2023-12-13

مقاطعة المنتجات والشركات : صح خطأ – حلال حرام ؟

 

إن مسألة "الحلال - الحرام" ليست مدعاة للأهواء وليست مجالا للخوض فيها أصلا ... لأن لا أحد وبالمطلق لا أحد من جنس البشر يملك صفة التحريم لا نبيا ولا رسولا ولا حاكما ولا إماما ولا عالما لا أحد بالمطلق يملك صفة التحريم لأن صفة التحريم هي حصرية لله رب العالمين وحده لا شريك له سبحانه وتعالى ... والله جل جلاله أطلق وفصّل التحريم نصا ولفظا وصراحة ووضوحا في "التوراة والإنجيل والقرآن" لعباده وأقفل باب التحريم بعد ذلك على كل البشرية حتى قيام الساعة ... وحتى الفتاوي ولو خرجت من كل علماء الأمة لست ملزما فيها ونهائيا أنت وأنا ونحن جميعنا لسنا ملزمين فيها لأنها فتوى أي أفتى أي أبدى رأيا ... وبالتالي ارتقوا بعقولكم وتأدبوا مع ربكم وآياته ولا تقحموا خالقكم جل جلاله في كل شاردة وواردة من توافه حياتكم وسطحية مواقفكم ... { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم } النحل ... وأما أن ترهب الناس وتسوق عليهم أن ما أكلوه وما شربوه وكأنهم قتلوا اليوم مسلما بسبب ذلك فهذا كذب وتدليس وظلم للناس وافتراء على الله ... هناك شركات تدعم الكيان الصهيوني اللقيط بالمال وحملات التبرعات من أجله ... وأنت حث الشركات المحلية والوطنية بالتبرع لإخواننا في غزة وحتى أنت جاهد بأموالك لنصرة إخوانك في فلسطين المحتلة وغزة الصامدة ولا حاجة لأسطر لكم عظيم الأجر ومنزلة الجهاد بالمال عند الله سبحانه وتعالى ... وفي كل الأحوال أهل غزة فرضا ويجب أن لا يُتركوا وحدهم يواجهوا الأعراب المتصهينين ولا نتركهم للنازية الصهيونية والإرهاب الأمريكي ... وما يخفى علينا جميعا أن في خضم حملات المقاطعة تدور حروب تجارية مدفوعة الأجر في حرب المنافسة العالمية بين الشركات وهذا أمر بديهي جدا ... وحكومتك أو دولتك أو حاكمك هم فقط وحصريا من يملكون حق وسلطة منع هذه الشركة أو تلك السلعة من التداول في البلاد لأسباب سياسية دينية تجارية إلخ ... وأنت كمستهلك أيضا لك حق وحرية الشراء من عدمه وتلك البديهيات كيف الكثير منكم لم يدركها بعد ؟

وما هو واقع وأصل المقاطعة ؟

هو موقف شخصي أو شعبي يتكاتف الناس فيصنعوا رأيا عاما تعبر فيه عن رفضهم التعامل مع سلعة ما بسبب غلاء الأسعار أو جشع التاجر أو استغلال الوكيل المحلي أو بسبب إقحام مالك السلعة تجارته في الأمور السياسية أو الدينية والعقائدية ... وعلى سبيل المثال عندما قاطع الكويتيين شراء الأسماء المحلية بسبب ارتفاعها المصطنع في 2015 في حملة "خلوها تخيس" ... فهل يمكن أن تضعها في مزاجية الحلال والحرام ؟ ... والسعوديين عندما قاطعوا "شركة المراعي" في 2011 بسبب ارتفاع الأسعار المصطنع فهل يمكن أن تضعها في مزاجية الحلال والحرام ؟ ... وأيضا "ماكدونالدز - ستاربكس - بيتزا هت" ليس حراما أن تشتري منهم وتتعامل منعهم ... لأن أصلا لا يحق لمخلوق أن يفرض عليك محرمات ربك لم يأتي على ذكر تحريمها ولا حتى بالمقارنات والإسقاطات ما بين هذا وذاك لا بل وأذهب أنه حتى بالشبهات التحريم لا وجود له ... وتبقى المقاطعة موقف شخصي شعبي حصريا تعبر فيه الأمة عن رفضها لتضامن تلك الشركات العالمية أو مساعداتها أو تبرعاتها للكيان الصهيوني ... بمعنى الأمور واضحة وضوح الشمس فلا تقحموا الدين في مسائل شخصية بل الحرام هو أن ترهب الناس وتستغل جهل هذا وبساطة تلك ... ولأن الدين نصيحة فلا يجوز النصيحة إلا بما يخص الدين أما في مسائل المقاطعة فهناك فن الإقناع الذي يؤثر بالأخرين شرط أن تبسط لهم المسائل وتفرد أمامهم البراهين والأدلة ... بعدها أنت كمحرض انتهى دورك لا تفرض رأيك ولا ترهب الناس ولا تتقول على الله سبحانه وتفتري الكذب باسم الدين الذي أنت أصلا به جاهلا أحمقا ... بمعنى أن المواقف السياسية لها شأن والمواقف الشعبية لها شأن والمواقف الفردية لها شأن ومواقف الأمة لها شأن وأسس الدين والشرع لها شأن ... لا تقحم هذا بذاك جهلا أو تدليسا لتدعم موقفك وحجتك دون فهم كامل وأما نصرة إخوانك المستضعفين في فلسطين المحتلة فرض لا تفضلا منك بصريح النصوص القرآنية لكن مقاطعة الشركات هو موقف فردي مشرف وجميل وبطولي ... وبالمناسبة أنا محدثكم مقاطع وأدعم المقاطعة وبشدة لكني لم ولن أفرضها على أبنائي فقط شرحت لهم الموقف وتركت لهم حرية القرار دون تهديد دون ترهيب دون استغلال الدين ... وأصلا في علم النفس والذي يخبرك أن من يذهب ليشتري من محل ويعلم أن جزء كبير من الشعب مقاطعة فيدخل المحل ولا يجد أحدا فيه تلقائيا يشعر بأن هناك شيء ما خطأ ويشعر أنه منبوذ ويضطر لمراجعة الحالة والموقف برمته ؟

وماذا عن الكيان الصهيوني

يجب أن تستمر مقاطعة الشركات الداعمة للكيان الصهيوني والتي تعتبر أحد شرايينه الإقتصادية الفاعلة ... وللعلم فإن الشركات العالمية فعليا بعد قسوة المقاطعة أدركت حقيقة مدى فاعلية المقاطعة الاقتصادية التي ضربت كل الشركات وضربا قاسيا موجعا ... وبديهيا هم لا يعترفون بذلك وبشكل رسمي لأنه يؤثر فورا على مركزهم المالي في أسواق الأسهم المحلية والعالمية ... وعلى سبيل المثال لو كانت شركة "ماكدونالدز" تبيع في اليوم مليار وجبة فبسبب المقاطعة أصبحت تبيع 600 مليون وجبة أي لحقت بها خسائر 400 مليون وجبة يوميا وبلا شك أنها خسائر موجعة فعليا لأي ماركة عالمية داعمة للكيان الصهيوني ... أدبوهم اقتصاديا وأوجعوهم ماليا نصرة لإخوانكم في غزة الصامدة البطلة لكن لا تقحموا دينكم في الأمر ... فدينكم له قول الفصل والقول الثابت قاطع اليقين ومحرم عليكم جميعكم أن تفتروا على الله الكذب فتستخدموا دينكم كحجة لمقاطعتكم ... وأصلا المقاطعة لا تحتاج إلى كل هذا التسويق والإقناع شركة دعمت الميان الصهيوني هذا حقها 100% ... وأنا كمستهلك كمشتري كعميل للشركة أيضا حقي أن أقاطع هذه الشركة ومنتجاتها وخدماتها الأمر جدا بسيط ولا يحتاج إلى كل هذا التهويل ... اشتريت سيارة ولم تعجبك خدمات الشركة ما بعد البيع تتكون لديك القناعة فتقرر شراء سيارة أخرى من شركة أخرى وهذا يصنف على أنه "مقاطعة فردية - موقف فردي" ... الأكل والشرب والمستلزمات والبيع والشراء قرار شخصي 100% لا شأن لدينكم في الأمر ولا تقحموا دينكم لتعززوا قناعاتكم الشخصية فيحاسبكم ربكم يوم القيامة ... ولتكن لديكم قناعة كل شركة تدعم المكيان الصهيوني انشروا أدلة دعم تلك الشركة للعامة وبشرط أدلة حقيقية واتركوا الأخرين يأخذوا قرار المقاطعة حسب قناعة كل فرد فيهم ... فلا تندفعوا بعواطفكم وحماسكم فتفتروا على ربكم فتشطح عقولكم وتتجبروا على قومكم بالحلال والحرام ... قضيتك رابحة وناجحة فلا تخسرها بجهلك باندفاعك بإرهابك للأخرين بتخويفك للأخرين باسم الدين ودينكم وربك سبحانه ما قال هذا ولم يأمرك بذلك ولم يحرم عليك إلا ما أنت حرمته على نفسك بجهالتك وستحاسب يوم القيامة ... ولا تكونوا كقوم بني إسرائيل الذي حرموا على أنفسهم ما لم يحرمه ربهم عليهم كما ورد في سورة آل عمران { كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون } ... ومقاطعة الكيان الصهيوني وكل من يدعمه سرا وعلنا هو واجب أخلاقي نصرة لإخواننا المستضعفين في فلسطين المحتلة وليس تفضلا من أحد وأجرنا عند الله { والله سريع الحساب } ... ودعمهم بالمال يصنف أنه من أعلى أبواب الجهاد في سبيل الله ودعمهم بالسلاح هو تمكين لهم على عدوهم وعدونا فقط فكروا بالشكل الصحيح واسلكوا المسالك الصحيحة واصنعوا الإستراتيجيات الصحيحة تنجحوا وتكون لكم الغلبة إن صدقت النوايا والقلوب لوجه الله سبحانه وتعالى ... والمعادلة تكون : مقاطعة المنتجات والشركات صح أم خطأ ؟ صح 100% ... حلال أم حرام ؟ حلال 100% لا يوجد تحريم نهائيا ؟




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم