لا أحد بالمطلق يعرف تحديدا وبدقة بداية تاريخ أنهار "جلة - الفرات - النيل" وكل التواريخ التي تم تسطيرها في كتب العلوم والتاريخ ما هي إلا تواريخ "تقديرية ظنية" ... والحقيقة التي يجب التسليم بها أنها ثروات طبيعية خلقت ووجدت بخلق الأرض وبداية أول الخلق فيها والتي أيضا بالمطلق لا أحد يعرف تواريخ تلك الحقبة ... لكن في موضعنا هذا نحن نتحدث عن الواقع والحقيقة بلغة الأرقام التي تعكسها سجلات كتب التاريخ وأثرها على أيامنا هذه ... والتي من خلالها نذهب إلى وقائع وحقيقة تنتظرنا في المستقبل القريب تنذرنا اليوم من وجود خطر داهم حقيقي ستؤدي إلى حروب ومعارك عسكرية فعلية ... فقبل 200 سنة وتحديدا في سنة 1800 كان تعداد كل سكان الكرة الأرضية من الجنس البشري أقل من مليار نسمة ... وتراوحت تلك التقديرات في أواخر العصور الوسطى ما بين 850 مليون و 900 مليون و مليار نسمة على أكثر تقدير ... وتلك الأرقام لو وزعتها على يابسة الأرض فهذا يعني وقتها أن كمية المياه والخيرات كانت ليست كافية للبشرية فحسب بل وتزيد عليهم لدرجة جنون الإسراف ... أما اليوم وحيث أن تعداد البشرية قفز إلى أكثر من 8 مليـــار نسمة فمن الطبيعي أن تقل الخيرات وتشح المياه ... هذا بالإضافة إلى صراع الدول والحكومات على الثروات الطبيعية ثم صناعة السدود لتوليد الطاقة الكهربائية أي استغلال الطاقة النظيفة ؟
إن مصدر ومنبع نهر دجلة والفرات والتي يشتهر بها العراق والتي مصدرها جبال "طوروس جنوب شرق الأناضول في تركيا" ... ونهر النيل والذي مصدره "بجيرة فيكتوريا" التي تجمع مجموعة دول في جنوب أفريقيا "أوغندا - كينيا - تنزانيا - زائير" مرورا بأثيوبيا التي شكلت مصدر رئيسي ثاني ثم مرورا بالسودان وصولا إلى مصر ... واليوم هناك ليس مشكلة بل كارثة ستضرب الشعب العراقي والمصري بنسبة مليار% خلال الفترة ما بين 5 إلى 10 سنوات كأبعد تقدير ... ومصدر الكارثة هي أن كل من مصر والعراق استهتروا بشكل فاضح فاسد بمسألة المياه ... في حالة من النرجسية التي أوصلتهم اليوم إلى حالة من تغييب الرأي العام وحجب المعلومات والحقائق عن شعوبهم والتي بالتأكيد ستنعكس سلبيا تلك الأزمات على دول الجوار ... ناهيك عن تراجع الواسع الكارثي بالمساحات الزراعية والخضراء في كلا الدولتين مما أدى إلى هجرات عكسية من المناطق الخصبة إلى المدن الرئيسية ... ولو أردت أن أسطر الأسباب فلن ننتهي من تعدادها بدأ من أنظمة الحكم والحروب والفساد وصولا إلى الإستهتار والنظرة الإستعلائية حتى للمواطن البسيط ... ونتيجة لذلك فإن مصر والعراق على موعد لا يقبل الشك من الجفاف ونقص المياه والتي ستنعكس تلقائيا على الحياة الإجتماعية المرعبة القادمة ومن ثم انعكاسها على دول الجوار ؟
في يوم ما وتحديدا ما بين 2025 - 2028 ستندم "مصر والعراق" ندما عظيما أنهم استهتروا بأنهارهم وبمواردهم الطبيعية وقتها لن ينفع ندمهم شيئا ولن تنفع معهم "الحلول الطارئة" لأن وقتها قد فات الأوان ... ومما سيُصعّب الأمور أكثر وأكثر هو التعداد السكاني الكبير والضخم والذي لن تنفع معه "الحلول الترقيعية" ... سيندمون أنهم لم يواجهوا تركيا ولا أثيوبيا لا نـــدا دبلوماسيا ولا كفؤا عسكريـــا ... وسيتذكر القارئ بعد 5 أو 10 سنوات أن في 2022 كانت هناك دولا وحكومات وجيوش وشعوبا ورأي عام لكن لا قيمة لهم لدرجة أنها كانت هي وزبد البحر كلاهما واحد ... أضف إلى ذلك أن التاريخ السياسي للعراق ومصر هو تاريخ شهير جدا جدا بالكذب والتزوير وإخفاء وحجب الحقائق أي بمعنى كل التقارير الحكومية التي تطلقها كلا الدولتين اليوم هي أكاذيب وحجب حقائق عن شعوبهم ... وتلك السياسة معروفة ومفهومة لكونها سياسة ضبط سلوك الشارع والتحكم بانفعالاته لتوفير أكبر قدر ممكن من الوقت للحكومات ... ونهر دجلة والفرات اليوم وفي 2022 هو فعلا وحقيقة قد قل منسوب مياهه ولا أقرب دليل على جفاف "أهوار العراق" من المسطحات المائية والتي كان توصف بأنها "جنة عدن" من بديع جمالها ووفرة خيراتها ... ولذلك في مارس الماضي 2022 حذرت الأمم المتحدة من انخفاض منسوب نهري دجلة والفرات إلى نسبة 73% ... أما نهر النيل ففي مؤتمر "أسبوع المناخ بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" الذي انعقد في أبريل 2022 قال وزير الموارد المائية والري المصري "محمد عبد العاطي" : مصر تقترب من الندرة المائية ... لكن للحقيقة وجه أخر مختلف كليا فلا أحد صارح شعبه بالحقيقة ولا أحد بدأ بإنشاء محطات تكرير مياه البحر ... ولذلك ليستمتع الجميع اليوم بالحجج والأعذار والتبريرات لكن موعدنا بعد 5 سنوات وقتها ليتذكر الجميع هل لتبريرات وأعذار اليوم وجود وقتها !!! ... ستندم مصر ندما مبكيا أنها لم تستخدم الحل العسكري لضرب "سد النهضة" في أخر فرصة لها والتي كانت في شهر 5-2021 ... وسيعض العراق أصابعه ندما أنه كان كالدجاجة الضعيفة أمام تركيا يوم أعمت إيران بصيرته وأشغلته بقضايا هامشية ... لا شيء صدفة كله مخطط له بإتقان وكل دولة ولها مخطط لتدميرها وليستمتع الجميع بأغاني الوطنية والطربية وبحفلات الرقص ... وإن غدا لناظره قريب ؟
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم