لا أحد ولن يكون هناك أحد يستطيع الوصول إلى الحقيقة الكاملة كيف كتب
رب العالمين سبحانه وتعالى كتاب الدنيا وخلقها من قبل أن يخلق كوكب الأرض ومن عليه
... والإستحالة هنا تنبع أنك ستحتاج لما لا يقل عن 1.000 سنة حتى تصل إلى استنتاج
وطريقة إدارة الخلق والبشر وكوكب الأرض استنتاج وليس إلى الحقيقة واليقين لأن خلقك
عاجز ومحدد وليس مطلق ... ولما أن عمر
الإنسان "الطبيعي" لا يوجد فيه 100 عام وليس ألف عام فإننا سنحتاج إلى
ما لا يقل عن 30 جيل "الجيل 33 سنة" يتواكبون على نفس الهدف مع عدم ضمان
الجدية ... وهنا تكمن استحالة أخرى لأنك لن تضمن استمرارية الأجيال لنفس الهدف ولا
حتى 10% بنفس من بدأ العمل أو الفكرة أول مرة ... والهدف من معرفة كيفية إدارة
وتسيير الأرض ومن عليها ليس لتحدى الله والعياذ بالله لكن لمحاولة فقط محاولة لفهم
هذه الإدارة العظيمة الخارقة لعادة والطبيعة والتي لا مثيل لها على الإطلاق بل ومن
سابع المستحيلات أن يصل مخلوق لـ 1% من عظمة خلق وإبداع رب العالمين ... لكن في
نفس الوقت قد أمرنا ربنا سبحانه بأن نتفكر في خلقه وبصنعه بل أن عملية التفكّـر
والتحليل والتدبّـر في خلق الله وصنعه وصفت أنها من أعظم درجات الإيمان ... لأنها
ستصل بك مهما شرقت وغربت في ملكوت رب العالمين إلى عظمة إلـــه ورب ليس كمثله شيء
في السموات والأرض ومن دقــــة لا متناهية لن يستطيع العقل البشري
"الصغير" من أن يستوعب دقتها وإتقان روعتها ... لكن من "بعض"
حقوقنا أن نفكر وحتى إن كنا على يقين بأننا لن نصل إلى النتيجة الحاسمة القاطعة
فإن ذلك لا يمنع أن نبحث ونفكر في عظمة ربنا وخالقنا فيما خلق وصنع وكيف دبر وسير
وأدار الأرض والخلق ... فإن وفقني ربي فهو من عنده سبحانه وإن لم أوفق ولن أوفق
فما أنا سوى رجل قد اجتهد على قدر ما منحه ربه من عقل ؟
في سورة الأعراف يقول رب العالمين خالقنا وحبيبنا أنه خلق السموات
والأرض في مدة زمنية لم تتجاوز 6 أيام وفق حساب الخالق والمدة الزمنية التي لديه
سبحانه { إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض
في ستــــة أيـــام ثم استوى على العرش } ... لكن العملية الحسابية لدى خالقنا
سبحانه تختلف عن المدد الزمنية التي اخترعا الإنسان وألفها لنفسه وسار عليها منذ
القدم بتطوير بسيط بتواتر الحساب من الأمم القديمة إلى الحديثة فأصبح عرفا عليه وعلى
أساسه يقيم كل شيء في دنيانا واختلافه أو تغييره ينسف ويغير كل شيء في حياتنا ...
بمعنى اليوم 24 ساعة يستحيل أن تجعلها 20 أو 26 ساعة والشهر 30 و 31 يوم يستحيل أن
تجعلها 38 أو 20 يوما والسنة 365 يوم يستحيل أن تصبح 320 أو 370 يوما ... وحساب
القياسات "سم - متر - كيلو متر" + "غرام - كليو غرام - طن
غرام" كلها قياسات إن تم تغييرها فستحتاج إلى 50 سنة قادمة حتى يألفها الناس
وعلى ما تم تغييره ستتغير حسابات المباني والمنشئات والسيارات والطائرات والسفن
والطعام والشراب والكثير من الأمور ... لذلك يجب الإقرار وبالمطلق أن حسابات رب
العالمين تختلف كليا وتماما عن حسابات البشر بدليل أن رب العالمين قال أنه خلق
السموات والأرض خلال 6 أيام لكن في حقيقة الأمر أنه خلقها في مدة زمنية = 6.000
سنة من عدد حسابنا نحن البشر بدليل قوله سبحانه { وإن يوما عند ربك كألــــف سنـــة مما تعدون } الحج ... وفي مقاييسنا
نحن البشر المتواضعة لو أطلقنا لخيالنا وتصورنا العنان بالتفكر
"المحدود" لوجدنا أن 6.000 سنة مدة زمنية كافية لخلق السماء والأرض
لكننا في حقيقة الأمر سنعجز 100% عن فهم الكيفية والآلية لأننا لم نراها بأم
أعيننا ولم نطلع عليها علميا وعمليا بل نحمد الله أننا لم نطلع عليها رحمة من ربنا
بنا حتى لا تجن عقولنا من هول عظمتها ... ولذلك لا نستغرب من أنه قد يصيبنا الذهول
بل قد يصيبنا بالشلل والعجز عندما نتفكر كيف الخالق عز وجل يعرف ويفهم لغة البشر
في زماننا والذي تصل أعداد لغة البشر لأكثر من 6.300 لغة مختلفة لأكثر من 7.6
مليار نسمة في نفس اللحظة والساعة واليوم بين الجنس البشري بكافة أعراقه سواء في
أيامنا هذه أو في الأمم التي سبقتنا والتي لا نعرف عنهم سوى القليل ونظن وهما أننا
نعرف عنهم الكثير ... يذهب هذا التفكر بإبداع الخالق عز وجل إلى نجاح العلماء
بابتكار وصناعة "اللغة العشرية" التي تبدأ من الصفر وتنتهي برقم 9 وهي
البرمجة الأساسية والرئيسية التي يجهلها الكثيرون منكم ... ففي كل حواسيبكم وكل
أجهزتكم الذكية وبكل لغات العالم المستخدمة فإن الأجهزة لا تفهم اللغة العربية
والإنجليزية والفرنسية والصينية ووو كلا وأبدا ... بل الشركات هي من تبرمج اللغة
والعملية لتصبح أنك تكتب بلغتك العربية وأحرف كلماتها وجهازك يحول اللغة إلى أرقام
ويرسلها على شكل أرقام وتصل إلى الجهاز المعني أرقام والجهاز هناك يحول الأرقام
إلى أحرف فتصل الكتابة المرسلة إلى كلام بسرعة تصل إلى أجزاء من الثانية الواحدة
... أي أنت تكتب ولا تعرف أن الأحرف تتحول إلى أرقام وهذه هي اللغة العشرية التي
كانت ولا تزال أساس عالم الإنترنت والبرمجيات التي أساسها لغة الرقم أو الأرقام ...
وبالتأكيد مع فرق التشبيه بين صناعة وابتكار الإنسان ومع الخالق جل علاه سبحانه
وتعالى لكن بالتأكيد أن من صنع يعرف ماذا صنع ويعرف كيف يعمل ما صنع ويوفر لصناعته
قطع الغيار ... لكن من خلق له تدبير أخر مختلف فمن خلق يقينا يعرف ماذا خلق ومتى
سيبدأ ما خلق الحياة وماذا سيفعل بها بخيره وشره ويعرف متى يخرج من هذه الحياة أي
الموت ؟
في موضوع كتبته ونشرته بتاريخ 12-10-2016 بعنوان : تمرد إبليس على الله وعتاب الملائكة ...
تناولت فيه حوار ونقاش إبليس اللعين مع الخالق عز وجل بأن هناك لغزا في الأمر في
محاولة لفكه وحله وأن إبليس وهو يجادل رب العالمين حول خلق أبونا آدم لم يكن يعرف
وقتها أن هناك نــــار جهنم ... فقد طلب إبليس من رب العالمين أن يؤخر حسابه إلى
يوم بعث وقيامة نسل آدم "البشرية" { قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون } فرد
عليه ربنا سبحانه { قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم } وهنا
كرر إبليس اللعين غروره وتحديه لمن خلق وخلق كل شيء سبحانه فتجرأ على الله فقال له
{ قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم
أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين } الحجر ... وهنا تحدث المفاجأة بقوله سبحانه وتعالى برده وقوله
لإبليس اللعين { قال هذا صراط علي مستقيم إن عبادي ليس لك
عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنــــم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل
باب منهم جزء مقسوم } ... ومن هنا ربنا سبحانه وتعالى لم يخبرنا ماذا رد إبليس
عليه وعدم الرد مما يعني أن إبليس سكت وصمت بعد صدمة علمه بأن الله سبحانه قد خلق
جهنم دون أن يعلم عنها شيئا ... والتنبيه بهذه النقطة بأن الله قد خلق أمورا ليس
بالضرورة أن تعلمها كل الملائكة بدليل أن ملائكة الدنيا تختلف عن ملائكة النار
تختلف عن ملائكة الجنة تختلف عن ملائكة يوم القيامة والحشر والذي بـ "تقديري
الشخصي" أن اعداد الملائكة في السماء والأرض تصل أعدادهم إلى أكثر من 1
تريليار ملك أي أكثر من الترليون والمليار والمليون مجتمعين ... وهو
عدد لو نزل إلى الأرض لشرب مياهها العذبة والمالحة خلال أقل من ساعة واحدة فقط ولن
يذوقها أخرهم بسبب كثرة العدد والقدرة الخارقة للعادة ... وملائكة الله أول
علاماتهم أنهم خلق لهم أجنحة ولا يوجد ملاك بهيئته الحقيقة إلا بجناح بدليل قوله
سبحانه { جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحــــة } فاطر ... ثم تأتي درجات الملائكة كل
حسب عدد أجنحته وبالتالي كثرة الأجنحة تعني القوة والمرتبة والمكانة { أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء
قدير } فاطر ... والقوة لدى ملائكة الرحمن "عليهم السلام" هم
القوة التي لا أحد على الإطلاق من خلق الله يفوقهم قوة وبأسا فلا شياطين ولا إنس
ولا جن ولا أي مخلوقات نعلمها أو لا تعلمها تستطيع أن تواجه أو حتى تقاوم ملائكة
السماء ... فهم القوة الوحيدة والإستثنائية والمطلقة التي ينفذ بالله بها أوامره
من خلالها على كل وجميع خلقه ومخلوقاته وهم الملائكة الأكثر وبالمطلق من يعرفون
قوة وقدرة الله جل جلاله بشكلها الحقيقي "وليس بدقتها" لأنهم أقرب
المقربون من جل سلطانه وعظيم شأنه سبحانه ... وهم الخلق الوحيد بالمطلق الذين لا
يعصون لله أمرا مهما وأيا كان ومهما بلغ صفره أو كبره ودون أي استثناء بدليل قوله
سبحانه { يا أيها الذين آمنوا قـــوا أنفسكم وأهليكم
نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون
ما يؤمرون } التحريم ... والله سبحانه ينفذ أوامره من خلال الملائكة وليس
إرادته لأن الإرادة كانت سابقة وهي من تصنع وتخلق وتنشأ وتنجز لتأتي بعدها إطلاق
الأوامر لإدارة ما تم صنعه أو خلقه لتبدأ عملية التشغيل ... فإرادة الله فوق كل
وأي شيء الغير قابلة للرجوع أو الخضوع أو الفشل أو التأخير أما أوامره فيأمرك فإن
أطعت كان جزائك الجنة وإن عصيت كان جزاؤك جهنم ؟
كيف سيسر الله الحياة ؟
لقد ذكرت أن من صنع يعرف ماذا صنع بمعنى مهندسي سيارة "BMW" هم أكثر
من يعرفون أدق أسرارها وكيفية مفاداة ظهور أي عيوب مصنعيتهم وخذ وقس على ذلك
الكثير ... لكن من خلق تلقائيا يعرف لماذا خلق وكيف خلق وهنا الأمر له من التشبيه
"التوصيفي" مع ارتقاء العقل بعظمة الخالق "الفعلي" فالبشر
يصنعون الإحتياجات بهدف الكسب المادي والسيطرة الإقليمية والعالمية وأحيانا خدمة
للبشرية ... لكن الله ينشأ ويخلق بتصور وإبداع يفوق العقل البشري بمليار مرة من
القدرة على النجاح والإنجاز بدليل أن الإنسان عجز إلى يومنا هذا من معرفة أكبر عمق
لمياه البحار وعجز عن معرفة أكثر من 85% من مخلوقات مياهها
... وعجر الإنسان من مقاومة قوة الجاذبية الأرضية وانعدامها في الفضاء
بل خضع لها وسايرها وتعايش معها ... وعجز من صناعة سحابة أمطار تغطي مساحة تفوق
الـ 10 ملايين كم² كما يحدث مع قارة أوروبا بأمطار
دائمة أو دول شرق أسيا ... وعجز الإنسان أن يمنع الأمراض وعجز من إطالة عمر
الإنسان ليوم أو لشهر واحد وأمور كثيرة لا حصر لها وقف الإنسان أمامها عاجزا ... وأهم
المهم أن الإنسان ظل عاجز رغم كل مما ملكه من أجهزة وتكنولوجيا وتطور ومعدات من
معرفة مكان "يأجوج ومأجوج" بالرغم من أنها الحقيقة التي يعرفها الجميع
ويكابر فيها العلماء لعجزهم ... لكن تتجلى عظمة الخالق عز وجل ينظر لها الإنسان
ببساطة ونظرة سطحية جاهلة لكنه لو علم حقيقتها لسبح لله كثيرا من عظمة وقدرة لا
تضاهيها عظمة وقدرة لا يجرؤ على من يتحداها ... وكمثال زجاجة الحليب التي تشربها
أو قطة الجبن التي تأكلها لو أردنا تحليل هذه العملية فستكون النتيجة كالتالي : في
وقت لا أحد نهائيا يستطيع أن يحدده بدقة لكنه بالتأكيد أكثر من 100 مليار سنة
وربما أكثر بكثير قبل خلق كوكب الأرض ومن عليه ... كتب الله سبحانه في سجله العظيم
أن في السنة الفلانية في الشهر الفلاني في اليوم الفلاني في الساعة الفلانية ستلد
بقرة وستكبر في مزرعة فلان أو الشركة الفلانية وستنتج حليبا بمقدار كذا وسوف يصنع
من حليبها جبنا ... وسيخلق قبلها بفترة محددة التوقيت الدقيق بشرا وسيكون لدى عبدي
فلان أو فلانه رزقا ومالا سيكون لهم نصيبا من الحليب والجبن من البقرة التي خلقتها
في اليوم الفلاني وسيأكلون الجبن في الساعة الفلانية وسيشربون الحليب في الساعة
الفلانية وبمقدار "حدد مسبقا" ... وفي مثال أخر : أخلق السموات والأرض وفي أرض معينة
محددة والقاحلة التي لا أحد يسكنها سأعمرها بالناس في السنة الفلانية وسيتوافدون
إليها الكثيرون وسيتكاثرون من فلان وفلانه وقائمة محددة الأسماء ...
وفي السنة الفلانية وسيزرعون شجر الزيتون في المكان الفلاني وسينمو على عيني
وسيحصدون ما زرعوا في السنة الفلانية ثم سيفرحون بحصادهم ويصدرونه إلى الدولة
الفلانية ثم عبر النقل والشحن والتفريغ وتسخيري ثم العرض في الجمعية التعاونية
الفلانية وسيأتي عبدي فلان وسيشتري من هذه البضاعة عدد حبات الزيتون التي خلقتها بعدد
"حدد مسبقا" وسيأكل مما رزقته إياه ... لاحظوا سقت لهم باختصار شديد جدا
جدا جدا مسألة شراء حليب وجبن وزيتون فهل أدركتم عظمة تدبير وخلق ربكم أم تحسبون
الأمر يسير أو يسير صدفة دون أوامر وإدارة كتبت من قبل أن نخلق جميعنا ...
وبالتالي كل كل شيء قد كتب وحدد مسبقا بعملية لا أحد على الإطلاق أن يفهم آليتها
الحقيقية أي لم يطلع كائن من يكون من كل وجميع خلق الله ما نعلمها أو ما لا نعلمها
على سجل وكتاب الله المبين الذي كتب فيه كل شيء بتفصيل يفوق التصور والخيال البشري
بمليار مرة ... وأيضا من نعم الله أننا لم نطلع عليه وإلا لفجر البشر فجورا
شيطانيا عظيما وقليلا من يؤمنون ... والظالمون يكيد لهم ربنا كيدا عظيما فيهلكهم
بذنوبهم والمؤمنون الصالحون ينجيهم ربنا في الدنيا والآخرة من حوادث كثيرة وكوارث
عديدة لكن بتدبر عظيم القليل من يشعر به أو يتفكر فيه ... ولذلك الله سبحانه يحاسب
عبده على نواياه وليس بالضرورة أفعاله بمعنى أحقاد قلبك ستؤثم عليها ونواياك
الخيرة سيجازيك عليه خيرا لأن الفعل هو فعل النوايا ... أي يحدث التفكير ثم النية
ثم الفعل فالنية قد سبقت الفعل وذلك هو العدل بعينه أن يراك الله بقلبك وبعقلك
وبنواياك ولا يراك بثيابك ولا بزينتك ولا بجمالك فهذه الشكليات مصيرها الفناء لكن
نواياك وأفعالك فهذا هو سجلك الحقيقي ... ولذلك انتبهوا واحذروا قلوبكم ونواياكم
فإن الله مطلع عليها مليار% يعلمها ويعرفها تماما كما تعرفونها أنتم بكل دقة
تفاصيلها فهذه الغيبيات التي لا يعرفها سواكم وخالقكم أما أفعالكم فهي أفعال يراها
الجميع ؟
ليقف أحدكم أمام أحد المطاعم الشهيرة
سواء الغالية أو الشعبية وليقف من بعيد لمدة ساعة واحدة ماذا سيرى ؟ ... ناس تدخل
تشتري وتخرج سيارات تنتظر طلب طعامها وتسير وتأتي سيارات من بعدها وهذا المشهد
الطبيعي والمألوف ... لكن في حقيقة الأمر الموضوع ليس كذلك ينظر إليه بتاتا بل كيف
سعت كل هذه الناس في وقت واحد لتتجمع في مكان واحد لهدف واحد وهو شراء الطعام ؟
... فيا ترى كل واحد من هؤلاء من هو وما هي حالته الإجتماعية والمادية وما هي
همومه وكم هي أمنياته وكيف دل الطريق وكيف عاد مطمئنا إلى أهله على خير وسلام ومن
أين ملك المال وهل هو مال حلال أو حرام تلك عملية لا يديرها إلا رب ذوو شأن عظيم
لا تدركه الأبصار لكنه سبحانه يدرك كل شيء وهو بكل شيء عليم ... أما قبص الأموال فلها
عجب العجاب فالمال الذي تقبضه هو أحد أفرع ودرجات الرزق وليس هو الرزق بذاته وكل
مال قبضه أحد منكم هو رزقه كتبه الله له سواء أكان حلالا أو حراما ... فمال الحلال
لا حاجة لشرحه فصاحبه يعرفه جيدا أما المال الحرام فكما روى الشيخ الراحل "محمد
متولي الشعراوي" فقال عن المال الحرام "إن السارق قد استعجل رزقه فلو
صبر لأخذ ما سرق بحلال" أي من أكل مال الحرام أو مال السحت لو صبر في حياته لجاءه
نفس المبلغ الذي استعجل وسرقه أو نهبه أو تحايل فيه فجلب لنفسه الحرام ... وأموال
الحرام لا يوجد فيها استغفار ولا كفارة على الإطلاق إنما يوم القيامة يكون موعد
الفصل بين الخصوم وبين من سرق وكل ما أشاعوه "تجار الدين" من أن المال
الحرام تطهره الزكاة" فهذا قول عبيد الدنيا سكان جهنم الأخرة من تجار الدين
الذين يوزعون صكوك البرائة والغفران بكذب وتدليس ... فالمال الحرام لا كفارة عليه
إلا في حالة واحدة فقط وهي إرجاع المال الحرام إلى صاحبه أو إلى أهله ومن سرق
الدولة أي المال العام لا كفارة ولا مغفرة له إلا بإرجاع أموال الدولة إلى خزينتها
ومن ثم طلب المغفرة والإستغفار وإلا فإن السارق أموال الدولة فليبشر بجهنم ولو
أفتى له ألف نجس ومدلس من تجار الدين من أن الصدقة تكفر عن الذنوب وما أكثر أكاذيب
رجال الدين ... وفي تصور أخر تسافرون وتأتون تديرين حياتكم تنجحون وتفشلون تدبرون
أمر أنفسكم هنا وهناك تشترون تبيعون تلهون وتضحكون تحزنون وتبكون كل ذلك له تدبير
من فوق سابع سماء من قبل أن تخلق السموات والأرض ... بل الأعجب أنك عندما ترى
صديقا أو قريبا عدوا أو حبيبا بمحض الصدفـــــة فتبتسم أو تفرح أو تغضب أو ينتابك
الضيق فلا تظن أن الصدف هي لحظات عابرة بل هي أمورا مكتوبة في كتاب رب العالمين من
قبل خلقكم جميعا ... ولذلك وبعدما سبق فاعلموا أن لا شيء في هذه الدنيا يأتي صدفة
أو يظهر أو يختفي من تلقاء نفسه أو بإرادته ولا خير وأمان ولا طعام وشراب ولا
أرزاق ولا عطايا إلا بعلم قديم كتب منذ زمن بعيد وما أعظم عظمة رب رفيع عندما
أخبرنا أن حتى ورقة من شجرة لا تسقط من تلقاء نفسها إلا بعلمه وبتوقيت كتبها مسبقا
فإن كانت ورقة من شجرة لا أحد يعلم ولا يهتم لأمرها قد علم سبحانه بأمرها فما
بالكم أنا وأنتم وكل تلك الأمم !!! { وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما
في البر والبحر وما تسقــــط من ورقــــة إلا يعلمهــــا ولا حبة في ظلمات الأرض ولا
رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين } الأنعام ... فإن كانت هذه الدقة لأضعف ما نتصور
فكيف بكم وبنا ؟ أما تصور الدقة يوم القيامة يوم الحشر يوم القصاص فقد كتبت عنه في
موضوع نشر بتاريخ 18-2-2018 بعنوان "كيف سنتحدث لرب العالمين يوم القيامة" + موضوع نشر بتاريخ
22-11-2018 بعنوان "خيالي في تصور يوم القيامة" أتمنى
أكون قد وفقت باجتهادي ... فسبحان رب العالمين الذي صنع كل شيء وأتقن كل شيء ولم
ولن يخطئ في شيء سبحانه وتعالى المنزه عن كل خطأ وزلل وسبحان الذي خضع لعظمته
وقدرته وقوته السموات والأرض جميعا ... وما ابن آدم إلا كائن تافه ضعيف نفخ فيه
إبليس اللعين فوسوس له فظن وهمــــا وجهـــلا أنه كائن عظيم فسبحان الصابر على إثم
وذنوب عباده الحنان المنان الودود اللطيف الخبير القوي الأمين القاهر الذي لم ولن
يقهره شيئا في السموات والأرض فسبحان الله ملؤها ملأ السماء والأرض وعدد ما خلق
ربي إنه البديع المصور هو الذي ليس كمثله شيئا في السموات والأرض سبحانه وتعالى رب
العالمين .
دمتم بود ...