2020-07-19

جاهلية العرب في جرائم الشرف ؟


في حكاية حقيقية وقعت في الكويت في التسعينات وهي أن شابا كويتيا كثير السهر والشيطنة والمراهقة الطائشة لدرجة عدم قدرة الأهل على السيطرة عليه ... وفي ليل إحدى الأيام عاد قربا من الفجر فوجد أخته تتحدث بالهاتف بصوت منخفض فذهب على أطراف أقدامه إلى المطبخ وأخذ سكينا ... ثم اقترب من أخته دون أن تشعر فسدد لها عدة طعنات في ظهرها ورقبتها سقطت قتيلة ثم سحب سماعة الهاتف وإذ بصوت ابنة عمه تنادي بصوت عالي "ألو ألو ألو فلانه فلانه شنو في شصاير" ... فأدرك أنه قتل أخته بسبب سوء ظنه السيئ وقتل بريئة راحت ضحية جهل وسفاهة أخيها فاختل الشاب عقليا وأمضى حياته ما بين السجن ومستشفى الطب النفسي وفجعت الأسرة بمصابها الجلل ... ومع الأسف الشديد لا يزال هناك من يعتقد أن الشرف عيارة عن جسد البنت أو المرأة ولا يزال من يظن أن الرجولة هي من الأكثر سيطرة على البنت ... والمهزلة الحقيقية أن مسرحية الشرف لا تنطبق إلا على الأنثى أما الرجل أو الذكر فهو معفي من أي اتهام وأي انتقاد زنى أو شرب خمرا أو فسد في الأرض أو استبد بالعباد "فالله يهديه" ... فالرجل إذا ما زنا بإمرأة فإن المجتمع لا ينظر في واقع الزنا إلا للمرأة ويصرف نظر عن الرجل وهذا الأمر راجع للمعتقد الخاطئ عند الغالبية ... ويظن الكثيرين أن قتل البنت الخاطئة هو علاج جذري للمشكلة وانتصارا للرجولة وغسلا لعار الأسرة أو العائلة أو القبيلة ولا أحد يريد أن يتبصر أو يتفكر وكأن قتل النفس أصبح أمرا مشروعا وكأن البنت دجاجة أو ذبيحة ... فإن كان الأمر كما تعتقدون فما الفرق بينكم وبين قتل الموؤدة في جاهليتكم ؟ ... والغريب شرفكم لا يظهر إلا بنسائكم ورجولتكم لا تخرج إلا على ضعافكم فأين كان شرفكم في القضايا السياسية وقمع الحريات ونصرة المستضعفين في الدول العربية وووو ... احمدوا ربكم أن لم يصيبكم ما أصاب غيركم في بعض الدول العربية التي فقدت شرفها بسبب جرائم أنظمتها فلا تسطروا علينا أدوار الفروسية الكاذبة وافهموا واعقلوا الحقائق وكفاكم تمسكا بجاهليتكم وتمسكوا بشريعة ربكم وافهموها بحقيقتها لا بحقيقة "بعض" مشايخكم المعتوهين ؟
 
إن الخطيئة في دينكم وفي شرعكم لا تعتمد على القيل والقال ولا حتى الأدلة التي يعتقد الكثير منكم بأنها ثابتة بل دينكم وشرعكم أمركم بإثبات واقعة الزنـــا بـ 4 شهود لا 2 ولا 1 ولا 3 بل شرطا وفرضا وما لا يقل عن 4 ... { واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا } النساء ... وهذه آية الرحمة أي الآية التي توجد عليها أدلة بغير الشهود الـ 4 فلا تقتلها ولا تؤذيها فقط احبسها في المنزل { حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا } الموت معروف والسبيل أي قد ربما تعود العلاقة إلى ودها مع أهلها أو يأتي نصيبها وتتزوج ... وأيضا هناك شرط الـ 4 شهود شرطا ولزما كما جاء في سورة النور { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون } أي قذف المحصنات أي الشريفات العفيفات دون بينة ودون حجة ودون الشهود الـ 4 ... وهذه الآيات تبين عظمة النفس البشرية لدى الخالق عز وجل وعظمة الفعل والإثم وشدة الشرط بشهود أربع وليس أقل سواء كشاهدين على الزنا أو كشهود على القول منعا للإفتراء والظلم ... والستر أعظم من كشف المستور لما فيه من أجر عظيم بشرط دون إضرار بالآخرين بمعنى لو رأيت رجلا وإمرأة دخلوا إلى مكان مستورا فاصمت ولا تتكلم حتى لا تفضح سترهم وادعوا لهم في قلبك بالهداية ... أما إن دخلوا مكانا خاصا وعلت أصوات الموسيقى والصراخ فهذا أمرا مكشوفا لا مستورا وتعدي على الآخرين ومجاهرة بالمعصية كمن يدعون الآخرين إلى فضيحتهم ... أما ما جاء في سورة النور { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } ... فهي الآية التي لا تزال الأكثر جدلية حتى يومنا هذا والتي أولا يجب إثبات وجود 4 شهداء ثم من الزاني ومن الزانية التي تنطبق عليهم شروط الزنى ؟ ... ففي العهد الأموي والعباسي والعثماني كان نكاح الأمة والجارية مشروعا فذهب الرأي إلى أن كل متزوج وكل متزوجة ينطبق عليهم الزنـــا ... بمعنى امرأة متزوجة نامت مع رجلا غير زوجها فهذه تنطبق عليها واقعة الزنــــا أمام ربها بنسبة مليون% لا نقاش ولا جدال في ذلك وحتى الرجل المتزوج ينطبق عليه الوضع تماما ... هذا الأمر أمام ربهم في سترهم أما إن وقع الأمر وانفضح المستور فلا بد أن يحضر 4 شهود في المكان ليشهدوا بأم أعينهم الواقعة ولذلك في أي بلاغ للمباحث في مثل هذه القضايا في الكويت ... تنقله مباشرة إلى وكيل النيابة عبر مكالمة هاتفية بين ضابط المباحث وبين وكيل النيابة الذي يعطي الإذن "كتابـــة" أي بشكل رسمي وتتم مداهمة الشقة أو المنزل التي وقعت فيه شكوى الزوجة أو الزوج ... ويحرص ضابط المباحث أو رجال الأمن بأن يكون عددهم لا يقل عن 4 رجال أمن وأكثر وهذا شرط قانوني ورسمي مستمد من الشرع ... 2 القضية باطلة 3 القضية باطلة حتى وإن شهدوا بأم أعينهم تعتبر القضية باطلة قانونيا وشرعا لعدم الشرط الأساسي والرئيسي وهو وجود 4 أشخاص فأكثر ... ولذلك قضايا الشرف ليست من الرجولة والبطولة في شيء إنما هي كبائر لها قصاصا في الدنيا والآخرة وقد شدد ربكم كثيرا في هذه المسائل حتى يعي المرء منكم عظيم الأمر والحدث ... وما عاداتكم وتقاليدكم إلا ترهات ورثتموها عن آبائكم وأجداكم الأموات في قبورهم وأنتم ستلحقونهم رغما عن أنوفكم ؟
 
المؤسف أن هناك الكثيرين تصل أعدادهم إلى مئات الملايين لا يعرفون دينهم وشرعهم ولا يريدون أن يقرؤوا ولا يتفقهوا في دينهم بل يعشقون السمع من فلان وعلان ويصدقون ... مثل قضية "قتل المرتد عن الإسلام" والحقيقة أن المرتد لا يقتل ولا أصلا لك حق بمسه فهذا حقه في دنياه وله رب يحاسبه في الآخرة { ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون } القلم ... وعندما تأتي وتسأل المغيبين عن الحقيقة : هل ربكم في كتابه الكريم أمر بقتل المرتد ؟ سيقولون : كلا ولكن الرسول أمر بذلك !!! ... حشى لله أن يقول الرسول عليه الصلاة والسلام ما لم يأمر به ربه سبحانه وتعالى بل هو كذب وافتراء على الله ورسوله ... ولذلك قتل النفس لهو أمر عظيم وليس بالأمر السهل إلا على المجرمين وطغاة الأرض وجهلة الدين ورؤوس الشياطين ... واسأل نفسك أنت وأسألي نفسك أنتي : في كل جمعة يذهب الناس لصلاة الجمعة ويستمعون لخطبة الجمعة فهل كل من جلس واستمع اقتنع بالخطيب وبخطبته ؟ الإجابة الطبيعية : كلا ... ولماذا ؟ لأننا بشرا يا سادة بشرا خلقنا مختلفين العقل في الفكر والقناعات وشكل ونوعية التحليل فلا يجوز قتل أختك أو زوجتك ولا يجوز النهي إلا لأسباب ولا يجوز المنع إلا لأسباب ... فإن كنت فاشلا في الفكر كن واثقا أنك ستكون فاشلا بالإقناع وطالما أنك فاشلا في الإقناع المستند على الواقعية فلا ترمي فشلك على الآخرين وإن كان ابنك أو ابنتك أو زوجتك ... وفي زمانكم هذا زمان فرطت الأمور من أيدينا ولم يبقى بيد أي منكم إلا سلاح العقل ومحاورة العقول وفن الإقناع حتى لا يحدث ما لا تتمناه وإن حدث فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم وتوضأ وصلي ركعتين واصبر على هذا البلاء واسأل الله سبحانه وتعالى الصبر عليه حتى تتجاوز هذه المصيبة ... إياك ثم إياكم أن تظنوا أن بأيديكم شيئا أو بيدكم تغيير كل شيء { قل إن الأمر كله لله } آل عمران ... أي كل بلاء من نفسك وبسببك أنت وهو اختبار لك وما الأسباب التي يعمل بها الإنسان إلا لنفسه ذكره بها ربه أم حسبتم عقولكم وأنفسكم لا تنسى ولا تسهى بل الله سبحانه وتعالى هو من يذكركم فجأة دون أن تحسبوا حسابا ... مجتمعك أهلك أبنائك إخوانك قبيلتك عائلتك لن ينفعك أحد منهم جئت عاريا وحيدا وتذهب إلى قبرك عاريا وحيدا ثم تبعث عاريا وحيدا وتحاسب عاريا وحيدا وتدخل جنتك أو نارك وحيدا فتذكر حقيقتك ... وتذكر أن كفى بالقرآن ناصحا وكفى بالموت واعظا { قضي الأمر الذي فيه تستفتيان } يوسف ؟



دمتم بود ...


وسعوا صدوركم