في موضوعي هذا سآخذكم إلى صراع التأثر والتأثير من الناحية النفسية
والإجتماعية وبعيدا عن علم الكيمياء ومستدلا على أدلة وبراهين من حياتنا
الإجتماعية ... فحياتنا منذ بداية الإدراك العقلي والشخصي والنفسي والتفاعل من
البيئة الأولى التي تصدرنا إلى خارج محيطها هو المنزل ... ومن المنزل ووفق بيئة
ومستوى ثقافة الأب والأم بدأ أول رحلة لنا في حياتنا إلى العالم الخارجي والتي
تبدأ من لمدرسة والجامعة والعمل والأصدقاء ونوعيات وتضارب ثقافاتهم ... كلها
معطيات بسبب التأثر بآراء وسلوك من تعاملنا معهم في حياتنا أو من شاهدناهم
وسمعناهم عبر طرق مختلفة مثل الإذاعة والتلفزيون وصولا اليوم إلى مواقع التواصل
الإجتماعي ... وصناعة "التأثيــر" أي المصدر الرئيسي لفعل الإقناع إلى
الهدف الذي نسلط عليه هدف "التأثـــر" فنحقق المبتغى المطلوب من صناعة
التأثير هي عملية واسعة النطاق ... وهذه العملية أصبحت سلاح فتاك يستخدم في كل
المجالات بلا أي استثناء في الدين في السياسة في الرياضة في الفن في الثقافة وصولا
حتى إلى العمل والمشاريع وأمثلة لا تعرف لها نهاية ... وحتى مدونتي لمتواضعة هذه
كان ولا يزال هدفي صناعة التأثيــــر على الغير وصناعة فكــــر وتغيير عقول ونسف
مفاهيم ومعتقدات خاطئة ... وهنا يكمن الفرق في عملية "التأثير والتأثر"
وهي تندرج تحت خطين متنافرين متعارضين تماما وهي صناعة الخير أو الشر الصح أو
الخطأ ؟
لا أحد يختلف من أن بيئة العمل في الكويت في دول الخليج في العالم
العربي هي بيئة فاسدة بنسبة مليار% وفسادها قد وصل إلى حتى استعباد واستغلال
الموظف ... بمعنى هناك من تأثـــر بمسؤل في عمله فتطبع بطبعه وأخذ نهجه الفاسد
فأصبح هدفا له للوصول إلى سلم قيادات الوظيفة ... والأخر يتعمد صناعة الولاءات
التي نحن الدول العربية أكثر أمة نشتهر بها معتقدين أن الوظيفة هي حق لنا بينما
الحقيقة هي أن العمل هو حق للجميع وليس الوظيفة الحكومية حصريا ... فالدولة
المحترمة تحديدا لا توظف أكثر مما تحتاجه بينما تمنحك كامل الحق بأن تبحث أنت عن
وظيفتك بفكرك وبطريقتك "المشروعة" ووفق هوايتك أو حرفتك أو شهادتك ...
ولذلك لا عجب أن نرى الفساد الوظيفي يسير وفق مفهوم التأثر الشديد بأفسد الناس ولا
عجب أن نرى التأثر بفن الفساد حتى ظن البعض أن الوصول إلى المراكز القيادية في
الدولة لا ينالها إلا ذوو حظ عظيم ... والحقيقة عكس ذلك تماما فليس مطلوب منك أن
تكون قياديا بارزا في دولتك إلا أن تصبح منافقا كذابا أفاقا بلا ذمة ولا ضمير تكره
الحلال وتعشق الحرام مع قليلا من الذكاء وما هي إلا 15 سنة وسوف تصبح في صفوة
قيادات الدولة ... والسؤال : هل كل قيادات الدولة يحملون نفس هذه الصفات ؟ الإجابة
: في الدول العربية 90% نعم وبكل تأكيد ؟
التأثر في بيئة العمل
لو رأيت رجل تعرض لحادث مركبة والجروح تملأ جسده بالتأكيد سيكون منظرا
غير مريح وسيسبب تأثير نفسي بداخلك لكن طبيب الجراحة لا ينظر كما ننظر نحن لأنه
مجال عمله ... ولو رأيت ضابط مباحث يظن أن بيده أن يدمر حياة أي إنسان فهو قد تأثر
بفساد مسؤليه في العمل بالإضافة إلى سير القيادات السابقة التي تم سردها عليه أو
سمعها فصنعت تأثير نفسي بداخله فظن أن لديه سلطة مطلقة وتناسى أنها سلطة محدودة
... هي نفس العملية تنطبق في كل عمل في عالمنا العربي في عملية صناعة
"التأثير والتأثر" ولا أعني بكلامي أن الكل يمكن أن يتأثر كلا وأبدا لكن
الغالبية يتأثرون ... ناهيكم عن أن هناك نوعية أفراد في كل مجتمع هم عديمي الشخصية
لكن صنعت شخصيتهم بسبب مكان عملهم وسلطة مكان عملهم أو صلاحيات مكان عملهم ... مثل
"بعض" دكاترة الجامعة الذي يعتقدون وفق عقلياتهم الفاسدة أن مصير أو
مستقبل من يدرسون لديهم بيدهم والحقيقة أن التعليم أمانة والمعلم له وظيفة محددة وليس
له أي سلطة مطلقة ... لكن بسبب توسل الطلبة واستجداء الطالبات له صنعوا له قدسية
لا وجود لها على الإطلاق بدليل أن الدكتور الفاسد يمكن أن يستوقفه رجل أمن أقل منه
شهادة رغما عن أنفه ويحرر له مخالفة ... ومثل إمرأة كانت موظفة تتلقى الأوامر ولما
أصبحت مديرة أصبحت هي من تعطي الأوامر لكن شخصيتها قد تغيرت فبعد ما كانت متواضعة
ظنت جهلا وسفاهة أن المدير يجب أن يكون كائن فضائي مختلف عن الجنس البشري ... ومثل
رجلا يعمل في مجلس الوزراء بوظيفة ومكان مرموق لكنه موظف جدا عادي وفي خارج عمله
يصنع هالة لنفسه أنه رجل مهم في عمله ويصبح مدافعا عن الحكومة وكأنه أحد وزرائها ...
ومثل رجل عمل في مكان حساس فطبيعة عمله فرضت عليه أن يلتقي بمسؤلي الدولة بكافة
أطيافهم فعاش وهــــم أنه أصبح منهم وأنه أصبح ذوو شأن عظيم ... وخذوا وقيسوا على
مثل تلك الأمثلة الكثير الكثير من الحالات "المرضية النفسية" التي تأثر
فيها من يعانون خللا ونقصا في الشخصية ومدى انعكاس ذلك على المجتمع برمته ؟
إن العقل البشري هي أعظم هدية ونعمة من ربكم سبحانه لكن قليلا من يستخدمونه
بالشكل الصحيح وكثيرا من يستخدمونه بشكل خاطئ لدرجة أنه يهين عقله دون أن يشعر ...
والإنسان السليم هو من يطور قناعاته أي يغيرها كلما رأى الحقيقة والحقيقة دائما لا
تأتينا مجانا أبدا فكل حقيقة ولها ثمن ... وقد سردت سابقا في موضوع قديما حتى عن
نفسي كم كنت أحمقا ولما تعلمت وفهمت ندمت ندما عظيما واستغفرت ربي كثيرا ...
ولذلك لا ينبغي من أي إنسان أن ستأثر بكائن من يكون مهما كانت الظروف وليس مطلوب
منك سوى أن تتعلم وتفهم وتستخدم نعمة العقل لترى الحقائق ... إصنع شخصيتك بنفسك
وتعلم بنفسك واقرأ وابحث وتحقق بنفسك وحق لك أن تعجب بأي شخص في أي مجال لكن لا
تتأثر به ولا تقلده ولا تسير على خطاه على الإطلاق لأنه ليس أنت وأنت ليس هو
وظروفكما ومستوى ثقافتكما وبيئتكما مختلفين تماما ... ولا تتأثر في بيئة عملك ولا بأي قيادي فيها
حتى لا تكون عبـــدا يأمرونك فتطيع ولا تسمح لكائن من يكون أن يسلبك إرادتك فهي
مركز قوة العقل لديك وهي التي تدفعك للأمام دون النظر للخلف ... ولا تجعل مخلوقا
واحدا مثلك الأعلى لأنك وقتها لن تستطيع أن تتجاوزه وحق لك أصلا أن تتجاوزه ولن تستطيع أن تغير مجالك
وستضع بيدك حياتك في قالب كالأصنام لا قيمة لها ... إياكم أن تتأثروا إلا بالحقائق
ولا توجد حقيقة إلا ولديها دليل وبرهان فإن لم يكن لها دليل فهي وهــــم ومجرد
نظرية جاز لكم الأخذ بها أو تركها بلا أي قيمة ؟
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم