لا توجد كتب ولا وثائق ولا حتى أثار حجرية توضح لنا سيرة الأقوام والأمم ما قبل الأديان السماوية وما قبل الحضارات التي نعرفها ... وكل ما هو موجود مجرد نظريات هنا وهرطقات هناك مع فانتازيا "الأنثروبولوجيا" ... وليس لدينا أي شيء بالمطلق لا شيء من اكتشاف أي كائن بشري سوى كتاب الله جل جلالة والآيات المتناثرة في القرآن الكريم ... والتي يجب أن تجمعها حتى تكتمل القصة الحقيقية لأي حدث قصّه علينا ربنا جل جلالة ... وأيضا لا يوجد ما هو ثابت في الربط بين الركوع والسجود لله سبحانه وتعالى وبين الإنحناء لدرجة الركوع والسجود في بعض الأحيان للملوك في سالف الزمان بين الأمم والشعوب والأقليات ... لكن البداية ثابتة ثبوت قاطع لا شك فيه وهو من خلال ما نقله ربنا سبحانه في مسألة السجود في سورة الحجر { فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين } ... هنا نفهم أن في الملوك الأعلى وفي السموات والتي هي أعلى من كل الكواكب والنجوم والمجرات بمسافة مجهولة وبالمطلق مجهولة ... أن في السموات العلى هناك نظام دقيق بل وأنظمة عديدة لا نعرفها بطبيعة الحال ... لكن من أنظمة السماء العليا هي صفة السجود وهنا السجود يختلف بالمطلق بين سجودنا وسجود من في السموات ... لأننا نسجد لـ "المجهول اليقين" وهم في السموات يسجدون لـ "المعلوم اليقين" ... والمجهول اليقين أي أننا نؤمن بالله ولكن لم نره نصلي نركع نسجد ولم نراه سبحانه ولم نرى الجنة ولا النار ولا ملوك السماوات العلى وما فيها وهذا يقين من المسلمين بأن الله موجود والمسلمات به سبحانه يقين لا يخالجنا الشك فيه أبدا وهي عملية معنوية صرفة مصدرها "القرآن الكريم" حصريا عبر الأنبياء والرسل في سالف الزمان ... أما المعلوم اليقين فهم مخلوقات السموات العليا من ملائكة وغلمان وحور مما ذكرهم ربنا في كتابه الكريم وخلق أخر بالتأكيد يوجد ولا نعلمهم ... أغلب هؤلاء إن لم يشاهدوا الخالق سبحانه فقد سمعوا صوته جل جلالة وإن لم يسمعوا صوته فقد جاءت الأوامر إليهم عبر سيد ملائكة السماء جبريل عليه السلام هذا ناهيك عن ما لديهم وليس لدينا من خلق وقدرات والكثير من الأمر الخارقة لعادة والطبيعة ولكل علوم البشرية وفهمها وإدراكها ؟
مسألة الركوع والسجود "Physical" هي حركة بدنية جسمانية صرفة بدلالة الخضوع والإستسلام المطلق ... والدلالات هذه أصلا قد ألفها الإنسان منذ القدم وعلى سبيل المثال : الصراخ دلالة على الفزع - طلب النجدة بالهاتف أو بالصراخ دلالة على أن هناك خطر يحيق بالمعني أو لأخر - الوقوف والرأس إلى الأرض تعني الخجل أو الندم - رفع اليد للأصم تعني أنها تحية - وغيرها من الكثير من الحركات البدنية والصوتية التي تتجاوز تاريخها لآلاف السنين ... أما الركوع والسجود بين البشر فهي دلالة على الخضوع أو التوسل أو الإستسلام ... ولأن الإنسان هو خلق من مخلوقات الله سبحانه التي من المستحيل أن تُعد أو تحصى فالله جل جلالة يرفض المتكبرين والمتباهين بأنفسهم ... { إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون لا جرم أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين } النحل ... { إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } غافر ... { فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين } النحل ... وقد ثبت من خلال الكتب السماوية "التوراة - الإنجيل - القرآن" ثم من خلال كتب التاريخ وسيرة الحكام والمحكومين أن الشيطان هو المتكبر الأول في قصص الكتب السماوية وأن الإنسان هو المتكبر الثاني في سيرة الكتب السماوية والدنيوية ... بل وأرى أن الإنسان هو أكثر ظلالا وتكبرا وطغيانا من الشيطان بذاته لأنه وببساطة الشيطان يؤمن بالله حتى يوم القيامة لكنه منبوذ طرد من رحمة الله وقد علم إبليس مسبقا أنه من أهل جهنم خالدا فيها ... { كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين } الحشر ... { قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين } ص ... { قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين } الأعراف ... إذن إبليس اللعين يؤمن بالله لكنه عاصي متكبر متمرد أوصله تكبره إلى الكفر بالله وهو يرى الملائكة سجودا ونداء الله سبحانه يقينا { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين } البقرة ... بعكس الإنسان وأنتم ترون بأم أعينكم من بني نسل أبونا آدم "كفار - مشركين - ملحدين - لا دينيين" وغيرهم ... وبالتالي الإنسان أكثر فحشا وتكبرا وجرما وجحودا من الشيطان الرجيم ... هذا ناهيكم عن أقوال وأفعال الكثير من البشر في السيرة البشرية الذين تحدوا الله جهارا نهارا وسخروا منه علنا ولا يزالون حتى يومنا هذا ؟
إن الله سبحانه وتعلى هو الغني عنا جميعنا وجميعا أي كل البشرية من أحسنهم لأسوأهم ... لأن مسالة الركوع والسجود هي أصلا موجودة في قبل خلق أبونا آدم وأمنا حواء عليهما السلام والملائكة يسبحون الله بكرة وأصيلا ويركعون ويسجدون ... ولما خلق أدم لم يكن يعرف شيء بل شاهد عملية الركوع والسجود بمعنى الله سبحانه ركوعك أنت وسجودك أنتي لن تزيد الله شيئا أصلا ... والسؤال البديهي : إذن لما خلقنا الله سبحانه أصلا وهو ليس بحاجتنا وبالمطلق ؟ ... الإجابة بكل بساطة : خلقت أنت وأنتي حتى تدخلوا الجنة وليس النار ... وأصل خلقكم مرتبط تماما بخلق الجنة لأن لو لم يوجد آدم لما وجدت الجنة بمعنى ما فائدة خلق أمر ما لأمر أخر والأخر غير موجود أصلا !!! ... وخلق النار "حسب اجتهادي" مرتبط بكل من تمرّد وتكبر على الله وخرج عليه سبحانه سواء من أمم ما قبل آدم وما بعد آدم من ذريته وخلق أخر لا نعرفهم ... وإلا لماذا خلقك الله إنسانا ولماذا لم يخلقك حيوان نبات حجر جبل ماء طائر حشرة أيا كان لماذا خصصك أنت حصريا حتى تكون إنسان حتى يكون لك نصيبا من الجنة لا من جهنم { ان الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون } يونس ... أما النار فهي إرادتك أنت وقرارك أنت وبنسية مليار% ولو ربّنا سبحانه فرض عليك الأمر لخرج من بين ذرية آدم ورفعوا أصواتهم وقالوا "ما هذه الدكتاتورية أين العدالة ما هذا الإله - أين حريتنا - أين حقوقنا" إلخ ... فمنحك ربك حق الإختيار الحر والمطلق { من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } الكهف { لا إكراه في الدين } البقرة { ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين } يونس { فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب } الرعد ؟
مسألة الركوع والسجود هي مسألة فرضت على كل من يتبع كتاب سماوي ... ولا صلاة في "التوراة والإنجيل والقرآن" إلا بشرط "قيام - ركوع - سجود" وفي كل الأديان التسبيح في الركوع والسجود فرضا لا اختيارا وسأترك لكم في نهاية الموضوع "كيف كان الأنبياء والرسل يؤدون صلواتهم قبل محمدا" ... ومسألة "الركوع - السجود" هي عملية بدنية فيها دلالة كاملة على الخضوع والإستسلام ولذلك تجد الحاكم والمحكوم الغني والفقير الحر والسجين الجميع دون استثناء يجب أن يركع ويسجد ... وفي هذه المسألة كسرا ومهانة وذلا للنفس المتكبرة وكأن ربنا جل جلالة يقول لنا "يا ابن آدم لا تأتيني إلا وأنت خاضعا متواضعا محبا لي ولا أريدك أن تأتيني مرغما مكرها فقد منحتك حرية قرارك وقد أخبرتك بسيرة من سبقوك وعلمتك كل شيء في القرآن وبعدها عُذِرتُ فيك وفي كثير ممن خلقت يوم القيامة" ... ويا سبحان الله حتى والناس تصلي ما أن تنتهي صلاتهم التي وقفوا وركعوا وسجدوا فيها قبل بضعة دقائق تعود النرجسية في نفوس الكثير منهم وتعود الألسن للنميمة !!! ... إن الله تبارك سبحانه وتعالى يريد تخليصك من مرض الكِبر وداء الغرور وأنت تصر عليه رغم أنك طبّقت بنفسك ويقينا "حركات الخضوع والإستسلام" أم أنك معتاد أن تركع وتسجد لغير الله !!! ... وعلى الجانب الأخر عملية الركوع والسجود حتى يبقى للعبد عند الله شيئا يشفع له يوم القيامة يوم الحشد والحشر العظيم عل وعسى تكون له سببا بدخول الجنة والنجاة من النار ... ولا أزال عند رأيي أن الإنسان كان أكبر لعنة حلّت على الأرض من جور وظلم وفجور الإنسان لأخيه الإنسان ... أرسل ربكم للبشرية الأنبياء والرسل وأنزل الكتب السماوية وسطر المعجزات وأبى الإنسان إلا أن يكون كافرا ملحدا فاجرا قاتلا ظالما أكلا للحقوق سارقا للمال مستغلا الضعفاء والبسطاء والبشرية تتوعد البشرية بالفناء ... فطوبى لمن تمسك بالله وحده لا شريك له وطوبى للمؤمنين الصادقين المخلصين لله وحده لا شريك له ... واسألوا الله أن يتفضل علينا وعليكم بقبولنا وأن يتكرم علينا برحمته وكرمه علينا ... واطلبوا من الله واسألوا الله والتذلل لله فخرا وعزة ولا تسألوا عباد الله فأدركوا عظمة أسباب ربكم يُسبب هذا لذلك ويرزق هذا من ذاك وهذا وذاك وأنت وأنتي وأنتم جميعكم هذا وذاك مجرد أسباب وأقدار ... اللهم اجعلني واجعل من قرأ أحرفي هذه من أهل الجنة وممن نرى ونشاهد هذا المشهد العظيم الذي صورته سبحانك لنا وعجزنا نحن عن حتى خياله ... { وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين } الزمر ؟
إقـــــرأ
كيف كان الأنبياء والرسل يؤدون صلواتهم قبل محمدا ؟
https://q8-2009.blogspot.com/2021/04/blog-post_17.html
دمتم بود ...