لقد انتظرت طويلا حتى أرى موقف القيادة السياسية الكويتية المتمثلة في
مقام سمو أمير البلاد الشيخ / صباح الأحمد الجابر الصباح بارك الله في عمر سموه
... ومنذ شهر 10-2017 بعد "الموقف البطولي" للسيد رئيس مجلس الأمة مرزوق
علي الغانم بطرد رئيس الوفد الإحتلال الصهيوني المشارك في مؤتمر الإتحاد البرلماني الدولي في روسيا ... أرسل سمو
أمير البلاد برقية تهنئة ومباركة لتصرف مرزوق الغانم ... ثم انتظرت لأني كنت أريد
موقفا علنيا يصدر من سمو الأمير بنفسه تجاه الكيان الصهيوني يتطابق تماما مع حدة
رئيس مجلس الأمة حتى جاء هذا الموقف الذي أثلج صدري بكلمة "حبيبي أميري الغالي"
في 18-5-2018 بكلمته في القمة الإسلامية الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي
والتي عقدت في تركيا ... والتي قال فيها سمو أميرنا ما لم يجرؤ حاكم أو قائد عربي
واحد ضد الكيان الصهيوني منذ عقود طويلة ... ثم انتظرت ردود الأفعال الصهيونية
والأمريكية ضد الكويت ثم دخل على خط الرصد أحداث قطاع غزة التي تطورت بشكل سياسي
دولي دراماتيكي لتكتمل الصورة بصراع دبلوماسي كويتي أمريكي يحدث علنا لأول مرة في
تاريخ العلاقات بين البلدين ... وكان موقع هذا الصراع في قاعة مجلس الأمن الدولي
بين قرار كويتي أفشله الفيتو الأمريكي رقم 32 لصالح الكيان الصهيوني المحتل من أصل
43 فيتو أمريكي بشكل عام ... ناهيكم عن رصد الرأي العام الكويتي الشعبي والإعلامي
طيلة أشهر وأسابيع ماضية ولذلك من المهم بمكان أن نحلل لأن ونعرف حجمنا جيدا ويعرف
الأخرين حجمهم أكثر من جيد مع وضع السيناريوهات المتوقعة ؟
الكويت والكيان الصهيوني المحتل
دولتين عدوتين لا علاقات ولا صداقات
ولا مقابلات سرية تحت الطاولة والكل يعرف جيدا أن إسرائيل الدولة
"اللقيطة" هي لا شيء على الإطلاق دون أمريكا وبريطانيا ... فأمريكا
تعتبر أكبر داعم للكيان الصهيوني لا شرف ولا مهنية ولا مبادئ ولا قيم ولا حتى
إنسانية تنظر لها الولايات المتحدة الأمريكية في أي أمر وشأن يمس الكيان المحتل ...
وبالتالي تقييمنا النهائي هو أن إسرائيل لقيطة برعاية أمريكية ولا تستطيع أن تفعل
شيئا للكويت إلا عبر ترامب الذي أصبح أول طاغية يحكم أمريكا في تاريخها الدستوري ؟
الكيان الصهيوني والخليجيين
لا حاجة أن أضع لقرائي الكرام عشرات
وربما مئات الروابط الرسمية للصحف العالمية عن ماذا كتبت وماذا نشرت عن العلاقات
بين الكيان الصهيوني المحتل وبين السعودية والإمارات والبحرين وقطر ... ولا أدهى
من ذلك من اعتراف إعلاميين وكتاب صحف إسرائيليين بالتطور الدراماتيكي السريع الذي
خرج وقفز فجأة على المشهد الإعلامي الدولي بين السعودية والإمارات والبحرين وبين
إسرائيل ... حتى خرج رئيس حكومة الكيان الصهيوني "بنيامين نتنياهو"
بالصوت والصورة ليؤكد علنا أن بلاده "اللقيطة" لها علاقات على أعلى
مستوى مع السعودية "بلاد الحرمين الشريفين" مما أعاد ذاكرتي قليلا إلى
الوراء ليفسر لي كيف دخل يهودي صهيوني إلى قلب المدينة المنورة وداخل مسجد رسولنا
وأشرفنا عليه الصلاة والسلام ... ولا حاجة لأي تأكيد أن العلاقات الإسرائيلية
الإماراتية ربما وصلت حتى إلى "الفراش" بعد دخولهم في مناورات عسكرية مع
إسرائيل مرتين في أقل من عامين ... والبحرين المسكينة تعتقد أن انبطاحها للكيان
الصهيوني يمكن أن يحقق لها مكاسب سياسية دولية على المدى البعيد ... إذن السعودية
والإمارات والبحرين لهم علاقات مع الكيان الصهيوني بشكل قاطع وكل نفي رسمي أصبح
مجرد أكاذيب وترهات تطلق للإستهلاك المحلي في دولهم ... أما قطر فقد كانت في قمة
علاقاتها مع الكيان الصهيوني بل ووصفت في 2008 أن إسرائيل هي أقوى حليف لقطر بعد
الولايات المتحدة الأمريكية ... لكن السعودية والإمارات أهم وأكبر من قطر فغدر اليهود والصهاينة كعادتهم التاريخية الأزلية بالدوحة والتفتوا للأهم أي الحلفاء الجدد ؟
الكيان الصهيوني والعرب
لا يوجد شك ولا حتى 1% بأن مصر أصبحت
هي الدولة رقم 1 التي تحمي الكيان الصهيوني المحتل من أي جهاد وأي عمليات كأنها
تحمي نفسها تماما... ولا دلالة على ما أقول إلا تصريح الرئيس المصري عبدالفتاح
السيسي عندما قال في 22-4-2015 : . لن نسمح بتحويل سيناء قاعدة لتهديد إسرائيل "انتهى لتصريح"
.. بدليل كلما ثارت انتفاضة بين الكيان المحتل والفلسطينيين تلقائيا هرولت مصر إلى
قطاع غزة لصناعة تهدئة بين حماس والصهاينة ... وتشيع مصر بأنها ترعى الفلسطينيين
وتحميهم والحقيقة هي أن مصر منذ 1973 أي منذ اتفاقية "كامب ديفيد"
معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل وهي متعت عشرات آلاف الهجمات الجهادية ضد الكيان
الصهيوني المحتل ... ولا حاجة أبدا بأن أضع لكم عشرات الصور والتصريحات والتأكيدات
الفرق المهول بحماية ورعاية السياح الصهاينة في مصر ... والأردن أيضا لا يختلف عن
مصر كلاهما يوفرون الحماية الكاملة المطلقة للكيان الصهيوني ... واسألوا أكبر محلل
سياسي شهير وأكبر صحفي إعلامي عريق : ماذا استفدتم من علاقاتكم بالكيان الصهيوني
المحتل على الصعيد السياسي والإقتصادي والإجتماعي وبالأدلة وليس بهرطة حديث لا
دليل عليه ؟ ... أما جحش سوريا فهو سليل أسرة الخيانة العربية منذ القدم الذي تحول
لأنثى ذليلة أمام "الجولان" أراضيه المحتلة وأسد متوحش على شعبه في الداخل
؟
الكويت والخيانة الخليجية والعربية
أنا شخصيا وبقرارة نفسي وبخبرتي أستطيع
أن أستشعر شعورا يرميني إلى اليقين أن هناك امتعاضا وتذمرا شديدا من
"بعض" دول الخليج ضد الكويت ومواقفها الأخيرة ... ابتداء من موقف السيد
مرزوق الغانم وانتهاء بالصراع الكويتي الأمريكي الذي حدث في 2-6-2018 ... ولأن
الأزمة الخليجية كشفت أو فضحت العقلية السياسية التي لا ترى الدول إلا حسب حجم
مساحتها وبالتالي هذه العقلية لن تفهم أي أبعاد تاريخية أو قيم ومبادئ إسلامية
وعقيدة الجهاد التي التاريخ يسطر لك لهم أفعال الرجال لمئات الشهداء من الكويت
والسعودية الذي استشهدوا من أجل حقائق وليس أكاذيب ... وإن كان الترف قد جعل
العقول هشـــة وإن كان خرج مبدأ أن الدنيا تغيرت والحقيقة هي أن الدنيا ثابتة والناس
هم المتغيرين فلا بد وحتما ستتعرض الكويت لخيانات لا حصر لها من العرب والخليجيين بسبب
مواقفها المناهض للكيان الصهيوني المحتل ... ليس فقط استحقارا لحجمها وفق عقلياتهم
"المخجلة" بل لأن موقف الكويت أربك بقوة وبشدة "صفقة القرن"
التي تهدف إلى تغيير جغرافي وسياسي وإجتماعي فلسطيني وهي مؤامرة عربية خليجية صهيونية
أمريكية بامتياز ؟
الكويت وأمريكا
