2022-07-16

هل فعلا يستطيعون هزيمة إيـــران ؟

 

إيران كانت ولا تزال مثار جدل وعدو من خلال أحداث وأفعال وتصريحات دامت أكثر من 40 سنة تدفعها "العقيدة الإيرانية الخمينية" ... وحتى يكون للحديث منطقية فيجب أن نعلم أن دورة الأيام بطبيعتها تفعل أفعالها فمن أمريكا القوية إلى أمريكا الضعيفة أو بالأصح من أمريكا القطب المتفرد في العالم إلى مجموعة أقطاب "الصين - روسيا" ... وإيران من الدولة الضعيفة في الثمانينات والتسعينات إلى إيران ذات القوة المهيمنة على منطقة الشرق الأوسط فعليا ... ومن روسيا الهشة والضعيفة في 1992 إلى روسيا 2022 التي هزت أمريكا وأوروبا مجتمعين ... ومن الصين الضعيفة في الثمانينات إلى صين اليوم المرعبة عسكريا واقتصاديا ... كلها أدلة على دورة الأيام التي لا تجعل أحدا على حالة وعلى وضعه مما يأخذنا تلقائيا إلى الخطأ السياسي الفاضح بل والكارثي والتقديرات السياسية المنحرفة كليا عن اتجاهها الصحيح فيأخذ منطقة دول الخليج العربي وإيران إلى "النقطة صفر" ... أي فعليا وواقعيا نحن نعيش اليوم بانتظار الإنفجار في أي ساعة في أي يوم في أي شهر ولن يكون في أي سنة مطلقا ؟

بطبيعة الحال وكالعادة هناك عقول غافلة ومغفلة التي تظن وتعتقد أن التحالف الذي يعقد اليوم في مدينة جدة السعودية والتي تضم "دول مجلس التعاون وأمريكا ومصر والأردن" ... يعتقدون أن هذا التحالف كافيا لإسقاط النظام الإيراني ومن ثم تفكيك إيران وإنهاء "أسطورة إيران" الوهمية ... وهذا المنطق وهذا التفكير بالتأكيد ليس في محله لأن خريطة المنطقة وواقعها السياسي وميزان القوى ومقارنة السيكولوجية الشعبية الخليجية مع الإيرانية ... كلها معطيات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الإعتقاد الخليجي في الشأن الإيراني والثقة المفرطة في أمريكا جميعها تقديرات خاطئة وليس لها مكان على أرض الواقع ... ومن الغباء أن تقلل من شأن إيران السياسي لسبب بسيط أن إيران اليوم تعتبر من دهاة السياسية ويكفي أن تعرف أنهم أهل مقارعة سياسية وندا صلبيا في أي مفاوضات سياسية ... بدليل اتفاقية القرن بين إيران والصين لمدة 25 سنة الموقعة بين البلدين في 2021 ... وجلسات المفاوضات الصعبة بشأن الملف الإيراني في 2015 - 2020 - 2021 - 2022 ... ناهيك عن التحكم الإيراني الخُرافي بنسبة مليار% بحزب الله اللبناني والحوثيين والمليشيات العراقية المسلحة وسوريا وما أدراك ما هو ثقل إيران هناك ... ناهيك عن الصلابة واحتراف الإلتفاف التي اكتسبتها إيران من خلال فرض العقوبات الأمريكية عليها في 1979 – 1987 - 1995 - 2006 - 2019 - 2020 ... تلك العقوبات التي دامت لأكثر من 42 سنة تلقائيا يجب أن تعرف أن هناك جيل إيراني كامل ولد في ظل تلك العقوبات وجيل أخر بدأ حديثا فألفوا الحياة القاسية والحرمان من الترف بعكس الشعوب الخليجية المنعمة والمترفة بطبيعة الحال ... والقول بأن "إيران أمريكا إسرائيل" حلفاء من خلف الستار أعداء في العلن هو قول سطحي للغاية ... لأن المدارس السياسية بمختلف نقاطها تختلف على الأسس والأفرع لكن ممكن الإختلاف على الأسس والتعاون على الأفرع إما بشكل مباشر أو عبر وسطاء ... وهذا ما يحدث فعليا بين العدوتين اللدودتين "أمريكا وروسيا" وأيضا كما يحدث بين "كوريا الشمالية والجنوبية" وغيرهم الكثيرين اختلاف 100% على الأسس والمبادئ والإعتقاد واتفاق أو شبه اتفاق على الأفرع أو المسائل السياسية البسيطة والإنسانية والدولية الكبيرة ؟

هل فعلا يستطيعون هزيمة إيـــران ؟

هذا هو السؤال الذي يجب أن يعرفه الجميع ... والحقيقة أن لا أمريكا ولا دول الخليج ولا الأردن ولا مصر ولا المغرب ولا السودان يستطيعون هزيمة إيران ... نعم ممكن أن تدمر إيران وتقلب عاصمتها رأسا على عقب بل ومن شدة الضربات يمكن أن تعيد إيران لـ 20 سنة إلى الوراء ... ويمكن أن تقتل عشرات الألاف وتسبح إيران في الظلام الدامس ليتحرك جواسيسك ومناصريك الإيرانيين كل شي ممكن وأكثر من ذاك بما فيهم اغتيال بعض كبار القادة العسكريين وأركان النظام ... وأيضا يمكن أن تحتل مضيق هرمز من الجانب الإيراني لضمان الملاحة البحرية ويمكن أن تنزل قوات برية لعزل إيران عن "حليفتها العقائدية" العراق ... انظر كل شيء قلت لك أنه ممكن وليس محالا لكن المستحيل المستحيل المستحيل أن تنتصر في هذه الحرب لأنها ببساطة ستكون حرب عالمية فعلية حقيقة لا تبقى ولا تذر ... ولتعرف وضعك وحجمك بحقيقته بعيدا عن "إعلام المخدرات" الكذاب والمظلل بطبيعته يجب أن تدرك وتعلم ليس جيدا بل أكثر من جيد أن إيران مثلما ستتدمر وتشتعل النيران فيها فأيضا دولتك أنت أيضا ستتدمر وستشتعل النيران فيها ... ويا لك من مسكين إن ظننت أو اعتقدت أو أدخلوا في رأسك أن دولتك ستكون بأمان ... فقط انظر للحوثيين كيف أرعبوا الإمارات وأبكوا السعودية وكم دولة تدخلت لمنع هجمات الحوثيين على الإمارات والسعودية وكم الملايين التي دفعت سرا ... والمليشيات التي أتحدث عنها يجب أن تتيقن بأنها أقوى من الدولة نفسها مثل الميليشيات العراقية التي هي أقوى بألف مرة من الحكومة العراقية وهي ميليشيات ذات بأس شديد وميليشيات حزب الله التي لا حاجة لنعرف حجم قوته ونفوذه على الدولة اللبنانية ... أما أمريكا فقد فشلت في "العراق وأفغانستان وسوريا وليبيا واليمن" وهو ما يأخذنا إلى أن أمريكا اليوم ليست كأمريكا قبل 20 و 30 سنة ... ولا يمكنك أن تجلب الكيان الصهيوني اللقيط إلى دول الخليج وتطلب من إيران أن تقف متفرجة على مثل هذا التهديد للأمن القومي الإيراني ... وصمت إيران حاليا مصدره حجم ومساحة اختراقها لكل دول الخليج اختراقا أمنيا وعسكريا وحتى اجتماعيا ... والمجموعة التي غامرت وفشلت وهزمت في "العراق - سوريا - اليمن - ليبيا - قطر" من قبل فريق أو تحالف "السعودية - الإمارات - البحرين - مصر" والذي هذا التحالف اليوم فقد ثقة الأخرين به ... وبالتالي يجب أن نضع في الحسبان أن قطر رمت بكل ثقلها وثروتها من أجل منع أي تصادم مع طهران لضمان هدوء منطقة الخليج من أجل إنجاح تصفيات كأس العالم 2022 في الدوحة ... وفي حال حدوث أي تصادم أو حرب فعلية في منطقتنا فإن قطر ستطلق كل شياطين الأرض انتقاما من الدول التي دمرت حلمها وقطر في مثل هذه المسائل لا حاجة لذكر تأثيرها الإقليمي ؟

سيناريوهات الحرب 

من الأخير ... إيران وحرسها الثوري والمليشيات العراقية المسلحة والمليشيات الحوثية سيتكفلون بدول الخليج المشاركة في العدوان على إيران وسيكفلون بالقواعد الأمريكية المنتشرة في الخليج وحرب دامية عنيفة جدا في بحر الخليج بين إيران وأمريكا ... ومحطات الكهرباء والماء ستكون أول الأهداف العسكرية في دول الخليج "المشاركة" بالإضافة لإيران والعراق ... في نفس الوقت وبموازاة ذلك ستخرج وستنشط كل خلايا إيران النائمة في دول الخليج والتي إن ظهرت ستحدث إرباكان وتشتيتا أمنيا واسع النطاق ... وفي الوقت التي ستنطلق طائرات التحالف لضرب إيران هو نفس التوقيت لإطلاق إيران مئات الصواريخ التي ستتوجه مباشرة إلى عواصم الدول المشاركة وفي أهم نقاطها التي ستشلها أو تضرب الروح المعنوية لشعوبها ... في موازاة ذلك ستشتعل حرب ضروس دامية بين تحالف هو على تنسيق رفيع منذ سنوات يضم "حماس فلسطين - حزب الله لبنان - الجيش السوري - المليشيات الإيرانية في سوريا" سيتكفلون بإسرائيل ... وهذا بالتأكيد يتم تصنيفه وفق المصطلح السياسي بـ "الحرب العالمية" والتي لا نعرف أيضا متى سترتفع وتير المواجهة بين "روسيا - أوكرانيا - أوروبا" ولا أحد يعرف في أي لحظة يمكن أن تنقض "الصين على تايوان" ... أما الأردن فهو واقع تحت الأهداف "الإيرانية السورية" بنسبة 100% بحكم أن الأردن كان من الدول الرئيسية التي أدارت من خلالها تدمير سوريا في حربها الأهلية الماضية ... أما مصر والتي يعيش الكثيرين في حالة من أحلام الأطفال فهي لن تشارك لأن نسبة الثورة الشعبية فيها باتت قريبة أو مرتفعة جدا إن صح التعبير وحتى لو شاركت فالجيش المصري بلا عقيدة والجيش الذي لا يملك عقيدة يوصف بأنه "جيش نعام" ... ولا ينخدع أحد من حالة التغيّيب العقلي الذي يمارسه الإعلام المصري الشهير بأنه إعلام مرتزق كذاب متقلب متلون فإن كل مواده وسياسته الإعلامية بحقيقتها هي مخصصة للداخل المصري حصريا ... ونعم وأتفق أن ما قرأتموه هو سيناريو مخيف ومرعب حقا وهذا ما كنت أكتب عنه منذ سنوات ناصحا ومحذرا وناقدا من أن المواجهة اليوم مع إيران ستحمل تكلفة لا أحد لا أحد يستطيع أن يتحمل ثمنها ... فدولنا وأمريكا لا يستطيعون الصمود أكثر من 3 أشهر كأبعد تقدير بسبب حجم الدمار لكن إيران وحلفائها يستطيعون فهم أهل خبرة في النفس الطويل في السياسة والمعارك والحروب ... أما الأردن ومصر فلا يستطيعون الصمود لشهر واحد كأبعد تقدير لأن إعلان إفلاسهم الاقتصادي سيكون مؤكد 100% مما سيتبعه تلقائيا ثورات شعبية لن تهدأ إلا بتغيير أنظمة الحكم ... وكل ما سبق يحمل في طياته فاتورة مالية لن تقل عن 2 تريليون دولار خلال أقل من 6 أشهر كأبعد تقدير أيضا كاستهلاك حرب وكخسائر اقتصادية فادحة وهروب رؤوس الأموال والمستثمرين ... والتحالف لضمان أمن الكيان الصهيوني اللقيط هو في حقيقته إعلان عن عجز وفشل العقلية السياسية الخليجية من أن تقارع إيران في أي مفاوضات سياسية ... أما الحل العسكري فبالتأكيد لن يكون فيه خيرا للجميع دون استثناء وسياسة نحن نستطيع ونحن نفعل ونحن نقدر فهذا الخيال وهذه النرجسية وهذه الحماقة ينطبق عليها القول الشهير "شهاب الدين أضرط من أخيه" ... من عجز أمام إسرائيل الصغيرة اللقيطة مؤكدا سيعجز أمام إيران الكبيرة التي يمتد تحالفها في مساحة أرضية تقدر بأكثر من 2.2 كم² ... والنقطة الأخيرة والغاية في الأهمية يجب أن تعلم وتدرك حقا أنه في حال الحرب ضد إيران فإن هناك دولا ستدير ظهرها لهذا التحالف الهـــش لأنها تدرك حقا الصورة المرعبة لمثل هذا السيناريو المجنون مثل "الكويت وسلطنة عمان" للسلامة من شرور حرب ستحرق الأخضر واليابس وخيانات من دول أخرى في قلب التحالف نفسه ... وللأسف كل المعطيات على أرض الواقع والخريطة الإقليمية لا تبشرنا بالخير بل تدعونا بأن ندعو الله أن لا تندلع هذه الحرب أو على الأقل أن يتأخر موعدها ... والله خير الحافظين ؟




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم