2019-01-01

التحليل السياسي لعام 2019


سوريا
بعد هزيمة "قطر  الإمارات  السعودية" في سوريا وانتصار جحش سوريا عسكريا وسياسيا ودوليا ومن خلال ما نلمسه من تصريحات إعلامية وسياسية ... فإن طاغية سوريا عائد إلى المشهد العربي والدولي بقوة والمعارضة السورية في وضع لا تحسد عليه ومع الأسف الشديد لا محاسبة جنائية لجرائم الحرب ... لتعطينا الأزمة السورية واقعا جديدا بأن المبادئ السياسية العالمية قد تغيرت كثيرا إلى الأسوأ والإنحطاط الأخلاقي ... ونتيجة لهذا الإنتصار السوري سيزداد النفوذ الإيراني قوة وسيطرة وسيعوض ما خسره في سوريا من خلال عمليا الإعمار المليارية ... ويا حسرة ويا أسفا على أرواح الأبرياء التي ذهبت سدى في هذا الصراع الدولي المجرم ؟

السعودية
هي الدولة المحورية التي ستكون محط أنظارنا بسبب قوة التحولات السياسية والتغيرات الإجتماعية فيها ... فبعد هزيمتها في سوريا سياسيا وفي اليمن سياسيا وعسكريا فلن تجد مناص من تغيير سياستها الخارجية بشكل كامل وبصورة فاضحة تناقض تصريحاتها السابقة جملة وتفصيلا ... فلنتهيأ بزيارة سعودية رفيعة إلى جحش سوريا مما سيترتب على ذلك إضافة التزامات مالية عليها لإعادة إعمار سوريا بالإضافة إلى التزم إعادة إعمار اليمن في وضع طبيعي للمهزوم ... لكن العقل السياسي السعودي بعد خسارته سياسيا وعسكريا في سوريا واليمن أرى أنه يريد التخلص من تلك الأعباء ليوجه قوة تركيزه باتجاه إيران وحدها ... وهذا الأمر بات من الواضح ومقدما بأنها ستكون مغامرة خطيرة جدا وللغاية بسبب التفوق السياسي والعسكري الإيراني الواسع على السعودية ما لم يحدث تطور صادم ... أما في ملف جريمة اغتيال جمال خاشقجي فيظهر جليا أن الإتفاق الدولي بات واضحا بأن هذه القضية قد انتهت لكن ما تحضره تركيا من مفاجآت سيعيد الزخم الإعلامي للقضية من جديد مما سيعجل بالسعودية إلى تنفيذ القصاص وتضحي بالمقربين ... وسبب برود الإعلام عن قضية خاشقجي هو أن حجم الضغط الصهيوني واليهودي في الإعلام الخارجي قد منح الإعلام حرية التنفس والتعبير عن هذه القضية لأقل من شهرين ثم عقدت الصفقات ... وبعدها تحرك اللوبي الصهيوني وأوقف أو أضعف الحملات الإعلامية على السعودية التي لم تشهد السعودية لها مثيلا في تاريخها قط ... لكن لتحذر وتنتبه السعودية بأن ثمن العلاقات مع الكيان الصهيوني سيكون "الحرمين الشريفين" بانتزاعها منها بشكل خرافي صادم لتكون منطقة إسلامية مقدسة تحت حماية الأمم المتحدة إلى حين الإتفاق على تعيين حاكما جديدا للحجاز "مع عدم استبعاد الهاشميين" ... وهذا ما لا أستبعده تماما من أن يكون هذا المخطط يهودي صهيوني يمكنها في المستقبل القريب من دخول اليهود إلى قلب المدينة المنورة جهارا نهارا ... ناهيك عن الغضب الخليجي والعربي لمثل هذه المصالحة والتي ستعتبر تهديد مباشر لأرض "الحرمين الشريفين" ... وفي الجهة الأخرى التدخل السعودي في سوريا وغزو اليمن أفقد السعودية الكثير من ثقة الآخرين فيها ناهيكم عن "حصار دولة قطر" وما تلته من حملات إعلامية قد أساء لها بشكل أنا شخصيا كتبت وقلت " ستحتاج السعودية لـ 10 سنوات قادمة حتى يمكنها إعادة ترميم صورتها خارجيا بسبب كم الوضاعة التي مورست ضد قطر" ثم جاءت جريمة اغتيال خاشقجي لتزيد الطين بلة ... ونحن في الخارج نعلم علم اليقين أن ما حدث من تلك الحملات الفاجرة كانت خارجة عن إرادة كرام وشرفاء الشعب السعودي ؟

الإمارات
هناك ثوب الشيطان ارتدته قطر بين عام 2008 إلى عام 2013 وهي مدة 5 سنوات عاثت في الشرق الأوسط فسادا ودمارا وتدخلا صارخا في شؤون الدول الأخرى ... ثم بعد تولي سمو الأمير تميم بن حمد مقاليد الحكم في 2013 خلعت قطر ثوب الشيطان لترتديه الإمارات بسياسة شيطانية لا تقل عن أفعال قطر في الماضي ... ولذلك أظن وأتوقع أن عام 2019 سيضع الإمارات في حجمها الطبيعي ولا يمكنها أن تفعل شيئا سوى الموافقة والتزام الصمت أما التغيرات التي طرأت على المشهد الإقليمي والدولي والتي ستكون أكبر من الإمارات بكثير ... بل هناك أحداثا ستحدث مركزها الكويت ستتجاوز الإمارات وكأنها غير موجودة سأتحدث عنها لاحقا ... ناهيكم من إحتمال حدوث خلافات "سعودية إماراتية" حول قيمة دفع التعويضات جراء غزو اليمن ... مع عدم إغفال الصراع الحدودي بين سلطنة عمان والإمارات على مدينة "مسندم" العمانية والتي تدعي الإمارات أنها جزء من أراضيها وهذا غير صحيح طبعا ... غير أن الغزو الإماراتي إلى اليمن اتضح أن الهدف منه هو احتلال وضم "جزيرة سقطرى" اليمنية مما يعطينا بعدا أن الإمارات لن تهدأ مشاكلها وستورط نفسها أكثر ؟

البحرين
لا وجود لها على خريطة التغيرات السياسية أو تأثيراتها على الإطلاق ... دولة تحصيل حاصل في إحداث أي صدى أو إزعاج ولذلك هي من اختارت أن تكون تابعا وسيستمر دور التابع إلى اليوم المقدر لها ؟

سلطنة عمان
هي جزء من شريان الحوثيين سياسيا وهي من كان تدخلها مع الكويت سببا في تطور ونجاح "مفاوضات السويد" بين الحوثيين وبين الوفد الحكومي اليمني ... فكانت عمان والكويت عامل الضغط على الحوثيين والسعودية كانت عامل الضغط على الوفد الحكومي ولذلك رأينا نجاح مفاوضات الفرقاء اليمنيين بسرعه كبيرة بل وصادمة أيضا ... ولذلك سلطنة عمان سياستها التزام الصمت والعمل بهدوء خلف الكواليس بعدما طلب منها رسميا من السعودية التدخل بأي ثمن لوقف هذه الحرب اللعينة ... وبالتالي سلطنة عمان في 2019 هي نفسها في 2018 لا جديد في سياستها ولن يكون هناك جديد لكنها دولة فاعلة ومؤثرة إن تدخلت في أمر ما ؟

الكويت خارجيا
ستكون هي محط الأنظار وأثبتت رؤية حكيمها سمو الأمير الحبيب الغالي / صباح الأحمد الصباح ... أن نظرته هي من كانت على صواب والآخرين هم من كانوا على خطأ ... فهزيمة "قطر - الإمارات - السعودية" في سوريا واليمن سببت إنكسارا موجعا لتلك الدول ولذلك سيحدث اختراق كويتي "استثنائي" واسع في السياسة الخارجية ... عبر تلبية دعوة الرئيس الإيراني "حسن روحاني" والتي تقدم بها رسميا إلى سمو أمير البلاد بتاريخ 17-12-2018 لزيارة طهران وقد قدم الدعوة السفير الإيراني الجديد في الكويت "محمد إيراني" ... وتلبية تلك الدعوة التي ستكون على الأرجح قبل الأعياد الوطنية بمثابة مساعي كويتية "استثنائية النجاح" بكسر العداء والجمود بين السعودية وإيران ... وأتوقع أن زيارة سموه ستكون ناجحة وستحدث حدثا كبيرا لعودة الفرقاء "السعوديين والإيرانيين" على طاولة المباحثات وهذا هو المطلوب فعليا ودرأ وإحباطا لمخططات دولية شديدة الخبث والخطر على كلا الدولتين ... ناهيكم أن التقارب السعودي السوري يستلزم ويجبر السعودية على كسر جدار العداء مع إيران ... أما في الملف الخليجي فبعد خسارة دول الحصار واحتراق كل أوراقهم السياسية فلم يتبقى لديهم سوى الحل العسكري ضد قطر ... وهذا الأمر كان من الممكن حدوثه قبل عام أو أكثر لكن اليوم أصبح من المستحيل بسبب تأمين فرنسا وأمريكا وبريطانيا لقطر عسكريا + التحالفات شديدة القوة مع إيران وتركيا ... ولذلك لو وضعنا خسارة الخليجيين المعنيين في سوريا واليمن + خسارة دول الحصار في قطر ستأتينا النتائج تلقائيا أن باب التنازلات قد فتح على مصراعيه ... وعلى الجميع أن لا يستبعد عل الإطلاق أن تحدث المصالحة الخليجية سياسيا وأنا ممكن كنت أقول أنها مستحيلة لكن إن حدثت سياسيا يبقى أن هناك ترسبات "إجتماعية" شديدة القوة والحساسية ستؤثر مستقبلا وتهدد أي عملية مصالحة قد تنجح فيها الكويت ... بمعنى أنا لا أتوقع أن تكون هناك مصالحة لكن إن حدثت فإنها ستكون مصالحة "شكلية" لأن العداء كان ولا يزال شخصيا وليس سياسيا ... لتكون محصلة الكويت والتي أتوقعها أن تكون هناك مصالحة سعودية إيرانية ومصالحة خليجية بفضل السياسة الكويتية تستمر تلك المصالحات أو لا تستمر فهذا حديث سابق لأوانه وتحليله ؟

الكويت داخليا
إن مد الله في عمر سمو أمير البلاد الحبيب الغالي / صباح الأحمد الجابر الصباح ... تذكروا حديثي هذا أني "أعتقد وأظن" أن سموه سيتمكن من إحضار جميع الكويتيين الهاربين بسبب الأحكام القضائية بصدور عفو أميري خاص عن الجميع ليلم شمل الجميع من أبنائه في صفقة سياسية "لا أستطيع تحليلها" لأنه تم تحقيق نجاحات في السياسة الخارجية مما سيمنع أي غضب أو استياء "خليجي" ضد الكويت ... وسيتزامن كل ذلك مع حفل افتتاح العديد من المشاريع الحكومية العملاقة سيتبع ذلك قرارات شعبية واسعة تفرح الجميع وتعزز الوحدة الوطنية وتوفر مزيدا من الإستقرار السياسي والإجتماعي ... مما سيوفر أريحية كبيرة لتغيرات في نظام الحكم وإدارة البلاد سيترتب على تلك القرارات رحيل العديد من الشخصيات السياسية وصعود شخصيات جديدة ... وفي كل الأحوال أظن وأتوقع عام 2019 من المعطيات السياسية أنه سيكون عاما كويتيا استثنائيا جميلا بكل المقاييس ما لم يحدث أمرا خارج عن إرادتنا جميعا ؟

دول مجلس التعاون
في فبراير من عام 2012 كانت هناك مساعي لإدخال "مصر والمغرب والأردن" من ضمن منظومة دول مجلس التعاون الخليجي ... فالسعودية تريد المغرب وقطر تريد مصر دعما لـ "محمد مرسي" والإمارات كانت تريد الأردن ... أما الكويت وسلطنة عمان فكانت دول رافضة أو متحفظة على مثل هذه الخطوة والتي ستزيد الأعباء والإلتزامات على المنظومة الخليجية ناهيك أن مثل هذه الخطوة ستفرغ المنظومة الخليجية من محتواها ... لكن في 2019 أتوقع أنها ستعود مثل تلك الدعوة من جديد فإن حدثت فسيكون مجلس التعاون العربي وليس الخليجي ... مع شديد الإنتباه أن الخلافات "الخليجية الخليجية" هي خلافات شخصية وذات إرث عدائي تاريخي أكبر من أن ينتهي خلال أشهر أو بضعة سنين ؟

دول أخرى
الجزائر التي أتابعها منذ أكثر من سنتين أظن أنها قد وصلت إلى بداية الإنفجار بسبب هيمنة طبقة من الفاسدين على مقدرات الدولة والسيطرة على القرار السياسي وسط غياب تام للرئيس "بو تفليقة" وهذا الإنفجار الشعبي سيكون ذوو حقد مجنون ... أما تونس فرئيس الحكومة السابق "المرزوقي" وحزبه الإخواني لن يتركوا تونس إلا ويعثوا فيها فسادا وسط ترف سياسي برلماني وحكومي لا مبرر له على الإطلاق بالإضافة إلى عمليات الإقصاء التي مارسها الرئيس "السبسي" واستفزاز التيارات الإسلامية منه وإليهم بشكل موجع للغاية ... أما اليمن فالرئيس اليمني "عبدربه منصور هادي" دخل في بداية النهاية كرئيس ومن سيخلفه سيكون من جانب السعودية لكن رئيس الحكومة سيصر الحوثيين أن يكون موالي لهم أو معتدل على أقل تقدير ... ولبنان وما أدراك ما لبنان الذي سيكون فيه "سعد الحريري" ككرة المضرب لا يعرف عدد خصومه وقوة وهيمنة حزب الله سوف تكون طاغية على المشهد بعدما حصدوا اكتساح انتخابي برلماني ... والعراق داخل في تصفية الحسابات من قبل رؤوس الفساد ولا أستبعد عمليات إرهابية لكن السيطرة الإيرانية ستكون هي القبضة الحديدية وهي المهيمنة على كل شيء ... أما مصر ففشل الرئيس المصري "السيسي" بعدم إعادة وحدة الشعب المصري "المنقسم" سيؤدي لاستمرار العمليات الإرهابية ضد الأبرياء هناك ناهيكم أن الوضع الإقتصادي لن يتحسن بسبب كم الإلتزامات التي ورطت مصر نفسها فيها ... وفي أمريكا فإن "الغير متزن" ترامب صنع عداء داخلي لم يسبق لرئيس أمريكي أن صنعه مما سيورطه في الكثير من المشاكل والفضائح والصراع ما بين بقائه أو عزله قد وصل 60% رحيل 40% بقاء ... وأخيرا إيران التي تهيمن على 4 دول شرق أوسطية فإن حركات الإجتجاجات والمظاهرات باتت أكثر تنظيما وتداركا لأخطائها السابقة وليس بالضرورة أن تكون بفعل تدخل خارجي لأن الوضع الإقتصادي كافي أن يفجر الأوضاع وأعتقد أن إيران ستواجه مشاكل داخلية شديدة القسوة لكن القمع سيكون أشد من قسوة المظاهرات ؟
 
في النهاية انا لا يعنيني إلا الكويت والذي أتمنى أن تكون قرائتي للأحداث صحيحة بنيت على واقع سياسي نعيشه جميعا ... في الجهة الأخرى حتما وبالتأكيد سأفرح لأي مصالحة بشرط أن تكون واقعية وحقيقية ثابتة لا تتزعزع ولا تقلعها رياح الأيام القريبة ... وإن نجحت الدبلوماسية الكويتية بالمصالحة بين السعودية وإيران فإن هذا الحدث سيكون الأكثر تأثيرا على الإطلاق ... لكن في المحصلة النهائية نجحت الدبلوماسية الكويتية في بعد نظرها وفشل الباقين في مغامراتهم التي روج لها إعلام المرتزقة وبياعين الذمم وطبالين أسواق النخاسة الذين فر الحياء عنهم دون أن يشعروا ... وراقبوهم كيف سيطبلون من جديد للمصالحة السعودية السورية والسعودية الإيرانية والسعودية القطرية بل سيكونون مسرحية فكاهية سنستمتع بها جميعا ؟





دمتم بود ...



وسعوا صدوركم