2019-03-28

ليس لك الحق بالحكم على الآخرين ؟


لو بحثت في تاريخ "معظم" كبار رجال السياسة عبر كل التاريخ القديم والحديث فلن تجد أكثر منهم إجراما وطغيان وفسادا وسرقات لا يمكن سجلات التاريخ أن تدونها من كمها وحجمها ... ولكنهم لأنهم من السلطة ومن أنظمة الحكم فإنك لا بد أن تراهم بنظرة التوقير والإحترام والبعض ينظر لهم بنظرة المحبة والبعض ينظر إليهم على حقيقتهم التي لا تخفيها ثيابهم النظيفة العطرة ومظهرهم الحسن ... هذه إسقاطه واقعية لا تقبل الشك أو البس ودليل لإثبات أن الناس في الماضي والحاضر وحتى مستقبلا لا تهوى سوى من يكذب ويدلس عليها هي كذلك وستبقى هكذا لأنها لا تريد أن ترى أو تعرف الحقيقة ... نعم الناس لا يريدون أن يعرفوا الحقائق لأنهم يفضلون أن يعيشوا في الصورة التي هم رسموها لأنفسهم أو من رسمها لهم فهذا أفضل من رؤية الحقيقة المجردة التي إن رؤها لتمزقت أوهام ما في عقولهم ... طبيعة غريبة عجيبة مليئة ببكم مهول من التناقضات وتضاربات بين العقل والمنطق والواقع جميعهم في صراع مرير كالمرأة التي تعلم أن زوجها يخونها وتصنع عدم المعرفة حتى لا تهدم بيت أسرتها ... معطيات غريبة تحيرك لماذا الناس أصبحت تهوى التعايش حتى وإن كان مليئا بالكذب والنفاق يجلدون ظهرك من خلفك أما أمامك فتتلقى الإبتسامات والثناء !!! ... وبلا أدنى شك أن المرحلة العمرية ونوع وشكل بيئة الإنسان لهم دورا في ذلك لكن المصيبة عندما ترى كبارا في عمر الـ 30 و 40 و حتى 70 سنة لا يزالون يعيشون في بحر حماقاتهم ... وينزهون أنفسهم ويحسبون أن الله ما خلق سواهم من التقيه والنزاهة والمثالية وفي حقيقة الأمر ما هم بذلك ومن هنا يكمن العجب في الشخصية وتناقضاتها وشكل تفاعلها مع محيطها وبشكل وطريقة تفكيرها وقناعاتها ؟
 
من المعيب حقا أن تسأل فتاة أو إمرأة عن ماضيها والمخزي أن تسأل أو تفتش إمرأة عن ماضي رجل !!! تفكير سطحي يدل على تفاهة الشخصية وكم جهلها الفاضح ... فهل هناك رجلا أو إمرأة دون ماضي ؟ دون أخطاء دون ذنوب دون عثرات دون سقطات دون جهل ؟ ... لا أحد ولن يكون هناك أحدا لا يخطئ بل وحتى الأنبباء والرسل في حياتهم كانوا يخطئون ليس الأمر بمعجزة فقط لأننا جميعا بشر نصيب ونخطئ ... لم نولد كاملين العقل والفهم ولم تولد الثقافة معنا بل اكتسبناها من خلال الحياة والقراءات والبحث والتحليل والتفكر والتدبر ... فمن أعطاكم الحق حتى تحكموا على ماضي غيركم ؟ ومن منحكم الإذن حتى تصدروا الأحكام على هذا أو هذه ؟ ما لكم أصبح الكثير منكم يمشي على الأرض وكأنه أحد ملائكة السماء !!! ألم يقولوا عن رسولكم أنه ساحرا مجنونا ؟ ألم يتهم يوسف ابن يعقوب بشرفه ورمي في السجن لسنوات ؟ ألم يتهم إبراهيم الخليل بأنه عاصي ويريد أن يخرجهم من دين آبائهم ؟ ألم يقتل موسى رجلا نصرة لقريب له ؟ ألم يتهم نوح بالمس والجنون ؟ فإن كان خاصة رب العالمين في الأرض وقعوا في الظلم والتقول عليهم فما بال الناس العاديين !!! ... وفي زماننا زمن التطور والتكنولوجيا أصبحت قيمة الإنسان وتقدير الناس عليه وفق سجله في وزارة العدل والداخلية !!! أهذا تقييمكم !!! أهذه نظرتكم !!! يا لا جهلكم كم أوقعكم في الحماقة ونسيتم أن الإنسان يعيش ما بين المعصية والتوبة وأن حياة الإنسان هي عبارة عن مراحل إما أن ترفعه أو تسخطه ... وفي الجهة الأخرى رجل يريد الزواج بفتاة فيسأل الأرعن عن ماضيها وكأنه يبحث عن إحدى حور الجنة على الأرض !!! متى تدركون ومتى تتعلمون أن عاداتكم وتقاليدكم هي من أكبر وأعظم مصائبكم ؟ ومتى تعون أن للناس كرامات وستر معاصيهم لهي من أعظم درجات الأجر والثواب ... ويك كأنك الطاهر الشريف العفيف المنزه أم أنتي التي تسبح السماء بحمدها من شدة وعظمة تقواها وطهارة نفسها !!!
 
إن العقل والمنطق وأمانة النفس والضمير أنك لا تملك أي حق أن تحكم على كائن من يكون إلا من خلال أفعاله التي أنت تراها بأم عينيك وليس بما ينقل إليك ... لأن الناقل أيا كان لا يمكن الوثوق به لكن مرأى العين هي اليقين في الحكم على الأفعال "الشخصية" فهل كل ما نقل عن سمعة فتاة أو سمعة رجل يكون بالضرورة صحيحا ؟ بالتأكيد كلا وأبدا ... فكم من مديحا وثناء بخلق الفتاة والرجل كان عكس ما حدث ويحدث في بيت الزوجية أو على فراش الزوجية فيذوب كل ما قيل كما يذوب الملح في الماء ... وتصبح الحقيقة أن أحد الطرفين قد تعرض للكذب والخيانة وحتى بالتعارف الطرف المقابل يكون مسؤلا أمامك من لحظة التعارف وليس لك الحق حتى السؤال عن الماضي لأن ماضي الإنسان ملكه الشخصي تماما ... ولا يوجد شخص لا يخجل من أمورا حدثت في حياته وكانت سببا في تعاسته أو عثراته أو خيبة أمله ولذلك يجب أن ترتقي العقول في التعاملات الشخصية والعملية ... ولا تكن من السفهاء الذين إن تدخلوا فيما لا يعنيهم لقوا ما لا يرضيهم فتوقفوا عن التلصص والتجسس على غيركم وعالجوا أمراض عقولكم التي جعلت الكثير منكم مثارا للسخرية ... فما نحن إلا بشرا رغما عن أنوفنا أن نخطئ ولولا أخطائنا لما تعلمنا ولولا عثراتنا لما وقفنا ولولا تجاربنا الشخصية المريرة لما عرفنا الإستمرار ... دعوا الخلق للخالق وأدركوا أن يا ما هناك صالحا أصبح فاسدا ويا ما هناك فاسدا أصبح صالحا ويا ما هناك جاهلا أصبح عبقريا ... ميزان البشرية يحكمها الإنسان بكل ظروفه التي مر بها والذي دفع هو ثمنها بنفسه ولم يطلب منك أن تدفع الثمن بدلا عنه ولم يطلب أصلا مساعدتك فأين موقعك من الإعراب في الأمر حتى يكون لك الحق بالحكم على من تجهله فسبحان رب العالمين الصابر على عباده وجهلهم ؟





دمتم بود ...



وسعوا صدوركم