كثير من الناس لا يعرفون حقوق وأهمية الجار وكثير
يسخرون من الجار وكثير من يصنعون الشر والأذى للجار وفي المقابل هناك من يعرف قيمة
الجار وأهمية الجار وحقوقه ... وقد ضعفت أهمية الجار في زمانكم هذا ضعفا واضحا حتى
لا يكاد أحد منكم يعرف من هو جاره الجديد ولا يعيره أي اهتمام لا في الفرح ولا في
الحزن ... لقد كان في الجار قديما أثرا عظيما لدرجة أنه وصل إلى درجة ومنزلة الأخ
وأهل الجار وصلوا لمنزلة الأهل وذلك من شدة وقوة الترابط الاجتماعي ثم من عظمة
وأهمية الجار ... وقد لا يعلم الكثير منكم أن الجار هو ستركم وغطائكم أي عرضكم
عرضه وعرضه عرضكم وكرامتكم من كرامته وهذا أول ما ألفه الإنسان منذ القدم ... وقد
عظّم ربكم منزلة الجار بأن ذكره لكم في سورة النساء { واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا
وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجَــــارِ ذي القربى والجَــــارِ الجنب } أي جارك إن كان قريبك أو ليس قريبك ؟
إننا نأسف على ما وصلت إليه العلاقات في أيامنا هذه من علاقات بين الجيران لا تسر حبيب ولا صديق ... فيسكن الرجل وأهله دارهم الجديدة ولا يعلمون من هم جيرانهم ولا جيرانهم يريدون أن يعرفوا أو يعلموا من جارهم الجديد ... وتلك ذريعة أننا لا نعرفهم ولا نضمن أخلاقهم ولا نعرف ماذا يخبؤون لنا لربما كان جار سوء أو إمرأته امرأة سوء وهناك من يتعلل بأن لديه خصوصيات لا يرغب لا جاره ولا غير جاره بأن يطلع عليها ... كلها وجهات نظر صحيحة لدى البعض وغير صحيحة لدى البعض الأخر لكن الأكيد أنها وجهات نظر ظهرت وانتشرت في ثمانينات القرن الماضي في دول الخليج ... ثم توسعت وانتشرت في دول المغرب العربي بعد سنة 2000 وبعد 20 عاما أصبحت ظاهرة واضحة وضوح الشمس في 80% من شعوب الوطن العربي ... وتلك عادات تم استيرادها من أوروبا تفاعلت وانتشرت بفعل وبسبب عوامل الترف "المالي أو الفكري" التي يعيشها اليوم 60% من شعوب الأرض ... لكن قوة علاقة الجار تجدونها في القرى والبادية في أوروبا والدول العربية التي لا تزال تعتمد بقوتها وتكاتفها على غريزة التجمعات والتحالفات والثقة بقوة الجماعة لا بقوة الفرد ؟
اليوم في زمانكم جار يرفض أحدا من جيرانه أن يوقف سيارته أمام بيته ... وجار يزعج جيرانه بالصراخ والحديث المرتفع في "الديوانيات" الصغيرة ... وجار كثير المشاكل مع الأخرين الذين يقفون أمام بابه طلبا لاسترداد أموالهم منه ... وجار كثير الإتصال بالشرطة في كل صغيرة وكبيرة ولو كان أمرا تافها وقع دون قصد مع جاره ... وجار لا يعرف جاره لا سلاما ولا كلاما لا حتى في شهر رمضان المبارك ولا غيره ... وجار يرمي زوجة جاره بنظرات الغريزة الجنسية وابن الجار يخطط كيف يهتك عرض ابنة جاره ... وجار ينام وهو يعلم بالوضع الإقتصادي الصعب لجاره ... وجار لا يتنازل بالسلام على جاره لأنه أكثر وأرفع أصلا وفصلا ونسبا منه أو أكبر منصبا منه ... وجار يتحاشى جاره بسبب الطائفية أو العنصرية أو القبلية ... كلها لا تمت لأخلاق الإسلام وكلها ممارسات لا تمت بأي صلة بالإيمان والمؤمنين والأغبياء لا يعلمون أن وقت الكوارث والحروب والمحن والمصائب أقرب نقطة أمان هي الجـــــار ثم يأتي بعده الشرطة والأهل والمجتمع والدولة بأسرها ؟
احترموا جيرانكم ووقروهم لا تسخروا منهم ولا
تؤذوهم بل من الأخلاق ومن أصل الأصول أن تستر على جارك وأهله في كل عيوبهم وفي كل
ما لا يرضيك ... الجار ربما هو من يرميك في جهنم وهو ممكن أن يدخلك الجنة ليس منه بل
بسبب الصبر والأخلاق التي أنت وأنتي أخذتموها من دينكم ومن شريعتكم ومن أخلاق
قدوتكم سيد الأخلاق رسولنا عليه الصلاة والسلام ... فمركبات أو سيارات جاركم هي
أمانات داركم وعرضه هو عرضك والصبر على أذى الجار له أجرا عظيما والستر على جارك
من أصول العرب حتى من قبل الإسلام ... والوقوف مع مصاب جاركم من الأخلاق الرفيعة
والمواجيب الثابتة التي لا يساورها الشك ولا الريبة ... وإن كان جارك مؤذي فاصبر
حتى يزول ضرره أو أنت ترحل لكن لا تفضح سره ولا ستر بيته ولذلك عظّم رسولكم منزلة
الجار ... قال
رسول الله لأصحابه "ما تقولون في الزنا قالوا حرام حرمه الله ورسوله وهو حرام
إلى يوم القيامة فقال رسول الله لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني
بحليلة جاره ثم قال ما تقولون في السرقة قالوا حرمها الله ورسوله فهي حرام إلى يوم
القيامة قال لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق جاره" ...
فلا تهينوا جاركم ولا تستهينوا به فيوم القيامة كلكم على موعد مع الحساب والقصاص
من جيرانكم أنتم وهم على حد سواء من أحسن ومن أساء ومن طعن وفضح ومن سكت وستر ... مارسوا
حياتكم كما تشاؤون لكن لا تؤذوا جيرانكم ولا تفضحوا ما تسمعونه وما تشاهدونه
فإكرامهم إكراما لأنفسكم ونصرا لكم يوم تلقون وجه ربكم الكريم فيجزيكم خير الجزاء
... ومن آذى جاره فليستعد لدفع ثمن أعماله الملعونه التي أهلكه فيها شيطانه ؟
دمتم
بود ...
وسعوا
صدوركم