2020-04-25

دول كبيرة ورقية ودول صغيرة حقيقية ؟


يظن ويعتقد الكثير بل ومئات الملايين من الجهلة والسفهاء أن أي دولة كبيرة الحجم يعني أنها دولة عظمى ... ويعتقد كل سفيه العقل مريض النفس أنه إن ولد في دولة ذات حضارة قديمة يعني أنه هو ومن هم على شاكلته ينتمون نسبا أو أصلا لتلك الحضارات القديمة العظيمة البائدة ... لكن في حقيقة الأمر ما يحدث منذ بضعة سنوات من ظهور سلوك مجتمعي لدى الكثير من الأفراد في بعض المجتمعات العربية هو سلوك معروف ومفهوم بل وتكرر قبل ذلك كثيرا وكثيرا جدا ... إنها يا سادة الصراعات السياسية التي تتعمد في الكثير من الأحيان أن تأخذ في طريقها الشعوب بل ولا تأخذ معها الكثير من الشعوب إلا بعد أن يفشل العقل السياسي ... وفشل العقل السياسي ناتج عن عوامل كثيرة وأهمها الضعف السياسي واليقين المطلق بفشل أي مواجهة سياسية أو عسكرية بسبب عوامل داخلية أو خارجية ... وعندما يفشل العقل السياسي لا يجد مفرا إلا أن يلعب في أخر ورقة بيده وهي ورقة شعبه حيث أنه يستغل جهلهم وسطحية عقول الكثير منهم فيرميهم في نار الصراع ... وتلك الفئة الوضيعة من الشعب تظن أنها تدافع عن وطنها وما هم بذلك بل هم شرذمة عاطلين وجهلة علم وتاريخ فيصبح المشهد كمن فتح أقفاص الكلاب وأطلق لها العنان لتنهش من تشاء ... ولأنه عقل سياسي تافه وفاشل وخاسر هو لا يعلم بأن استخدام ورقة الشعب تعني خسائر قاتلة لسمعة الدولة والكيان السياسي داخليا وخارجيا ... والسمعة الدولية يستحيل أي سياسي أن يرممها إلا بعد سنوات طويلة وبشرط تغيير النهج السياسي وإن لم يحدث هذا التغيير فستبقى سمعة الدولة في حاويات القمامة كل يبتعد عنها بسبب عفنها ؟
 
لو سألت أي أخ في مصر أو العراق أو سورية وغيرها : ما صلتك أنت مع الحضارات العظيمة الماضية ؟ هل تمتلك شجرة نسب حقيقية تثبت وتؤكد نسبك وصلتك بتلك الحضارات ؟ 99% ستكون لإجابة كــــلا ... إذن كيف تفتخر بأمر لا يمت لك بأي صلة لا من قريب ولا من بعيد إلا أن القدر كتب عليك أن تولد في أرض تلك الحضارات فقط لا غير ... والمهزلة في الأمر أن من يفتخر بتلك الحضارات أو ينتسب لها كذبا وزورا هو أصلا يعيش في ظل حكومات فقيرة تاريخها مليء بالجرائم والدموية ... والعالم بأسره يعرف أن لا حقوق إنسان في تلك الدول ولا صحة ولا تعليم ولا صناعة إنسان ولا تقدم ولا تكنولوجيا وفقر وديون وقبضة أمنية حديدة تسوقهم كما تساق النعاج والكل مراقب ومرصود ... ولذلك يفهم مما سبق أن أنظمة الحكم السابقة تعمدت أن تصنع مجتمعات جاهلة سطحية التفكير منعدمة القيم تصدق الشعارات الكاذبة وتصفق للزعيم وجيلا بعد جيل ... وصلنا إلى سنة 2020 لنواجه جيشا من الجهل والتخلف وسطحية العقول وانعدام المعرفة في التاريخ لدرجة صادمة أنهم لا يعرفون تاريخ وطنهم وأرضهم ومن يعرف يتعمد التزوير وقلب الحقائق ... فأخرجوا كذبة الدول العظمى فأصبح كل أرعن وساقط يدعي أنه ينتمي إلى دولة عظمى !!! ولو سألته ما هي عظمة دولتك ؟ لسطر لك أكاذيب وأحاديث السكارى والمخمورين ... ثم تفتق ذهن الرويبضة ومن سار على دربهم فأخرجوا أسطوانة جديدة الدول الكبرى والدول الصغرى !!! وكأنهم انتهوا من فقرهم ومشاكلهم والقمع الأمني والإضطهاد الإنساني وانحطاط التعليم وكوارث دولهم !!! ... فأصبح مقياس السفهاء والحمقى أن كل من ينتمي إلى دولة كبيرة يعني أنه دولة عظيمة يا لا جهلهم ويا لا خزيهم وعارهم دون أن يشعروا ؟
 
