2019-10-20

أزمة المثقفين والمستثقفين العرب ؟


لا يوجد مصطلح واحد اتفق عليه الجميع حول تعريف من هو المثقف فهناك من قال " نسان غير أمي فهو مثقف" وهناك من قال "كل صاحب شهادة عليا فهو مثقف" وهناك من قال "كل من قرأ التاريخ فهو مثقف" ... كلها وجهات نظر وآراء تقبل الصواب وتقبل الخطأ ولذلك جد أن الغرب لا يوجد لديهم مثقفين بنفس مستوى العرب فالأجانب لديهم متخصصين ... وهم يؤمنون في مجال التخصص إيمان عميق وأما على الصعيد عموم الشعب فإن الشعوب العربية هناك الملايين يملكون ثقافة واسعة من خلال كم كبير جدا من الإطلاع وحب المعرفة بعكس الشعوب الغربية فإنها لا يمكن قياسها بنفس مستوى الثقافة العامة العربية ... ولذلك لو وقفت في شوارع أوروبا أو أمريكا أو الصين وسألتهم عن مسألة في التاريخ أو الجغرافيا أو حتى في مسائل سياسية واقتصادية دولية فلا تستغرب إن وجدت الغالبية غير مهتمين ولا يبالون ولا يعرفون ... بعكس الكثير من الشعوب العربية التي إما قرأت أو سمعت لكن مع ذلك فإن المثقفين العرب يعيشون في أزمة مع ذاتهم ... أزمة شرف وأزمة أمانة وضمير فهناك آلاف المثقفين ممن عاشوا وماتوا وهم كانوا شرذمة متسلقين منافقين لدى كل من يملك المال أو السلطة ... وهؤلاء كانوا لسان الشيطان تطلقهم السلطة وقتما ما أرادت وكيفما شاءت فهم يسخرون معرفتهم وبلاغتهم اللغوية والكتابية بصناعة رأيا يخدم السلطة ويوجه لتغير الرأي العام لاستهداف بسطاء العقول والناس التي لا تريد سوى الخروج من هذه الدنيا على خير وسلام ... وهناك من استغل الطاقات الشبابية واستهدف متعمدا نقص خبرتهم وقلة وعيهم فوصل إلى مرحلة التحكم بهذه الطاقات ليخضعها لخدمة السلطة ... فكانت هذه أزمة المثقفين في الفترة ما بين الخمسينات إلى نهاية السبعينات كل التوجهات انصبت في خدمة الشيوعية والرأس مالية والصراع العربي الصهيوني وخدمة للإنقلابات العسكرية التي وقعت في العديد من الأوطان العربية ؟

في أيامكم هذه فإنكم تواجهون مستثقفين وليس مثقفين أحسنهم لن يصمد أمامك 10 دقائق حتى تكتشف جهله الثقافي وشح اطلاعه ... المستثقفين الذين استغلوا مواقع التواصل الإجتماعي من أجل الوجاهة الإجتماعية التي تأخذه تلقائيا إلى جني الأموال بطرق مختلفة هؤلاء هم أخطر من مرتزقة المثقفين القدماء ... فإن كان القدماء كذبوا ودلسوا على الشعوب العربية مستغلين غياب الإعلام وعدم وجود المنصات الإعلامية المختلفة التي تعيشونها في أيامكم هذه ... فإن المستثقفين في وقتكم هذا غالبيتهم هم عبارة عن لصــــوص فكـــــر من النادر أن تجد لديهم الأمانة والضمير ... والأمانة تستوجب على كل من يملك فكر أو ثقافة أو علم أن يخضع ما لديه للغير أي كما تعلمت يجب عليك أن تعلم الغير لأن حق المعرفة وحق المعلومة هو حق للجميع ... من حق الناس أنا وأنت وأنتي وهؤلاء وذاك وتلك الكل من حقه أن يحصل على المعلومة والمثقف الأمين دوره أن يفصل بين عاطفته وبين عقله حتى يستطيع أن يصنع فلتــر يصفي الأخبار والمواضيع ويقدمها طازجة بحقيقتها إلى الغير ويبعد الإفتراءات والأكاذيب عن القراء والمتابعين ... وقد لا يعلم المستثقفين في أيامكم هذه أنهم يدمرون وعي وعقول الكثيرين لأن هناك فئة واسعة من الناس تربيتهم بيئتهم فكرهم مستوى فكرهم لا يقبل ويرفض الحقائق ولا يريد إلا ما يتوافق مع سطحية عقله ... ولذلك من السهل اليوم أن تشاهد المحللين السياسيين وفي ظهورهم على منصات مواقع التواصل الإجتماعي والقنوات الفضائية وهم يبثون قاذورات عقولهم للمشاهدين والمتابعين دون أدنى حياء من الكذب والتلفيق والنفاق بدرجة فاقت جرائم أبو جهل وأبو لهب بمليون مرة ... ولو بحثت خلف هؤلاء المستثقفين فلن تجد صدق توقعاتهم وقعت أو حدثت إلا ما لا يتجاوز 5% وربما كانت وليدة الصدفة وليست وفق رؤية ثاقبة وقرائة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية موضوعية علمية واقعية ... فلا عجب أن نرى الجهل اليوم يخيم على الأمة العربية بشكل مرعب مخيف من خلال ضخ عشرات المليارات من الدولات في القنوات العربية الخاصة المأجورة التي أوجدت وخلقت صراع إعلامي عربي لنصرة مخططات سياسية شيطانية عظيمة الخبث ... فكان العقل العربي هو المستهدف استهداف مباشر ولذلك وبكل أسف أن نجد مصداقية الصحف الغربية هي الأكثر مصداقية ولا تقارن من مصداقية الصحف العربية بالرغم من أن لا توجد وسيلة إعلامية واحدة على وجه الأرض محايدة تملك مصداقية 100% ... لكن على الأقل هناك تفاوت وفجوة واسعة بين مصداقية الإعلام الغربي والإعلام العربي ولذلك اليوم لا تجد مثقفين عرب حقيقيين لكنك ستجد مرتزقة مأجورين بأثواب أنيقة نظيفة وعقول كحاويات القمامة أو مثقفين حقيقيين احترموا أنفسهم وابتعدوا عن الجو الملوث أو تجد من يصارع ليكافح عصابات استأسدت على عقول المساكين وهؤلاء الأكثر دفعا لثمن ذلك ... وبما أننا نعيش في محيط عالمنا العربي المريض عقليا ونفسيا فلا أحد يستغرب إذا ما علمتم أنه سيتم اعتقالي بصورة مؤكدة 100% إذا ما وطأت أقدامي أراضي أكثر من 8 دول عربية ... لست إرهابي ولست تابع لأي منظمة محظورة ولست تابع لأي تنظيم سياسي ولست زعيم ميليشيات مسلحة فقط لأني صاحب فكــــر فقط رجل مطلّع مفكّـر يقاتل من أن تحصل أنت وأنتي على المعلومة الحقيقة والمشهد الحقيقي حتى لا يتم تظليلكم أو التدليس عليكم وهناك مثلي الكثيرون ... لكن مرتزقة الثقافة سيعلمون يوم يلقون ربهم في المشهد العظيم المهيب يوم القيامة كيف سيكون حسابهم وأي ثمن سيدفعونه مقابل الجرائم الفكرية التي ارتكبوها في دنياهم بحق الأبرياء ... حقك علي أن أمنحك الحقيقة وحقي على من هو أعلم وأخبر مني أن يمنحني الحقيقة ومهما بلغنا من ثقافة واسعة وعلم غزير سنموت ونحن جهلة وصدق من قال : يموت العالم وهو جاهل ... وسبحان ربنا الذي لا تخفيه خافية ويعلم ما في السموات وما في الأرض ونحن لا نعلم ... الفكر يواجه بالفكر أما الإنتقام السياسي أو الأمني فهو الضعف بعينه وقدرنا في عالمنا العربي المريض أن نعيش في كل زمن وفي كل جيل مع مرتزقة الثقافة ؟



دمتم بود ...


وسعوا صدوركم