زرع في
عقل غالبية الأثرياء أنهم محور الكون وأنهم أسياد العالم وأن القدر وضعهم في موضع
الإستثناء والبعض ذهب بظلاله فاعتقد أنه خلق سيدا على العالمين ... وأن الطبيعي أن
الناس تخدمه وتخافه وصولا إلى أن لديه قدرات خارقة وأنه يستطيع أن يتحكم في
السياسة والإقتصاد ويحرك المجتمع ... وهناك منهم الشرذمة التي خلقت بعقل صغير
وتعيش بعقل صغير وتموت بعقل صغير فيمارس طيلة حياته بألاعيب صبيانية تناسب مستوى
تفاهة عقله فيضل يفتعل مناكفات هنا وهناك ويستمتع بإشعال الفتن بين هذا وذاك ...
ويوم يستفيق عقله السطحي تجده يدخل طرفا في قضية لا شأن له فيها في أحد مواقع
التواصل الاجتماعي فيجد أن اللعبة قد راقت له فينفق أمواله على حثالة البشر كمن
يشتري عبيدا ويستمتع بألاعيبه هناك ... وهناك نوعا من الأثرياء عقله قد توقف عند
سنة 1970 أو 1980 أو 1990 لكن يظن وهمـــا أنه يواكب ويعرف ويفهم ويعي ما يحدث من
كل المتغيرات ويزرع في نفسه الفهم وما هو بفاهم ... وهذه النوعية دائما تجد أن
الأحداث تسبقهم وتوقعاتهم لا تصدق إلا بأحسن الأحوال لا تتعدى 20% وكل من يخالفه
يظن أنه عدوا أو مرسلا من عدوا أي أنه واقع تحت نظرية المؤامرة ... أما النوع
الثالث فهم الأثرياء من عبدة الدينار وهؤلاء قد بتلاهم ربهم بأنفسهم بلاء عظيما
فهم عاشوا كالكلاب التي تجري ليل نهار خلف الدينار وعندما يسأله أحدا عن بخله يكذب
فيقول إنما هو حرصا لا بخلا !!! ... وهؤلاء لا تناقشهم ولا تنصحهم ولا حتى تتقرب
منهم لأنهم كلاب الدينار وكلب الدينار هو من أهل جهنم ولو سجد وركع في المساجد ليل
نهار ؟
الواقع
والمنطق والحقيقة والتاريخ وكل شيء يخبرك بألف دليل ودليل بأن الإنسان مهما عاش
ومهما أكل وشرب ومهما تمتع بالقوة والمال والأولاد وعراقة النسب والجاه فإنه ميت
لا محالة ... هل هناك شكا في هذه الحقيقة ؟ الإجابة : بالتأكيد كلا ... إذن لما كل
هذا التعب والشقاء والجري خلف المال وأنت ميت بعلم مؤكد ؟ سيقول السفهاء : إنما
أموالها يرثها أبناؤنا فنضمن لهم حياة كريمة من بعدنا !!! ... وهل أنتم خلقتم
أبنائكم أم أنتم من تكتبون رزقهم أم أنتم من بيدكم صحتهم وعافيتهم وأقدارهم ؟ ...
كلا ولكن ربنا أمرنا بالعمل بالأسباب ومن الأسباب أن نعمل بما يضمن لنا ولأبنائنا
حياة كريمة ... تلك ادعاءاتهم وكلها كذب وافتراء على ربهم حتى يقنعوا أنفهم بما هم
يريدون أو بما أفتى لهم أحد تجار الدين من كلاب الدنيا وهالكين الآخرة ...
والحقيقة يا ابن آدم ربكم لم يقل لكم ذلك ولم يأمركم بذلك لأن ربكم أصلا لم يطلب
منك عمل غدا فكيف أنت تعمل لغدا فهل أنت تضمن يوم التالي أم اتخذت عند الله عهدا
!!! ... والسؤال الأهم : هل يوم القيامة أبنائك لهم قدرا وميزانا أو حتى أهمية في
حسابك وعقابك عند رب العدل سبحانه ؟ ... الإجابة : كلا وأبدا ... ولأن الإنسان
فاسدا وفاجرا وجشعا لدرجة الطمع في "غالب الناس" فالتقوى وبر الوالدين وبر
الأبناء كلها تشريعات وأسس أنزلها ربنا على عباده في الدنيا وليس في الآخرة حتى لا
يفسد الناس في الأرض أكثر من فسادهم وحتى يوجد الحق سبحانه وتعالى عذرا ولو بسيطا
حتى ينجي عباده من الحساب العسير ... أما العمل بالأسباب لضمان مستقبل الأبناء بعد
موت للأب أو الأم فهي الأسباب المنطقية الطبيعية فأول ورث أو أول إرث يتركه أحد
الوالدين لأبنائه هي التربية والأخلاق وصناعة العقل ... لأن المال بلا أخلاق مفسدة
والمال بلا تربية فهي مهلكة للمرء والمال بلا عقل ضياع حتى الموت ... ومن يزرع في
نفس أبنائه بأن الأب تاجرا أو ثريا وبالتالي الأبناء يجب أن يكونوا كذلك فهذا رأيا
أحمقا ومفسدة ما بعدها مفسدة ... فإن كان هذا المنطق فهل شارب الخمر يجب أن يكون
أبنائه شاربي الخمر والعاهرة يجب أن تنجب عاهرات والسارق ينجب سارقين والحاكم ينجب
حكام والطبيب ينجب أطباء والتاجر ينجب تجارا !!! ... يا هذا عندما
خلقت وولدت لم تختار لا أمك ولا أبيك ولا أصلك ولا نسبك ولا دولتك ولا جنسيتك ولا شكلك
ولا هيئتك ولا لون بشرتك ولا دينك ولا مذهبك فكيف صور لك شيطانك بأنك كائنا عظيما
إلا أن تكون جاهلا ؟ ... بل اعلم واحذر أن صدرك إن ضاق بالناصحين وإن كرهت
المخلصين فكن على ثقة بأنك ربك قد طردك من رحمته سبحانه وأن سبحانه قد أراد أن
يمتعك في دنياك الصغيرة حتى تكن من الهالكين في جهنم غدا فأدرك نفسك ؟
المعادلة
الذكية
في
الدولة العباسية وفي زمن أمير المؤمنين وخليفة المسلمين "هارون الرشيد" بينما
كان يسير استوقف أحدا في البرية عرف كما يصفونه بأنه "بهلول المعتوه"
لكنه كان حكيما وليس معتوها ...
قال
الرشيد لبهلول : عظني "انصحني" ؟
بهلول
: بما أعظك يا أمير المؤمنين وهذه قطورهم وهذه قبورهم أفلا تنظرون ؟
هارون
: أمرنا بقضاء دينك .
بهلول : وهل تظن أن الله يعطيك وينساني ؟
هارون : فماذا تطلب ؟
بهلول : لي ثلاث حاجات إن قضيتها شكرتك .
هارون : فاطلب ما هي ؟
بهلول : أن تزيد في عمري .
هارون : لا أقدر
بهلول : أن تحميني من ملك الموت .
هارون : لا أقدر .
بهلول : أن تدخلني الجنة وتبعدني
عن النار .
هارون : لا أقدر .
بهلول : فاعلم أنك مملوك ولست ملك
ولا حاجة لي عندك .
وهي
زمانكم هذا في رصيدك مليون دينار + دخل 10 آلاف دينار أي 120 الف دينار دخل سنوي ...
وهذا لمبلغ والدخل يمكنك من أن تستمع بالحياة وتصرف بأريحية وتسافر وتستمتع ويكون
لديم سيارات فارهة وخدم وما غير ذلك فماذا تريد من لدنيا أكثر ؟ ... وبشكل أخر ملك
100 مليون دينار أو 500 مليون دينار ماذا ستفعل بهم أنت شخصيا فهل ستمد في عمرك
يوما أو ساعة أو ستأخر موتك يوما أو ساعة ؟ الإجابة المنطقية والمؤكدة : كلا ...
هل أنت خالدا في الدنيا ولا تموت ؟ الإجابة المؤكدة : كلا ... إذن لم تقاتل وتعمل
بجهد وتعب وتصنع صداقات وعداوات وأنت ميت ميت لا محالة ؟ ... إذن العقل ولمنطق
والواقع يقولان لك حقيقة واحدة وهي : أنت غبي لدرجة الشفقة على حالك ... والأكيد
أن كل من حوليك هم لعنة لعنك الله ببطانتك من المنافقين والكذابين حتى يزيدوا
بظلالك ولا تبصر الحقيقة وإن كان من المخلصين فاعلم أنه من الجاهلين ... مثل من
يتصدق بمال الحرام فيظن أنه بالحرام يتقرب إلى الله الطيب الذي لا يقبل إلا طيبا ...
وكم من حاكما تصدق على مئات الآلاف لكنه سرق الملايين من شعبه وقتل الملايين وسجن
الملايين فكانت صلاته صلاة الكاذبين وصدقاته صدقات المنافقين فمات وعاد إلى أصله
الذي ظل طيلة حياته يهرب منه ومن قدره ... لقد جئت عاريا يا ابن آدم وتموت عاريا
وتدفن عاريا ثم تحيا وتعود إلى ربك عاريا وتحاسب عاريا فأدرك نفسك أيها الغبي
المعتوه أيا كان إسمك أو منصبك أو مكانتك قبل أن تكون عاريا وتترك كل كل كل شيء
ورائك ؟
دمتم
بود ...
وسعوا
صدوركم