أمريكا في عهد ترامب اختلفت كليا عن
أمريكا ف عهد أوباما ومن سبقوه فترامب يعتبر أول رئيس يساند الصهيونية الإسرائيلية
بكل قوة وعلنا ... وأول رئيس أمريكي في تاريخ أمريكا يستحقر الخليجيين استحقارا
مهينا مذلا شديد التأثير ... لكن ترامب أيضا يعتبر أول رئيس أمريكي أحمــــق
بامتياز وأول رئيس أمريكي يسبب خسائر فادحة للنفوذ الأمريكي في العالم بأسرة وليس
فقط خسائر عربية ... وأول رئيس أمريكي يدمر ثقة العالم المتحضر بأمريكا وذلك من
خلال انسحابه من اتفاقيات دولية متعددة وافقت ووقعت عليها أمريكا بإرادتها ... فهو
اليوم يعادي "بعض" دول الخليج وأوروبا والهند وروسيا والمكسيك والبرازيل
... وبالتالي مسألة التوجس من ترامب كرئيس وانتقامه من الكويت هي مسألة لا قيمة
لها لأن الكويت تتعامل مع أمريكا كدولة مؤسسات وليس كرئيس ... وإن كان الغضب
الشديد من "نسيب" صهر ترامب زوج "ايفانكا ترامب" ضد الكويت
فهذا الصهر ما هو إلا صهيوني نجس لا قيمة ولا وزن له في السياسة العالمية ...
"جاريد كوشنر" نسيب ترامب أنا لا أرى هذا سوى أنه مهرج يريد أن يكسب
أكبر وقت ممكن قبل انتهاء الوقت المخصص له في العرض السياسي وبالتالي إعطاء أهمية أو
قيمة لهذا المهرج هي إهانة للعقل المستنير في الشأن السياسي ... وترامب لا يستطيع
أن يواجه الكويت ليس لشيء بل لأنه لن يستطيع أن يواجه العالم بأسره فالكويت لها
نصيب "استثنائي" في العلاقات الدولية وحجم وكم مساعداتها الخارجية لن
يستطيع لا كوشنر الصعلوك ولا عمه ترامب الأحمق أن يفعوا شيئا سوى الثرثرة بلا طحين
... والكويت تمتلك أوراق لعب سياسية دولية لا حصر لها كافية بأن تضع ترامب وصهره في
حجمهم الطبيعي ... وما فعلته الكويت في مواقفها البرلمانية والشعبية والحكومية
وحتى على صعيد القيادة السياسية كان درسا قاسيا لمن ارتمى في أحضان الصهاينة خاضع
كالعبد الذليل لهم ؟
هل هناك خوف قادم على الكويت ؟
لديك المال وحدثت لك مشكلة مع شركة
انترنت بكل سهولة ستقول لهم "طز فيكم في شركات غيركم" ... أنت رجل ثري
واشتريت سيارة فارهة والوكيل لم يقم بخدمتك بالشكل المطلوب ستقول له "تبا لك
ولسيارتك الحقيرة هناك شركات أخرى تنتظرني" ... نفس هذه الأمثلة البسيطة
اعكسوها على حجم أكبر في السياسة الدولية أمريكا تعادي الكويت فهناك بديل لأمريكا
وهي : بريطانيا ألمانيا فرنسا روسيا الصين ... طالما هناك أكثر من 576 مليار دولار
هي استثمارات الكويت الخارجية وطالما هناك أكثر من 45 مليار دولار تتدفق على
الكويت من مبيعات النفط سنويا ... وطالما أن الكويت تتمتع باتفاقيات عسكرية مع :
بريطانيا وفرنسا والصين وروسيا ... وطالما أن الكويت تمتلك أعلى ثقة عالمية وأممية
في ميزان الصداقة والمساعدات الإنسانية ... فلا اليهود ولا أمريكا يستطيعون أن
يمسوا الكويت بشعرة فالمستقبل القريب يتوعد أشد الوعود لمن ركع وسجد للصهاينة
الأنجاس وتناسى ربه وخالقه عمـــدا ... الكويت لقنتكم درسا بالكرامة وربكم سيريكم
عجائب قدرته قريبا فاستعجلوا قدركم فإنا نرى ما لا ترونه وإن غدا لناظره لقريب ؟
إن كان في 1991 وقفت معنا 34 دولة ففي
المستقبل ستقف معنا أكثر من 90 دولة وافهم لو كان في عقلك فهم أصلا
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم