2021-09-14

عندما يتلاعب الإعلام بالعقل البشري ؟

 

التلفاز هي ثورة تكنولوجية ظهرت في أمريكا في سنة 1929 وظهرت في بريطانيا في سنة 1936 ... وليس موضوعنا تلك الثورة التكنولوجية المبهرة حقا لكن كيف وظف الإعلام لصالح أقذر شخصيات بشرية وكيف يقودون العقل البشري وحولوهم وكأنهم قطعان أغنام يقودهم راعي ؟ ... كيف الإعلام القذر لعب في عقول الناس وحول المحظور إلى مباح والممنوع إلى مسموح وكيف نجح بتغيير قناعات دول وحكومات وشعوب ؟ ... كلها أسئلة يتوجب أن أفتح ملفها لكم لكشف ماضي غُـيّـبَ عنكم ليس هذا فحسب بل أنا وأنتم وجميعنا كنا ضحايا للإعلام القذر ... وكيف سلاح الإعلام ضرب في أعماقنا وعزز العنف والجنس وأثر في الأخلاقيات وفي القيم والمبادئ الحسنة ... لذا وفي موضوعنا هذا سنكشف المستور لأضع بين أيديكم حقائق صادمة لمخططات جرت دون أن نعلم بعضنا استسلم لها وبعضنا قاومها وبعضنا عاش تائها بين هذا وذاك ؟

صناعة الجنس في الإعلام بدأ في 1953 بصدور أول مجلة إباحية مصورة "بلاي بوي - Playboy" التي أسسها "هيو مارستن هيفنر - Hugh Marston Hefner" والذي توفي في 2017 عن عمر 91 عام ... ساعده في ذلك المجنون الشاذ "ألفريد تشارلز كينزي - Alfred Charles Kinsey" الذي ألف أول كتاب فيه من الشذوذ الجنسي وكسر كل قواعد البشرية وفطرتها السليمة في سنة 1953 بكتابه "السلوك الجنسي في الأنثى البشرية - Sexual Behavior in the Human Female" ... ومن هنا نستطيع أن نقول أن رحلة الإعلام الجنسي "المصور" في العصر الحديث بدأ في سنة 1953 لكن في العصر القديم وما قبل التاريخ الميلادي هناك آثار رسمت ونقشت على الصخور تثبت جنون الجنس البشري قديما وحديثا ... لنستخلص من كل ذلك أن تجارة النساء والجنس والإباحية تعتبر هي الأضخم في العالم حاليا وأصبح الإعلام هو المصدر رقم 2 فيها أما الرقم 1 فهو عالم الإنترنت بلا أدنى شك ... تجارة تدر سنويا بأكثر من 70 مليـــار دولار = 21 مليار دينار أي ميزانية 9 دول أفريقية أو 3 دول عربية ... وما سبق هو الإمتداد لتغيرات حدثت فعليا وواقعيا وأثرت بشكل خُرافي على قرارات حكومية وبرلمانية كثيرة جدا في العديد من دول أوروبا وأمريكا وكندا وأستراليا وأغلب دول شرق أسيا ... بدليل أن عقوبة المثلية الجنسية في بريطانيا في سنة 1900 كانت هي الإعدام وليس السجن حتى أما اليوم فالمثلية الجنسية محمية كاملة بقوانين في بريطانيا ... والقتل عقوبة المثلية في أمريكا ودول جنوب أمريكا وشرق أسيا واليوم المثلية الجنسية واقع تحميه القوانين والتشريعات والشرطة كل هذا بسبب الإعلام الذي مر عبر عقود من التأثير الممنهج ... إعلام رسم مخططاته الماسونية والعلمانية والليبرالية والملحدين وألا دينيين وتم تنفيذ هذا المخطط عبر عقود من الكفاح الشيطاني لضرب الفطرة البشرية بصميمها وقد نجحوا ويجب أن نعترف بأنهم نجحوا بل نجاحا باهرا ؟

يتلاعب الإعلام القذر بعقلك فيصور للأطفال المسلمين بأن الخنزير حيوان أليف وجميل فيصورنه بلون وردي ودائما مبتسم أو كوميدي مع تأثيرات موسيقية ... وتلك المشاهد يتم تصديرها في الدول الواقعة تحت تأثير الإستعمار الفرنسي والأسباني حتى يومنا هذا ولذلك فإن لحم الخنزير ينتشر هناك وبكثرة ... وعلى الجهة الأخرى يصور لك الإعلام عملية سرقة بنك بطرق شديدة الذكاء فتتفاعل أنت مع اللصوص لا مع البنك وأموال الناس وودائع المودعين ... فيؤثر بك الفيلم لدرجة أنك لا تريد إلقاء القبض على أبطال السرقة لأنه يريدك أن تتعاطف مع المجرم لا مع البريء أي أنه لعب بعقلك ووجهك وقادك صناع الفيلم إلى حيث يريدون ... وفي الجهة الأخرى تصنع السينما في أمريكا وتحديدا في عالم "هوليوود" خزعبلات تأثر بها الجميع من أفلام تصور قوة وعظمة أمريكا سواء كقوة عسكرية أو كقوة مخابرات وكأن باقي دول العالم وكل البشرية هم مجرد هراء وفقعات هواء ... وعلى سبيل المثال مثلما يصور المصريين عظمة جهاز المخابرات المصري لديهم من خلال إنتاج المسلسلات التي تبين لك عظمة وقوة المخابرات المصرية بنما الواقع مختلف كليا ... فهو جهاز مخابرات له إيجابياته وله سلبياته والحقيقة هي أن سلبياته أكثر بكثير جدا من إيجابياته لكن مثل تلك الأعمال دائما ما تكون صنعت للإستخدام الداخلي لمصر لرفع الروح المعنوية للشعب هناك وليس لك أنت ولا لدولتك ... ومشاهد العنف وصراع السيطرة على المناطق التي تصدرها الأفلام هي توصل لك رسالة بأن العمل الشريف لا فائدة منه وأن طريق الثراء لا وجود له إلا من خلال تجارة المخدرات التي تسحق مئات الملايين سنويا ... مثل مسلسل "ناركوس" الذي صور عظمة لأكبر تاجر مخدرات في تاريخ كولومبيا "بابلو إسكوبار" فقادك العمل إلى أن تتعاطف مع مجرم قاتل قذر وحجب عنك معاناة مدمني المخدرات وكيف ينتهي بهم المطاف إما في حاوية القمامة أو القتل أو المقابر ... وصناعة قذرة دمرت العقول وشجعت على الجنس والعنف والرذيلة والفساد والإنحطاط فأصبح سرقة أموال الفقراء والبسطاء والمودعين عمل مشروع ... وأصبح الخروج على القانون وترويع الآمنين من البطولة التي لا يمكن أن يمضي في هذا الطريق سوى الشجعان ... إعلام علمك كيف تسرق وكيف تحتال وكيف تكذب وكيف تفسد وكيف تنتقم إعلام وضيع أسس قناعات ولا يزال يؤسس أن المرأة ما هي إلا أداة للجنس والمتعة لا أكثر ولا أقل متى ما فرغت منها ابدأ بالبحث عن غيرها ؟

