2020-06-12

غريــــزة البقــــاء ترقى إلى المعجزات ؟

الطبيعة البشرية والطبيعة الحيوانية كلاهما لا أحد يعرف كيف اكتشفوا غريزة البقاء ولا أحد يعرف كيف تول الإنسان والحيوان إلى معرفة الإحساس بالخوف والرغبة بالبقاء ... مثلما لا أحد بالمطلق يعرف شعور وإحساس الموت لأن من يموت لا يعود حتى يخبرك كيف كان الشعور والإحساس وأظن وأعتقد أن الإنسان في بداية وجوده على الأرض لم يكن شجاعا على الإطلاق ... لأن الشجاعة أصلها القيم والمبادئ التي يعتقدها الإنسان والإنسان الأول لم تكن لديه أي قيم ولا أي مبادئ لأنه كان الجيل الأول من الخلق البشري الذي لم يكن يعرف ولم يفهم ولا حتى 1% مما نعلم ومما نفهم في زماننا هذا ... لأن الطبيعي نعتبر الجيل البشري رقم 363 إذا ما افترضنا أن عمر البشرية من أبونا آدم عليه السلام وحتى اليوم بمقدار 12.000 والجيل الواحد حدد بمقدار 33 عام ... مع الإنتباه أن هناك من يخلط بين العمر البشري للإنسان وبين عمر الأرض وكلاهما مختلفان كليا مع استبعاد خزعبلات ما يطلق عليه بعلم "الأنثروبولوجيا" والتي تعتمد 100% على علم النظريات ... فعلم الإنسان يمكن احتسابه أو "توقعــــه" بالكم والمقدار والعدد لكن عمر الأرض والمخلوقات لا أحد بالمطلق يعلم لا متى ولا كيف ولا متى ينتهي لا توقعا ولا علما ولا في أي كتاب سماوي ... ولذلك أزعم أن الإنسان الأول لم يكن يعرف قيمة الحياة ولا الأرض ولا قيمة الإنسان بل أصلا لم تكن لديه إنسانية حتى يفهمها أو يتعايش معها ... لأن المنطق تلقائيا يخبرك أن كل خلق جديد هو جهل مطلق بمعنى لو ولد طفلا فكيف يعلم الطفل كل شيء إلا بالتعلم من قبل والديه اللذان يعلمانه الأكل والشرب والمشي ويزرعان فيه معتقداتهم ثم يكبر ويصبح ذوو عقل وفهم ؟
إن الإنسان في 2020 هو أقل إجراما وشرورا من ذي قبل على الرغم من كل الفساد الذي تشاهدونه وترونه وسياسات بعض الحكام والحكومات من الطغاة ... لكن الحقيقة التي لا تقبل لا شكا ولا لبسا أن طغاة اليوم هم أقل بكثير جدا من طغاة الأمس بل وأذهب بكم إلى أبعد من ذلك بأن طغاة اليوم لا يقارنون أبدا مع طغاة الأمس ... ولو كان هناك عالم إنترنت قبل 120 سنة لمنع نسبة جرائم الطغاة بنسبة لن تقل عن 80% لأن الحرب الإعلامية كانت من السهل أن تطيح بطغاة ... ومن السهل أن تكشف جرائم الحكومات وفساد المسؤلين ولذلك طغاة الأمس كانوا يعتمدون كليا على جهل العامة أو "استحمارهم" ... ومع الأسف أنه بالرغم من وجودنا في ثورة المعلومات والإتصالات وعالم الإنترنت إلا أن العالم لا يزال مليئا بالمليارات من الأغبياء الذين لا يفهمون ولا يريدون أن يفهموا بل ويكرهوا أن يفهموا وهؤلاء تلقائيا هم درجات السلم لصعود أي طاغية ... لكن رغم كل ما سبق من حديث ورغم كل التاريخ المرير للبشرية من جرائم وقتل وحروب ومؤامرات تبقى غريزة البقاء للإنسان غريبة بالشيء الكثير التي لا تستطيع فهم نجاة الكثيرين إلا أنها الأقدار وربما الحظ لكن الأكيد أن خالقهم سبحانه لم يكتب وفاتهم أو نهايتهم بعد ... وطالما السماء لم تكتب نهايتك بعد فكن مطمئنا فلا توجد قوة على وجه الأرض تستطيع قتلك بدليل ألاف مقاطع الفيديو على "اليوتيوب" التي تثبت لك نجاة الكثيرين من الموت بأعجوبة ... وتلك لم تكن سوى أقدار رب العالمين خالقنا وخالقهم فلكل نفس ولها أجلها وموعد موتها لكن يجب لفهم في كيفية أسباب بقاء الملايين على قيد الحياة في ظروف كارثية استثنائية ... ففي حرب العراق والغزو الأمريكي له لم تكن هناك أي أعجوبة بنجاة الملايين فقد كانت حربا ذكية وصواريخ موجهة بدقة بأهداف حددت مسبقا ... لكن النقيض في الحرب الأهلية السورية تستطيع في هذه الحرب والإسقاط على هذه الحالة أن تقول أن هناك ليس أعجوبة بل أعاجب لا تعد ولا تحصى وتصل في أحيان كثيرة إلى وقوع وحدوث المعجزات أي الحدث أو الأمر أو الواقعة التي ليس لها أي تفسير لا منطقي ولا علمي ... من بين كل هؤلاء وجدت وولدت غريزة البقاء التلقائية في نفس كل إنسان لأن الإنسان اليوم مهما مر من مصائب وكوارث فإنه يعيش على أمل البقاء على قيد الحياة ممسكا بخيط الأمل ... ولا تعرف ولن تعرف كيف يتصرف الإنسان للنجاة بنفسه حتى يبقى على قيد الحياة وما أكثر قصص الناجين من الموت المحقق ... ولو شاهدت شهادات الناجين من مجزرة "سبايكر" في العراق التي جرت في 2014 لرأيتم عجب العجاب مما فعله "تنظيم داعش الكافر" وكيف نجا هؤلاء بشكل خرافي صادم ؟
"من رحم المعاناة تولد حياة جديدة" هي الحقيقة التي تلقائيا يتمسك بها الإنسان ... ونحن مقبلين على كوارث ومصائب قادمة لكن إنسانيتنا وقيمنا ومبادئنا ستنتصر في النهاية مهما بلغ عظائم ما هو قادم لنا جميعا في منطقتنا أو في العالم بأسره ... لدينا قيم إنسانية ولدينا قيم دينية وشرعية ولدينا قيم أخلاقية كلها تشكل حاجزا وسدا منيعا لهزيمة أي طاغية على وجه الأرض ... ولذلك ستبقى غريزة البقاء دائمة وقائمة إلى أن يقضي الله بأمر كان مفعولا وتبقى غريزة الإنسان في أيامنا هذه هي التي لا تعرف ولن تعرف كيف تسير وكيف تنجو وكيف ينتقل الإنسان من حال إلى حال وكان الله بالسر عليما ؟






دمتم بود ...


وسعوا صدوركم