في البداية يجب أن نعلم ويقينا أن تلك الدراسات وتلك الإحصائيات التي تصدرها منظمات أهلية أسيوية أو أوروبية أو أمريكية أو في أي مكان ... ليست بالضرورة أن تكون حقيقية 100% وبعضها قد تكون موجهة بفعل فساد الرشوة حتى ترفع من تصنيف هذه الدولة أو تحط من قدر الدولة تلك ... لكنها تؤثر في سمعة الدول وتأثيرا حقيقيا وهذا التأثير يتنوع ما بين تأثير السياحة والإستثمار والعمل والعيش إلخ ... لكن عندما أجد أن الكويت في قائمة الدول الأسوأ للعيش فيها ولمدة 4 سنوات للمقيمين أو المغتربين فهنا وجب أن نتوقف عند هذا الأمر ونفتح ملفه على مصراعيه دون النظر مطلقا لشعور هذا أو إحساس تلك لأن الأمر مس الدولة برمتها بمن عليها ... وهذا الأمر رصدته ولاحظته عندما وجدت الحكومات عاجزة فاشلة وفاسدة في نفس الوقت فرمت الملف على المواطنين الذين بالأساس ليس لهم دخل ولا ذنب فجعلوهم بمواجهة المقيمين الضعفاء ... وقد سبق أن سلطت الضوء على قضايا الحكومات والمقيمين لكن الحكومات اليوم تقوم برمي فشلها عليك أنت أيها المواطن وعليك أنت أيها المقيم ؟
صرخ الكويتيين عاليا عندما وجدوا الجالية المصرية تهيمن على كل مفاصل الدولة ... وهذه الصرخة تترجم على أنها صرخة وطنية لا صرخة عنصرية ... ونادى المواطنين حكوماتهم ومجالسهم على أن يتوقفوا عند هذا الأمر وأن الجاليات يجب أن تكون متساوية العدد حتى لا تستأثر جالية على أخرى لا أمنيا ولا اجتماعيا ولا اقتصاديا ولا حتى سياسيا ... وصرحت الحكومات تصريحات كثيرة لا قيمة لها وأقر مجلس الأمة قوانين عديدة أيضا لا قيمة لها ... فخرجت مصادمات بين الكويتيين وبين بعض الجاليات المقيمة واشتدت الأمور فحدث تراشق بين الشعب الكويت وشعوب أخرى وهذا الأمر ما كان ليحدث لولا أن الحكومات تعمدت هذا الأمر حتى تستغله سياسيا لأنها "ضعيفة سياسة خارجيا" حتى تعلل قراراتها للخارج "بأننا نواجه ضغطا شعبيا" ... بينما دول خليجية ضربت الملف في وجه دول عربية صراحة وعلنا دون خوف دون تردد ووضعت ضوابط وشروطا لضبط صارم في مسألة النسب المئوية للمقيمين وعدم تغلغل جالية على أخرى ... فرفضت تلك الدول تلك القرارات الخليجية فكانت فرصة تلك الدول بأن تنوع عمالتها من دول المغرب العربي وجنوب أفريقيا ودول شرق أسيا ... بل وذهبت بعض دول الخليج إلى ضرب وتأديب أبنائها بذاتهم بأن أنهت عقود الكثير من دكاترة الجامعات من العرب وجاءت بدكاترة من فرنسا وأمريكا وبريطانيا وغيرهم ... ليواجه الطلبة من أبناء تلك الدولة كارثة حقيقية واختبار حقيقي من دولتهم مفاده "إن لم تكن كفؤا للدراسة فالدولة ليست بحاجة لك" ... فأتقنوا اللغة الإنجليزية والفرنسية وتجاوزوا جامعتهم بكفاءة واقتدار ... الأمر الذي أدى إلى رفع تصنيف جامعاتهم إلى صفوة دول العالم الأكثر مهنية وقوة تعليم وشفافية وكفاءة ... وهذه السياسة تحتاجها الكويت وتحتاج لتصحيح مسار الفشل الطلابي الكارثي وهذا لن يحدث ؟
في الكويت الكويتيين أنفسهم وبغالبيتهم لا يعلمون بأن حكوماتهم هي أكبر تاجر إقامات على الإطلاق وهذا الأمر أيضا قد كتبته ونشرته سابقا ... فالحكومات عندما تمنح مناقصاتها تمنح معها عدد استيراد عمالة المناقصة وكل مناقصة وحجمها بعمالتها ... بمعنى إنشاء 4 مدارس حكومية تمنح الموافقة على جلب 2.000 عامل فتقوم الشركة ببيع الإقامات على 2.000 مصري وشكرا حكومة هذه مليونين دينار جاءت مجانا للشركة ... وبعد انتهاء المناقصة هل تتم مغادرة تلك العمالة الكويت بعد انتهاء المشروع ؟ كلا بل يتم تحويلهم إلى عمالة قطاع خاص في تجارة مستمرة منذ أكثر من 50 سنة وحتى يومنا هذا وأيضا التحويل بمقابل ... وهل الحكومات تعلم هذه الحقيقة ؟ مليار% نعم ... وهل أعضاء مجالس الأمة يعلمون تلك الحقائق ؟ 100% نعم بل وبعضهم ضالعا في هذه الجريمة ... لكن الحكومة والمجلس كلاهما يكذبون على الكويتيين وكلاهما يعطونهم إيحاء الوجه المتألم والغير راضي والمتأسف على ما حدث وما يحدث إنها الوقاحة بكل ما تحمله الكلمة من معنى حقا ... والنتيجة تصنيف الكويت عالميا كأسوأ دولة للمغتربين أي أن سمعة الكويت الخارجية قد تضررت بسبب هؤلاء الذين لا يملكون أدنى غيرة وطنية على وطنهم وسمعته ؟
يا سادة المقيم لا دخل له فيما يحدث بل كل حادثة فساد يقف ورائها مواطن كويتية أو مواطنة كويتية ... وكل مناقصة وتجارة إقامات تقف خلفها شركات كويتية بعلم وموافقة الحكومات ومجالس الأمة ... وراح ضحية هذه العملية الشرفاء من المقيمين الذين سوادهم الأعظم دون استثناء يدفعون الرشاوي للكويتيين بعملية سرية متقنة باستثناء "خدم المنازل" ... والسؤال البديهي : أين هيئة مكافحة الفساد ؟ في سباتها السخيف ونعامة دفنت رأسها في التراب بزعم أنها "لا تعلم" !!! ... فإن كانت لا تعلم فالحق أن تتم إقالة كافة قياداتها لأن هذه الهيئة ما أنشأت إلا لتعلم وتعلم عميق ما يحدث في كافة وزارات وهيئات الدولة دون استثناء ولديها سلطات مرعبة ... وانظر كيف يتزاحم المقيمين على مراكز البصمات والفحص الطبي والإقامات والمعلومات المدنية وكأننا دولة نائية في أفريقيا ... وكأن ليس لدينا تطور وخدمات انترنت لكن كيف تعمل الواسطات إن لم تستمر سياسة التنفيع الشخصي وإلا المسؤل كيف يشعر بأهميته وكأن السلطة ما وجدت إلا من أجله ... على العكس تماما مع "دولتين خليجيتين" مستحيل أن تجد تكدس وازدحام لأن كل شيء يتم عبر الإنترنت وبنسبة 100% والمقيم لا يحتاج للمراجعة إلا مرة واحدة في حياته طيلة إقامته في تلك الدولة ... يا رجل نحن كويتيين وأبناء هذا البلد ونبحث عن واسطات هنا وهناك فكيف بحال المقيمين فأدرك الحقائق لا الشكل الخارجي ؟
هذه المدونة كثيرا ما سلطت الأضواء على مشاكل الكويت وأيضا كثيرا ما سطرت عشرات ومئات الحلول والبدائل ... لكن وبكل أسف الفساد مصطنع وسياسة مطلوبة والشعب الكويتي مواطنين ومقيمين هم الضحايا ... وأكثر الكويتيين نفوذا هو الأكثر فسادا وأكثر المقيمين معرفة وثيقة بأصحاب النفوذ هو عراب جاليته يأتيه أبناء وطنه في الكويت فيقدمون له الهدايا والعطايا والرشوة حتى ينجز معاملاتهم ... واسطة بواسطة كالخلاط يضرب الجميع بالجميع والحلول متوفرة لكن الحكومات لا تريد وكذبت إن قالت أنها تريد ... لأنك لو طبقت ما طبقه غيرك من الدول الخليجية المحترمة "إداريا وهيكليا" فستزج بآلاف الكويتيين في السجون بسبب لصوصيتهم وفسادهم وستبعد الآلاف من المقيمين بسبب تعاطيهم الرشوة والغش ... وبالتأكيد الحكومات لا تريد إزعاج وتأزيم مع مجلس الأمة لأن أغلب أعضاء مجالس الأمة هم أصلا من مؤسسين الفساد في الكويت ... وكأن المسألة هذا ممسك ملفات فساد وفضائح كارثية على هذا وذاك ممسك بملفات على تلك وتلك ممسكة ملفات على هذا والكل يمشي وفق قواعد اللعبة ... وما قضية النائب البنغالي إلا دليل على حجم اختراق وزارات وهيئات الدولة وأن كل الأجهزة الرقابية والأمنية مجرد ديكـــــور ... والضحية هي الكويت وسمعتها العالمية والمواطنين المقهورين على وطنهم مما يحدث فيه ... وأن لدينا كل الإمكانيات لنسابق أرقى دول العالم لكن بداخلنا صنعوا الفساد الممنهج لأن ما ينتجه هذا الفساد بكافة أشكاله سنويا "وفق حساباتي" قدرته سابقا بأكثر من 5 مليار دينار سنويا تتوزع ما بين تلك العصابات ... شكرا لحكوماتنا على مسرحياتها الكاذبة وشكرا لأعضائنا على دراما الشرف ولا أملك إلا الدعاء على كل فاسد ولص : لعنة الله عليكم يوم ولدتم ويوم تموتون ويوم تبعثون أيها الملاعين ؟
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم