2020-04-08

فيروس كورونا .. بنظرة مختلفة ؟


لو خرج أحدا من أهل دارك والنيران مشتعلة به ويصرخ صراخ هستيري بعدما فقد عقله من شدة آلام النيران ... فهل ستهرب منه وتتركه لوحده حتى تلتقط النيران المشتعلة به جزأ من أثاث المنزل فتصبح المصيبة مصيبتان فيحترق قريبك ومنزلك ؟ ... أو قريبك الذي يحترق تقف أمامه متسائلا فتسأله كيف التقطتك تلك النيران ؟ ... أم تهب لنجدته فتطفئ النيران بسرعة البرق ثم ترمي عليه بعضا من الماء ثم تلتقط سماعة الهاتف لطلب الإسعاف أو تلتقطه بسيارتك منطلقا به لأقرب مستشفى ؟ ... ما سبق هذا هو حال كل من قرأت لهم في الصحف والمجلات وفي مواقع التواصل الاجتماعي وكل من شاهدتهم على اليوتيوب كل كان يأخذ وباء كورونا من ناحية واحدة فقط ... ومن قرأ بعضا من كتب التاريخ البشري أو استعرض تاريخ الإنسان سيكتشف أن كل تاريخ البشرية لم تأتي كارثة على البشرية كافة في كل التاريخ الأزلي والقديم والحديث إلا مرتين فقط ... فالمرة الأولى التي حلت الكارثة ونزلت النازلة في البشرية هي في طوفان سيدنا نوح عليه السلام عندما أغرق الخالق عز وجل الأرض ومن عليها بأسرها ... والمرة الثانية هي ما تعيشونه في أيامكم هذه عندما ضرب الوباء على البشرية بنسبة 80% أي أكثر من 6 مليار نسمة على وجه الأرض ... بمعنى أكثر وضوحا يا سادة أنتم تعيشون في فترة زمنية لم يشهدها بشر قبلكم قط ولن يشهدها بعدكم إن شاءالله أي أنكم في قلب الحدث التاريخي بنسبة 100% وشهود هيان لقصص تروى لأبنائكم وأحفادكم ؟

كورونا سياسيا
البشرية تدين بالفضل لهذه الكارثة البشرية التي كشفت حقيقة من يطلق عليهم بـ "الدول العظمى" و "الدول المتقدمة" ... فقد تهاوت وسقطت تلك الدول بشكل خرافي وكشف هزالة مجتمعاتها وهشاشة أمنها الطبي والغذائي ... بل ولا أكتم سرا إن قلت أن أكبر مصانع الغذاء والطعام والشراب وغيرها قد فضلت تصدير منتجاتها في نفس الدول التي هي بأمس الحاجة للمساعدة وفضلت أن تصدر تلك المنتجات لدول الخارج كدول الخليج بسب تضاعف أسعار المنتجات والشحنات ... أما الوحدة الأوروبية فقد استيقظت شعوب القارة العجوز على كذبة عظيمة إسمها "الإتحاد الأوروبي" والتي أدى وباء كورونا إلى إغلاق كل دولة حدودها البرية وسط دعوات واسعة لإعادة النظر جراء ما حدث ... وبات العالم بأسره الآن يعرف أكثر من جيد من هي الدول المتقدمة وما مدى هشاشة حقيقتها مما جعل السياسيين في حالة ارتباك واسعة لم نشهد لها مثيلا إلا في خلال الحرب العالمية الثانية ؟
 
كرونا اقتصاديا
دون أدنى شك فإن أزمة فيروس كورونا وما تبعه من هبوط دموي لأسعار النفط العالمية كلها معطيات أدت إلى خسائر في الاقتصاد الأمريكي خلال شهر مارس الماضي بأكثر من 800 مليار دولار ... أما في أوروبا فقد تكبدت اقتصاداتها خسائر خلال شهري فبراير ومارس الماضيين بأكثر من 234 مليار يورو ... وقد قفزت توقعات خبراء التحليل الاقتصادي في بداية مارس الماضي بإجمالي خسائر الاقتصاد العالمي من 1.7 تريليون دولار إلى 5.8 تريليون دولار وفق توقعات أول أبريل الحالي ... والأرقام ليست مفاجأة خصوصا عندما نعلم حجم الكارثة الاقتصادية أجبرت الكونجرس الأمريكي على إقرار الخطة التحفيزية الاقتصادية لمواجهة تداعيات وباء كورونا بأكثر من 2 تريليون دولار ... ناهيكم أن عالم الطيران على موعد مع خسائر لن تقل عن 150 مليار دولار ولذلك العالم كله يقف على رجل واحدة ترقبا لأكبر أزمة اقتصادية قد ترقى إلى حالة من الكساد الاقتصادي كما حدث في 1929 ... وحالة الكساد الكبير أو الإنهيار الإقتصادي العظيم في 1929 أدت إلى أكثر من 25 حالة توحش الصراع السياسي والعسكري بين دول أوروبا وآسيا ... وكذب ثم كذب من يستطيع أنه في 2020 يستطيع أن يحقق أي نسبة أرباح سواء دولة غنية أو فقيرة الكل هذه السنة سيتجرع الألم ... بل أخطر ما في الأمر أن كل ودائع واستثمارات الأفراد والشركات والحكومات في أوروبا وأمريكا والصين أصبحت من الأن هي تحت الخطر من المستوى العالي ... والسبب جدا بسيط وهو أن اقتصاديات الدول الصناعية لن تعرف التعافي إلا خلال فترة زمنية أنوقعها لن تقل عن 3 سنوات "كأقل تقدير" هذا إن لم تحدث حالة من الإختناق الاقتصادي التي تلقائيا تؤدي إلى الصراع والتدخلات العسكرية ... وانهيار بعض شركات التأمين وإفلاس بعض شركات الطيران العالمية تلقائيا ستجر خلفها أزمة ديون بنكية وتلقائيا ستنجر خلفها البورصات العالمية أي نحن على موعد مع أزمة أعظم بكثير من الأزمة الاقتصادية العالمية التي حدثت في 2008 – 2009 ... وكل ما سبق ليس هذا فقط بل يجب أن ننتبه أن عمليات إغلاق المحلات التجارية والأسواق في 70% من دول العالم ستجر خلفها أزمة قروض وديون ومستحقات بمآت المليارات ... فمن يبتسم اليوم انظر إلى وجهه خلال الفترة ما بين 3 إلى 6 أشهر على أبعد تقدير ؟
 

كورونا دينيا
يقول ربنا سبحانه في سورة طه { قال فإنّـــا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري } والفتنة لا تأتي من ربنا إلا وهو يعلم سبحانه بما يلج في صدر الإنسان من نوايا وتفكير فيظله الله فإن عاد ورجع كان خيرا له وإن استمرأ واستمر نال جزاء ما صنع ... ولذلك كان قوم بني إسرائيل أمة لا عهد لها ولا وعد بدليل بعدما أنجاهم ربنا سبحانه من طغيان فرعون وشاهدوا بأم أعينهم كيف ينشق البحر ونجيبهم رب موسة ويغرق فرعون وجنوده ... لم تستقر قلوبهم للإيمان المطلق بالله وخضعوا لدعوة اليهودي من قوم بني إسرائيل ويدعى "السامري" فصنع لبني إسرائيل إله من العجل غير الله سبحانه الذي خلقهم وأنجاهم ... وبدليل أخر أن قوم بني إسرائيل بعد أن أنجاهم من فرعون وبعد حادثة العجل جادلوا الله في البقرة ... إذن نربط مثال ما سبق بما يحدث اليوم من الكارثة البشرية ... فتخرج لنا النتيجة أن الإنسان هو من يصنع البلاء والفتن والشرور وليس رب العالمين سبحانه وهذا الأمر بالمناسبة منذ القدم ... فانظروا من هو السامري في زمانكم الذي نجح في فتنة البشرية وكيف كانت "معظم" البشرية في فساد وفوضى واستهتار وكيف فجأة انضبط وانقلب حالها 360 درجة فتحولت العواصم وكأن الأرض هجرها سكانها وكأن المدن لم يطأها أحد من قبل ... وكيف توقفت الدعارة والمراقص وبيع المخدرات وكافة أنواع وأشكال الممنوعات بشكل لم يتصوره عقل إنسان قط وشلت حركة السيارات والقطارات والطائرات بشكل صادم وسط ذهول البشرية كافة ... إنها الأسباب يا سادة التي إن لم يعمل بها الإنسان نلته عواقب أفعاله ولا يلومن إلا نفسه وليس للسماء دخلا في عبثكم وجنونكم ... فهل أمركم ربكم بأن تصنعوا الصواريخ والقنابل وآلات القتل والدمار ؟ هل أمرتكم أديانكم السماوية الثلاثة بأن تصنعوا الأسلحة البيولوجية والجرثومية والكيماوية وغيرها ؟ وهل أمركم ربكم بأن تغزو هذه الدولة وتقتلوا ذاك الشعب وتخنقوا هذا الشعب اقتصاديا ... إلخ ؟ ... إنها يا سادة من صنع البشر فليدفع البشر ثمن أفعالهم وإن لم تفعل فادفع ثمن صمتك { من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد } فصلت ... وبني آدم هذا هو لا يترك أمرا إلا ويخرج له العذر والتبرير ولا يتفق البشر على أمر واحدا منذ خليقتهم وحتى قيام الساعة فلا الليبرالي يأخذ بحدث المتدين ولا المتدين يأخذ بمنطق المثقفين ولا المثقفين يرضخون للمتدينين واليساري والشيوعي والبوذي وصراع المذاهب ولن تنتهي قوائم معتقدات وأصناف البشر ... خلاصة الفقرة هذه وبرأيي الشخصي : أن ما حدث لم يكن إلا بسبب فردا أو جهة والسبب له هدف والهدف إن لم تستف البشرية من غفلتها فإن ما حدث في وباء كرونا سيكون مجرد نزهة أمام ما سيحدث في المستقبل القريب وليس البعيد ؟ 

كرونا اجتماعيا
بشكل عام المجتمعات ضربها الجنون لدرجة الصدمة فقلبت الحق إلى باطل والباطل إلى حق والشريف أصبح محتقر والوضيع أصبح مسؤلا واللص أصبح منظّرا ومن علية القوم والعالم أصبح محقرا والمثقف أصبح دجالا ... يا أعزائي الكرام المجتمعات هي أول متهم في جريمة تغيير موازين الأمة والشعب هذا أو ذاك وهي من يجب أن تتحمل وزر ما اقترفته من جهل ورياء ونفاق ... فانظروا كم من ساقط ووضيع أصبح من نجوم مواقع التواصل الاجتماعي من صنعهم ؟ المجتمع ... وصحف وإعلاميين يكتبون بكذب ويكذبون بصدق ويفترون على هذا وذاك فمن منعهم أو حتى وبخهم ؟ لا أحد ... مشاهير الرياضة أهم من رئيس الدولة ومشاهير الفن أهم من رؤساء الحكومات فوصلنا لدرجة أن من يملك المال هو السيد يأمر فيطاع ... لا ينتخبون إلا الفاسد ولا يعظمون شأن إلا التافه ويقدسون رجال الدين أكثر من الدين نفسه ... وأين مكان المعلم والطبيب والمهندس والمثقف ؟ لا شيء مجرد موظفين يتقاضون رواتبهم نظير عملهم !!! وأين مراكز العلم والبحث ؟ لا توجد وإن وجدت فهي مراكز فاسدة يدور في فلكها صراع المناصب !!! وأين التقدم العلمي والصناعات ؟ كذبة عند العرب حقيقة عن الغرب !!! ... يا سادة عندما تكون قيمة رجل الأمن أعلى من قيمة المعلم فهناك خللا ... وعندما يكون الوزير أهم من الطبيب فهذا يعني أن المجتمع ضربه الجهل ... وعندما تكون مراكز الأبحاث والعلم مجرد نفاق اجتماعي ... وعندما يكون الفقر أمرا اعتياديا وطبيعيا في عقول الكثيرين فهذا يعني أن المجتمع يعاني من اختلال عقلي ... وعندما تكون العنصرية والقبلية والفئوية والمذهبية شائعة بين العامة فهذا يعني أن دينهم مجرد شعار كاذب ... فانظروا لحالكم الآن كيف فيروس لا يرى بالعين المجردة أخضع الحاكم والمحكوم الغني والفقير فأصبح الكل سواسية ... فهل لا يزال الأمر طبيعيا في عقول الكثيرين منكم أم الأمر يحتاج إلى مراجعة مع النفس وإعادة حسابات كل منكم قبل أن يأتي يوما في دنياكم لن ينفع وقتها ندمكم شيئا ؟

كورونا إنسانيا
لقد كان وباء كورونا درسا في الإنسانية قليل جدا من نجحوا في هذا الإختبار والكثير من سقطوا فيه سقوطا مدويا ... لقد كان اختبارا أخلاقيا بشكل خرافي أسقط أقنعة الكثيرين وكشف جهل الكثيرين فاتضح جليا أن العالم يعاني من أزمة أخلاق ... كما أنه يعاني من أزمة قيم إنسانية لأن الإنسانية قبل أديانكم وهي ذاتها أدينكم إن كانت بلا أخلاق فلا قيمة لدينك أنت وأنتي ... وقد رأينا وقرأنا كيف تحولت بعض الحكومات إلى قراصنة في سرقات واقتناص شحنات الأقنعة الطبية فيا لا عارهم ويا لا خزيهم !!! ... كما كشف كورونا لكم حقيقة بعض الأفراد يطلق عليهم بـ "التجار" لكنهم كانوا تجار أزمات ولصوص لدرجة الوقاحة دون أدنى حياء ليس منا فحسب بل دون حياء حتى ممن خلقهم سبحانه وتعالى ... يعملون بوحشية الشياطين وكأنهم مخلدون على هذه الأرض لا يريدون سوى استغلال الأزمة بأقصى درجة ممكنة في الكويت وفي الخليج وفي العالم العربي وفي العالم بأسره ... شكرا كورونا فقد أثبت اليوم أن الكثير من دول العالم والكثير من الشعوب لا تملك القيم التي كتبت في دساتيرها وقوانينها بل كانت كلها مجرد ترهات وأكاذيب وشعارات لغسل عقول المغفلين ... ومتى ما فقدتم الإنسانية والقيم الأخلاقية فحق عليكم ما صنعته أيديكم وجزى الله كل الخير والأجر والثواب من عمل بصدق وأخلص بعمله فإن تجردنا من إنسانيتنا أصبح لا فرق بين الإنسان والحيوان ؟




دمتم بود ...


وسعوا صدوركم