يخبرنا التاريخ القديم والحديث أن "منغوليا" كيان صغير تمرد ثم تمدد ثم اكتسح فغزو واحتل ثلث شرق أسيا وإيران والعراق وسورية وتركيا ونصف أوروبا تخيل هذه الصغيرة ماذا فعلت !!! ... ويخبرنا التاريخ أيضا أن دولة صغيرة في شرق أسيا إسمها "فيتنام" أبكت الولايات المتحدة الأمريكية وأدمت كبدها لمدة 20 سنة ... و "ألمانيا" كيف سحقت كل دول أوروبا واحتلت قارة بأسرها واحتلت نصف مساحة الإتحاد السوفييتي ... و "كوبا" الحاضرة الشاهدة أمامكم لم تستطع أمريكا أن تغيرها أو تهزمها لا من قريب ولا من بعيد ... و "اليمن" الصغير الذي أدمى السعودية الكبيرة خسائر في الأرواح والعتاد وخسائر اقتصادية كارثية ... و "اليابان" الدولة الصغيرة بعد الحرب العالمية الثانية كيف نهضت وأصبح اقتصادها يهين قارة أوروبا بأسرها ... و "كوريا الجنوبية" التي أصبحت الدولة رقم 1 في العالم في الصناعات التكنولوجية بل وتخطت الصين وأمريكا وأوروبا مجتمعين ... و "الكويت" الدولة الصغيرة التي تنفق وتصرف على مصر الدولة الكبيرة منذ 70 سنة قروض ومساعدات وهبات واستثمارات ... و "قطر" الدولة الصغيرة التي أخضعت الإمارات الكبيرة بالغاز القطري ... وحركة "طالبان" التي صنفت دوليا بأنها حركة إسلامية إرهابية متطرفة كيف أخضعت أمريكا لها ونجحت في فرض شروطها على أمريكا وعلى عملائها في أفغانستان ... والسعودية والإمارات والكويت وقطر 4 دول لو سحبوا أموالهم واستثماراتهم من الولايات المتحدة الأمريكية لسفطت أمريكا بنسبة 100% ولأصبح الشعب الأمريكي كله homeless ... و "غزو بدر" التي قادها الرسول عليه الصلاة والسلام عدد صغير 300 رجلا مؤمنا هزموا 3.000 كافر أشر ... والعراق ومصر كل تاريخهم عاشوا من احتلال إلى احتلال وسورية وجرائم طاغيتها الجحش فأين عظمة أو حتى أهمية الدول الكبرى ؟ ... بل أين تلك الدول العربية العظمى والكبيرة ذات المساحة والكيان الصهيوني المسخ وضع حذائه في وجه الجميع وأخضع الجميع وفي حرب 1967 هزم مصر والأردن وسورية مجتمعين في 6 أيام فقط ... حدثوني ما هي عظمة الدول العربية الكبرى وإيران ضربت مصافي ومواقع النفط السعودية وصمتت صمت أهل القبور خوفا ورعبا من إيران ... وأثيوبيا التي أخضعت مصر وكشفت عن حقيقة صادمة بمدى العجز المصري تجاه الأمن المائي  في قضية سد النهضة ... وأين الدول العربية الكبيرة والتي أطلقت على نفسها بالعظمى عن تحرير فلسطين ونصرة المسلمين الروهينغا في الصين وبورما والهند والفلبين وغيرها ؟ ... لا شيء ولن يوجد شيء بل يوجد ذباب الكتروني كافر وضيع يظن أنه يدافع عن الوطن وما هو بذلك بل يدافع عن بعض الأفراد والمجرمين ... ومن لا يستفيق من سباته السخيف ولا يعي حقيقة الأمور فلا يلومن إلا نفسه وليدفع ثمن فساد حكوماته وإذلالهم له وتغييب الرأي والحريات ليتمدد الفساد أكثر وأكثر ... العظيم بأخلاقه والدول العظمى عظمى بصناعاتها وتقدمها وبصناعة الإنسان أما ثرثرة مواقع التواصل الاجتماعي فلن تصنع لكم عظمة ولن تحل مشاكلكم والظلم في أوطانكم وتبصروا فقد أصبحتم سخرية مئات الملايين ...  الفاشل السياسي هو من يقحهم مواطنيه في فشله وكن رجلا في وطنك وعلى حكومتك التي انتهكت كل حقوقك وحولتك من رجلا إلى أنثى قبل أن تكن رجلا في الخارج على غيرك ... والحمدلله رب العالمين حمدا يليق بجلاله العظيم حمدا لا يتوقف إلا بتوقف أنفاسي أن خلقني عربيا مسلمـــــا كويتيـــــــــا ؟






دمتم بود ...


وسعوا صدوركم