2020-10-10

الترجمــة التي يجهلهــا العــرب ؟

 

إن الفنون والثقافة هي الخاصيتين الحصريتين التي ربطت البشرية بعضها ببعض والفنون التي تتمثل بـ "الموسيقى - الغناء - المسرح - التمثيل" إلخ ... أما الثقافة فتتمثل بـ "القصص الروايات - الشعر - الأدبيات" بالإضافة إلى الباحثين في "السياسة والتاريخ والإقتصاد وعلم الإجتماع والفلسفة" ... كلها من الخصائص التي ربطت الأمم بعضها ببعض فانتقلت الثقافات من وإلى فيكتشف العالم بعضه بعضا ... أما في عالمنا العربي والذي وكأنه أكبر مستشفى للأمراض النفسية والعقلية والذي استورد كل شيء تقريبا من ثقافة وأدب وعلم وتكنولوجيا والذي بطبيعة الحال لا يتقن "فن التواصل" ... بل المستشرقين هم من كان لهم الفضل الأول في التاريخ الحديث بتصدير هويتنا إلى العالم الخارجي بدليل الوثوق بكتب ومصادر المستشرقين في علم التاريخ العربي ... ودليل أخر على الجهل وسطحية الثقافة العربية فتتمثل أن 4 دول عربية فقط من أصل 22 دول فقط هم صناع فن التمثيل "مسرح - سينما - تلفزيون" وهم "الكويت ومصر وسوريا والمغرب" ... وهؤلاء الصناع لا يزالون تائهين ضائعين جميعهم يدورون في حلقة مفرغة هي هي لا تغيير يذكر ولا تطوير يستحق الذكر وشهرة أعمالهم لا تتجاوز بضعة دول فيعيشون عظمة الشهرة التي تسخر منهم الشهرة نفسها ؟

عندما ولد صناعة السينما في أمريكا في عام 1894 لم تكن قد اشتهرت وضربت نجوميتها إلا في الداخل الأمريكي ... لكن تلك الصناعة خدمتها ظروف الحرب العالمية الثانية 1939 - 1945 + حرب فيتنام 1955 - 1975 التي كانت تحتاج إلى "وثائقيات" كان تّعد للإستخدام السياسي فولد وقتها "الإعلام السياسي" ... لكن صناعة السينما الأمريكية من المستحيل أن تتصدر التصنيف العالمي من حيث الجودة والتقنيات والإيرادات وخرافية الأفكار لولا "الترجمــــة" ... نعم ترجمة الأفلام السينمائية التي تترجم بما لا يقل عن 8 لغات رئيسية وهي "الفرنسية - الصينية - الروسية - البرتغالية - العربية - الإسبانية - الإيطالية - الهندية" إلخ ... هذه الترجمة اللغوية للأفلام الأمريكية هي من كان لها الفضل الأول بتصدر الأفلام الأمريكية لجميع شباك التذاكر حول العالم ... ففهم وفطن صناع السينما الهندية لنفس الأمر فانتشرت الأفلام الهندية في أكثر من 30% من دول العالم ... أدرك ذلك صناع الدراما "المسلسلات" التركية الذين استفردوا وحدهم وحصريا في عالم الدراما بعمل مسلسلات اقتبسوا "القصة الطويلة" من المكسيك لكن تفردهم كان بمدة العمل للحلقة الواحدة والتي تتجاوز ساعتين ... لكنهم أدركوا أهمية الترجمة بعدة لغات لأعمالهم مع تطوير وتحسين الدراما فلم يأخذوا وقتا حتى اكتسحوا فنيا عشرات الدول ... أي أن أنظارهم كانت تتجه عالميا وليس محليا ولا حتى إقليميا ولا يريد أن يفهم صناع فن التمثيل والمسرح "العـــرب" أن أعمالهم بلا ترجمة تعني نسيانها سريعا ؟

إن الترجمة هي ثقافة ويستحيل أن تشاهد أي عمل فني أو حتى ثقافي بلا ترجمة ثم جاء المستحيل الأخر والذي تمثل بنقل ثقافة البلدان صناع السينما والدراما إلى بلدان أخرى ... انعكس ذلك تلقائيا ليس على الثقافة فحسب بل وحتى اللغة الأجنبية أو الإنجليزية أو الهندية فأصبحنا نعرف ونفهم بضعة كلمات من هذا وذاك بسبب كثرة الأعمال الفنية التي تعرض ... ولو كانت الأعمال المصرية والمغربية والسورية والكويتية ترجمت إلى لغات عدة منذ وقت طويل لكان الوضع اليوم مختلف تماما ... وإن كان البعض كعادته يتحجج بقلة الدعم فالترجمة لا تحتاج إلى دعم وعلى الأقل الترجمة كانت ستنفع المقيمين على أرضك لينقلوها هم إلى بلدانهم كأقل تصور ... ناهيك أن اليوم صناع الأعمال الكبار في العالم أدركوا أمرا أخرا وهو أن تصير وبث أعمالهم تطورت إلى جودة "بلوراي - 1080p Bluray" بل البعض بدأ فعليا بالإنتقال إلى جودة "4K UHD" أي إلى أعلى درجات صفاء ونقاوة "الصوت والصورة" ... كلها عوامل يعيش الكثير منكم على وهـــــم أن لديه صناع "دراما وسينما ومسرح" والحقيقة هي أن الجميع يلف حول نفسه واهما أنه يتطور ... الترجمة يا سادة هي انتقال وطنك بثقافته بلهجته بمجتمعك كله إلى الخارج ولا تسأل عن أسباب عدم وصول أيا من صناع التمثيل في عالمنا العربي إلى العالمية لأن الواقع وسطحيته لا يستطيع أن يصل إلى العالمية ولن يصل ... فظن المغفلين أن "شاهد نت" هي "Netflix" و "Netflix" هي "Sony – "Columbia  أو "20 Century Fox"  فإن كان مشاهدوك 20 مليون وتفرح فهناك غيرك مشاهدوه يفوقون المليـــار نسمة ... فكانت الترجمة هي سبب قوة الإنتشار وتلك القوة جلبت لهم دخل المليارات بينما أنت تحرق مئات الملايين دون أي جدوى تذكر أي تحصيل حاصل ... فنجحوا بجني المليارات وصدّروا لنا ثقافتهم ولغاتهم وفنونهم وماذا صدرنا نحن ؟ لا شيء سوى ترهات ؟



دمتم بود ...