2022-11-16

الفروقات في سقوط الحكام وضلالات العظمة ؟

 

لو أجرينا مسحا على خريطة الوطن العربي كأنظمة حكم وقارنا حاضرها بماضيها السياسي ثم أجرينا مسحا على مجتمعات الوطن العربي وقارنا حاضرها بماضيها ... ثم جمعنا كل ما سبق وطابقناهم فسوف نكتشف حالة من دهشة المقارنة من حيث التشابه والتطابق على الرغم من تطور اليوم وجنون تكنولوجيا اليوم ... لكن في البداية يجب فهم حقائق قبل أن أبحر بكم في موضوعي هذا وهي ما هي أنواع أنظمة الحكم في الوطن العربي ؟ ... نظام الحكم السلطاني : سلطنة عمان فقط ... نظام الحكم الملكي : السعودية - المغرب - الأردن ... نظام الحكم الجمهوري : تونس - مصر - الجزائر - ليبيا - الصومال - لبنان - سوريا - العراق - السودان ... نظام حكم المشيخة : قطر - البحرين - الإمارات "شكلا نظام اتحادي" ... نظام حكم المشيخة الدستورية : الكويت فقط ... وأول سؤال يجب أن نسأله بكل وضوح : هل السياسي الحقيقي السياسي المحترف يصل للسلطة كوظيفة أو يقبل بأن يشارك بأي من أدوات السلطة ؟ الإجابة : كلا ... والسبب هو لأنه داهية سياسة ومحترف سياسة هذا يعني أنه قد قرأ وشرب كل التاريخ السياسي قديما وحديثا وعرف سيرة الأمم وسيرة أنظمة الحكم في الوطن العربي وفي أوروبا وغيرها ... وبالتالي أي تقرّب من السلطة يعني أنه جاهلا لم يتعلم بعد وفي هذه الحالة لا يطلق عليه محترفا وأي ظهور إعلامي واسع النطاق له يعني أنه أحمق سياسية ولا يملك بصيرة السياسي ... خبير السياسة محترف السياسة داهية السياسة لا يتقرب ولا يتزلف ولا ينافق السلطة ولا يتقرب من الحاكم حتى ولو طلب منه ذلك ... لأن السلطة محرقة قد تودي بصاحبها إلى التهلكة ومن النادر من فلت من لعنة السلطة وبطانتها وأدواتها وسمعتها الشعبية ... أضف فوق هذا أن السياسي المحترف لا يستغل علمه ودهاءه لتحريض الشارع وتهييجه ضد نظام الحكم لأنه وبكل بساطة الشارع دائما وأبدا لا يملك عقل ولذلك أطلق مصطلح "الغوغاء" على أي مظاهرات متهورة لأنها تسير بلا عقل بلا تنظيم بلا قيادة ؟

تعتبر أنظمة الحكم في دول الخليج هي الأكثر هدوء واستقرارا مقارنة مع باقي أنظمة الحكم العربية الأخرى ... تلك الأفضلية مصدرها حكم المشيخة أو حكم الأسرة مثل الحكم الملكي في السعودية والسلطاني في عُمان والإتحادي في الإمارات والمشيخة الدستورية في الكويت ... جميعهم مصدرهم حكم الفرد من الأسرة التي تحكم البلاد وبالتالي أي اضطراب في شؤون الحكم أي انقلاب أي تغيير للحاكم فإنه يتم بسرعة فائقة وبهدوء تام ... على عكس أنظمة الحكم الأخرى التي لا يسقط حاكم إلا بعد دمار البلاد والعباد والإقتصاد ... وفي موضوع لم أستطع إيجاده بين كتاباتي المنشورة على صفحتي هذه لكني متأكد أني كتبته ونشرته ... قلت فيه : هيا بنا وأنا معكم لإسقاط الحاكم ... لكن !!! ... ما هو السبب ؟ من هو البديل ؟ ما هي الضمانات بعدم الإضرار بالإقتصاد ؟ بالمجتمع ؟ بالفقراء ؟ وما هو الضمان أن القادم لن يكون أسوأ ؟ ومن هم القيادات القادمة للحكم ؟ ومن هم قيادات حراك الشارع ؟ وما تاريخهم جميعا ؟ ... سيقول قائل : لو كل ثورة سألوا كما تسأل لما وقعت ثورة في أي مكان ... نعم صحيح لأن الإرهابيين فقط هم فقط من تعتمد عقيدتهم وفلسفتهم على القتل الجماعي ولو سحق ثلث أو نصف الشعب من أجل الوصول إلى كرسي الحكم ... وهذه بالمناسبة كانت عقيدة "الخميني - صدام - هتلر - عبدالناصر - القذافي - حافظ الأسد وابنه بشار" وغيرهم الكثير من الطغاة ... وحتى المدعو السياسي "عبدالله النفيسي" أيضا لديه نفس هذه العقيدة وأيضا "المفكر المصري سيد قطب - عبدالله عزام في فلسطين - أبو محمد المقدسي في الأردن" ... وصولا إلى بحور من المتطرفين سواء من السنة أو الشيعة ... يموت ابنك أخوك فداء للثورة تجوع أختك ابنتك أمك فداء للثورة ... يموت المرضى بسبب نقص العلاج والدواء فداء للثورة ... يتمزق كبار السن وتنتكس أحوال المعاقين فداء للثورة ... ينهار الإقتصاد وتدمر أموال وممتلكات الرعية وتسحق أجمل ذكرياتكم بهدم منازلكم وأحيائكم فداء للثورة ... يستغل تجار المخدرات وتجار الأسلحة أزمة وطنك فيضخون ملايين الأطنان من أدوات القتل استغلالا لغياب الأمن وانكشاف جبهتك الداخلية فداء للثورة ... كلها وأكثر من ذلك فداء للثورة والسبب أنه لا توجد قيادة وطنية حكيمة شريفة سياسية محنكة بديلة ... ولذلك انظر لحال الأوطان العربية بغالبيتها ما هو أوضاعها وأسبابها لن تجد في نهاية المطاف إلا جهل الرعية وعدم وعيها وغياب كارثي لمؤسسات المجتمع المدني التي مهمتها توعية المجتمع والحفاظ على تماسكه ... وبالتالي هذا الجهل هو من صنع عظمة لشرذمة أفراد قيل عنهم أنهم سياسيين محنكين ظهروا على وسائل التواصل الإجتماعية وفي المقبلات التلفزيونية ... بدليل انظر في وطنك كيف تتقاتل أسوأ العقليات وأفشل المواطنين وأكثر جهلا سياسيا على كرسي البرلمان في أي انتخابات برلمانية أو بلدية ولأي درجة وصل صراع الكراسي والمناصب في الدولة ... والحقيقة التي لا أحد يريد أن يفهمها أن أقدار رب العالمين جل جلالة ماضية في حكمها لا يوقفها حاكم ولا نظام حكم ولا شعب ولا تخطيط ولا بطيخ ... { قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير } آل عمران ؟

تخيل لو في يوم وجدت نفسك تمتلك مبلغ 30 مليون دينار كويتي أو بما يعادل 100 مليون دولار ... وأنت حاليا بشخصك بعقليتك بثقافتك البسيطة المتواضعة هل تعتقد أنك لن تتغير بعد شهر شهرين أقصاها سنة واحدة بسبب هذا الثراء ؟ ... بنسبة 90% ستتغير شخصيتك بشكل لا إرادي لا شعوري بسبب حجم النفاق الطاغي الذي سيلتف حولك بل وحتى من كانوا يبغضونك سيتوددون لك طلبا لرضاك ... نفس الامر ينطبق على الحكام لأنهم في النهاية بشر وليسوا مخلوقات خارقين للعادة وللطبيعة ... فالإعلام "تلفزيون إذاعة صحافة" جميعهم ينافقونه يخرج فيجد صوره في كل مكان تمجيدا به لا يسمع كلمة كلا أبدا فتلقائيا يتولد في نفسه "داء العظمة" ... وإن استمر هذا الداء سيتحول الحاكم إلى مجنون معتوه قولا وفعلا لا بل ويصل إلى درجة تحدي الخالق عز وجل فيشطح عقله يمينا وشمالا ... وهذا ما حدث فعليا مع الرئيس الليبي المقبور المعتوه "معمر القذافي" الذي وصل به الجنون إلى التطاول على كتاب الله وعلى ذات الله سبحانه ... وطاغية بغداد "صدام حسين" الذي خلّف من وراءه أكثر من 500 مقبرة جماعية تضم مئات الآلاف الذين تم إعدامهم دون محاكمات ومئات الآلاف الذين اختفوا ولا يعرف أحدا مصيرهم حتى يومنا هذا ... وطاغية سوريا الحالي "بشار الأسد" الذي تفنن بقتل شعبه وراح ضحيته أكثر من 400 ألف نسمة وأكثر من 2 مليون مصاب ومعاق وأكثر من 6 ملايين لاجئ ... يا سادة يا كرام ما أسهل الأفكار التي تؤتي ثمارها بإسقاط أي حاكم لكن السؤال : هل النظام يسقط ؟ فالحاكم ليس هو النظام بل هو جزء أساسي ورئيسي من نظام الحكم ... وحتى لو أسقطت الحاكم وفوقه نظام حكمه فمن هو البديل ؟ لن يوجد هناك بديل واحد تتفق عليه الأمة بأسرها ولا حتى 50% من الأمة ... والسبب هو أننا كبشر بطبيعتنا مختلفين في الأفكار في القيم والمبادئ متضاربين في إصدار الأحكام ... وليس أقرب مثالا لما أقوله إلا سيرة الأنبياء والرسل فقط انظر كم آمنوا معهم ... ولذلك لا تشغل بالك بهرطقات البشر فربك جل جلالة إن أراد إسقاط حاكم وفوقه كل نظام حكمه فإنه سيسقط بكل أريحية ولو اصطف من وراء الحاكم كل الأجهزة الأمنية والعسكرية في البلاد ... بدليل ابحث وانظر أين نظام الحكم في الدولة الأموية والعباسية والعثمانية ؟ أين امبراطورية الروم العظيمة وامبراطورية فارس المرعبة ؟ ... وكيف أعرق امبراطورية في دول شرق أسيا وأكثرها شدة وبأسا في اليابان تحولت إلى دولة تحت الحماية العسكرية الأمريكية !!! ... تعيشون بغرور وتعتقدون أنكم شيئا وأنتم ونحن جميعنا لا شيء لكن النرجسية البشرية قد تمادت وشطحت كثيرا فظنت النملة أنها فيل وظن الفيل أنه حوت وظن الحوت أنه محيط ... وسبحان ربنا الحليم علينا وعلى غرورنا المريض ؟




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم