2020-02-17

الناس لا تصدق إلا الحمقى ؟


تظن الملايين من الشعوب العربية أن الإنسان صعب أن يتغير ولو تغير فإن لعنة السماء ستصيبه بالحوبة والعقاب والويل والثبور وعظائم الأمور إن سولت لك نفسك أن تخرج من عباءة العادات والتقاليد ... لكن الحقيقة ليست كذلك على الإطلاق وخصوصا في زماننا هذا والتي تؤكد آلاف الأدلة والبراهين أن التغيير ممكنا وأن التخويف بسلاح الدين والشريعة هو سلاح تجار الدين ... وأن الإنسلاخ من جاهلية العادات والتقاليد هو حق لكل فردا والتهديد بسلاحها ما هي سوى ترهات لا تغني ولا تسمن من جوع ... بتجارة الدين استعبدوا المجتمعات وبسلاح العادات والتقاليد صنعوا مجتمعات من الأطفال والقصر من العيب أن تخرج عنهم وعليهم وما بذلك بعيب على الإطلاق ... ومن يبغض العنصرية والتفرقة في غالبهم هم أنفسهم عنصريون لدرجة التطرف وما هذا الحال وذاك الإعوجاج إلا أن الأمة مليئة بالأمراض النفسية فهم يمثلون بصدق ويكذبون بصدق ويحتالون بصدق "إلا من رحم ربي" ... وكلكم بالتأكيد سمعتم وتتذكرون حكاية الأب أو الأم عندما أحد منهما يقول لابنه أو ابنته : لو تزوجت من فلانة أو تزوجتي من فلان فإن قلبي وربي غاضبون عليك حتى يوم القيامة !!! ... وتلك الجملة من الجهل في دين الله سبحانه والتطاول على شريعته ولا وجود لها أصلا في أي سطر من شريعة الله إلا كون أنها من جهالة العادات والتقاليد لا أقل ولا أكثر وبالتالي لا قيمة لها على الإطلاق ؟
 
يسيطر الفاسدون في كل دولة عربية على مناحي الإقتصاد يزداد الناس فقرا وديونا تكثر الخزعبلات بين ساعة وأخرى يخوف رجال الدين الناس بمؤلفاتهم وبافتراءاتهم ... وماذا كانت النتيجة ؟ شعوب من العبيد أو أمواج من مسلوبي التفكير والإرادة !!! ... وانظر بأم عينيك واحكم بضميرك واسأل نفسك كم شخص في مواقع التواصل الاجتماعي ينتقد حكومته ودولته ؟ الإجابة التلقائية عشرات الآلاف ... وهل عشرات الآلاف هؤلاء أقاموا الشكاوي والدعاوي القضائية في أوطانهم ضد الفساد والفاسدين ؟ الإجابة الواقعية كلا ... فما السبب ؟ السبب ببساطة أن الشعوب العربية هي شعوب ثرثارة ببيعون الوهم لأنفسهم أولا ثم للآخرين ويعيشون وهــــم الحق وما هو بالحق أبدا لأنه في حقيقة الأمر هناك من صنع الفعل ووضع الجميع في ردة الفعل وهو يسخر منهم ... ونتيجة لذلك يعيش الغالبية منكم في تفاهات وعقله الباطن المسكين يصور تلك التفاهات على أنها من عظائم الأمور ... وكمثال واقعي من يتحدث عن سرقة المال العام ونهب ثروات الدولة كلام جميل لكنه فاقدا للدليل بشكل جعل صاحبه يثرثر دون دليل وإن ملك الدليل سوّقه لنفسه طمعا بالشهرة الزائفة لا أن ينتصر لوطنه ولأموال دولته ويقدم الشكاوي والتهم ... حالة مرضية صرفة لا أعرف توصيفها العلمي الحقيقي لكن أطباء علم النفس بالتأكيد لهم توصيف مثل هذه التناقضات الصارخة ... وبالتالي مثل هؤلاء عشاق الثرثرة مصيرهم الزوال وسيموتون بشكل له ألف معنى وألف عظة لكن لا أحد ينتبه واسأل نفسك كم يوم أو كم ساعة وستنسى ميت أهلك حتى تتأثر بالغريب عنك ؟ ... تلك حقائق يتم إسقاطها على العقل المتخشب الذي لا يريد أن يفهم ولا يريد أن يحلل ولا يريد أن يبحث ولا يريد أن يتعب على أي حقيقة مجرد أنه يريد أن يسمع ويثق بمن يسمع فقط ... فهل هكذا تؤخذ الأمور وتقاس بمدى حقيقتها وجدية فاعليتها !!!
 
إن أعمالك الصالحة لنفسك لأنها حجتك وميزانك عند ربك يوم تلقى وجهه الكريم سبحانه وأما أفعالك السيئة فهي عليك في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا وأحصاها ... لكن موضوعنا هو من أنت في دنياك ؟ وما قيمتك ؟ وما هي بصمتك وأثرك بعد أن تنتقل إلى الملكوت الأعلى ؟ ... هذه الأسئلة هي التي يجب أن تفهمها وتعيها بحقيقة عظيمة التحليل عميقة الفهم حقيقة الإدراك عل وعسى أن ترى ما هي صورتك بعد 10 سنوات ثم صورتك بعد 20 سنة ... يا سادة ربكم لم يخلقكم حتى تكبروا ثم تتزوجوا ثم تنجبوا ثم تحسنوا تربية أبنائكم ثم تتقاعدون من عملكم ثم تذهبون إلى قبوركم ولو كان فهمكم لهذه الحياة وحياتكم بهذه السطحية فالموت لكم رحمة بالتأكيد ... الحياة قيم مبادئ وخطوط حمراء وخطوط خضراء وإبداع في الفكر والفهم وتطور في السلوك وانتقال في الفكر أكبر من المراحل العمرية وسباق مع السنوات لا الأيام وبصيرة ثاقبة للمستقبل وأجندة أهداف عديدة ... الحياة ليست أموال ولا أولاد ولا تكونوا كالسفهاء ممن يعملون ليل نهار في وظيفتين ويجمعون المال ثم سرقتهم الأيام ولم يعرفوا معنى السعادة على الإطلاق ليكتشفوا أنهم كانوا يجهلون معنى الحياة ... فظلوا يلهثون كالكلاب خلف المال وكأن قبورهم فاخرة أو بيدهم أن يختاروا في أي أرض يموتون وكالفقراء الذين يفرون من الفقر كأنها النار المستعرة التي تطارهم ... فلا هذا عرف طعم السعادة ولا ذلك فهم الحياة والسبب هو العقل والفكر فهذا عنيد وذاك متحجر وهذا لم يفهم وذاك لا يريد أن يفهم وكل عاشق لعقله وكل ساخط من رزقه ... ولو قرأ الكثير منهم لفهموا كنوزا من الحكم والعبر ومفاتيح لا تعد ولا تحصى من أبواب الخير والسعادة وكيف يحدث هذا وكل عاشق عقله ورايات الغرور والنرجسية ترفرف فوق رأسه وكأنه هارون الرشيد في زمانه ... وسبحان الله الذي صابر على جهل وحماقة عباده أقزاما ويحسبون أنفسهم عمالقة رعاع ويحسبون أنفسهم سلاطين ألا لعنة على حماقة الإنسان ترميه إلى التهلكة ولا يتعظ غيره مما رأته بؤبؤة عينه وكأن في رأسه تراب ليس عقلا لا يقدر بثمن ... وتبقى الحقيقة الأزلية أن الناس لا تتبع إلا الحمقى ومن يسوقهم سوق لنعاج فقط لأنهم لا يريدون أن يفكروا بعمق ولذلك كانت وما زالت وستبقى الشعوب العربية مطية لكل خبيث العقل والدهاء يركبها ويسوقها سوق النعاج ؟




دمتم بود ...



وسعوا صدوركم