غالبية
العرب في أوطانهم وغالبية المسلمين في أصقاع الأرض واقعون تحت سيطرة قناعة كاذبة
لا أساس لها من الصحة على الإطلاق ويعيشون وهــــم الوطنية ووهــــم الكرامة ... وهذه
الكذبة أو تلك القناعة ربما ستودي بهم إلى جهنم بسبب كم النفاق المهول والجحود
المعهود في حياة هؤلاء والذين بسطحيتهم ونفاقهم وجهلهم يرفضون رفضا مطلقا حتى
بمراجعة النفس ... أي لا هو مقتنع ولا يريد أن يقتنع بل ولا يريد أن يسمع ولا يفهم
وأتذكر في موضوع ما كتبته ونشرته قلت مقولة وهي "رضت الناس بعقولها وما رضت
بأرزاقها" ... وهي دلالة على أن الكل مقتنع بعقله وطريقة تفكيره ومُسـلّـم
بقناعاته والطبيعي جدا أن قناعات الإنسان هي ثابتة ومتغيرة ... أي تثبت في عمر
معين وتتغير في عمر متقدم وعندما يتقدم عمر الإنسان لابد أن تأتيه صورة ومشاهد
حماقاته التي ارتكبها في الماضي فيؤنبه ضميره ويأسف على ما فعل ... أما القناعات
الثابتة فهي في الغالب القناعات الدينية التي في أغلبها قناعات خاطئة بسبب الفهم
الخاطئ للدين وللشريعة وطرق تعاطيها والتعامل معها ... وهذا لا يعني أن الإنسان المؤمن
يطعن بالرسالات السماوية أو بالقرآن كلا وأبدا لكن الفهم الخاطئ في صراع التفسير
وصراح تجار الدين السياسي وصراع المذاهب الفقهية هي من سببت خللا في تلك الثوابت
... وثمن ذلك لا يكون إلا من خلال وقوع الفرد لتأثير الشيخ هذا أو ذاك دون أن يكلف
نفسه الفرد عناء البحث والقراءة والتحقق أي أنه فضل الإستماع على القراءة وفضل
كاريزما شخصية رجل الدين على تبيان الحقيقة من عدمها ... هو نفس الأمر عند مئات
الملايين من المسلمين فهم أصحاب قناعات ثابتة لا يريدون تغييرها على الرغم من
كارثية الخطأ وظلام الطريق والثمن الباهض لتلك القناعات الغبية التي ترقى إلى
الحالة النفسية المرضية ؟
في
أغلب أوطان الوطن العربي تعيش شعوبها تحت وطأت الفقر والفساد والبطالة وارتفاع
معدلات الجريمة وارتفاع معدلات الطلاق ... وتلك الشعوب في غالبيتها تعيش تحت وطأة
حكومات مجرمة فاسدة الصحف العالمية تتحدث عنها أسبوعيا من فرط جرائمها وتدخلاتها
السافرة وفضائح ممارساتها ... وبالتالي تلك الشعوب تلقائيا لا شأن لها لا من قريب
ولا من بعيد في مسألة الوطنية ولا في مسألة الكرامة ... ولنأخذ مثالا واقعيا
كالعراق ففي عهد النظام البائد المجرم سحق كرامة العراقيين سحقا بالأقدام والأحذية
حتى جاع أهل العراق وملأت أرض العراق بالمقابر الجماعية ومئات آلاف المختطفين
الذين لا أحد يعلم عنهم شيئا حتى يومكم هذا ... وطفت جثث العراقيين على ضفاف شط
العرب في محاولات الهروب من جحيم العراق ما بعد سنة 1996 ولجأ ملايين العراقيين
إلى شمال العراق هربا من جحيم بغداد ... فهل هذا الشعب يملك كرامة ؟ الإجابة
المنطقية كلا وأبدا لأنه شعب صمت عن جرائم طاغيته وتلقائيا من يصمن عن سلب حقوقه
يعني أنه سلم بيديه كرامته للطغاة والجبابرة والفاسدين ... ومن لا يملك كرامة تلقائيا
لا يملك وطنية وليس له شأنا بالوطنية أصلا لأن الوطنية قد تمت مصادرتها منه بسبب
صمته عن سلب حقوقه ... ولا يسجل التاريخ أي بطولة في تاريخ البعث العراقي النجس
إلا بطولة النقيب "سطم غانم الجبوري" الذي كاد أن ينجح بمحاولة الإنقلاب
والإطاحة بطاغية بغداد في يناير 1990 وتحديدا قبل الغزو العراقي للكويت بـ 8 أشهر
وكشفت محاولة الإنقلاب قبل التنفيذ بساعات بسبب وشاية أحد المشاركين من أحد جنود
الحرس الرئاسي ... وبالتالي وطن يحكمه طاغية مثل عفن اللحود "صدام حسين"
لا شك أنه سلب كرامة أهل العراق جميعهم واستغل خوفهم ووظف طغيانه بسحق كرامة وطن
وشعب بأسره ولولا الغزو الأمريكي للعراق لكان من المستحيل أن يسقط هذا النظام
المجرم ... ومثله "معمر القذافي" وطاغية اليمن "علي عبدالله
صالح" وفي مصر حدث ولا حرج ومجنون السلطة في تونس "زين العابدين بن
علي" والماثل أمامكم "جحش سورية" وغيرهم ممن يقبعون على صدور
شعوبهم ... وهذا واقع حقيقي لا يقبل الشك أو اللبس ولا 1% ولذلك تبدأ المسرحية
الهزلية عندما يخرج أحمق من هنا وأرعن من هناك ويتحدثون عن كرامة وطنهم ووطنيتهم
وكرامتهم الإنسانية ... هم أنفسهم لا يجرؤون على انتقاد حكومتهم ولا بحرف واحد
وإلا كان مصيرهم الزوال أو الضياع ولذلك هم يجرؤون على أوطان غيرهم ويكذبون وهم
يعلمون أنهم كاذبون وإن لم يعلموا أنهم كاذبون فهم مرضى وصل بهم الحال إلى مستوى
لا يمكن شفاؤه إلا بالموت ... وهؤلاء فعليا ما أراهم سوى شرذمة عبيد ومطايا لا
قيمة لهم وأقصى ذكوريتهم وبطولاتهم لا تكون إلا في "الواقع الإفتراضي"
أي عالم الإنترنت فقط لا غير ... وعلى الجميع أن يعوا أننا نعيش في زمن الكثيرين
ليس لهم شأنا في الإيمان والإسلام ؟
الكارثة
الأخرى التي أوقع الملايين أنفسهم فيها دون أن يشعروا أنهم مقيمين في دول الخليج
في أوروبا في أمريكا في دول شرق أسيا في روسيا في كل مكان ... وجدوا حرية رأي
وحرية فكر وآدمية وإنسانية وحقوق هي حقوقهم الطبيعية التي هربوا من أوطانهم لأنهم
لم يجدوها وهؤلاء بالمناسبة أحرارا وليسوا عبيدا لكن الكثير منهم منافقين ... فهم
في الخارج وجدوا عملا وأمنا وأمانا وحياة كريمة أفضل من حياة أوطانهم بألف مرة
لكنك تقف مستغربا ومتعجبا عندما تأتي سيرة وطنهم بالسوء فإنهم يهبون لنصرة وطنهم
!!! ... أليس وطنكم الذي سلب كرامتكم وشرفكم وجعلكم تهربون منه مرعوبين مرغمين ؟
أليس وطنكم الذي بسببه مات مئات الآلاف في مغامرات عبور البحار هربا من طغيان
وطنكم ؟ ... أليس وطنك الذي إن بصق في وجهك رجل أمن تقف أمامه خاضعا ذليلا دون حرف
واحد أم تتحدث عن وطن غير وطنك الحقيقي !!! ... أليس وطنك الذين سرقوه وجعلوك
عاطلا ؟ أليس وطنك الذي تعلم علم اليقين حجم وكم جرائم الأجهزة الأمنية فيه وفساد
قضائكم ؟ ... وطنكم يا سادة ليس الذي ولدتم فيه بل من صنع لكم كرامة وأعاد لكم
إنسانيتكم وضمن لكم حقوقكم والوطن الذي يهينك ويجعلك بلا قيمة هذا ليس وطن بل
حظيرة عبيد ... ومن يصمت عن أبسط حقوقه الفكرية والإنسانية فلا يحق له أن يتحدث
بالوطنية ولا بالكرامة إن كان برأسك عقلا أصلا أو تخاف ربك من الكذب ولا تنافقه
كما تنافق العبيد ... والشعوب التي تصمت عن حاكم طاغية قاتل ظالم فاسد عربيد زنديق
كذاب أشر فهذه شعوب سلبت كرامتها ووطنيتها ليس لها أي قيمة ومن يتحدث من العبيد عن
الوطنية والكرامة فهي لا تعدو كونها ثرثرة العبيد المناكيد ... ولا أقذر ولا أنجس
من إنسان يأكل من خير مكان ويشكر غيره وإن كان الجهلة يتعللون أنهم يأكلون مما
يعملون ففي أوطانهم حتى العمل كان حلم ... فاحذروا ربكم وخافوه فإن الكذب والنفاق
وخبث الضمير مهلكة المرء وربكم قد توعد المنافقين بأشد العذاب وأسفل منزلة فخافوا
ربكم ولا تخافوا طغاتكم وجنودهم المجرمين فإنكم ميتون وهم ميتون ويبقى وجه ربكم ذو الجلال والإكرام ...
والحمدلله رب العالمين على نعمة الكويت ونعمة حكامها وسعة صدورهم في وطن صغير جدا
لكنه مليئا بالأحرار وأهل الكرامات وأسياد فعل الخير في كل مكان ؟
دمتم
بود ...
وسعوا
صدوركم