في ستينات القرن الماضي لم تكن كل الدول العربية تمتلك تلفزيونها
الرسمي وفي السبعينات أصبحت كل الدول العربية تمتلك وزارة إعلام وتلفزيون وإذاعة
رسمية ... لكن في تلك الحقبة وتحديدا في الستينات كان هناك دولا كمصر والعراق وسوريا
هم أول الدول التي حولت الإعلام إلى سلاح ... وقد نجحوا نجاحا باهرا بالسيطرة على
عقول شعوبهم ليس إلا أن تلك الشعوب كان الجهل مسيطرا عليها ناهيك الأهم وهو أن
الحاكم قبل ظهور التلفزيون كان لا يرى مباشرة إلا في المناسبات العامة ... أي
النظرة إلى الحاكم وفق المعتقد القديم كان من الحظ أن تراه بأم عينيك ولما ظهر
التلفزيون أصبح الكل محظوظ فألبس الرعية ثوب القدسية على الحاكم فأصبح منزها
وخاليا من أي خطأ أو عيب ... ولذلك كان أي خبر عن فساد أو جريمة يرتكبها الحاكم أو حكومته تلقائيا ودون أدنى تفكير تتهم أنك خائن أو عميل للخارج ... وهكذا استمر الأمر بين دول تستخدم الإعلام كسلاح قذر
وبين دول تستخدم الإعلام كسلاح قادر على إثبات وجودها ونشر ثقافتها المختلفة ...
وسلاح الإعلام يتكون قديما من : التلفزيون والإذاعة والصحف وكتاب الصحف وكتب
المثقفين والفنانين سواء ممثلين أو مطربين أو فنانين الرسم والنحت بالإضافة إلى
الرياضة بمختلف أشكالها وأنواعها وتبادل الزيارات لعقد الندوات الثقافية بين
المثقفين والفنانين بين الدول ... وفي 2019 توسعت قاعدة الأسلحة الإعلامية فأصبحت
بالإضافة إلى ما سبق : مواقع التواصل الإجتماعي والمدونين والمواقع الإلكترونية
المختلفة وعالم الإنترنت برمته الذي أصبح يتيح لكائن من كان أن ينشأ موقعه أو
إذاعته أو يعبر عن أفكاره مهما كانت ... فتحول الإحتكار الإعلامي إلى بضاعة مجانية رائجة لم تتخيله البشرية قط في كل تاريخها فأصبح الصراع أكثر عنفا وشراسة وقذارة لكن
في الجانب الأخر أيضا أصبح أكثر حقيقة وأكثر وضوحا وأشد تأثيرا ... والمعيار بين
هذا وذاك هو الإنسان لتتضح الصورة أكثر أن في مقابل كل إنسان وضيع منعدم الضمير
يقابله 5 من أصحاب الفكر المستنير والضمير المنير في زمن سجدت المعلومة والحقيقة
للجميع لكن هناك من ينظر إليها وهناك لا يريد أن ينحني رأسه إلى قدميه ليراها
ويقرأها ؟
بكل أسف وبكل ألم وبكل حزن الكويت فرطت بأسلحتها الإعلامية واستهانت
بها وأضعفتها وهلهلتها فأصبحت دولة بلا أي سلاح إعلامي يستحق الإشادة به أو
التعويل عليه ... فالتلفزيون والإذاعة مخترقين تماما والصحف أصبحت تافهة كأصحابها
التجار الذين يتقاضون دعما حكوميا 100 ألف دينار سنويا وهم لا يستحقونها ...
