أنا من المتابعين للأعمال الفنية التركية وبشكل مكثف وأعرف فنون تلك الصناعة لديهم والتي تجاوزوا فيها كل الأعمال العربية والخليجية ... لكني أفرق كليا ما بين الأعمال الفنية والسياحة وما بين رصد السلوك المجتمعي والسياسة الداخلية والخارجية ... وكمثال أحب السياحة في إيران وأسواقهم الساحرة لكن مستحيل أزورها لأنها "دولة أمنية" ... والدول الأمنية مهما قدمت لك من خدمات السياحة والترفيه لا تذهب لها لأن أمنك الشخصي في خطر وبطبيعة الحال الدول الأمنية تمتلك أسوأ نظام قضائي ... ولا يعلم الكثيرين أنهم ذهبوا وعادوا من مغامرة كارثية بسبب جهلهم وأن الله قد سلمهم من شر تلك الدولة ... والفصل في الأمور مهم حتى تحقق العدالة في الوصف والتحليل والتقييم بعيدا عن أي عنصرية أو عاطفة ... والدول هكذا تقاس بفصل هذا عن ذاك وفق مراحل تقييم مختلفة حتى تتكون لك الصورة بحقيقتها لا وفق منهجية الإعلام وإغراءات المقاطع في مواقع التواصل الإجتماعية وكذب وتزييف الإعلام الموجه حسب المزاج السياسي ... وفي تاريخ 16-7-2016 كتبن موضوع بعنوان "تزعل ترضى هذا هو تاريخ تركيا" ... منوها كاشفا فيه حقيقة تركيا تاريخا ومجتمعا وعقائدهم التي أرضعوا أجيالهم جيلا بعد جيل كره العرب والتقليل من شأنهم ... والذي يجهله كل العرب والخليجيين أن الأتراك هي أمة عقائد متنوعة من "القومية التركية" إلى "عقيدة نحن أسياد العالم" إلى "العقيدة العثمانية" والتي لا تزال حتى اليوم تترعرع في نفوسهم ... إلى الأعمال الدرامية التي عززت النرجسية في عقولهم وتبقى "عقيدة كره العرب" متأصلة في نفوسهم ... وعندما نتحدث عن عقيدة فهنا تلقائيا يجب الفهم أنك مهما صنعت وفعلت وقدمت فلن تستطيع بالمطلق تغيير حتى 10% من تلك العقيدة ... واذهب واصنع حتى المعجزات فهل تستطيع أن تغيّر "العقيدة الصهيونية" لدى الشعب الإسرائيلي ؟ ... مثل "عقيدة السنة - عقيدة الشيعة" هل تستطيع أن تغيرها أو حتى تؤثر فيها بالتأكيد مستحيل ... وهذا المعني بالعقيدة أي فكر يتوارثه جيلا بعد جيل وقناعات تترسخ في عميق جيل بعد جيل وهكذا ... مع الإنتباه أن العقيدة تندرج تحتها حتى الأديان والسياسة والرياضة والفنون إلخ ؟
إن الأمة التركية أثبتت بنفسها اليوم بأنها أمة ناكرة جاحدة الخير فيهم خسارة والمدح فيهم كذبا ونفاقا ... فبعد الزلزال الذي اجتاحهم واكتسحهم في 6-2-2023 أي في نفس عامنا هذا والتي شاهدت الأمة التركية كيف العالم بأسره هب لمساعدتهم ... وكيف صنع الخليجيين حصريا ما لم يصنعه أحد سواهم من عطايا وهبات ومساعدات كما جُبل عليه أهل الخليج منذ عشرات السنين ... هذا الحدث الإستثنائي كان كافيا بأن يعيد التقييم والتأهيل من جديد في نفوس الأمة التركية قاطبة وأن يعيدوا قراءة قناعاتهم الزائفة والعنصرية ... وأن يخضعوا بكل تواضع ولطف ومحبة لشعوب العالم والعرب والخليجيين خاصة وأن تتغير نظرتهم السطحية عن أمة العرب ... لكن أبى الأتراك إلا أن يستمرؤوا الباطل والفساد والعنصرية على العرب خاصة وليس على الأجانب الأخرين ... ففي 12-5-2023 قتل سوري أمام منزلة في "مدينة الريحانية التركية" ... وطالب سوري يتيم كان يدرس الطب قتل في إسطنبول في 4-9-2023 ... وفي 24-7-2023 حادثة الإعتداء على مقيم مصري بالضرب في إسطنبول مما أدى لدخوله للعناية المركزة ... وفي 1-8-2023 اعتداء جماعي على يمني في إسطنبول ... وفي 20-8-2023 قتل فتى مغربي أيضا في إسطنبول ... وفي 24-8-2023 قتل سوري في "ديار بكر التركية" ... وفي 13-9-2023 توفي لاجئ سوري جراء طعنات بسكين في إسطنبول ... واعتداءات "لفضية بدنية" على سياح كويتيين وسعوديين وحالات سرقة ونصب احتيال لسياح من دول مختلفة ... ولو لاحظت تلك التواريخ والتي تعمدت أن رصدها لكم بأنها حدثت بعد زلزال تركيا المدمر وليس قبل أي بدل الشكر والعرفان استوحش الأتراك أكثر من قبل ... ووفق الإحصائيات الرسمية لوزارة العدل التركية لعام 2022 فقد سجل القضاء التركي أكثر من 10 ملايين جريمة ارتكبت في عموم المحافظات التركية من العام الماضي بمعدل 1.000 جريمة كل ساعة ... وتجاوز عدد المشتبه بهم إلى أكثر 12 مليون نسمة بعدد ضحايا تجاوز أكثر من 8 ملايين نسمة ... وتجري في عموم تركيا 9 حالات إطلاق نار يوميا وسجلت الداخلية والعدل 1938 حادث عنف مسلح في أول 211 يوم من عام 2023 توفي على أثرها 1.200 شخص وأصيب 1.960 شخص جراء العنف المسلح ... وتبلغ عدد سجون تركيا أكثر من 260 سجن تضم أكثر من 290 ألف سجين ... كل تلك الأرقام الرسمية المرعبة تؤكد أن تركيا دولة غير أمنة لا للإستثمار ولا للسياحة ولا للإقامة فيها ... ثم جاءت مئات الصور والفيديوهات وآلاف الشكاوي أن الشعب التركي "توصيف بشكل عام" يفتقر إلى الأخلاق والأدب وقيم الضيافة والترحاب بدأ من سوء معاملة مطاراتهم وصولا حتى لسائقين الأجرة والبائعين ... إذن تركيا فقدت كل مقومات السياحة جملة تفصيلا وبالتالي الحديث عن أمانها وترحابها هي أقوال لا تصدر سوى من جهلة وسفهاء أو حتى من مطايا الأحزاب السياسية الإسلامية بتسويقهم السطحي وأولهم الإخوان المسلمين ؟
وفي 14-9-2023 صدرت الأوامر من القصر الرئاسي في أنقرة إلى وزارة الداخلية التركية بنشاط رصد أي اعتداء لفظي أو بدني على أي مقيم أو سائح على الأراضي التركية وإقامة دعوى اعتداء مباشرة باسم الدولة التركية ولا تنتظر موافقة الطرف المعتدى عليه ... أي تحرك الدولة التركية جاء متأخرا بعد تدمير سمعة السياحة هناك وأصبحت سمعة تركيا والأتراك في الحضيض ... بعد انتشار مئات فيديوهات العنصرية والوحشية التركية لدى مليارات من المشاهدين ... حتى خرج قبل يومين "ياسين أقطاي" المستشار السابق للرئيس التركي كاشفا حقيقة الأوضاع في تركيا عبر صحيفة "يني شفق" التابعة لحزب "أردوغان - حزب العدالة والتنمية" قائلا "الأجانب ينهون استثماراتهم في تركيا بسبب العنصرية ومعظمهم من التجار العرب الذين أسسوا شركات في البلاد وتوقفوا عن القدوم إلى تركيا هذا الصيف وقالوا أغلقوا الشركة وحساباتها لا نريد أن نأتي إلى تركيا مرة أخرى وبسبب الخطاب العنصري المتصاعد ضد العرب أدى إلى إلغاء كثير من الحجوزات والرحلات السياحية خلال الصيف الجاري 2023 كما تسبب بانتقال العديد من الإستثمارات إلى الخارج ما كلف تركيا خسائر لا تقل عن 5 مليارات دولار" ... بكل تأكيد وحتما سيدرك الأتراك متأخرا بأن في أزماتهم القادمة سيكتشفون حجم تعاطف وتآزر معهم أقل بكثير جدا مما يظنون وهذا ثمن طبيعي لعنصرية وتوحش لا مبرر له سوى نرجسية النفوس وقلة التربية وسوء الخلق والصورة الكاذبة للسياحة والإستثمار الآمن في دولة شعبها لا يحترم زواره وفشل بصناعة السياحة بسبب فساد وعجز الأمن ؟
إن نظام الحكم والدولة بحكوماتها وبرلماناتها هم من يصنعون فن وعلم وثقافة السياحة في وطنهم ويخضعون شعوبهم لتلك الثقافة طائعا أو صاغرا وهذا الصحيح بطبيعة الحال ... لكنك لن تصنع شعب سياحة ولا ثقافة سياحة وأنت منذ سنوات تلقن الشعب التركي كره العرب وسببهم الرئيسي بسقوط الخلافة العثمانية بكذب فاضح وقح للهروب من مواجهة خيانات الأتراك أنفسهم لدولتهم ... ولذلك لا يجرؤ تركي واحد ولا يجرؤ مؤرخ تركي اليوم وبكل تأكيد لن يجرؤ سياسي تركي ولا أي عمل فني درامي تركي من أن يكشف الحقائق ويوثق مدى خيانة الأتراك لأرضهم ولعثمانيتهم القديمة ... وحتما وبكل يقين لن يخبرك الأتراك بأن "الجيش الإنكشاري العثماني" بأنه كان تاريخه مليئ بالخيانات ومحاولات قلب نظام الحكم وكان جيش مرتزقة مال وعصابات كثيرا ما فرضت "الأتاوات" على تجار الأسواق في كل المدن التركية قديما ... هو ذات الجيش الذي بسببه خسرت الدولة العثمانية جزأ كبيرا من مساحة أراضيها في 1908 - 1909 ... وكيف خان المستشارين سيدهم "عبدالحميد الثاني" وتخلوا عنه وكيف اقتحم الأتراك وجيش التمرد قصر الحكم والخلافة "قصر يلدز" من نفس تلك السنة وقتلوا من فيه حتى الأبرياء من طباخين وخدم وسرقوا كل محتوياته من أثاث وملابس وأطعمة ... إن الأمة التركية تحاول أن تخفي تاريخها الدموي العنصري المتوحش ورمت كل فشلها وهزائمها على أمة العرب حصريا ... مع أن من غزا العاصمة العثمانية "إسطنبول" واحتلها احتلالا عسكريا حقيقيا وحكمها فعليا ما بين 1918 - 1923 ليس أحدا مطلقا من العرب بل كانوا "بريطانيا - فرنسا - إيطاليا - اليونان - أمريكا - اليابان" ... وقتلوا عشرات الآلاف الأتراك واعتقلوا بشكل مهين مذل مئات أعيان الخلافة العثمانية بمساعدة آلاف الخونة والعملاء الأتراك ... لتكون النتيجة ومختصر التاريخ العثماني التركي أنهم أمة الخيانات والغدر والتكبر والنرجسية والفساد واللصوصية ... واليوم هم أمة الجهل التي أنتجت أجيالا تم تظليلهم تاريخيا وسياسيا واجتماعيا بأن العرب هم أهل الخيانات للأمة التركية ليهربوا من تاريخهم الأسود وجرائمهم الوحشية التي لا تعد ولا تحصى والحقيقة هي أنهم هم أمة الخيانات والغدر بأدلة لا تعد ولا تحصى ... وثقافة الربا الإقتصادي الصريح والذي لا يزال مستمرا منذ مئات السنين وحتى يومنا هذا في دولة العصابات والمافيا الدولية ... وأرح رأسك لو جمعت كل شياطين الجن والإنس وفوقهم المخلوقات الفضائية فلن تستطيع أن تمحي التاريخ الأسود للخلافة العثمانية وللدولة التركية الحديثة ... فلا يغرنك جمال أسواقهم ولا تسحرك جمال الطبيعة فما خفي كان أعظم وأمر ؟
إقـــــــرأ أيضا
تزعل ترضى .. هذا هو تاريخ تركيا
https://q8-2009.blogspot.com/2016/07/blog-post_16.html
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم