الطغيان والقسوة العثمانية
يتميز نظام الحكم في الخلافة العثمانية
بالقسوة الشديدة من ناحية التعامل السياسي والإجتماعي والذي أسس وبني على الرعب أي
قسوة التعامل ووحشية العقاب كأسلوب ردع للآخرين ... ولذلك أتراك اليوم هو أسياد
مدارس التعذيب ملكوا ذلك من إرث تاريخي عثماني ومهما سطرت "الدراما
التركية" من جمال الخلافة العثمانية وحنانها فإن هذه الأكاذيب لا يمكن أن
تلغي واقع التاريخ العثماني ذوو السمعة والصيت السيء ... وكأمثلة على فنون مدارس
التعذيب : يدخل شعر الخنزير أو الحصان في الفتحة الشرجية للمتهم ثم تخرج بسرعة
وبسبب خشونة الشعر فإن الشعرة تخرج معها جزء من داخل لحم المتهم ... وما من شهرة
أكثر من الخازوق القضيب الخشبي أو المعدني الذي يدخل في شرج المحكومة ويخرج من فمه
أو من صدره + خازوق "ياهــــوذا"... وضرب السياط حتى يتمزق الجلد ثم يرش
بماء ثم يتبعه مباشرة رش الملح حتى يتشرب الجرح قسوة الملح فورا فيسبب ألما فظيعا
وقطع الرؤوس وخلع الأظافر وقطع الأطراف وقطع اللسان ... كلها حقائق تاريخية وليست من وحي الخيال
لأساليب تعطيك سبب استمرار الحكم لقرون عديدة نتيجة سطوة الحكم ورهبة العقاب
والجرائم التي ارتكبت بلا أدنى شفقة أو رحمة ... وكل من يعصي أو يخالف أمرا أو
يخرج عن الطاعة فهو في حكم الميت هو ومن ناصره أيا كان ومهما كان والتاريخ لا يغفل
عن عقوبة السجن حتى الموت وهو ما كان يعد "قتلا رحيما" ... كلها حالات
تمت فعليا وحقيقة في عهد الخلافة العثمانية التي اتسمت بالقسوة والشدة وسوء
المعاملة وقدسية الخليفة قدسية ترقى إلى قدسية الذات الإلهية ... وبالتالي خضوع
الأمة الإسلامية لم يكن خضوع المؤمن الآمن المحب بل كان خضوع الخائف المرتعب لا
يمكن أن تعصي أمرا ولا يمكن أن تتمرد ... ناهيكم عن فرض الضرائب على العامة
والتجار وسحب الشباب والرجال بالقوة الجبرية إلى الحروب كرها وغصبا لا طلبا ولا
تخييرا ومن يرفض فإنه مخيرا بين دفع ضريبة ذلك بمبلغ كبير أو الذهاب رغما عن أنفه
... والتاريخ يذكر جرائم المجازر التي ارتكبت في عهد الخلافة العثمانية مثل مجزرة
"ديار بكر" في 1895 ضد المسيحيين ومجرة "القلعة" في مصر سنة
1811 ومجزرة "الأرمن" في 1915 وغيرها كلها أسباب كانت مدعاة للثورة ضد
الخلافة العثمانية والإنفصال والإستقلال عنها ... مثل الأسباب التي أدت إلى انقلاب
العباسيين على الأمويين مثل انقلاب الأمويين على الخلافة الإسلامية تاريخ إسلامي
مليئ بالدموية والقسوة والحقيقة التي لا يختلف عليها أحدا وهي : أن الإنسان المسلم
لا قيمة له في كل التاريخ الإسلامي ... واستدلالا على إرث القسوة التركية التي
ورثتها من الخلافة العثمانية فقد نقلت صحيفة "حرييت"
التركية عن هيئة الإحصاء الحكومية أن عدد السجناء قد بلغ في نهاية 2018 بنحو 264
ألف سجين ... وتملك تركيا حاليا 389 سجن وتخطط لبناء 193 سجن خلال الـ 5 سنوات
القادمة "المصدر : موقع روسيا اليوم 27-9-2019 بعنوان : تركيا تبني 193 سجنا
جديدا" ... وهذه القسوة ترجمت فعليا وواقعيا بعد محاولة الإنقلاب الفاشلة
التي جرت في 2016 من خلال الأرقام الصادمة التي أعلن عنها كإجراءات رادعة لكل
المتورطين في عملية الإنقلاب الفاشلة أو من يفكر مستقبلا ... لكن حقيقة الأرقام
تؤكد أن الأعداد كان مبالغا فيها لدرجة الإفراط حيث تم اعتقال أكثر من 160 ألـــف
رجل وإمرأة من صحافيين ومدنيين وعسكريين وحقوقيين ... وإغلاق أكثر من 2.200
مؤسسة تعليمية خاصة + إغلاق 19 اتحادا عماليا + إغلاق 15 جامعة وأكثر من 140 وسيلة
إعلامية + فصل أكثر من 18 ألف موظف نصفهم من رجال الأمن + تمت إقالة أكثر من ألف
موظف في وزارة العدل من وكلاء نيابة وقضاة وغيرهم ... كل الأرقام التي سبقت تؤكد
أن القسوة التركية هي متأصلة في تركيبة الشخصية السياسية التركية التي ورثوها من
أجدادهم العثمانيين والمسألة ليست شخصانية بالنسبة لي فيمكنكم الرجوع إلى حقيقة
تلك الأرقام وربما ستكتشفون ما هو أكثر من ذلك بكثير ... بل افتحوا ملف الهجرة
الغير شرعية من سوريا إلى تركيا ومن تركيا إلى أوروبا حتما ستكتشفون ما تقشعر منه
الأبدان ؟
إرث
الأحقاد بين الأتراك والعرب
في
حالة غريبة أن أتراك اليوم "في غالبيتهم" لا يحبون العرب بل ولا
يحترمونهم على الرغم من أن العرب وتحديدا الخليجيين هم الرقم الصعب في أي اقتصاد
سياحي أو استثماري ... بمعنى أنه لا يمكن أن تقارن سائح مصري أو مغربي أو عراقي
بالسائح الخليجي من حيث قوة الصرف وحجم الإنتشار السياحي لا اليوم ولا حتى قبل 50
سنة ماضية ... ناهيك أن بعد أن ولدت تركيا الحديثة في 1923 ابتعدت كليا عن المحيط
العربي والإسلامي بنسبة 100% وارتمت في أحضان أوروبا التي ظلت تركيا من بعد انتهاء
الحرب العالمية الثانية في 1945 وحتى 2011 وتركيا تستجدي الإتحاد الأوروبي
بالإنضمام إليه ... ومما يجدر الإشارة إليه أن تركيا ألغت كافة العقوبات الإسلامية
التي كانت تطبقها قديما وتكيفت مع قوانين الإتحاد الأوروبي تماما بدليل إلغاء
عقوبة الإعلام من القانون التركي أي لا إعدام في تركيا منذ سنة 2004 ... وتركيا
ظلت بعيدة عن المحيط أو الحاضنة العربية لأكثر من 80 سنة متواصلة بالرغم من وجود
علاقات دبلوماسية لكنها مجرد علاقات دبلوماسية متواضعة ... مثل الكويت لديها
علاقات دبلوماسية مع المكسيك لكن لا يوجد أي مصالح سياسية أو اقتصادية مجرد علاقات
قد يحتاجون بعض في تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة + لضمان أمن وأمان السياح
أو الزوار بين البلدين لا أكثر ولا أقل ... والمثير للدهشة أن الخلافات العثمانية للعرب
قد انتهت تماما من الواقع لكن ظل إرث ذلك راسخا في أذهان الملايين من الأتراك وكأن
الأمر ثقافة حملها الحفيد من الأب والأب ومن الجد ... وتركيا اليوم تعتبر دولة
سياحية رائعة صرفة لكن تجد هناك من يحترمك وتجد أيضا من لا يحترمك في تناقض واسع
بل كلما ابتعدت عن العاصمة لامست حالة من عدم القبول لك كعربي وخليجي تحديدا ...
وأنا هنا "لا أعمم" بل أنقل واقعا حقيقيا نقل إلي من الكثيرين وقرأت للكثيرين مع أن
تركي اليوم لا دخل له بماضي الأمس ولا العربي والخليجي لهم دخلا في ماضي الأمس
كلهم ولدوا في ظل واقع سياسي جديد 100% ... ناهيك أن المسلسلات التركية التاريخية
تحديدا تكذب بصدق وتحرف التاريخ بصدق ولا تقول الحقيقة إلا بما يتوافق مع نهج صورة
تركيا الحديثة وإرثها القديم الذي تصوره وتضعه في قالب المظلومية والصبر على
البلاء وهذا بالتأكيد كذب وافتراء تاريخي بشكل وقح للغاية ... فالخلافة العثمانية
كانت مليئة بالأخطاء وغارقة بالطغيان والإستبداد والإستخفاف بالأقليات والإستهزاء
بالصغير لكن صغير مع صغير مع صغير شكلوا في يوم ما قوة لا يستهان بها فوقع المحظور
... والأهم أن أمة العرب لم يحتلوا عاصمة الخلافة
العثمانية بل احتلتها القوات "البريطانية والفرنسية والإيطالية" في 1918
ولمدة 5 سنوات وقتلوا عشرات الآلاف من الأتراك في قلب عاصمة الخلافة العثمانية في عهد
الخليفة العثماني "محمد السادس" في إسطنبول ... فأصل الخلاف العثماني التركي مع
"بريطانيا وروسيا وفرنسا" لا مع العرب ولا أمة العرب بدليل التاريخ
العثماني كان يعلم بحجم التدخل البريطاني والفرنسي والروسي علم اليقين وجلس متفرجا
مدافعا فقط ... ولم يذكر التاريخ العثماني أن الخلافة العثمانية قد زعزعت الداخل
البريطاني أو الفرنسي أو الروسي حتى والخلافة العثمانية في عز قوتها مثلما تدخلت
أوروبا في قلب وصميم الخلافة العثمانية ولقنتها عشرات الدروس والصفعات السرية
والعلنية ... وبالتالي لا يفهم من الخيال التركي الحالي أو إرث الأحقاد "إن وجدت"
سوى أنها من الجهالة والحماقة التركية الصرفة التي لا أساس لها من الحقيقة في شيء والتي
لا يريد الأتراك فهم أخطاء تاريخهم السياسي ... بل حتى يومنا هذا لم يأخذ الأتراك
ثأرهم ممن احتل وطنهم وغير مكان عاصمتهم وقتل أبنائهم في قلب مدنهم ؟
تركيا
اليوم
تركيا
اليوم تحاول أن تتمدد في منطقة الشرق الأوسط وتكرر نفس الخطأ السياسي الذي أدى إلى
سقوط الخلافة العثمانية تماما ... فالتمدد التركي سياسيا هو من حقها من باب
المصالح السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية لكن خطر السقوط لا يزال قائما وباقيا بسبب
هيمنة أوروبا وأمريكا وروسيا على المنطقة العربية وقوة نفوذهم السياسي دوليا وفي
مجلس الأمن الدولي وهذا ما لا تملكه تركيا اليوم على الإطلاق ... ولو أن الخلافة
العثمانية ذهبت قديما لضرب الداخل البريطاني والروسي مثلما تعرضت له الخلافة على
أيدي البريطانيين والروس لتغير من الأمر الشيء الكثير لكن ظلت الخلافة العثمانية
تتلقى عشرات الصفعات من الإمبراطورية البريطانية ... وتشغلها مع الإمبراطورية
الروسية وفرنسا فوجدت الخلافة العثمانية أن بريطانيا قد غيرت نظام الحكم في إيران
ووضعت رجلها في العراق وهيمنت على النفط في مناطق سيطرتها ونفوذها ... هي نفس
سياسة تركيا حاليا التي تتمدد للحصول على حصة من النفط والغاز في قطر وليبيا وصنعت
تحالفا مع إيران ومصالح واسعة مع روسيا ... وبذلك فعليا لا يمكنك لوم تركيا على
تمددها لأنها تسعى وتعمل وفق مصالحها التي تخدم أمنها القومي وعليك أن تسأل
الآخرين "أين مصالحكم أنتم وماذا فعلتم وفي أي اتجاه تمددتم وما هي المكاسب
التي حففتموها" ... والحقيقة التي يجب أن يقف عندها الأتراك هي : يحق لكم أن
تتحدثوا عن تاريخ وواقعية تركيا الحديثة كيفما شئتم لكن لا يحق لكم أن تتحدثوا عن
الخلافة العثمانية إلا بعد أن تعتذروا عن كم الجرائم والمجازر التي ارتكبتها
الخلافة العثمانية في تاريخها ويجب الفهم أن أمة العرب ليست عدوا لكم ... والخلافة
العثمانية لم تكن الأم الحنون في الجزيرة العربية ولم تكن حاضنة الولاء في منطقتنا
بل كانت الشدة والقسوة والغرور والإستخفاف بعرب الجزيرة العربية كان وما يزال
قائما ... وعن نفسي وبرأيي الشخصي أنا لا تعنيني الخلافة العثمانية بحكم أنها من
إرث الماضي ولا تعنيني السياسة التركية الحالية لكن يعنيني حجم التعاون والإحترام
المتبادل بين الدول وشعوبها دون أي إهانة من أي طرف كان ... وتركيا لا تريد الدولة
الخليجية أو العربية الفلانية فعليها قطع العلاقات السياسية والدبلوماسية معها وأي
دولة عربية أو خليجية لا تتفق مع تركيا عليها أن تتوقف عن ممارسة صبية المراهقين
وتقطع العلاقات الدبلوماسية معها ... والمهم من ذلك يعود لسبب واحد وهو
"تجنيب الشعوب العربية أي صراع سياسي وعدم إقحامهم فيما لا يعنيهم" ...
لأن عداء الحكومات يمكن أن ينتهي في لحظة لكن عداء الشعوب لا يزول في لحظة بل
يستمر لسنوات وعقود طويلة وهذا ما يجهله سفهاء اليوم ؟
دمتم
بود ...
وسعوا
صدوركم