في الجهة الأخرى نرى الإعلام السياسي الذي يتم توجيهه من قبل الحكام أو السلطة أو رجال السلطة أو من قبل التجار المتنفذين ... وهؤلاء لا يعمل لديهم إلا شرذمة من أقذر أنواع البشر لا يهمهم الشرف ولا النزاهة ولا الضمير بل المال ولا شيء غير المال ... يُخرجون لك مُذيعة فاتنة لكنها تعلم بأنها وضيعة وتعلم علم اليقين أنها تعمل في قناة وضيعة لكن للمال حديث أخر ... يجري المذيع حوارا عدوانيا ساقطا مع ضيف نزيه أو وضيع ليس هذا المهم لكن المهم هو أن تكون الحلقة فيها إثارة وشحن وقمة النشوة هي أن الضيوف يحدث بينهم مشادة أو شتائم ويا حبذا لو وصل الأمر العراك بالأيدي ... وملاك قنوات فضائية الدعارة أشرف منهم بمليون مرة لأن الدعارة إثمها على الفرد لكن ملاك القنوات تأثيرهم على أمة بأسرها وجميعهم يقبضون من السلطة أو الحاكم بشكل مباشر أو غير مباشر لكن الأكيد الكل يقبض والكل فاسد ... إعلام متى كان هناك توجها معينا لا يعترض وطالما أنك تدفع المال لهم فلا شيء يقف في طريقهم ... تريد شَيطنَة الإسلام سوف نُشيطِنَهُم تريد أن نجعلهم ملائكة الله على الأرض الأمر جدا سهل فهذه لعبتنا ... تريد أن تحول الشريف إلى وضيع والوضيع إلى شريف إدفع ولك ما تريد ... تريد أن تمزق فلانا أمام الشعب نمزقه ونجعله أشد كفرا من "أبو لهب" الذي نزلت فيه "سورة المسد" لا بل نجعله أقذر من "مُسيلمة الكذاب" ... هل تريد أن نُشَيطِن الدولة هذه ونجعل شعبها غبي أم تريد أن نحول الحاكم الفلاني إلى "المسيخ الدجال" ؟ إدفع ولك ما تريد لا بل سنبهرك بأعمالنا التي يخجل منها حتى إبليس اللعين ... إعلام قذر دمر العقول ودمر القناعات وظلم الكثير من الأبرياء وساق الناس إلى انحطاط لا مثيل له في كل التاريخ البشري ... مثل مواقع التواصل الاجتماعي يجري يوميا صراع بين الحقيقة والأكاذيب وصراع بين الخير والشر صراع بين أبناء الزنــــا وأبناء الضمير ... صراع مصدره المال الذي حول الإنسان الحر إلى عبد أسير لملذاته الوقتية التي يضرب بها جيلا وأمة يكذب بصدق ويحلف كذبا بصدق ويتحدى كذبا بصدق ... لا كرامة له ولا شرف وهو يرى بأم عينيه آلاف ممن ينتقدونه ويكذبونه بل والكثير يشتمونه لكنه لأنه بلا شرف فمن الطبيعي أن لا كرامة لديه حتى وإن آذى بذلك أبناءه وأسرته جراء كم وسيل الشتائم التي يشاهدونها عن والدهم الساقط الوضيع أو والدتهم الساقطة الوضيعة ... والمهزلة تكمن بـ "مستثقفين" وبشهادات عليا ينشرون أخبارا كاذبة ويروجون لها دون أدنى حد من التحقق وكأنه عندما يكتب وينشر ترك عقله في الدولاب ... فاحذروا من الإعلام القذر وتحققوا قبل أن تعقبوا فلكل منكم اليوم الكرة الأرضية في جيبه واحذروا المواقع المزيفة والكاذبة التي يمكن إنشاؤها خلال ربع ساعة فقط ... والناس اليوم هي الناس بالأمس يثرثرون بما يجهلون ولا يتحققون والسواد الأعظم يستهين بالآخرة ولا يدرك عواقب يوم القيامة ... والغبي هو من يعلم أن الموت يقف من خلفه ولا يدرك ذلك والمجرم هو من ضرره على الأخرين لا على نفسه فحسب ... احترموا عقولكم ولا تسمحوا لكائن من يكون أن يتحكم بها ولا تسمحوا لمخلوق بأن يسيطر على إرادتكم فلو أراد ربكم خلق عبيدا لعبيد لما أرسل لكم الأنبياء والمرسلين ولا أنزل للبشرية كتبا سماوية ... والجهل يؤدي إلى الحماقة والحماقة تؤدي إلى التهلكة فمن شاء أن يكون مطية للإعلام القذر فلا يلومن إلا نفسه ؟




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم