حتى كتابة هذه السطور فقد تجاوز تعداد سكان
الأرض أكثر من 7.651.400.000 مليار نسمة ... كما تبلغ كل الأموال المودعة في كل
بنوك الأرض + الأموال التي يتم تداولها + قيمة لاستثمارات العالمية بمجموع كلي =
92 تريليون دولار = 92.000 ألف مليار = 278 تريليون دينار كويتي ... وهذا المال يستطيع
كل مواطن كويتي من عمر دقيقة إلى 120 عام أن يتمتع براتب شهري بقيمة 20 آلاف دينار
إلى قيام الساعة ... وبتقسيم هذا المبلغ على كل فرد على كوكب الأرض فيكون نصيب كل
منهم = 12 ألف دولار = 3.631 دينار كويتي ... ضف على ما سبق مبلغ أكثر من 2
تريليون دولار هي قيمة مجموع الأموال التي يتم غسلها أي أنها أموال غير مشروعة وفق
إحصائية الأمم المتحدة لعام 2017 ... وأيضا ضف عليها مبلغ 400 مليار دولار هي
أموال موجودة نقدا مسببة مشكلة لأصحابها وبالتأكيد هي أموال غير مشروعة ... وتعتبر
كل من "تركيا - دبي - قطر - السعودية - المغرب " من أكبر وأقوى محطات
غسيل الأموال في منطقة الشرق الأوسط ما بين عام 1995 إلى 2016 مع التنبيه أن
المحطة أي مركز جاذب لتلك الأموال ومنها تغذي باقي الدول والأفراد ... لو تابعتم
أو قرأتم القصص الحقيقية لإمبراطوريات تجار المخدرات والسلاح فإن سجن أو قتل
الكثير منهم كان بسبب واحد فقط وهو الجشع ... فبالرغم من امتلاكهم لأموال وثروات
تضمن لهم ولسابع نسل قادم منهم ليس العيش الكريم فحسب بل حتى ترف الحياة إلا أن
طمعهم كان هو سجنهم ومقبرتهم ؟
العلماء يتحدثون من أن باطن الأرض + بحار
المحيطات تحتضن كميات ذهب ونوادر خلفتها الأمم السابقة لو استطاع الإنسان اليوم
معرفة أماكنها وإخراجها لما وجد فقير واحد على وجه الأرض ... وباختلافي مع هذه
"النظرية" لأنك لن تتمنى أبدا أن تكون حقيقة وظاهرة وواقعا وإلا لفسدت الأرض ولجاع الإنسان لأن لو الكل أصبح غنيا أو ثريا فمن سيعمل إذن ؟ ... ومن
سيزرع ويصنع ويغلف ويشحن ويوصل ويوزع ويبيع ويشتري ؟ ... إن جشع الإنسان منذ قديم
الأزل في فطرة الخير والشر ليست بالشيء الجديد بل ذهب الإنسان عبر تاريخه إلى
ارتكاب فظائع تخجل الإنسانية منها بل وتلحق بالبشرية العار ... فقد استعبد الإنسان
أخيه الإنسان وارتكب أبشع الجرائم بحق العبيد وحدثت حروب وصراعات دموية راح ضحيتها
الملايين بل مئات الملايين وحتى المليارات لأسباب تافهة ... أسباب على الأرض
والمال والسلطة وحب الذات وشهوة ولذة التحكم بالآخرين ولا أحد كان يستطيع أن يعصي
الأمر بالحرب قديما وإلا تم قتله واغتصاب أهل بيته أو بيعهم ... مثلما كان يحدث في
العراق في زمن الحجاج ابن يوسف الثقفي فمن يرفض أن يخرج للحروب تتم مصادرة كل
أملاكه وموجودات منزله فيذهب الإنسان خوفا مضطرا وليس عن قناعة ورغبة بل خوفا على
أملاكه وستر أهل بيته ... مثلما كان الجهاد قديما كان لا يتم عن قناعة مطلقة ورغبة
بالشهادة بقدر ما كان طمعا بالنصر وبالتالي بالغنائم التي يأتي من ورائها الخير
بكل أشكاله "إلا من رحم ربي" ... وما أكبر دليل من هزيمة المسلمين في
معركة أحد والتي كانت بسبب ترك الرماة مواقعهم ونزلوهم منها طمعا بالغنائم فنزلوا
يتسابقون عليها ظنا منهم أن الحرب قد انتهت ؟
لو سألت أي مواطن كويتي في أيامنا هذه ماذا
لو أعطيتك 5 ملايين دينار التي توفر دخلا تلقائيا لا يقل عن 50 ألف دينار شهريا
بشراء 5 عقارات دخل كل واحد منها 10 آلاف دينار ؟ ... الجواب التلقائي سيكون
القبول طبعا والحمد والشكر والثناء على رب العالمين لكن هل تظنون أن كل الكويتيين
سيقبلون بهذا العرض ؟ ... بالتأكيد كلا فهناك لن يقبل إلا بأكثر من ذلك لأن طموحه
مجنون وعقله شطح إلى خيال العظمة الواهمة وأيضا كذلك كبار الأثرياء سيحاربون هذا
العرض لأن سيجعل رؤوس الرعاع من الغوغائيين رؤوسهم برأسه ... ناهيكم أن من حصل على
مبلغ 5 ملايين دينار لن يجلس بل سيعمل ويغامر بجزء من المال وربما سيربح وربما
سيخسر ... وقمة الجهل أن الكثير من الأحياء لم يتعظوا ولم يعتبروا من الأموات
بالرغم من قرب المقابر منهم التي يرقد فيها الأكثر فقرا والأكثر ثراء كلاهما
يحتضنهم التراب ... لا هذا أخذ معه دينارا ولا ذاك أخذ معه فلسا سوى كفن وقطعتي
قطن في أنفه ومؤخرته ... واسألوا أي رجل ثري : ماذا ستفعل بكل تلك الأموال مئات
الملايين ؟ ... سيأتيك الجواب التلقائي : لأسرتي ... جهل هذا مثل جهل من سبقوه
أموال جمعوها بالحرام أو بالحيلة أو بالسرقات فمن هذا المجنون الذي يريد أن يدخل
في عقلي أن رجل يملك 100 و 300 مليون دينار كويتي جمعها بالحلال ؟ ... أنا أسف
وأعتذر بشدة لكن هذه هي قناعتي أن كل ثري هو بشكل أو بأخر إما حرامي أو فاسد أو
ربوي ولن يخرج من الإحتمالات الثلاثة هذه فإن نجا من حساب الدنيا فليبشر بحساب
الآخرة عند ملك القضاة ورب العدل سبحانه ... وكمثال عما أقول خرج في يوم من الأيام
أحد أفراد الأسر الحاكمة على "اليوتيوب" غاضبا شاكيا فاضحا دولته أنها
استولت أو سرقت أموال والدته أي ورثه من الأراضي ... وهذا الكائن
"الفاسد" كان يتحدث بكامل قناعته وقوة حجته لأنه نسي أنه هو ووالدته
مجرد سراق لأراضي الدولة علما أنه ينتمي لأسرة بالأصل هي أسرة فقيرة جدا وبدأ
ثرائها من بعد استلامهم للحكم ؟
المال المال المال المال حتى ظن
"البعض" أنه يستطيع أن يشتري كل شيء بالمال ولو كانت المبادئ والقيم
والإنسانية ... يأخذون قروضهم فيكونون في أول أسبوع في قمة السعادة والتفاؤل
والأمل والبهجة والسرور ولما تأتي سيوف الأقساط تستقطع من رواتبهم وتتخلخل
ميزانياتهم تبدأ مسرحية العجز والهم والغم وإذا اشتدت تحول الأمر إلى انتقام على
الدولة والمجتمع بأسره ... باسم الطموح ضربوا القناعة وباسم المستقبل دمروا حاضرهم
وباسم التفاخر مزقوا مجتمعهم وبفشل إدارتهم لأموالهم أذلتهم ديونهم ... هذه حياتنا
وهذا هو الإنسان في أيامكم هذه ورحم الله من عرف قدر نفسه وملك العقل والحكمة
والقناعة ... وصدق الحق سبحانه وتعالى بقوله في سورة الفجر { وتأكلون التراث أكلا لمّا وتحبون المال حبا جمّا
} ؟
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم