2018-09-13

أيها الكويتيين أبعدوا أنفسكم عن الحرب ضد إيران ؟


دون أي مقدمات ولا تطبيل ولا مع هذا أو ذاك ... أنا رجل أخاف على وطني وأقرأ الأحداث جيدا وأرصد الصحف والأخبار والتقارير السياسية والإقتصادية أكثر من جيد بل وصلت إلى مرحلة الإحتراف في البحث في التاريخ القديم والحديث ... وإن كانت قد صدقت توقعاتي بأكثر من 80% فهذا يعني أن قراءاتي كانت صحيحة وإذ أكتب هذه السطور المتواضعة ليس من باب العداء لإيران والتطبيل للسعودية أو العكس ... لكن ما يعنيني كليا وحصرا هي الكويت التي أجد لزاما علي بدافع وطني أن أشرح وأضع أصحاب الشأن والرأي العام الكويتي بحقائق ربما هم غافلون عنها ... وحتى لا نكون نحن "الشعب" ضحية مرة أخرى لخطأ سياسي فادح كما حدث في 2-8 أكتب ما أكتب من باب النصح والتحذير والنداء للحكومة ومجلس الأمة والعقلاء في وطني ... وحتى يهدأ بال السفهاء فأنا لست إيرانيا ولا أصولي إيرانية ولا أنا ولا أسرتي لها تاريخيا صلة قرابة مع أيا من الأصول الإيرانية وإن كان هذا الأمر ليس عيبا أصلا ... ولو كنت كذلك فأيضا كنت سأكتب ما هو قادم دون أدنى خوف من أحد لأن هدفي نابع من الحرص على وطني ... ولأن الكثيرين منكم لم يعايشوا الغزو العراقي الغاشم يوما بيوم مثلما عايشناه نحن "بعض" الكويتيين فبالتأكيد لن يفهم صدق مقالي إلا من عايش تلك الحقبة السوداء من التاريخ الكويتي ؟

إن ميزان القوى في منطقة الشرق الأوسط قد تغير تماما منذ سنتين تحديدا ولو أردت أن أضع أسباب هذا التغيير فإن فشل "غزو اليمن" + ظهور تنظيم داعش "الكافر" وانتشاره واكتساحه ثم هزيمته النكراء ... هما أهم سببين أديا إلى تغيير ميزان منطقتنا حيث حققت إيران مكاسب سياسية وعسكرية جائتها على طبق من فضة ومجانا فأكسبتها قوة عسكرية إضافية ... ألا وهي "الحشد الشعبي" وهو خليط من العراقيين والإيرانيين بعدد فعلي يتجاوز 100 ألف مقاتل أهل حرب وقتال وخبرة وبعدد مليون يكونوا جاهزين خلال أقل من شهر واحد بعدد يتجاوز أكثر من 140 لواء عسكري ... وهؤلاء يمكن أن يتم حشدهم على الحدود الكويتية في أقل من 6 أسابيع ناهيكم ماذا يمكن أن تفعل حرب المذاهب التي كان الصهاينة والأمريكان يصنعونها ويشحنوها منذ سنوات طويلة ؟
 
سيناريو الحرب على إيران
مجرد الخيال في هذه الحرب وصناعة خيال المناظر والمشاهد تلقائيا سترتعب منها ومن فظائعها وكم الخسائر المهولة وعدد القتلى الضخم الذي يمكن أن يحدث ... فحتى تستطيع أمريكا أن تحارب إيران ومعها تحالفها من الضعفاء فهذا يعني عليهم أن يسيطروا على مساحة جغرافية تمتد لأكثر من 2.2 مليون كم² ... وهي مساحة إيران والعراق وسوريا مجتمعين وهم حلفاء بنسبة 100% بقوات عسكرية مدربة جاهزة تتجاوز 1.5 مليون جندي وبعدد قوات احتياط تتجاوز 20 مليون جندي يمكن أن يلتحقوا في أقل من شهر واحد ... ناهيكم عن قوات الحوثيين التي تتجاوز بأكثر من 60 ألف مقاتل من ذوي أهل الخبرة الطويلة الذين ألحقوا خسائر كبيرة للسعودية ... ناهيكم عن قوات حزب الله اللبناني التي تتجاوز 50 الف جندي من أهل الخبرة القتالية و 100 الف احتياط يمكن أن يلتحقوا في أقل من أسبوع واحد ... إذن نحن نتحدث عن حشد عسكري من أهل الخبرة القتالية الشرسة تتجاوز أعدادها لأكثر من 2.3 مليون جندي ... فأي مجنون هذا الذي يقنعكم أن الحرب على إيران هي عملية محدودة وبسيطة بل هي حرب عالمية ثالثة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى ... لأن أمريكا ستأخذ معها أوروبا وإيران ستأخذ معها روسيا والصين ودولنا الخليجية ستكون هي الملعب الرئيسي الذي سترون بأم أعينكم مناطقكم ومحافظاتكم تتدمر ... هذا غير أن العقلية العسكرية تقول لكم : يستحيل أن تنتصر على جبهات قتال متعددة بمساحات شاسعة ومناطق جغرافية متعددة الأشكال ... وأنا هنا وضعت لكم جبهات قتال ستشتعل تلقائيا في إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن نصرة لإيران فهل تظن أن دولتك ستكون بعيدة وبمأمن عن كل هذه الفوضى ؟!!؟

ماذا تريد أمريكا ؟
أيها السادة الكرام إن الحشد السياسي الذي تعده أمريكا للحرب ضد إيران ليس لإنقاذكم من طهران كلا وأبدا بل أنتم ونحن الحطب الذي سيحترق لتحقيق إنتصار عظيم يصب في مصلحة الكيان الصهيوني المحتل "إسرائيل" + يجب تمزيق اقتصاديات "الكويت - السعودية - الإمارات" التي تتحكم في أسعار النفط العالمية وبالتالي تتحكم في اقتصاديات أوروبا والهند وأمريكا وأكبر شركات العالم ... وبالتالي هدف الحرب المعلن هو أن "إيران ترعى الإرهاب" وكأنها حقيقة لا نعرفها على الإطلاق لكن هل أمريكا وأوروبا وبعض دول العربية ليسوا إرهابيين أيضا !!! ... أمريكا تريد تحقيق أقوى نصرا لإسرائيل على حسابنا وفوق أراضينا وبأموالنا وعلى حساب أمننا وسلامتنا واستقرارنا ... تريد حرب طائفية صرفة بين "السنة والشيعة" حرب ترتفع فيها رايات "لا إله إلا الله محمد رسول الله" مقابل رايات "يا حسين - يا فاطمة الزهراء - يا علي" ... مشهد يحمل كل جنون الأرض لا يصدقه سوى الأغبياء الذين لن يقتنعوا بحقيقة المخططات الصهيونية والأمريكية إلا بعد أن يشاهدوا أوطانهم وأعراضهم بنفس السيناريو السوري تماما ... فهل جن جنونكم حتى تصدقوا أن إيران إرهابية وأن الباقين هم ملائكة الله في الأرض !!! ... هذه الحرب "إن وقعت" لن تخرج منها أمريكا منتصرة ولا إيران ولا دول الخليج ولا لبنان ولا إسرائيل الكل خاسر فيها وستذهب إلى خسائر اقتصادية تتجاوز أكثر من 1.5 ترليون دولار وبعدد قتلى سيتجاوز أكثر من 300 ألف قتيل بأقل تقدير ... والمناظر الساحرة الجميلة التي تشاهدونها في عواصم دول الخليج ستكونون مضطرين أن تلقوا عليها نظرة الوداع لأن الحرب ستمدرها عن بكرة أبيها ... والمرحلة التي تليها هي تقسيم منطقة الخليج رغما عن أنوفنا كل ذلك يمكن أن يحدث فقط من أجل عيون أمن واستقرار الكيان الصهيوني المحتل ... فلا يجب أن نقبل ولن نقبل أن نكون حفنة خراف تجر إلى المذبح من أجل إسرائيل الكيان الصهيوني المسخ ولا يجب أن نرضخ لأمريكا ومغامرات "ترامب" الذي أهان كل العرب بخطواته بجعل القدس عاصمة للكيان المحتل ؟
 
ماذا تريد الكويت ؟
أقولها بصدق إن كانت الكويت قد اتخذت خط السلام والإنسانية فإن هذا الدور لا يتوافق ولا يتطابق مع ما تحركها "المؤسف" بعقد إجتماع رؤساء الأركان دول تخطط للحرب ضد إيران ... وأن مثل هذه الخطوة يجب أن نتوقف عندها كثيرا لنسأل حكومتنا ويجب أن يتحرك أعضاء مجلس الأمة لسؤالها عن سبب هذا الإجتماع بل يجب على الحكومة هي أن تشرح للشعب لماذا هذا الإجتماع في هذا الوقت تحديدا ... هل للتحضير العسكري ضد إيران ؟ هل لصناعة تحالف عسكري يبدأ من الكويت ؟ ... حسنا سنوافق لكن من نحن ؟ وما هي قوتنا ؟ وما هي خططكم ؟ وما هي الضمانات لعدم حدوث أي مكروه للكويت وشعبها ؟ ... لا شيء على الإطلاق لا ضمانات لا خطط عسكرية لا خطط طوارئ كلها ترهات ساقوها علينا بأكاذيب لا تعقل ولا تستحي ... بدليل أن كل خطط الطوارئ في 2-8-1990 سقطت وفشلت وترك الشعب الكويتي يواجه مصيره لوحده ومنفردا فمن ينكر فليخرج علي ويكذبني بأدلته ... يا سادة اعقلوا ولا تصدقوا أمريكا فإن أمريكا 1990 ليست أمريكا 2018 فالأمر أكبر من الكويت وشعبها ولا قِبل لنا على إيران ولا مواجهتها ولا حتى 1% ... حيدوا أنفسكم عن هذه الحرب وحيدوا شعبكم ويلات وعظائم شرور قد يشعلها السفهاء هنا وهناك فالجندي أو الشرطي الكويتي إن أصابه مكروه أو مات أو قتل أو استشهد فجعت الكويت بأسرها لهذا المصاب الجلل لأنه ذوو قيمة كبيرة لدينا ... بعكس باقي الدول التي يموت منها العسكري وكأن من مات كلب رمي على قارعة الطريق لا قيمة له ... لا تدخلونا في أمر أكبر منا ولا تورطونا في حرب إن اندلعت سترون بأم أعينكم ماذا سيحدث لمن أشعلها وإعلام الطبالين وشعراء النفاق لا يصنعون نصرا بل كمن يوزع المخدرات على المجتمع بالمجان ... تاريخ الكويت أعجز كل من أراد بها مكرا وسوءا وشرا لأنه تاريخ أبيضا فلا تصنعوا بقعة سوداء في التاريخ الكويتي بالدخول في التحالف ضد إيران ... ومجلس التعاون في 1990 ليس هو في 2018 فلا هو اليوم سندنا ولا هو عزنا وكل الأشعار الجميلة فيه قد احترقت وانتهت ؟ 

إيران ومكة المكرمة  
لن تحتاجون لوقت طويل حتى تكتشفون ببحث صغير جدا على محرك البحث العملاق "Google" حتى يخبركم كم هي السهولة بأن إيران تستطيع أن تدمر القوة البحرية السعودية عن بكرة أبيها خلال 24 ساعة ... ثم تلتف باتجاه البحر الأحمر وتضع أقدامها وترفع أعلامها على شواطئ مدينة جدة الساحلية ... كل هذا يمكن أن يحدث لأن إيران تمتلك أكثر من 33 غواصة والسعودية لا تملك ولا واحدة ... وبما أن إيران دولة دينية عقائدية صرفة فإنها ستنفذ وصية الخميني الذي قال نصا في 1987 : سندخل المسجد الحرام مع الإحتفال بانتصار الحق على جنود الكفر والنفاق وتحرير الكعبة من أيدي من ليسوا أهلا ومن ليسوا من محارمها وخاصتها "انتهى الإقتباس" ... ونحن أمة دول الخليج ما ضيعنا إلا الغرور والثقة بالنفس الكبيرة والإستهزاء بأعدائنا وكم العداوات التي نصنعها بجهلنا وتصديق إعلام الدجالين والأفاقين والوصوليين والمحتالين ... وسقطنا بفرط ترفنا وحب النساء والمال وتركنا أمورنا للغرب حتى يديرها كيفما يشاء ومن شدة ترفنا أصبحت تلهينا توافه الأمور وليس عظائمها ... يا قوم إن كانت تحالف الخليج وبعض الدول العربية لم يستطيعون هزيمة قبيلة في اليمن "الحوثيين" فهل يمكن أن تصدقوا أنهم يمكن أن يلحقوا الهزيمة بإيران التي تمتلك جيش تفوق أعداده كل جيوش دول الخليج مجتمعين !!!؟!!!

مصر والأردن وباكستان
جميعهم لن يتحركوا لنصرتكم إلا بمقابل مادي يدفع مقدما وليسوا مضمونين النتائج على الإطلاق ... لأنهم أصلا غير قادرين على الخوض في أي حروب خارجية لأن خزائنهم لا تتحمل أي تكلفة حرب على الإطلاق ... وأخر حرب خاضتها باكستان كانت في سنة 1971 ضد الهند أي قبل 47 سنة ... وأخر حرب خضتها مصر كانت في 1973 ضد إسرائيل في نصرها "المزعوم" أي قبل 45 سنة ... أخر حرب خاضها الأردن كانت ضد الفلسطينيين "أيلول الأسود" في 1971 أي قبل 47 سنة ... وبالتالي هذه الدول لا يعول عليها ولا ينتظرها إلا المفلس عسكريا وسياسيا ومن يصدق بهرجة العروض العسكرية فهذا يحتاج إلى طبيب نفسي لا شك في ذلك ؟

ابتعدوا من شر عظيم مستطير ولا تدخلونا في أمر أكبر منا بمليون مرة واحذروا من دول الجوار جميعهم دون أي استثناء وكفاكم فرطا بالثقة على حساب أمننا واستقرارنا ... فمن يريد إشعال الحرب فليشعلها بعيدا عنا ومن يريد الحرب ضد إيران فليذهب إلى المعسكر الذي يريد ... لكن لسنا نحن ولا نريد أن نكون نحن "رحم الله امرئ عرف قدر نفسه" ... ألا هل بلغت اللهم فاشهد ؟




دمتم بود ...



وسعوا صدوركم