2022-04-05

من الحريري إلى خاشقجي .. عبرة جرائم القتل السياسية ؟

 

من جريمة اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية "رفيق الحريري" في 2005 إلى جريمة اغتيال المعارض السعودي "جمال خاشقجي" في 2018 ... تلك الجريمتين البشعتين المتوحشتين وما بينهما من سنوات ثم ما تلاهما من أحداث كلها تستوجب التوقف عندها لفهم وتحليل حقيقة ما يجري وما يحدث في العالم ... فجريمة اغتيال "رفيق الحريري" والتي قام بها النظام السوري بنسبة 80%% و 20% هي نسبة مشاركة وفعالية "حزب الله" اللبناني ومدير الأمن العام اللواء "جميل السيد" ومدير جهاز الأمن الداخلي اللواء "علي الحاج" ومدير الإستخبارات العسكرية العميد "ريمون عازار" ... ثم لجنة التحقيق الدولية ثم المحكمة الدولية والتي كانتا مخترقتين كليا من قبل المخابرات السورية بل وكانت المحكمة الخاصة برفيق الحريري فاسدة لدرجة يستحيل تصديقها ... لدرجة أن لجنة التحقيق والمحكمة الدولية تم تسليمهما أشرطة تسجيل بصوت "ماهر الأسد" مع قيادات المخابرات السورية العليا وهم ينسقون لمقتل الحريري ومع ذلك وضعت تلك الأدلة جانبا في حالة من التواطؤ الدولي ومهزلة العدالة الدولية ... ثم ضعف أسرة الحريري بشكل صادم بالسعي للقصاص من قتلة كبيرهم ووالدهم "رفيق الحريري" ... وعلى الجانب الأخر هزيمة فرنسا والسعودية أمام سوريا لمقتل ابنهم وحليفهم رفيق الحريري ... وصولا إلى أيامنا هذه القضية التي هزت العالم بأسره من شدة بشاعتها وأصبحت من الماضي وانتهى بها المطاف بتداولها من باب التاريخ وملفاته الأرشيفية وهي جريمة اغتيال المعارض السعودي "جمال خاشقجي" في قنصلية بلاده في اسطنبول فلا تقل بشاعة عن جريمة "رفيق الحريري" ... والتي قام بالجريمة أجهزة النظام السعودي في أجهزة يستحيل أن تتحرك إلا بأوامر سياسية عليا ... وما بين شد وجذب وضغط إعلامي عالمي نامت القضية حتى وصلت إلى نهايتها وتم إقفال القضية في السعودية وحتى في دولة الجريمة تركيا مؤخرا تم إغلاق ملفها ؟ 

الإفلات من العقاب 

في كل سنة يتم اغتيال ما لا يقل عن 80 صحفي ومراسل حول العالم ونسبة كشف الجريمة والقصاص من القتلة = 0% ... ويبلغ عدد الصحفيين المعتقلين والمسجونين بسبب مقالاتهم أو تغطيتهم بأكثر من 800 فردا حول العالم "رقم غير معلن" و 280 شخص "رقم رسمي" ... وأكثر دول العالم اعتقالا وسجنا للصحفيين هم "الصين - روسيا - السعودية - مصر - تركيا - إيران" أما دول لا تتمتع أصلا بحرية الصحافة فهي على سبيل المثال لا الحصر "اليمن - ليبيا - العراق - دول أفريقيا الجنوبية - كوريا الشمالية - سوريا" ... كل تلك المعطيات ترمينا إلى اليقين أن العالم بشكل عام لا يملك أخلاق حقيقية وأن الدول والحكومات لا يمكن القصاص منها بسبب صحفي أو معارض أو كاتب أو ناشط سياسي أو ناشط اجتماعي ... وهذا ما كشفه "الغزو الروسي لأوكرانيا" وجميعنا رأينا حالة من انفجار بركان من التناقض الإنساني والسياسي والأخلاقي لأوروبا التي لطالما كانت تتشدق بالشرف الصحفي ... وإذ هي تتعرى للعالم لتكشف عن أقذر حالة من الوضاعة الأخلاقية وأن العنصرية البشرية هي المعيار الأول في قواميس الدول التي نطلق عليها بـ "الدول المتقدمة أو المتحضرة" ... ولو أردت أن أكشف عن أكثر حالة وحشية كانت هي الأبرز من بعد الحرب العالمية الثانية فدون شك لا توجد أكثر من فظاعة ووحشية النظام البعثي السوري العفن الخالي والفاقد لأي قيم إسلامية أو إنسانية والساقط أخلاقيا ... وحتى اليوم يقف العالم للنظام المجرم المتوحش مصفقا لانتصاره بعد دعم الدول مثل "إيران والصين وروسيا" له وصمت العالم العربي والغربي أمام هذا النظام الأكثر وحشية على الإطلاق ... وهكذا نأخذكم للحالة الواقعية الأكثر تطابقا وهي حالة النظام البعثي العراقي البائد نظام "صدام حسين" الذ لا يختلف وحشية عن النظام السوري والذي لولا الإجتياح الأمريكي للعراق في 2003 لما سقط النظام ولما شاهدنا ذله ودموعه بل لاستمرت المجازر البشرية في العراق حتى يومنا هذا ؟

نحن أمام حالة واقعية عليها مئات الأدلة والبراهين وهي أن هناك دولا وحكومات لا تأبه بسمعتها الدولية بقدر ما تؤكد على قمع أي أصوات معارضة لها أو شخصيات تحاول كشفها أو كتاب ومدونين وصحفيين يحاولون فضح حقائق أكثر الدول إجراما ... وبالتالي الواقع على الأرض يؤكد أن العالم بكل درجاته المتقدمة والمتخلفة المتحضرة والهمجية جميعهم لا يأبهون مطلقا لحياتك لنواياك لجهودك لأي شيء في مساعيك وإن كانت نبيلة وعظيمة لكشف الحقائق للعالم ... وليس أقرب دليلا ومثالا من الأمريكي "إدوارد سنودن" والأسترالي "جوليان أسانج" اللذان كشفا حجم جرائم حكومات العالم وفساد أكثر الدول التي تدعي الأخلاق ... وماذا فعلت البشرية لهم ؟ لا شيء ... وماذا فعلت لهم كل المنظمات الدولية المعنية بحقوق الصحافة وحقوق الإنسان وغيرها ؟ لا شيء ... الجميع أدار ظهورهم لهم وتُرِكوا ليواجهوا مصيرهم لوحدهم في ظل ملاحقات أمنية ومخابراتية ومطالبات دولية لأكثر اثنين قدموا خدمات عظيمة للبشرية التي لم تكن البشرية تستحق التضحية لأجلها ولا حتى 1% ... ولا يظن أو يعتقد المعارضين "المغفلين" الهاربين في الخارج ولو كانوا في أرقى دول العالم حقوقا للمعارضين أنهم في مأمن من التسليم لدولهم ... فلو كانت حكوماتهم تفقه "التكتيكات السياسية" ومن دهاة "الصفقات السياسية" لكانت الدول المحترمة التي يعيشون فيها هي من تسلمهم لدولهم مع باقة ورد فوقهم ... وختاما يجب اليقين فعلا أن العالم ليس بالأخلاق التي يتصورها الكثير من الحالمين والحكومات ليسوا ملائكة السماء ... والأكيد أن أي حكومة في العالم إن قتلتك بأي شكل فكن على ثقة مطلقة بأن لا أحد سيأخذ بحقك بل ستكون بعد بضعة أيام وشهور مجرد إسم في أرشيف الإغتيالات من ضمن آلاف الأسماء التي كانت تحمل هم العالم والعالم لم يأبه بها مطلقا ... واليقين أن كل مجرمي العالم بكل درجاتهم ومكانتهم حتما سنشاهد بأم أعيننا قصاص الأخرة فيهم فردا فردا في ذل ومهانة لا مثيل لها على الإطلاق ؟



دمتم بود ...


وسعوا صدوركم