والحسابات الإخبارية في مواقع التواصل الإجتماعي يديرونها البدون وصحفنا يحرر
أخبارها البدون والوافدين أيضا ... والممثلين أصبحوا تجار تمثيل في أسواق
"المنتج المنفذ" ورفع التلفزيون يده والمطربين "رويشد ونوال
وشعيل" الشياب سيطروا ودمروا الساحة الفنية الكويتية ... ومجلة العربي
الكويتية التاريخية تم دفنها في مقابر وزارة الإعلام ... والمجلس الوطني للثقافة والفنون والأداب أصبح
تمثالا سخيفا ولا يملك سوى مهرجان القرين السنوي ... والإذاعات الخاصة عبارة عن
شرذمة مهرجين ... والرياضة حدث ولا حرج من خزيها وعارها باستثناء بعض الشباب
الوطني الكويتي الذين يصنعون مجدهم الشخصي الذي هو انعكاس لمجد وطنهم ... ومواقع
التواصل الإجتماعي أصبحت سوقا رائجا عامرا للإبتزاز ورفع الدعاوي بسبب قانون جرائم
النشر قانون الخزي والعار ... إذن ماذا تبقى للكويت من أسلحتها الإعلامية ؟ لا شيء
... التلفزيون والإذاعة الرسميين ووزارة الخارجية والدبلوماسية الكويتية جميعهم لا
يعتبرون من أسلحة الكويت الإعلامية فهذه قنوات رسمية مراقبة ومرصودة خارجيا لأنها
تمثل التوجه الرسمي للدولة ... ولا أكبر من فضيحة حدثت في التاريخ الكويتي الحديث
إلا أن يكون المواطنين في مواجهة مباشرة مع السفارات الأجنبية التي تتزاحم على
مقاضاتهم وسط صمت حكومي ودبلوماسي مهين ومعيب ... بمعنى نبيع أبنائنا حبا وكرامة
لكم لكن أنتم لا تبيعون أبنائكم حتى وإن شتمونا وأهانونا ووضعوا الحذاء في وجوهنا
!!! ... دولا خليجية صرفت عشرات المليارات خلال الـ 10 سنوات الماضية ولم تستطيع أن
تصنع لها فنا ولا استطاعت أن تضع لها بصمة في خريطة الإعلام العربي والحقيقة أن لا
أحد يستطيع أن يجاري عظمة وإبداعات الكويت وأبنائها من الفنانين والموهوبين ...
لقد كان استهدافا مباشرا للكويت وإعلامها ومحاولة خطف الأضواء من الكويت التي
احتلت وسيطرت على الإعلام الخليجي من الستينات وحتى منتصف التسعينات ثم بدأ التغلغل
وبدأت المؤامرة بخيانة وتواطؤ من الداخل الكويتي ؟
أعيدوا أسلحتكم الإعلامية لأن التعويل على وطنية الكويتيين يستحيل أن
يتم ضبطه لأن مستوى ثقافتي يختلف عن مستوى ثقافة غيري ومستوى أدب فلان يختلف عن
مستوى أدب علان ... وما بين هذا وذاك تحدث الفوضى ويرتفع منسوب الإنفلات فيدفع
المخلص ثمن دفاعه الوطني لأنه لم يختار نقد الأشخاص بالشكل الصحيح ولا بحسن الأدب
في النقد والذم ... وابحثوا واسألوا أنفسكم من دمّر فرقة التلفزيون التي كانت إحدى
منارات الكويت ؟ ومن سحق وحرق مجلة العربي التي كانت علما في الوطن العربي للكويت
؟ ... ومن فرّط بالتلفزيون الكويتي الذي كان ينتج سنويا أكثر من 30 مسلسل دون وجود
منتج منفذ وكان يتحكم بالخارطة الفنية الكويتية داخليا وخارجيا ؟ ... ومن هم
المتواطؤن الذين دمروا الساحة الفنية الكويتية التي كان فيها في السابق ما لا يقل
عن 20 و 30 فنانا واليوم أضحت تعيش على 3 فقط ... ومن دمر الرياضة الكويتية بعدما
كانت في القمم أصبحت تحت الأقدام من هول مهازلها ونكذب ونجامل بأن الأمل موجود
والمنتخب سيعود لكنها أضغاث أحلام ؟ ... ومن دمر الإذاعة وبرامجها العالية المستوى
وحولها من منارة للثقافة والمعلومة إلى ديوانية سفهاء يهرطقون ويقهقهون ؟ والمسرح الكويتي الذي كان يخاطب عقولنا أصبح يخاطب جيوبنا ولم يكتفي بذلك بل تحول الكثيرين إلى دور عرض جنسية من كثرة الإيحاءات الجنسية الوضيعة التي يطلقها من يحسبون على الكويت بأنهم فنانين !!! ... وإلى
متى ستستمر هذه المهزلة بتدمير حياة كل من دافع عن وطنه باندفاع مبرر ومفهوم هل
حتى تضيع حياة ومستقبل الآلاف أم إلى الآن لم تكتفوا بالمئات ؟ ... أعيدوا النظر
والتحليل فهناك كويتيين إلى جانبكم وما هم بكويتيين وهناك من يدعي الحرص والوطنية
وما هم بذلك إنهم حفنة من الخونة والعملاء أو الجهلة الحمقى الذين دمروا كل أسلحة
الكويت الإعلامية ... ولم يبقى لها سوى ردة الفعل الشعبية في مواقع التواصل
الإجتماعي التي في الغالب هي من تدفع وتضطر الحكومة للتعاطي معها بإيجابية ليس من
قناعة الحكومة بل امتصاصا لردة الفعل الشعبية ... والمهازل التي تعيش فيها وزارة
الإعلام حدث ولا حرج وزارة كانت تقود وزارة الإعلام في المنطقة أصبحت وزارة مهمشة
وكأنها تقوم بدور الوزير المقال "تصريف العاجل من الأمور" ... لا رؤية
لا استراتيجية لا هيكلة محترمة لأن الكويت ليست هي المهمة بل صراع الكراسي هو
المهم والمجد الشخصي هو الأهم ... ولذلك ألمنا كبير أن تختفي كل أسلحة الكويت
الإعلامية والفيلم المصري الهابط انتهى وصحفنا الحقيقية تجدونها في مقابر
الثمانينات فاليوم أصبح من يملك المال يتحكم في دولة ... وكأن الشعب شرذمة مرتزقة
وكأن الكويت ليست دولتنا ونحن لسنا شعبها وأبنائها ... لا تستطيع أن تتخيل وضعك
يوم أن تضربك أزمة أقليمية كبيرة هل ستعتمد على ردة الفعل الشعبية الهوجاء ؟
بالتأكيد نعم لأنك فاقد لجميع أسلحتك الإعلامية التي أنت بيديك دمرتها ومكنت
الغريب من التغلغل بيننا ولم تكتفي بذلك بل سحقت كل عظائم إنجازات من صنعوا مجدا
وفخرا للكويت وشعبها داخليا وخارجيا ... أنت لا تحتاج إلى تطوير فحسب نحن بحاجة
إلى تطهير الكويت من أوساخها وعفنها وإعادة صناعة الأسلحة الإعلامية الكويتية من
جديد ومن الصفر بعدما دمروها خونة وأنجاس الكويت ... ويوم أن تصنع وتنهض تلك
الأسلحة سترغم العالم العربي بأسره ورغما عن أنفه أن يرى ويستمع للصوت الكويت
خبرا وحقيقة ومصداقية وشفافية وفنا وثقافة ورياضة وطربا ... وتخدمك الأقدار
السماوية في ذلك بأنك تمتلك المال والعقول والطاقات والقدرات والإمكانيات فلا
يعجزك بعد ذلك إلا أن تكون خسيسا كمن نراهم في وقتنا الحاضر سلموا أسلحتنا للغير
وهم أتفه وأضعف منا بكثير وكثير جدا فخيّل للسفهاء بأننا نحن الأضعف وهم الأقوى ...
وما أكثر السفهاء في وطني وما أكثر بلاغة "مهاتما غاندي" عندما قال : ليس هناك أكثر خطرا على الهند أكثر من خونتها من الهنود ...
وهذا بالضبط ما نعاني منه في الكويت "الكويتيين الخونة والسفهاء وكلاب المال"
وما أكثر كلاب المال في وطني فهم أسهل من تشتري نسائهم وشرفهم وإن أقسموا على
القرآن الكريم ... لعن الله لعنة تصعد إلى عنان السماء ولا تنزل إلى يوم القيامة
كل من دمر أسلحتنا الإعلامية التي كانت ترعب دولا كثيرة وأنظمة حكم عديدة فأصبحنا مطية لمن صنعناهم وعلمناهم ؟
دمتم بود ...
وسعوا صدوركم