكثيرين إلى حيوانات بشرية متوحشة وأفرز لنا شخصيات مختلة عقليا ... وقد حان الوقت بأن تنظروا إلى الكويت بنظرة ثاقبة بعيدة المدى حبا لهذه الأرض ورحمة وأمانة لأجيالها القادمة ... وقد جربتم القمع السياسي والإنتقام السياسي والرشوة السياسية فهل انتهت المشاكل وهل هناك ضمانة للهدوء السياسي ؟ بالتأكيد كلا ... ولذلك حسم كل هذه الفوضى التي عايشناها والتي نعيشها والتي ستعيشونها لا حل له سوى تعديل وتطوير وتنقيح الدستــــور ولن تتقف بل يستحيل أن تقف وتنتهي هذه الفوضى وهذه الصراعات طالما لا أحد يريد أن يطور الدستور ... نعم آن الأوان بأن نواجه أنفسنا ونواجه الحقيقة إن كنتم تريدون كويت تأمنون بها على أنفسكم وأبنائكم وأهليكم ... وآن الأوان بأن يُحسم الصراع السياسي الذي تحول إلى صراع بين صبية في منزل دون أي اعتبار وإن احترق منزلهم ... واعلموا بل كونوا على ثقة أن كل من يعارض المواد القادمة إما أنه جاهلا أو أحدثت التغيرات ضررا بالغا لمصالحه الشخصية أو أحمقا سياسيا أو لا يريد الخير بالكويت ... مع حسن الظن والشكر والتقدير بل والمطلوب لمن يطور لتحقيق العدالة المجتمعية بضمير كويتي صرف ينظر للأجيال القادمة وفكر الأجيال القادمة لا بفكره اليوم ولا باعتقاده اليوم وإلا فالضرر بالغ على الكويت وشعبها ... شوف بعيد والتغيير سنة الحياة والعنصريين والطائفيين والقبليين والفاسدين هؤلاء أول خصومنا حتى تتطهر الكويت من نجاستهم وأفعالهم التي أضرت بالكويت وشعبها كثيرا وطويلا ؟


يتبع الجزء الثاني ... المواد الدستورية 



دمتم بود ...


وسعوا صدوركم