"صعق العالم بجريمة نيوزيلاندا
الإرهابية البشعة وهزت وجدان العالم بأسره من فظاعة المنظر والمشاهد المصورة التي
تعمد الإرهابي أن يبثها على الهواء مباشرة ... فتوالت صيحات الإحتجاج والتنديد من
كل بقاع الأرض مستنكرة وشاجبه لمثل هذا العمل المتوحش الخالي من أي قيم إنسانية ...
وعليه لا بد أن تتحرك الدول والمنظمات الدولية لمكافحة العنف والإرهاب حماية
للبشرية والإنسانية ودفاعا عن الأديان السماوية التي يجب حمايتها من الغلو
والتطرف" ... ما سبق من الفقرة كان كلاما إنشائيا تافها يصلح للإستهلاك
الإعلامي السطحي الذي يخاطب عقول الأغبياء والهُـبل حتى يمتص غضبهم المضحك والذي
أصلا انتهت موجة الغضب العالمية بعد 24 ساعة ... والجريمة ستنسى وكأنها لم تكن ومن
قتل "ونحسبهم عند الله من الشهداء" ذهبوا وكأنهم مجرد رقم لا قيمة له
وانتهت القصة وعليكم أن تفكروا أين سيكون العمل الإرهابي القادم وأيضا ضد المسلمين
؟ ... والذي أرجحه بقوة أن يكون في ألمانيا أو فرنسا لعوامل عديدة ليست مجال موضوعنا
الآن لكن فقط أريد أن أطوف بكم حول العقول العربية بحكوماتها الغبية الذين أشاعوا
مشهدا تمثيليا مضحكا ؟
لو قتل أو استشهد 50 أو حتى 200 مسلم في مسجدهم في نيوزلاندا دون بث
مباشر من القاتل لما تفاعل المجتمع مع الجريمة الإرهابية بنفس الزخم وقوة دفع الإعلام
... لكن لأن الجريمة كانت تبث على الهواء مباشرة فقد أصاب الجميع أو الغالبية
بالدهشة والإستنكار !!! ... إذن نحن أمام حالة نبحث في تحليلها هل غضبك استنكارك
احتجاجك أن الجريمة صورت مباشرة أم ليتها لم تصور أم أنك ضد العمل من أساسه سواء
صور أو لم يصور ؟ ... فإن كان الغضب من أنه قد ارتكب وتم تصويره فأنت ضميرا ميتا
وإن كان غضبك أنه يا ليته لم يصور ويفجنا فأنت أيضا ضمير ميت وإن كنت ضد الجريمة
من الأساس فالموضوع هنا يكون مختلفا تماما ... فالإنسان الطبيعي أن يكون ضد أي عمل
إرهابي ضد كائن من يكون لأنك من الطبيعي أن تحمل ضميرا إنسانيا تحصنه ديانتك
السماوية ... لكن أي غضب العالم والمجتمع الدولي بأسره والجرائم ترتكب في سوريا
والعراق وليبيا واليمن وانتهاكات حقوق الإنسان شديدة الفظاعة في "السعودية
والمغرب والجزائر ومصر والبحرين والإمارات والسودان" وغيرها !!! ... أين
صرخات لاستنكار عندما حرقت أجساد مسلمين "كامبوديا" وهم أحياء واغتصبت
نسائهم ودفنوا في مقابر جماعية ؟ ... أين المجتمع الدولي وهو يرى انتهاكات مسلمين
الصين في "أقلية الإيغور" ؟ ... وماذا
حدث من انتهاكات كارثية لدى مسلمين الفلبين والطائرات الحربية تقصف قراهم الخشبية
وتهجرهم ؟ ... لقد ارتكبت السعودية والإمارات مجازر يندى لها الجبين في اليمن
وارتكبت مصر فظائع بحق مواطنيها يهتز لها عرش الرحمن وارتكبت فظائع في سوريا تنسف
جملة أو كلمة أنها دولة مسلمة ومجازر في العراق كافية أن تزلزل العالم بأسره وتمزق
وحشي في ليبيا يجعلك تضطرب من كذبة الوحدة الوطنية ... فكيف كل هذه الفظائع التي
حدث وسوادكم الأعظم يعلم بها علم اليقين ولم تشكل له أي مشكلة أو معضلة وجريمة
تافهة جدا جدا جدا مقارنة مع الكوارث الإرهابية الأخرى جعلتكم تنطقون وتحتجون !!!
... فهل أصبح الأمر لديكم لا مشكلة مسلم يمزق مسلما لكن الويل للمسيحي أن يقتل
مسلما !!! ؟
ألم أحذركم مرارا وتكرارا من أن جعل الدين الإسلامي هو الدين الإرهابي
الأول في العالم سيكون له ثمنا باهضا ؟ ألم أكتب وأنشر التحليلات أن من صنع
القاعدة وداعش هدفهم إسلامكم وضرب صميم عقيدتكم ؟ ... إذن ما حدث كان جدا طبيعيا
فوسائل الإعلام الغربية تركز على جرائم المسلمين أكثر من 300% مقابل التركيز
الإعلامي على جرائم الأجانب الغربيين بواقع 80% ... إذن هناك مخطط وطالما وجد
المخطط يعني أن هناك فعل والفعل واقع وثابت ويؤكد أن التوجه الإعلامي الغربي
والأمريكي متفق على تعزيز تشويه صورة الإسلام والمسلمين ونشر هذا التشويه على أوسع
نطاق ... في الجهة الأخرى المسلمين لا يزالون مصرين على أن التطرف مركزه المساجد
والمنابر الخطابية وهذا غباء ما بعده غباء ... فمشكلة المسلمين ليست في مساجدهم
التي حتى دمروها وفجروها وخربوها في العراق وسوريا واليمن وليبيا بل تكمن في الفكر
ثم الفكر ثم الفكر ... ولو أردتموني أكون منصفا معكم أقولها وعلنا مشكلتنا ليست مع
كتب البخاري ومسلم وكتب العلماء والفقهاء كلا وأبدا مشكلتنا في الفكر الذي يريد أن
يستبد فوق فكر الأخرين ... فكر طغاة لا يريدون أحدا أن يفكر ولا أن يعبر ولا أن
يخالفهم ولا يعارضهم فكر طغاة يريد الكل أن يصفق للحاكم وإن كان زنديقا ابن حرام
حاكم ينفي ثلث شعبه في مغامراته المريضة وممارساته الشاذة ... وحكومات رؤوسها رؤوس
الشياطين من كثرة ما بها من ممارسات وأعمال شر وذل وإهانة للعباد ومشايخ دين
ظاهرهم الوسطية والتواضع والشخصية الحسنة وباطنهم كذب الجهاد ونكاح المجاهدات
والتمتع بالسبايا ... ومثقفين سيطرت عليهم شهوة الشهرة ونرجسية التعالي على الغير
والتكسب الرخيص على موائد ومجالس علية القوم ... يا سادة الأمراض كلها فينا والعقد
النفسية كلها مستوطنة بداخلنا والجهل نحن أهله وعنوانه والضعف نحن أسياده وأسياد
الإستيراد من الخارج في كل شيء مركبنا وملبسنا ومشربنا وأدويتنا كل شيء ولا أكثر
من واقع ودليل انظروا إلى المال ماذا فعل الأخ بأخيه والأخت بأمها والولد بأبيه
والطليقة بطليقها وتوحش لم نألفه في حياتنا ... مثل هذا التغير الإستثنائي في
المجتمعات العربية التي جعلت من المال هو الإلــــه المقدس الذي إن حضر خضع له
الجميع وإن نطق طأطأت الرؤوس له خانعين ... اقرؤوا التاريخ فلن تجدوا أكثر
المجرمين والسفاحين وطغاة الأرض أكثر من تاريخ الغرب سفكوا دماء مئات الملايين من
الأبرياء ... وما محاكم التفتيش في أوروبا والحروب الصليبية وسقوط الأندلس ثم
ستالين وموسيليني وهتلر وموغابي وكيم يونغ الثاني ولينين ... فعندما أراد العرب أن
يتعلموا لم يتعلموا من دروس هؤلاء الطغاة وأن الطاغية مهما وصل إلى جنون فإن مصيره
الموت المؤكد بل بالعكس قلدوهم ... ولما قلدوهم أرجعوا أوطانهم 100 سنة إلى الوراء
ودمروها وصنعوا جهلا في عقول شعوبهم لا يمكن أن يمحيه أحدا ... فمرحبا بكم في أمة
الجهل وأمة النوم السخيف والسبات المريض فإن صاح مناديا حيـــــا على الجهاد ردوا
عليه هيـــــا على المجبـــوس ... يغضبون لأمر 50 بريئا في الغرب ويصمتون عن جرائم الملايين
في أوطانهم تبا لكم ما أخزاكم وما أتفهكم من جبناء عديمي الحياء ؟
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم